على غير عادتها، أعلنت إسرائيل سريعاً استسلامها أمام هول الكارثة التي حلّت بها، وأقرّت بعجزها عن مواجهة الحرائق الهائلة التي نشبت أول من أمس في منطقة الكرمل، والتي كشفت عجز إسرائيل عن مواجهة الكوارث والحروب.
وشعرت إسرائيل بالحرج وهي تتوجه للمرة الأولى إلى دول العالم بطلب تقديم المساعدة. وتساءل معلقون إسرائيليون: «كيف لدول صغيرة مثل قبرص وأذربيجان أن تمتلك مروحيات خاصة لإطفاء الحرائق فيما دولة تعتبر نفسها دولة عظمى تفتقر إليها». وتضاعف الحرج عندما أعلنت تركيا، التي استثناها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو من الدول التي توجه إلى قادتها طالباً المساعدة على خلفية أزمة العلاقات بينهما، أنها أرسلت طائرتين من طراز «سي إل ـ 215» إلى إسرائيل للمساعدة في مكافحة النيران. واضطر نتانياهو إلى الإشادة، في حديث مع وسائل الإعلام، بـ «الخطوة التركية المباركة التي بادر إليها شخصياً رئيس حكومتها رجب طيب أردوغان»، وقال إن إسرائيل ستعرف كيف تجد السبيل للتعبير عن امتنانها.
إسرائيل تعلن أن كل مواد الإطفاء فيها توشك على النفاد وتتحرك الدول الحليفة والصديقة كتركيا لإنقاذ إسرائيل من كارثة محيقة بها..ماذا يعني ذلك؟ ماذا يعني أن تستمر حرائق الكرمل أكثر من ثلاثة أيام وأن يكون عدد القتلى والجرحى بالمئات..؟ ماذا يعني أن )دولة عصرية( تتفاخر بتقدمها وإمكانياتها وبدعم غير محدود من الغرب لها تقف عاجزة عن إخماد حريق في منطقة لا يمكن أن تكون إلا مهيأة للاحتراق؟
والشيء بالشيء يذكر فلقد سبق أن أعلنت وزارة الحرب الإسرائيلية إبان العدوان على غزة أن نصف ذخيرة سلاح الجو الإسرائيلي قد نفدت، هذا مع العلم أن المقاومة في غزة محدودة الإمكانيات وتقاتل بسرح بدائي ..الأمر الذي دفع بالإدارة الأمريكية بالتعجيل في إرسال الذخائر على جناح السرعة.
كما كانت بالضبط عصابات الصهاينة خلال حرب تموز 2006 الشاملة التي استخدمت فيها اسرائيل كل أنواع أسلحتها البرية والبحرية والجوية ونشطت خلالها أجهزة الأمن الإسرائيلية كما لم تنشط من قبل، أسقطت المقاومة طائرات عسكرية كما دمرت بارجة متطورة وقتلت من جنود الصهاينة ضعف من استشهد من المجاهدين، وبعد شهر كامل انهارت خطط القيادة العسكرية الصهيونية وانسحبت قوات إسرائيل تجر ذيول الخزي.
هذا ولا ننسى حالة قادة إسرائيل بعد انطلاق حرب أكتوبر المجيدة التي سجلت فيه القوات العسكرية العربية صفحة مشرقة من صفحات الأمة، لقد أوشك بعض قادة إسرائيل على الانتحار وتحرك الأسطول الجوي الامريكي ينقل لإسرائيل كل شيء، فيما دخلت تجمعات الصهاينة في الأنفاق والملاجئ وأصيب الآلاف بحالات هستيريا، وحصلت ضربة الايقاف الاستراتيجية لتمدد المشروع الصهيوني.. وأدرك الجميع أن قوة إسرائيل بيت عنكبوت..وأنها تتمدد فقط في ظل ضعفنا أو عدم توفر الإرادة الكافية لمواجهتها.
إن مشكلتنا تكمن في دائرة مظلمة تسيطر على عقولنا وقلوبنا.. دائرة مظلمة من الفوضى والتناقض والعدمية تنتج لنا الجبن والوهن والتردد..وهذا ما يمنح بيت العنكبوت قوته..هذا ما يجعل السلاح الإسرائيلي يؤدي فينا مهمتين متكاملتين مهمة القتل ومهمة التعجيز.و إذا كانت اسرائيل تتفاخر بأسطولها الجوي الذي عاهدنا دائما على ارتكاب المجازر بقتل الأطفال و النساء ،و لكن فيما يخص العمل الإنساني من طائرات لإخماد لحرائق فهي تشكوا نقص فادح؟؟أليس هذا يثير السخرية و الإشمئزاز؟؟؟؟.
اتهام الحكومة بالتقصير
في غضون ذلك، حملت وسائل الإعلام العبرية بشدة على «تقصير» وزارة الداخلية في التأهب لمواجهة مثل هذا الحريق. ونقلت «يديعوت أحرونوت» عن خبراء إسرائيليين في مجال إخماد الحرائق قولهم إنه «لو كانت في حوزة إسرائيل طائرتان لإخماد الحرائق لأمكن السيطرة على الحريق في جبل الكرمل خلال فترة قصيرة». وكتب المعلق العسكري في الصحيفة أليكس فيشمان أن العجز في إخماد الحرائق «يشكل نموذجاً للعجز الذي تعانيه منظومة خدمات الطوارئ في دولة إسرائيل كلها، وهي الخلية الأضعف». وتساءل: «ماذا كنا سنفعل لو سقطت على إسرائيل عشرات أو مئات الصواريخ وأدت إلى إشعال حرائق؟ هل إسرائيل مستعدة فعلاً لمثل هذا الوضع؟». وأضاف أن ادعاءات المؤسسة الأمنية بأن الجبهة الداخلية جاهزة لمواجهة سقوط صواريخ عليها، سقطت «وما حصل الآن يشكل برهاناً حياً على أنها ليست جاهزة مطلقاً، ويمكن القول إن خدمات الإطفاء الموجودة في إسرائيل هي مثل الخدمات الموجودة في العالم الثالث».
وتحت عنوان «انهيار»، كتب المعلق السياسي في صحيفة «هآرتس» ألوف بن: «أمس اتضح أن إسرائيل ليست جاهزة لمواجهة حرب أو عمل إرهابي كبير يوقع إصابات عديدة في الجبهة الداخلية ... إن تحذيرات رئيس شعبة الاستخبارات من أن الحرب المقبلة ستكون أقسى من سابقاتها وأن تل أبيب ستكون الجبهة المستهدفة، لم تترجَم بإعداد مناسب للهيئات المخولة حماية الجبهة الداخلية... في هذه الحال يجدر بإسرائيل أن لا تخرج في حرب ضد إيران».
التعليقات (0)