مناضل عنيد، وأسير صلب، سطر قسراً، رقماً، قياسياً، في مرات الإعتقال .. عضو المجلس الوطني الفلسطيني ، ونائب في المجلس التشريعي الفلسطيني، هو الأول الذي يتعرض للإِعتقال ، مخلص للقضية الفلسطينية، وللثوابت الوطنية ، ومدافع قوي عن حقوق اللاجئين، حريص على استعادة الوحدة الوطنية، وتحقيق المصالحة الحقيقية ، وهو أحد مؤسسي لجان الشبيبة و أحد قادة حركة فتح في الضفة الغربية .لم أكن أعرفه من قبل ، ولم أنل شرف الإلتقاء به يوماً من الأيام حينما فكرت بالكتابة عنه قبل ثمانية أعوام ، لكنني كنت قد سمعت عنه كثيراً ، وقرأت عن تجاربه الرائعة خلف قضبان السجون وخارجها ، فاحترمته وتمنيت لقاءه ، فكتبت عنه في الذكرى الأولى لإعتقاله في مارس / آذار عام 2004 . ومرت الأيام والسنين لتتاح لي فرصة الإلتقاء به، وللمرة الأولى على أرض الجزائر الشقيقة في أثناء مشاركتنا في مؤتمر دولي لنصرة الأسرى عقد هناك في ديسمبر عام 2010 ، وتبادلنا الحديث مطولاً ، وعلى الرغم من مشاركة المئات من الشخصيات الفلسطينية والإقليمية والدولية في أعمال المؤتمر إلا أننا حرصنا على الإلتقاء يومياً طوال وجودنا هناك، وإلتقطنا معاً بعض الصور التذكارية ، واحتفلنا سوياً في الدقائق الأولى من يوم الأربعاء الموافق الثامن من ديسمبر، وفي أجواء متواضعة بمناسبة عيد ميلاده ، واعتقدنا بأن اللقاء قد لا يتكرر إلى أن شاءت الأقدار، لنلتقي ثانية في مثل هذا الشهر من العام الماضي، ولكن في المغرب الشقيق في أثناء مشاركتنا في مؤتمر دولي لنصرة الأسرى . وإذا كنت قد احترمته، وكتبت عنه بإيجابية قبل لقائه، ولمجرد أنني سمعت وقرأت عنه ، فإنني، وبعد لقائي به قد زاد احترامي وتقديري له ، وعزز مكانته في قلبي ، وأعجبت صراحة بتواضعه وثقافته ، فهو حقاً من الشخصيات التي يسهل على المرء التعرف عليها، والدخول إليها .وبعيداً عن اللقاء وشهادتي فيه، فإنه يملك تجربة نضالية فريدة في الإعتقال والصمود، وهو دائم الزيارة لزنازين السجون والمعتقلات وأقسامها رغماً عنه حيث مرَّ بتجربة الإعتقال ستاً وعشرين مرة ، و شكَّل أينما كان، وفي أي معتقل تواجد فيه حالة معنوية ونضالية لمن حوله ، ويتميز بالجرأة والكلمه الصادقة ، وثبات المواقف وصلابتها دون النظر للمصالح الفئوية، أو الشخصية الضيقة ، وهو من الأسماء التي سجلتها الحركة الأسيرة في سجل تاريخها المشرق، والذي هو جزء وجزء مؤثر من تاريخ الثورة الفلسطينية ، فبقيّ حاضراً في أذهاننا وعقولنا وحافظ على مكانته المميزة في قلوبنا …. وسار بخطًى ثابتة كما القادة العظام على سيفونية كلمات الشاعر إن عشت فعش حراً أو مت كالأشجار وقوفاً . إنه الأسير حسام خضر .. ذلك اللاجئ الفلسطيني الذي ولد عام واحد وستين وتسعمئة وألف في قرية كفر رمان ، وينحدر من عائلة هاجرت من يافا بعد حرب عام 1948م واستقرت في مخيم بلاطة بنابلس ، وإنخرط بالثورة منذ صغره من خلال حركة فتح، وكان دائماً في مقدمة صفوف المواجهة المباشرة مع جنود الإحتلال، مما عرضه للإصابة مرتين عامى واحد وثمانين، وسبعة وثمانين في كتفه الأيسر وساقه اليمنى . ويُعتبر حسام واحداً من قادة حركة الشبيبة الطلابية ومؤسسيها في جامعة النجاح الوطنية، حيث حصل من هذه الجامعة على بكالوريوس إدارة أعمال وعلوم سياسية ، وفي الثالث عشر من كانون الثاني/ يناير عام 1988 أبعدته سلطات الإحتلال إلى خارج فلسطين ، وفي عام 1990 انتخب عضواً في الهيئة التنفيذية للإتحاد العام لطلبة فلسطين، ومن ثم عين عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني . وبعد ست سنوات من الإبعاد عاد الى أرض الوطن في الخامس من نيسان/ابريل عام 1994 ليواصل نضاله ، بالإضافة لموقعه كأحد قادة حركة فتح بالضفة الغربية، ترأس لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين ، وفي الإنتخابات التشريعية عام 1996 انتخب عضواً في المجلس التشريعي ، وفي السابع عشر من مارس/ آذار عام 2003 ، انتهكت سلطات الإحتلال حصانته البرلمانية، واختطفته من منزله، وزجت به في سجونها ليكون النائب الأول الذي يتعرض للإعتقال، ومن ثم أصدرت إحدى المحاكم العسكرية بحقه حكماً بالسجن الفعلي لمدة سبع سنوات ، تنقل خلالها للعيش والمكوث في عدة سجون ومعتقلات ، وأمضى منها أياماً وشهوراً في زنازين العزل الإنفرادي في سجن بئر السبع قبل أن يفرج عنه في أغسطس عام 2008 .وفي الثاني من حزيران / يونيو من العام الماضي أقدمت سلطات الإحتلال على اعتقاله مجدداً من بيته في مخيم بلاطة بنابلس وللمرة الـسادسة و العشرين في حياته بحجة دعمه لجهود المصالحة والوحدة الوطنية، ودعوته لإنهاء الإنقسام في أعقاب التوقيع على اتفاق المصالحة الفلسطينية في القاهرة ، في سابقة هي الأولى من نوعها ، وأصدرت بحقه حكماً بالإعتقال الإداري لمدة ستة شهور، ومن ثم وبعد انتهائها تم التجديد له لثلاثة شهور أخرى، ولا يزال حسام يقبع في سجن مجدو . حسام خضر .. شخصية فلسطينية تستحق الاحترام والتقدير ، ونائب هو الأول الذي يتعرض للاعتقال ، أسير سيبقى شامخاً وصلباً رغم مرارة الاعتقال ، عصيٌّ على الانكسار ، ولن تنجح زنازين القهر وقسوة السجان في إسكات صوته الجريء ، فهو قائد تتلمذ على أيدى قادة عظام أمثال أبو جهاد ، وتخرج من مدارس فتح الثورة ...
التعليقات (0)