حرية المحتكر .. أزمة للمستهلك !
تركي سليم الأكلبي
يؤكد المراقبون الاقتصاديون في السعودية أن ارتفاع أسعار
السلع الاستهلاكية الأساسية في السوق السعودية يصل إلى أكثر
من 50 % عن الزيادة في الأسواق العالمية والتي تقدر بأقل من 25% على أثر ارتفاع كلفة الإنتاج بسبب ارتفاع سعر الطاقة وتداعيات الأزمة المالية العالمية .
هذه ألـ ( 50 % ) هي مما يثير العديد من التساؤلات ، وهي مما يدعو للتوقف عند العديد من النقاط ومن أهمها الاحتكار :
هناك العديد من المجالات المحتكرة ولكن أهمها تأثيرا سلبيا في النمو التنموي والاجتماعي ، والتكوين الطبقي للمجتمع ، هو الاحتكار في المجال الاقتصادي . ومن أنواع الاحتكار الأكثر ضررا على الفرد والمجتمع :
احتكار السلع والخدمات ، واحتكار الأراضي الصالحة للسكن والتي يمكن ربطها بالخدمات العامة .
فما هي أهم مساوئ الاحتكار في هذا المجال ؟
بداية لا بد من الإشارة هنا إلى أهم عامل يقف وراء الاحتكار وهو " الذاتية " .. ( ذاتية الفرد والنسق ) الناتجة عن انعدام التكاملية التي يعاني منها الوطن .
أما عن مساوئ الاحتكار فأن النتيجة الأولى والمباشرة للاحتكار هي غلاء المعيشة ، وارتفاع أسعار الخدمات ، وارتفاع أسعار السلع الأساسية أضعاف معدل الزيادة المبررة في الأسواق العالمية وبشكل مبالغ فيه مما يدل دلالة واضحة على الحرية المطلقة التي يتمتع بها التاجر المحتكر في السوق المحلية . وهو أيضا مما يؤكد انعدام تأثير المؤسسات والهيئات الرقابية فضلا عن عدم وجود مؤسسات المجتمع المدني . وهو أيضا مما يؤكد ضعف نظام منع الاحتكار ( أن وجد مثل هذا النظام أو القانون!)
هذه المأساة ( الغلاء وارتفاع الأسعار غير المبرر ) من المؤكد أن أول ضحاياها هي الطبقة الاجتماعية الوسطى فضلا عن أثقال كاهل الفقير ، والعديد من الفئات والشرائح الاجتماعية ذات الدخول المتدنية مثل المتقاعدين العسكريين والمدنيين ، والموظفين ذوي الرواتب المتدنية ، والعاطلين عن العمل .
ومن أهم مساوي الاحتكار تشكل لوبي ضاغط من المؤكد تأثيره السلبي على نجاح أي محاولة للتغيير أو ( الترقيع ) - على أقل تقدير - !. ومن الأمثلة على ذلك فشل ما يسمى
بـ ( السعودة ) ، واستنزاف العمالة الوافدة لجزء كبير من ثروة الوطن ، والحد من استثمار الوطن في عقول أبنائه المبدعة من خلال حيلولة " الأنا " والجشع دون التفكير في حق الوطن الحاضن للتاجر وثروته وهو الدعم المالي والفني والتسويقي للابتكارات والاختراعات التي ثبت تميز الكثيرين من الشباب السعودي بها.
خلاصة القول : هناك ضرورة باتت ملحة الآن لاتخاذ قرارين ملزمين ونافذين واتخاذ ما يضمن تنفيذهما على أرض الواقع . الأول : منع الاحتكار الاقتصادي بكافة أشكاله وصوره .
والثاني : فرض الدعم الإلزامي المالي والإنتاجي والتسويقي للأبحاث بكافة مجالاتها ، والابتكارات ، والاختراعات ، والاكتشافات بكافة أنواعها ومجالاتها كواجب وطني على دخل التاجر والمستثمر ولينفق دخله - بعد خصم هذا الدعم - بحرية تامة على ما يشاء من المتع ، وشراء ما يشاء من
" ذود " ، أو أندية رياضية ، أو منتجعات سياحية ، أو دعما لكرة القدم ، أو لإنتاج و" تفريخ " المغنيين والمغنيات .
Turki2a@yahoo.com
التعليقات (0)