مروان طاهر بيروت- "الشفاف"- :
بدأ حزب الله ورشة تنظيم داخلية في اعقاب الضربات المتتالية التي تعرض لها والتي كان آخرها محاولات تجفيف مصادر تمويله والانعكاسات المالية الاجتماعية على جمهور الحزب. وفي المعلومات ان التقارير التي تم عرضها على مسؤولي الحزب تضمنت معلومات مخيفة خصوصا في ضوء الفساد المستشري في صفوف المحازبين، قياديين وعناصر ومناصرين، إضافة الى وضع الطائفة الشيعية التي تعتبر الحاضنة الرئيسية للحزب.وجاء في التقارير انه في محافظة البقاع وحدها هناك قرابة 30 الف مذكرة توقيف بأحكام قضائية تم تسطيرها خلال عشر سنوات بحق مرتكبين لمخالفات عدة للقانون من الشيعة، إضافة الى ان اكبر نسبة جرائم شنيعة ترتكب في الضاحية الجنوبية لبيروت حيث خزان الحزب الرئيسي. وفي المعلومات ايضا ان تفشي نسبة متعاطي المخدرات هي الاعلى في الضاحية الجنوبية التي بات يسيطر عليها خمسة تجار مخدرات يملكون قرابة الف وخمسمئة دراجة نارية لباعة المفرق.ويشير التقرير الى ان العصب الذي طالما اعتمد عليه الحزب في استنفار المقاتلين بدأ بالتراخي في ضوء البحبوحة التي التي بدأ ينعم بها المحازبون والانصار بعد حرب تموز، حيث برع الحزب في توزيع الاموال يمينا وشمالا كتعويضات عن اضرار الحرب. وبلغت التعويضات ارقاما خيالية في بعض الاماكن وعلى عدد لا يستهان به من العناصر، مما حولهم الى متمولين وبدأوا ينزعون تباعا الى التحول الى مستثمرين وتجار ومقاولين صغار والابتعاد تدريجيا عن "العسكرة" التي يريدها القادة.اما على مستوى القيادات فبدأت الثروات التي غزت صناديقهم بإفسادهم كما ذكر التقرير. وهم يعيشون حالة رفاه، ودخلوا اللعبة السياسية اللبنانية التي تعرضهم بدورها اكثر فاكثر الى الفساد في حين سعى الحزب دائماً الى إظهار عناصره وقياداته بمظاهر الزاهدين بالمال والسلطة وعشاق مقاومة وطهارة غير عابئين بمظاهر الحياة الدنيا. كما ان معظم قيادات الحزب غادرت الضاحية الجنوبية للعيش في منطقة بئر حسن وسواها على اطراف الضاحية بعد ان اصبحت الاخيرة مكانا غير لائق لسكناهم مع عائلاتهم.
ويشير التقرير الى ان حالة ما بعد حرب تموز بدأت ترخي بظلالها على مقاتلي الحزب وعائلاتهم الذي بدأوا يطلبون حربا جديدة لما سيليها من تعويضات من المال الشريف والنظيف.ويتندر الشيعة اللبنانيون في ما بينهم عندما يترحمون على "شهدائهم" لان الشهادة اصبحت مصدر إعالة دائمة وسخية لعائلة المقاتل الذي يسقط مع حزب الله بحيث اصبحت العائلة التي يسقط من بين ابنائها مقاتل او اكثر مصدرا لحسد العائلات التي لم تحظ بهذه النعمة الالهية من جهة والمادية من جهة اخرى. خصوصا وان إعالة عائلات الشهداء تفوم على عاتق "مؤسسة الشهيد" التي يشرف عليها ويديرها ويمولها الحرس الثوري الايراني مباشرة بما له من قدرات اقتصادية.
وإزاء هذه الوقائع اصبحت الظواهر الاجتماعية تشكل عبئا على قيادات حزب الله التي زار وفد منها قيادة الدرك اللبناني وفرع المعلومات من اجل الطلب اليهم لكي يبدأوا بنشر عناصرهم في الضاحية الجنوبية من اجل تنظيم السير.
وفي سياق متصل ما زالت الحرب المستترة بين امل وحزب الله من اجل إحكام السيطرة على اكبر مساحة من احياء الضاحية مستمرة. وآخر تجليات هذه الحرب السرية هي النزاع على مقبرة "روضة الشهيدين" التي كانت تابعة لـ"كشاف الرسالة"، الفرع الكشفي لحركة "أمل"، وبدأ حزب الله اول خطوات السيطرة عليها بعد ان دفن فيها عماد مغنية ابن الجنوب واقام له بدل القبر "مقاماً"، الامر الذي اثار حفيظة حركة "أمل" نظرا لما يمثله مغنية من اهمية لحزب الله وتاليا لا يمكن لعناصر الحركة ان يقللوا من اهمية المقام او ان يزدرؤا به.
وإزاء هذه الوقائع لم يجد قادة حزب الله الاجوبة الشافية لما ستكون عليه حال الطائفة وما اذا كانت هذه الطائفة ستبقى على استنفارها تلبية لمتطلبات الحزب اينما شاء وكيفما شاء من دون سؤال، خصوصا وان التقرير ذكر ايضا ان اكبر نسبة مهاجرين لبنانيين من المتعلمين ومتوسطي اصحاب رأس المال هم من الشيعة.
وقارن التقرير بين حالة احدى القرى الشيعية في جنوب لبنان حيث يبلغ عدد الشبان في هذه البلدة قرابة الستمئة من بينهم فقط خمسة عشر شابا يرتادون الجامعة وبين حال الشباب الشيعي في مرحلة ما قبل سيطرة الحزب على الطائفة ومقدراتها حيث بلغت نسبة حملة الاجازات في قرية "حولا" وحدها، على سبيل المثل، اكثر من اربعمئة مجاز جامعي في العام 1996 تخرجوا من جامعات ومعاهد اوروبا الشرقية بمنح حزبية من الاحزاب اليسارية اللبنانية.
مراقبون سياسيون اعتبروا ان مخارج الحزب امام الواقع الحالي اصبحت محدودة في ضوء المعلومات التي تحدثت عن سيطرة الانتلجنسيا السنية على المفاصل الرئيسية في الادارة اللبنانية حين كان الشيعة يقاومون ويتحولون الى الاقتصاد الريعي، وما يرشح عن مشاريع انمائية وضعها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري نصب عينيه لتحقيها وابرزها ما اشيع عن اتفاقه مع امين عام حزب الله على تنفيذ مشروع "أليسار" عند المدخل الجنوبي للعاصمة اللبنانية، هذا المشروع الذي اذا تم تنفيذه يعني إخلاء منطقة جغرافية واسعة من قاطنيه الشيعة واعادتهم الى قراهم في جنوب لبنان وبقاعه. ويشاع ايضا ان مشروع الرئيس سعد الحريري للاستثمار في قطاع الاتصالات سوف يؤمن بدوره اكثر من مئة وسبعين الف فرصة عمل امام الشباب اللبناني الامر الذي سيأخذ منه الشباب الشيعة حصتهم ويبعدهم تاليا عن عسكرة الحزب.
لذلك يرى المراقبون ان الحزب يبحث عن عدو جديد ليبقي على حالة الاستنفار في صفوفه بعد ان تراجع الى ما وراء نهر الليطاني ووقع في فخ موافقته على القرار الدولي 1701 الامر الذي يحد من حرية حركته في حربه المعلنة مع اسرائيل، وبعد ان استنفد داخليا معظم معاركه التي وصل بها الى الخط الاحمر في السابع من ايار حيث وصل الى حد الحرب المذهبية والتي ادرك الحزب جيدا مخاطرها على وجوده .
نقلا عن موقع عراق الغد
ــــــــــــــــــــــــــــــ
يبدو أن سلاح الأموال الذي أبدعت قيادة حزب الله في استخدامه لأجتذاب الشباب اللبناني الساخط على الوضع الذي يعيشه قد انقلب على الحزب..كما انقلب تحويله للضاحية الجنوبية من بيروت الى غيتو عليه أيضا بعد أن اصبحت مرتعا خصبا للمطلوبين والهاربين والداخلين البلاد بصورة غير شرعية أضافة الى تجار المخدرات وموزعيها.
بالطبع التحسن المادي جاء على حساب الشعب الأيراني الذي تسرق موارده لتبدد هنا وهناك..تارة بتسليح المنظمات الأرهابية وتارة كتعويضات على الدمار الذي سببته تلك التنظيمات واللافت للنظر أن ذلك التحسن المادي في أوضاع أعضاء الحزب والمتعاطفين معه لم ينعكس على الجانب العلمي الذي يوضح التقرير تراجعه..ربما لأن العلم ليس هو المهم بل المهم أن يعرف المواطن كيف يقتل وكيف يفجر..
هنا انا لا أنتقد حزب الله وحده فالعديد من القوى اللبنانية سلكت نفس منهاجه بشراء الناس..لكنه كان الأبرز من بينها..
على القوى التي تفكر أنها بأموالها تستطيه شراء الناس وبناء قاعدة جماهيرية لها أن تتذكر أن القاعدة الجماهيرية وليس الأموال أساس بناء القوى السياسية والتنظيمات الثورية فالأموال زائلة..وخسارة واحدة كبيرة قد تؤدي بالحزب الى الهلاك..لكن القاعدة الجماهيرية المبنية على أساس العطاء الصحيح والوعود الصادقة وعدم التفريق بين المواطنين هي رصيد الحزب الحقيقي وهي من يبني قاعدة الحزب المالية في الأنظمة الديمقراطية الصحية التي نرى أن الأحزاب فيها تعتاش من التبرعات فأن فشل الحزب بمداعبة مخيلات ورغبات الناخبين أنسحبت عنه الأموال بل وتحولت الى خصمه..
المشكلة أن الحزب لايفكر بتصحيح أولوياته وتجديد برنامجه ومحو الصورة السلبية التي تكونت له من أجل أن يكسب الناس..أنه يفكر بحرب جديدة لأستعادة ما فقد..وكأنه حزب مبني على المشاكل فأن أنتهت تلك المشاكل كانت نهايته وعليه يتوجب دوما أن يحارب لا من أجل قضية..
بل من أجل ان يديم نفسه!!!!!
ولله في خلقه شؤون..
التعليقات (0)