عوّدنا "حزب الارهاب المنظم" على قدر عال من المكر والدهاء والخبث في اختيار توقيت أعماله الإجرامية والانقلابية؛ أما الوقائع فهي بالجملة وهذه عيّنة منها.
مسرحية حرب تموز2006 عَرَضها الحزب الإرهابي عندما حَشَرَه القادة الاستقلاليون في طاولة الحوار واحتدم النقاش حول سلاحه، وتزامن توقيتها أيضًا مع "العصر الذهبي" لـ"ثورة الأرز" ومشارف الموسم السياحي الواعد جدا جدا، وذلك للهروب من النقاش وابتداع شبهة تخوين 14آذار وبالتالي ضرب اندفاعة "انتفاضة الاستقلال" وضرب الاقتصاد الوطني وزعزعة "حكومة الاستقلال الثاني".
أضف الى ذلك أن عددا كبيرا من الاغتيالات التي طالت قادة "ثورة الأرز" تمّت في أوقات ذات ارتباط وثيق بالمطالبة بالمحكمة الدولية وعملية إقرارها. أيضًا، غزوات أيار2008 الإرهابية تمّت تحت ستار تحركات وتظاهرات "الاتحاد العمالي العام" المسيّرة من قِبَل الحزب نفسه. أما توقيت الإطاحة بـ"اتفاق الدوحة" غير المأسوف عليه وإسقاط حكومة "الحريري" مطلع عام 2011 فاختاره الانقلابيون مع بداية لقاء "الحريري" مع الرئيس الأميركي "أوباما".
جديد ألاعيب الحزب الإرهابي اليوم ذو شقّين، أحدهما قديم-جديد يتمثّل بتكراره تجربة 7أيار2008 "الناجحة"، حيث عاد الى استخدام دميتَي "هيئة التنسيق النقابية" و"الاتحاد العمالي العام" اللتين نجد عددا لا بأس به من رموزهما وأعضاء نقاباتهما يجلسون في الصفوف الأولى أمام الشاشة العملاقة عند كل خطاب يلقيه قائدهم "حسن نصرالله".. فالحزب رفض المشاركة في لجنة دراسة تمويل سلسلة الرتب والرواتب ودعم ورعى تظاهرة "الهيئة" بحشود كثيفة أتت من البقاع والجنوب والضاحية الجنوبية... ولا شك أن المطلوب اليوم من هذا التحرك وتوقيته هو التشويش على الاستحقاق الرئاسي بتظاهرات بدأت -وستستمر ربما- بقصد إحداث فوضى ممنهجة تيهمن على فترة الفراغ الرئاسي لإجبار ما يُعرف بتحالف 14آذار على الإذعان مجددا وانتخاب رئيس موال للاحتلال الإيراني؛ وكأن الحزب يريد إفهام الجميع أنه في فترة الاحتلال لا يُنتخب رئيس البلاد انتخابًا إنما يُعيّن تعيينًا وتعينه يكون من قِبل سلطات الاحتلال نفسها! ثم يُساق النواب لانتخابه شكليًا في البرلمان؛ ولا يمكن فصل تصريح "يحيى رحيم صفوي" حول أن "حدود إيران تمتد الى جنوب لبنان" عن هذا السياق.
فضلا عن ذاك التوقيت السياسي القاتل، ثمة توقيت فنّي مواز له، ألا وهو افتتاح مهرجان "كان" السينمائي! فتزامنًا مع توقيت حفل الافتتاح ومرور المشاهير على "السجاد الأحمر"، ولمزيد من الدجل والتعمية والتلاعب بمصير العمال والمعلمين وعواطفهم ومعاناتهم، حاول الحزب الإرهابي أن يخطف الأضواء من مشاهير السينما وأن يفرض مشاركته الميليشيوية في "مهرجان كان" من خلال عرضه فيلم "السلسلة" لبطَلَيه "فياض وعمار"، حيث وقف النائب في كتلة الحزب "علي فياض" أثناء جلسة مناقشة السلسلة في 14/5/2014 ليقول: "انا ضد السلسلة كما هي مطروحة اليوم من اللجنة الفرعية الانقلابية. نريد انصاف العسكريين والاساتذة والعمال". وتابعه زميله "علي عمار" الذي أعلن انسحابه من المجلس قائلا: "نصرة لكل القطاعات، أنا ضد هذا المشروع منهجية وأداءً. وأعلن انسحابي".
من حيث تصنيف فيلم "السلسلة" وممثليه، لا شك أنه يندرج في خانة الأفلام الكوميدية الهزلية الساخرة، فالحزب الذي يدّمر الاقتصاد الوطني بشكل منهجي ومدروس منذ عشرات السنوات سواء من خلال افتعال الحروب المدمّرة والمسرحيات المدروسة مع العدو الاسرائيلي أو من خلال زعزعة الاستقرار بشكل مزمن وشل الوسط التجاري مدة سنتين، أو عبر التهريب والتهرب من الجمارك عبر المرافئ البرية والبحرية والجوية، والحزب الذي يتفنن بصنوف التعديات على الأملاك العامة والخاصة وشركة الكهرباء...هذا الحزب الذي بإقلاعه عن أفعاله تلك يستطيع تأمين وفر للدولة يمول السلسلة ويساهم في سداد الدين العام لا يحق له أن يزايد على الآخرين في وقوفه الى جانب حقوق العمال والمعلمين. وإذا كان من "سعفة ذهبية" يستحقها الحزب على فلمه هذا، فهي بلا ريب عن فئة الدجل والنفاق والتلاعب بعواطف الناس واستغلال مآسيهم ومعاناتهم لأغراض سياسية إرهابية انقلابية احتلالية دنيئة.
التعليقات (0)