لا تزال حرية الرأي ، وديموقراطية الحوار ، وحق الرد ، حريات لا زلنا نتهجأ طريقنا فيها بصعوبة بالغة في وطننا العربي خاصة والعالم عموما . لما قد يتركه الرأي من أثر في نفس المتلقي الذي وطن سمعه وقلبه على لون واحد ، ونغم واحد ، ولا تزال المجاهرة بالراي امر يعد من باب الجرأة غير المبررة ، والشجاعة التي تكون في غير موقهعا ، بل يتعدى ذلك الى ان يوصف المجاهر بالرأي المخالف باواصاف عدة لن يكون الجنون والتهور والهوج وعدم تقدير العواقب اقلها ، ولا زالت بعض الامثال تصب في خانة قمع الافكار والحجر على العقل قبل السان ، فلسانك حصانك ان صنته صانك ، وللجران آذان .. والصمت من ذهب اذا كان الكلام من فضة ..
في مجمل تاريخنا وتراثنا .. نحض على الصمت ونجازف اذا تكلمنا .. ولم يكن ذلك من باب الصدف الحسنة ، فتاريخنا يعج ويضج بالقصص التي تدور حول من ذهب خلف الشمس ،او خرج ولم يرجع يعد ، او دخل سليما وعاد معاقا مجنونا كسيحا ذليلا مهانا ..تلك قصص كثيرة لا يزال الكثير منا يذكرها ويذكر اصحابها ولا يزال الكثير منهم امامنا ، فهذا الاستاذ العبقري ابو سكينة : مدرس التاريخ والعلوم الاسلامية ... دخل ذات يوم مع الداخلين ..وعندما خرج بعد حين كان اسمه في سجل المجانين .. ولا زال الى يومن هذا يتجول في الاسواق يجمع الاوراق والنفايات من مكان ليلقي بها في مكان اخر طوال اليوم والعام والعمر المكتوب له ..
وهذا عكاشة كان شابا نبيها ، ذكيا مفعما حيوية وحب ورغبة وامل ، مثال يحتذى بين اقرانه من الشباب والشابات في المدرسة الثانوية ، خرج ذات يوم ،وعاد لنجده يدور في شوارع المدينة عاريا كما ولدته امه .. يذكر ان احدهم عندما دخل دارهم ضربه على رأسه بعصا كبيرة افقدته الوعي ..
الصمت من هذا الجانب كان ثمرة من ثمار الكبت والعنف والقمع والتسلط والجبروت .. مارسه اشخاص في السلطة ذات يوم .. وعندما خروجوا منها حفاة .. حاسري الروؤس .. تذكروا انهم مواطنون .. وانهم بشر كسائر البشر ليس اكثر .. وانهم ربما يتعرضوا لذات العنف والكبت والقهر ..او ربما يرون اولادهم يدورون في الشوارع عراة او متسولين كما فعلوا ذات يوم بغيرهم .. فيصفوا من باب المجاملة مع الجماهير المطحونة ويشكلون احزابا وجبهات للمعارضة ..وترشحون للانتخابات ليافعوا عن البشر المكبوتين المظلومين .. لانهم ادرى كما يقولون بخبايا الامور .. وهم اشد ما يكونا جهلا .
ينخدع الكثير من العامة بما ذهبوا اليه ويقفوا الى جانبهم وقد انطلى عليهم الملعوب ، ليكتشفوا بعد حين انما زادوا السلطة افرادا مدربين ، مغسولة ادمغتهم سلفا ، غير قادرين على تنفس هواء الحرية ،لما ران على قلوبهم من قسوة وجبروت ، وبعد ان ادمنوا الركوع كانت قاماتهم قد تصلبت وبات من العسير عليهم رفعها ، ففي ذالك هلاكهم وموتهم الحتمي والمؤكد .. وهم لهذا يجدون ويكدحون في الركوع ، لان في هذا راحتهم .
التعليقات (0)