رأيته يرمي بقايا السيراميك والتراب في النهر المقابل لمنزلى ...هذا النهر الصغير(الترعة) بعرض عشرة أمتار وبطول عشرة كيلومترات كان في السابق مجرى ملاحيا تأتي المراكب من الصعيد عبر النيل ثم الروافد المتفرعة حتى تصل إلى الزقازيق عبر مدينتنا الصغيرة ...كان المراكبي ومساعدوه يستخدمون تيار الماء في رحلة العودة من الصعيد حاملين في مراكبهم الفخاريات وجرار العسل الأسود إلى الوجه البحري لتوزيع منتجات الفخار ومصانع السكر......تم ردم أجزاء طويلة من ترعتنا الجميلة واستخدام صفحتها الجميلة ذات أشجار أم الشعور وأشجار الكافور التي كانت بمثابة نفق شجري تستظل به السيارات من الزقازيق إلى الاسماعيلية بطول 80 كيلومتر تقريبا توسعة للطريق الذي يربط مدن القناة بالوجه البحري ....كان الطريق مجاورا للترعة بطول مسارها لكن اليد الآثمة امتدت إلى الشجر فقطعته لتبيع خشبه لصانعي الفحم ولتحرم السيارات من الظل والإنسان من المتعة......نعود إلى بقايا السيراميك...فكرت وأنا جالس في الشرفة أن أنزل وأمنع هذا من إلقاء القمامة والنفايات في مجرى النهر المظلوم ودار هذا الحوار الافتراضي بيني و بين هذا الفاسد المفسد ...لماذا تلقي بالقمامة في النهر؟ إستغرب وتعجب من لغتي وقال إنت بتقول إيه؟ قلت إنت بترمي الزبالة في الترعه ليه؟ قال وانت مالك؟ تلجلجت في الرد ثم قلت له إنت مشعارف إن دا غلط يعني انت بتخلي المنظر وحش وبتسد الميه عن اللي عايز يزرع وبتخلي حتى البهايم ما تعرفش تشرب سألني في مكر واضح وبلهجة مليئة بالسخرية :وانت زعلان عشان البهايم؟ فكرت كيف أنهي هذا الحوار العقيم وقلت لنفسي: من الأفضل أن أتوجه ببلاغ إلى قسم الشرطة ضد صاحب متجر السيراميك ...ولكني تذكرت أنه رجل غني وكلمته مسموعة لدي الشرطة ولا سبيل إلى الاستعانة بالشرطة ضده.......أنهيت الحوار الافتراضي وظللت جالسا أبكي افتراضيا بسبب افتراضي أن المصريين قد تغيروا.....افترضوا أنني أجريت هذا الحوار فعلا ...وفكروا معي ما الأفضل :كنت أحاور؟ ...أم أنني أحسنت بالصمت والسكوت؟
التعليقات (0)