مواضيع اليوم

حضارتنا وحضارتهم

عبدالله عبدالرحمن

2009-01-22 15:18:53

0

حضارتنا وحضارتهم

 

إن النظريات الاقتصادية والاجتماعية التى نشأت في إطار الحضارة الغربية ارتكزت الى الأصول الدنيوية والمادية لهذه الحضارة ، هذا هو دينهم ، 

 وإذا كان ديننا يخالف دينهم أي إذا كانت حضارتنا الإسلامية لها أصول تختلف تماما عن أصول الحضارة الغربية فان ما يتفرع من  أصولنا من نظريات يختلف بالضرورة عن نظريات أهل الغرب في أمور الاقتصاد والاجتماع وفيهم قال تعالى :  { الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا}  الآيات ( 104و105) من سورة الكهف .

 

 هؤلاء حصروا همهم في أمور الدنيا كان طبيعيا أن يقيموا كل شي بمقياس ما يتحقق للفرد منهم من متع حسية حيوانية فاستبقوا الشهوات وغرقوا فيها

 

 وانعكس ذلك في إعلاء الاقتصاد على أي شان آخر فمقدار ما ينتجه اقتصاد بلد ما من السلع المادية اصبح معيار التقدم ، ونحن لا ننكر أهمية الإنتاج والتنميه ، ولكن ما ننكره هو أن تكون كمية الإنتاج المادي هي المعيار الأول لقياس التقدم الذي أحرزه مجتمع ما , نرفض أن يكون عدد أطنان الصلب أو عدد السيارات أو الثلاجات ( وما شابه )  في أي مجتمع هو المعيار الأساسي لتقدمه مع إنكار كافة الاعتبارات الأخرى ..

أن القوم هناك يقولون أن مجرد زيادة الإنتاج والدخل يجعل الناس اكثر سعادة فترق طباعهم وتتحسن معاملتهم لبعضهم البعض وهذا غير صحيح

 

فمتوسط دخل الفرد ومتوسط إنتاجية الفرد بلغا الذروة في الغرب ومع هذا نرى أن المجتمع هناك ملئ بالعنف والظلم والاستضعاف وينتشر فيه التحلل الأسرى والانتحار والمخدرات أليس هذا دليلا على فساد دينهم الدنيوي القائم على عبادة معدلات النمو برغم ثبوت أن هذه المعدلات لا تستطيع وحدها أن تحل مشاكل البشر ...؟

 

أن المجتمع الذي يتحلى بالتراحم والتكافل وبالأمن والطمأنينة يعتبر بمعيار أهل الغرب متخلفا إذا كان متوسط دخل الفرد 800 دولار سنويا مثلا ونحن نرى أن مثل هذا المجتمع أرقى واكثر تقدما وتحضرا من المجتمع الغربي وما شابهه وفق معاييرنا الإسلامية التى تمزج في تقييمها للتقدم بين الجوانب المادية والجوانب الروحية أو تتطلع الى ثواب الجوانب المادية والجوانب الروحية أو تتطلع الى ثواب الآخرة وحسابها دون أن تنسى نصيبها من الدنيا ، أن مغالاة أهل الغرب في الاحتفاء بأمور الاقتصاد وفى إعلاء شأنها انعكست في نظرياتهم التى صدورها إلينا حول موضوع التنمية بحيث كاد الحديث عن التنمية يصبح صنواً للحديث عن معدلات الاستثمار ومعدلات زيادة الناتج مقوما بالنقود بالسلع المادية ..

 

انهم يكتشفون الآن أن للتنمية مفهوماُ أوسع من مجرد إحداث نمو اقتصادي فاصبحوا يتكلمون عن التنمية الشاملة ولكن ما زال الاقتصاد رغم ذلك هو بؤرة الاهتمام وأساس العملية كلها والمستغربون عندنا ابتلعوا كل هذه المفاهيم الغربية وهاجموا ديننا وثقافتنا وقد آن لنا أن نتصدى لهم في المجال الفكري والاجتماعي  بهدف تصحيح المواقف ، أن المفهوم الذي ندعو اليه هو مفهوم التنمية المستقلة المركبة أي عملية التطوير لكل أنحاء المجتمع بطريقة متوازنة ومتسقة وهى عملية مستقلة لأننا نحن الذين نقرر محتوياتها وتخطيطها وفق معتقداتنا ومثلنا

 

 ويحسن أن نستخدم للدلالة على ذلك كله مصطلح الإعمال البشرى الذي استخدمه شيخنا العبقري ابن خلدون وقد استوحاه بدوره من القران الكريم : { اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} (61)           سورة هود ،

وسنلحظ أن الخلاف بيننا وبين أهل الغرب في نقطة المنشأ والانطلاق يؤدى الى خلاف حول كل ما يتفرغ عن هذه النقطة ويترتب عليها .

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !