حزب الله هم المغتالون

كلنا يذكر تقرير القاضي الألماني ميليس اللذي عينته الأمم المتحدة في 2005 للتحقيق في جريمة أغتيال الحريري وما أعقبه من نتائج سياسية وأجتماعية في لبنان وسوريا وباقي دول المنطقة بل والعالم . حيث كان من أهم نتائج هذا التقرير ، أنسحاب سوريا السريع من لبنان نتيجة الضغط الشعبي اللبناني الهائل اللذي أعطى زخما قويا لتهديدات حكومة الولايات المتحدة والغرب آنذاك بمعاقبة النظام السوري أمميا .

وعامل "الضغط الشعبي"هذا عامل مهم جدا يجب أن ننتبه أليه هنا لأنه مربط الفرس لما سياتي لاحقا وصولا الى تقرير سي بي سي الكندية اللتي بثته منذ يومين واللذي أشعل جدلا داخليا لبنانيا وخارجيا أيضا حول دور المحكمة الدولية الخاصة بأغتيال الحريري .

لنعود الى ميليس ومحتوى تقريره اللذي أخرج السوريين من لبنان ، وهو تقرير طويل عريض يمكن الأطلاع عليه كاملا في موسوعة "ويكيبيديا" (رابط 1) . ألا أن أهم ما جاء في ملخصه التنفيذي هو النقطة 8 واللتي تقول .

" بناء على ما توصلت إليه اللجنة والتحقيق اللبناني حتى الآن، وعلى أساس الأدلة المادية والوثائق المجموعة، والقرائن التي أمكن الحصول عليها حتى الآن، ثمّة أدلّة تتفق على أن ثمّة تورّط لبناني وسوري في هذا العمل الإرهابي. ومعروف جيداً ان للاستخبار العسكري السوري وجود منتشر في لبنان، على الأقل حتى انسحاب القوات السورية، بموجب القرار 1559. وكان كبار مسؤولي الأمن اللبنانيين السابقين قد عيّنهم جهاز الاستخبار السوري هذا. ولما كانت أجهزة الاستخبار السورية واللبنانية العاملة معاً متغلغلة في المؤسسات والمجتمع في لبنان، فإنه يصعب تخيّل أن يكون هذا الاغتيال المعقّد قد ارتُكب من دون معرفتها ".

أعتبر العالم هذا الكلام حقيقة مسلم بها مع أن مثل هذه التقارير القضائية الفضفاضة لا يمكن الركون الى محتواها في اي محاكمة حتى لو كانت صورية تقيمها حكومة مثل حكومة بيونغ يانغ .

وأنطلق اللبنانيون بأتهام  سوريا وأولهم سعد الحريري اللذي قال في مقابلات كثيرة ومنها واحدة مع ( BBC ) قال فيها حرفيا "  نعم نتهم سورية. " وفي مكان آخر " حتى واذا اردنا ان نتحدث عن حزب الله وامل يمكن القول انهم لم يطلقوا اي اتهام في الشهرين الاولين بعد الاغتيال . لم يكونوا يستطيعوا اتهام اسرائيل . لان ما قامت به سوريا كان واضحا " . (رابط 2)

ولكن ما أن خرج نظام سوريا من لبنان وتقلمت أضافره اللتي انغمست طويلا في دماء اللبنانيين بل وحتى الفلسطينيين في لبنان ، حتى تحول بقدرة قادر الى نظام بريء وديع لم يكن يعلم شيئا عن أغتيال الحريري . وليهرول سعد الحريري راكضا لتقديم صك الغفران للأسد ونظامه قائلا . "ان العلاقات الطيبة والمتميزة بين سوريا ولبنان تعزز موقف البلدين وقوتهما وتسهم في حماية لبنان والعروبة ووحدة الصف العربي في مواجهة السياسات الاسرائيلية المستمرة بانتهاكها للحقوق العربية". !!(ربط 3) .

ولماذا هذا الأنقلاب الأكروباتيكي بمئة وثمانين درجة ؟ . لأن تحقيقات ميليس الالماني النزيه والقاضي المحترم اللذي اتضح أعتماده على شهود زور تبرئوا من أقوالهم لاحقا ، قد انقضت الحاجة اليها وجاء الدور على لاعب آخر يقلق أسرائيل ليل نهار . فبركات جريمة أغتيال الحريري بالنسبة للكيان الصهيوني وحلفائه  لاتنتهي ولن تنتهي على ما يبدوا .

بثت محطة “سي بي سي” الكندية تقريراً مفصلاً تناولت فيه ما قالت إنها معلومات ووثائق حصلت عليها من مصادر في الأمم المتحدة على علاقة بالتحقيقات الخاصة بجريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.

وذكرت القناة في التقرير الذي نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الاثنين 22-11-2010 أيضاً أن ضابطاً في الجيش اللبناني أبلغ المحققين في المحكمة الخاصة باغتيال الحريري بأن هناك أدلة قوية على تورط حزب الله في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.

وأوضح التقرير أنه استند لنتائج توصلت إليها لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة عن تحليل معلومات وبيانات شبكة الاتصالات اللبنانية، والتي تشير إلى أن مسؤولي حزب الله اتصلوا بمالكي هواتف نقالة استخدمت في تفجير موكب الحريري لدى مروره في وسط بيروت، والذي أدى أيضا لمقتل 22 شخصا آخرين.

ومع أن اللبنانيين اعتقلوا قبل فترة أكثر من 50 شخصا متورطا في شبكة تجسس اسرائيلية، أثنين منهم من العاملين في شركة ألفا احدى شركتي الهاتف المحمول اللتين تديرهما الدولة . (رابط 4)

ومع أن السيد نصرالله قد أدهش العالم وقدم تسجيلات فيديو لطائرات حربية صهيونية كانت تصور موقع الأغتيال قبل مرور موكب الحريري بدقائق . الا أن أي تلميح رمزي لأمكانية ضلوع الصهاينة بأغتيال الحريري لم تتناقله أي وسيلة اعلامية غربية .

منذ ان استلم دانيال بلمار مسؤلية التحقيق في أغتيال الحريري والأتهامات بدأت تنصب باتجاه واحد يؤدي الى حزب الله . والمنظر اليوم مطابق تماما للمنظر اللذي سبق الأنسحاب السوري من لبنان .

تسريبات أخبارية في اطار حرب معنويات ضد حزب الله ، الغرض منها استباق الأحداث وتوجيه الرأي العام " ال 14 آذاري " الى ضرورة تحمل مسؤليته في تفكيك سلاح حزب الله اللذي يجب أن يكون من قتل الحريري ، حتى لو أن كل الأدلة تشير الى المستفيد الأكبر من هذه الجريمة "بني صهيون " .

والكل على يقين بأن هناك تحركات دوبلوماسية او محاكمات هزلية قادمة ، سيقوم بها الغرب مستخدما شريعة الغاب المسماة بالشرعية الدولية خدمة " لكلب حراستها المدلل " أسرائيل .

تحركات في أروقة الأمم المتحدة ودهاليزها المظلمة نعم . ولكن ليس تحركات عسكرية أبدا في هذه المرحلة . فحزب الله كانوا هم الغالبون في جولتين ماضيتين بأعتراف الصهاينة . (رابط 5) . لذا فالأجدى أن يعود الصهاينة الى العادة القديمة ، عادة "كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله "‏.‏ لتحريض اللبنانيين على بعضهم . فليس أفضل من الفتنة وسيلة للتخلص من الأعداء دون دفع أية خسائر .

منذ فترة رفضت (BBC) أن تعرض مايسمى بوثائقي الفتنة هذا لأنها "وبحسب مسؤوليها" اللذين وجدوا بحسهم المهني ، أن قضية الحريري وهي قضية جنائية بحتة قد تحولت الى قضية مسيسة تلعب بها جميع الأطراف دون أي حرص على الحقيقة اللتي ينتظرها اللبنانيين . الشريط .

فهل سينتبه اللبنانيون الى الشرك اللذي نصب لهم ؟ . وهل سينتهي فيلم المحكمة الدولية لو أفترضنا افتراضاً فانتازياً بأن الغرب قد نجح في تفكيك المنظومة الفكرية العقائدية السياسية العسكرية اللتي يمتلكها حزب الله ؟ . أم ستبحث هذه المحكمة المهزلة عن فاعل آخر لا يروق للبوبي الصهيوني ، واللذي قد يكون خامنئي او أردوغان حتى ؟ .

(ال14 آذاريون) يقولون لا للفتنة في جميع قنواتهم المسموعة والمرئية . ونحن ندعوا من الله أن يكون ما يقولونه هو ما في صدورهم اللتي قد تضمر أملا بالأمريكي والصهيوني اللذي راهن عليه جزء كبير منهم في الماضي  . وهو ما يتضح من زلات لسان لمسؤوليه هنا وهناك .

 رابط 1 .

ar.wikisource.org/wiki/%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1_%D9%85%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%B3

رابط 2 .

http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/middle_east_news/newsid_7241000/7241935.stm

رابط 3 .

http://www.alarabiya.net/articles/2009/12/19/94605.html

رابط 4 .

http://www.swissinfo.ch/ara/detail/content.html?cid=28850646

رابط 5 .

http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&issueno=10133&article=379730&feature=

شريط يظهر فيه مسؤول في BBC يؤكد أن قضية الحريري مسيسة .