مواضيع اليوم

حضر الموت الى مملكة حضرموت

.زاهي رشيد علامة

2009-09-29 20:58:10

0

حضر الموت الى مملكة حضرموت
لليمن تاريخ عريق, حيث كانت موطنا ً لأقدم الحضارات وأهمها عبر التاريخ كمملكة سبأ ومملكة معين وحضارة حضرموت وغيرهم . إضافة الى ذلك تعرف بأنها ارض سام بن نوح وكانت سابقاَ تسمى ببلاد اليمن السعيد وذلك لإزدهاره في زمن الحضارات القديمة قبل انهيار سد مآرب الشهير , وقد وصفها الله في القرآن الكريم بأنها ارض الجنتين.
لا ادري ابدا ً لماذا يتفاجأ الناس بالحرب الداخلية بين الدولة اليمنية والحوثيين، وكأن هذا البلد قد عاش فعلاً في استقرار وهدوء ، فبعد انهيار الحضارات والممالك الشهيرة, تبادل على حكم اليمن العديد من الحكام والإمبراطوريات ومنهم الأئمة الزيديون الذين زاد حكمهم عن 1200 سنة استعرت خلالها الخلافات مع الخلافة العثمانية والحرب ضدهم حتى دحرهم على يد الإمام المتوكل على الله الذي بسط سلطانه على جميع بقاع اليمن . إضافة الى احتلالها من قبل بريطانيا وتقسيمها الى شطرين ودولتين قبل الوحدة عام 1990 ومحاولة الانفصال الفاشلة عام 1994. اذا حال اليمن كحال اي بلد عربي اخر, قد عاش الحروب ومقاومة المحتل الى هذه الايام ,حيث أصبح القتال بعيدا عن المقاومة بل حروبا أهلية وطائفية بين اهل البلد الواحد . دون ان ننسى ان اليمن الحالي هو دولة قبلية نظامها عشائري تسوده شريعة الغاب ولا أثر للدولة المدنية فيه ،بلد الولاء هو للعشيرة, ونظام الدولة ودستورها هو نظام العشيرة.
اذا بعد هذه المقدمة المختصرة عن اليمن وتاريخها وأبرز محطات المجتمع اليمني, ننطلق الى الظاهرة الحوثية والحرب الدائرة مع الجيش النظامي لليمن. والحوثيون, دون اطالة تعريفهم, هم نسبة الى حسين بدر الدين الحوثي مؤسس الحركة عام 2004 والمقتول في سبتمبر من العام نفسه. مع العلم ان هذه الظاهرة قد بدأت بالظهور منذ اواخر التسعينات كمنتدى لتدريس العقيدة الشيعية الزيدية في منطقة صعدة المعقل التاريخي للزيديين في اليمن والذين تزيد نسبتهم عن 30 % من عدد السكان.
بعد ان حصل ما حصل, يفاجئنا السرد التاريخي للحركة منذ عام 1993 تاريخ دخول مؤسسها الى مجلس الشعب اليمني ، حتى هذه اللحظة, بقدراتها العسكرية والتكتيك القتالي والتجهيزات والمعدات وقيل ان الكثير منها ايراني الصنع، طبعا ً انا لا استبعد ابدا ً الدعم الايراني القوي لهذه الحركة الانفصالية ، فايران بعد الثورة عام 1979 ومبدأ تصديرها الى الخارج أصبحت الداعم الأول لأي حركة تتقاطع مع مصالحها ومع طموحاتها الاستعمارية, ويقوى الدعم من مادي الى لوجستي وبشري في حال كانت هذه الحركات شيعية المذهب كحركة الحوثي وحزب الله اللبناني والصدر والحكيم في العراق وغيرهم الكثير وما يدل دون شك الى يد ايران الخفية في دعم الحركة هو الاعلام الايراني الذي ما انفك يدعم الجماعة ويتحدث عن طائرات سعودية تشارك الى جانب الجيش اليمني في محاولة منه للتعبئة ضد الحكومة على أساس انها تقوم بمجزرة ضد الشيعة وتصويرهم بأنهم مظطهدين لإثاره العواطف وبالتالي الفتنة . لا ريب ان يكون الصراع الحالي له وجهان, الاول خارجي هو الخلاف بين ايران والولايات المتحدة والصراع على السلطة في الشرق الاوسط اضافة الى الحرب الباردة الخفية بين ايران والدول العربية على رأسها السعودية, ومحاولة ايران تطويقها من جميع الجهات بدأً من لبنان الى سوريا والعراق ومحاولة التحرش بالبحرين واستعداء قطر على السعودية, والان وصل الدور الى اليمن لأهميتها في الجنوب خاصة أن أغلب مناطق الشيعة في اليمن هي على تخوم حدود السعودية ولهم امتداد حتى داخل السعودية في بعض مناطق جيزان. اما السبب الداخلي فهو حال اي بلد مسلم , الصراع السني الشيعي في جميع أسس الدولة, فلا السنة وقتها يهابون انهيار دولتهم وهم غالباً أكثرية ، ولا الشيعة اصلاً يعتبرونها دولتهم لأنهم غالبا ما يتمنون سلطة الإمامة في الحكم .
ولكي اكون عادل في رأي دون تغليب منطق على الاخر, غير منطق الحق والعدالة, وبعد تحميل المسؤولية للحركة في الحرب الدائرة لأنني من دعاة بناء الدولة العادلة والحاضنة لجميع أبناءها, الضامنة لحقوقهم ,والساهرة على المساواه بينهم, وبما ان مبدأ اعتناق مفهم الدولة هو عقيدتي السياسية, كان هذا النقد للحركة وداعميها, لكنني لن اغفل الاسباب المؤدية الى هكذا حروب منها حالات القمع في اوقات السلم، وعدم اعطاء الحقوق ومحاولات قمع الرأي وحرية التعبير في السياسة ومنع ممارسة الشعائر الدينية. فهل مسموح لحكومة اليمن ان تجمع الآلف الكتب المقدسة عند الشيعة وتحرقها في ميدان التحرير في صنعاء؟ هل مسموح لها ان تمنع الشيعة من إقامة المراسم الدينية مثل عيد الغدير ومراسم العزاء في محرم واحراق وتمزيق كل الكتب واللوحات والاعلانات التي فيها اسم الحسن والحسين او فاطمة ؟ دون نسيان إهانة الصحف التابعة للنظام لمراجع الشيعة مثل الامام الخميني او الامام السيستاني.
انني كأي مواطن عربي ، عدا انني اصبحت كغيري من العرب ، لا اعرف الا كلمة موت بدل الحياة ، الحرب عوضاً عن السلم والفتنة وليس العيش المشترك . وبالنظر الى قضية اليمن الحالية, اصبحت لا اعرف هل يا ترى يتوجب علي مناصرة مجموعة من الناس تطلب الاستقلال عن دولتهم ضد الدولة التي تستعمل معهم ابشع انواع التعذيب والقتل والمجازر المدمرة للبشر والحجر ، ام أناصر الدولة التي تتعرض الى الضرب من الداخل على يد مجوعة لا تعنيها مبدأ الدولة ولا قانونها ومدعومة من دولة خارجية لطالما عرفت بدعمها حركات التمرد؟
الحق يقول دوماً ، في مثل اليمن وغيرها ، علي ان اناصر الدولة القوية العادلة شعارها المساواة بين جميع الفئات وحرية الرأي والتعبير تقدم لمواطنيها الحقوق كما تطالبهم بالواجبات تجاهها.

بقلم زاهي رشيد علامة
كاتب لبناني
للتواصل zra230@hotmail.com
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !