مواضيع اليوم

حرية الصحافة.. الشعارات والواقع

nasser damaj

2010-04-26 04:42:18

0

حرية الصحافة.. الشعارات والواقع

خليل الفزيع

في دول الخليج كما في دول كثيرة، تتكون الاتحادات والنقابات، وتعقد المؤتمرات والندوات، وتنظم الدورات التدريبية وورش العمل، حول الصحافة، وكلها تسعى لتحقيق هدف واحد هو حرية الصحافة، والمطالبة لأن يكون لها دورها الإيجابي في الإصلاح الاجتماعي والوطني في مختلف المجتمعات، باعتبار الصحافة معبرة عن نبض الجماهير، وهي الوسيلة الممكنة التي يمكن من خلالها استقراء ومعرفة توجهات الرأي العام، فما تقدمه من خدمة إعلامية تشكل مقياسا واقعيا لمتطلبات الإصلاح المنشود على كل المستويات.
ورغم كل التوصيات التي تفرزها كل تلك الاتحادات والنقابات والمؤتمرات والندوات وغيرها من الأنشطة والفعاليات حول الصحافة، فإنها لم تؤثر في واقع الصحافة، المحكومة بأنظمة وتشريعات تقرها الحكومات بعيدا عن أحلام العاملين في الصحافة وتوقهم الدائم لحريتها، حتى تؤدي رسالتها وفق المنظور الإيجابي الذي يتبناه هؤلاء العاملون بها، بعيدا عن تلك الأنظمة والقوانين الرسمية التي تصدرها الحكومات، وتصوغها في الغالب خبرات مؤهلة أكاديميا، ولكنها غير مؤهلة مهنيا لمجابهة ما يطلبه المتلقي من الوسيلة الإعلامية التي يتعامل معها، ويتوقع مصداقيتها في كل ما تقدمه، خاصة خلال طرحها لهمومه وقضاياه ومشاكله الطاحنة، وتلعب البيروقراطية الإدارية دورها في عرقلة حرية الصحافة، إما عن طريق الفهم الخاطئ لبنود تلك الأنظمة والقوانين الرسمية الخاصة بالصحافة، وبالتالي تطبيق هذا الفهم الخاطئ على الصحافة وعرقلة مسيرتها أو عن طريق النظر بعين الريبة والشك لأي مشروع من شأنه منح الصحافة الحرية المطلوبة.
وهو أمر غريب ألا يكون لتلك الفعاليات التي أشرنا إليها في مقدمة هذا الكلام، أثرها في إطلاق شعار حرية الصحافة من قمقمه ليحلق في فضاءات الحرية الواسعة، ولكن الأغرب أن تكون تلك الفعاليات تحت رعاية كبار المسؤولين الذين يتفننون في الحديث عن حرية الصحافة، ويتشدقون بالحرص على توفيرها، وهم أول من يقمع أي صوت حر يتبنى قضية عادلة، إذا ما أدركوا أن هذه القضية تمسهم أو تمس قناعاتهم الذاتية حول حرية الصحافة، وهي حرية ليست مطلقة على كل حال، ولكنها قد تكون جريئة لدرجة لم يتعودها المسؤول، فيأتي القمع دون تردد من ذلك المسؤول الذي ربما لم يجف بعد حبر تأكيده على حرية الصحافة.
والأغرب أكثر وأكثر أن بعض القيادات الصحفية ذاتها تكون أشد قمعا لحرية الصحافة، عندما لا تتيح للعاملين معها حرية الطرح، وحرية الحوار، وحرية التشخيص لقضايا المجتمع، وكل ذلك من باب التقرب للسلطة وتحاشي غضبها، وفي تصوري أن أكثر من يسيء للسلطة هم أولئك الذين يتولون مسؤولية القيادة الصحفية ويسيئون استخدامها، وكأنما هم يمثلون موقفا رسميا، بينما الموقف الرسمي في اتجاه آخر بعيد عن تصوراتهم.
ولعل السر في تأخر - إن لم نقل تخلف بعض المجتمعات - هو غياب حرية الصحافة، عندما تمنع من نقل الجوانب السلبية في الممارسات العامة ذات التأثير المباشر على الواقع، والنتيجة هي تراكم الأخطاء وتفاقم السلبيات دون أن يلتفت إليها احد، وهذه نتيجة حتمية لغياب حرية الصحافة وتكميم أفواه العاملين فيها، بهدف تحويل الصحافة إلى بوق تسبح بحمد السلطة، ولا تجرؤ على انتقادها، مع أن السلطة الواثقة من أدائها لا تلقي بالا للتسبيح بحمدها، ولكنها تولي كل اهتمامها لمعرفة أي تقصير في أداء أجهزتها المختلفة، ومؤسساتها العامة، وذلك من خلال ما تبرزه الصحافة وغيرها، من ذلك التقصير، كخطوة أولى لتصحيح مسار أي عمل تنموي في حالة انحرافة عن الخطوط المرسومة له، وفي فهم السلطة لدور الصحافة يتحقق الإصلاح الذي هو هدف الجميع.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات