من خلال رواية " في القاع " للسجين خالد فاضل الذي قضى سنتين في السجون السورية ، ورواية " القوقعة " والتي نشرت عام 2007م للسجين السوري السابق " مصطفى خليفة " الذي قضى قرابة 15 عاما داخل سجون سورية المخيفة ، ومن خلال اعترافات الضباط الثلاث الذين تم القبض عليهم في الأردن محاولين القيام بمحاولة اغتيال رئيس الوزراء الأردني السابق مضر بدران ، تم الكشف عن الكثير من الجرائم البشعة التي اقترفها النظام النصيري في سوريا ضد أبناء الشعب السوري المجاهد في ثمانينيات القرن الماضي، والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الرجال والأطفال والنساء ، وزج بمئات الآلاف في غياهب السجون ، وارتكبت أبشع الجرائم التي عرفتها البشرية ، وعذب البشر بأبشع الآلات وانتهاك الحريات وهدر الكرامة الإنسانية ، وأسوء هذه السجون كان سجن تدمر المركزي ، والذي يكفي مجرد سماع اسمه لإلقاء الرعب في قلوب أكثر الرجال شجاعة ، وجاءت رواية في القاع والقوقعة والتي كتبها كاتب نصراني سوري ، وغيرها الكثير من الكتب التي ألفت والنشرات التي وضعت ، لتوضح حقيقة ما يجري داخل السجون السورية ، وسط إصرار الإعلام العالمي على التكتم على ما جرى ، وبتقصد مقيت ، وسكوت راضي ومقر لهذه المجازر ، وهذا ما نطق به الكذوب " مناحم بيغن " في الكنيست اليهودي لدى استجوابه على خلفية مقتل شاب فلسطيني في إحدى المظاهرات : " تريدون أن تقيموا الدنيا وتقعدوها لمقتل شاب عربي ؟ على حين خيم الصمت التام بعد مقتل عشرة آلاف في مدينة عربية مجاورة ، وتسوية ثلث مساكنها بالأرض !؟ ".
وبنفس الطريقة كذلك تم التآمر على الشعب الجزائري الذي أوصل الإسلاميين إلى سدة الحكم ، حيث تم إلغاء هذه الانتخابات ، ونزلت الدبابات إلى الشوارع وسحقت إرادة الشعب الجزائري ، وارتكبت بحقه أبشع الجرائم ، والتي استمرت إلى مدة قريبة ، ورغم هروب أحد الضباط الجزائريين إلى أوربا ولجوءه إليهم ، ومحاولته القيام بنشر كتاب يثبت فيه أن الجيش الجزائري هو خلف هذه المجازر ، وتم التكتم على هذا الضابط ومنعه من نشر هذا الكتاب ، وألقيت التهمة برقاب الجماعات الإسلامية ، كما هي عادة الإعلام المأفون والمسير من قبل الحكومات التافهة ، المتخاذلة وأسيادها من اليهود والنصارى والفرس.
وعند دخول قوات الاحتلال الأمريكية إلى بلادنا ، رافعة شعارات الحرية والتي طبقتها بحق الهنود الحمر سابقاً ، تحولت العادة التي جرت عليها الأنظمة العفنة والتي كانت تحاول جهدها أن تخفي معالم جرائمها ، وتحرص على التكتم عليها ، إلى عادة أخرى ، حيث بقيت تلك الجرائم ترتكب بحق الشعوب المسلمة ، فهي تعذب وتغتصب وتقتل وتذبح ، وتقصف وتدمر وتنتهك الحرمات ، ثم تقوم بنشر ما تفعله من جرائم بدون خوف أو وجل ، كما جرى من نشرها لصور الفضائح التي ارتكبتها بحق السجناء في أبو غريب ، ونشرها لفيديو الجريمة التي ارتكبتها سابقاً بحق مدنيين والذين تم قصفهم من طائرة مروحية ، كما أعلنت عنه منذ أيام ، ورغم اختلاف رعاة البقر بالعادة التي تنتهجها الحكومات العفنة بحق شعوبها ، إلا أنها اتفقت مع عبيدها على إلصاق جرائمها الأخرى برقاب الجماعات الإسلامية ، وقد أكد الشيخ حارث الضاري كذب هذه الافتراءات ، بقوله : " إن قوات الاحتلال الأمريكي ومخابرتها والشركات الأمنية العاملة معها والمخابرات الصهيونية والإيرانية ، والمليشيات الشيعية المسلحة التابعة للأحزاب المهيمنة على السلطة في العراق ، وراء أكثر من 95% من التفجيرات التي يشهدها العراق منذ ثلاثة سنوات " ، وأضاف الضاري في مقابلة مع وكالة " جيهان التركية " : " إن المقاومة العراقية لم تقم بأي من التفجيرات الإجرامية التي تستهدف أبناء العراق ومنشئاتها ومؤسساتها الرسمية والشعبية " ، ثم يبين حقيقة الجماعات الجهادية : " إن نشاط المقاومة العراقية ينحصر في مقاومة قوات الاحتلال ومرتزقتها العاملين معها " وهذه الحقيقة كذلك بينها الدكتور كنعان أمين الناطق الرسمي للقيادة العليا للجهاد والتغيير في تصريح صحفي عقده في نهاية عام 2008م بقوله : " لقد توفرت لدينا معلومات استخبارية مؤكدة تفيد بقيام القوات الأمريكية المحتلة بطبع كميات كبيرة من الأقراص المدمجة (سي دي ) تضم لقطات تمثيلية ، على غرار ما تنتجه ماكنة الدعاية الأمريكية الهوليودية ، تصور عمليات قتل وذبح أفراد (الشرطة والجيش ) العراقيين ، مثلما تستهدف المدنيين ، وهي الأعمال التي مارستها وتمارسها العصابات الإجرامية المدعومة من قوات الاحتلال والأحزاب الطائفية العميلة طيلة سنوات الاحتلال الأمريكي البغيض ، وتوزيعها على المواطنين موحية بأن هذه الأفعال تقوم بها الفصائل الجهادية المنضوية تحت راية القيادة العليا للجهاد والتحرير ، وتقديم تلك الأشرطة على أنها أشرطة صورتها المقاومة لتوثيق عملياتها " فليس هناك من شيء أسهل من الاتهام وخصوصا أن هناك إعلام مأفون سيجعل من اتهامك حقيقة ، فاتهم فأنت في زمن حريات رعاة البقر وبنكهة أمريكية بحتة !! وقد أحسن المتنبي عندما قال: على أنها الأيام قد صرن كلها عجائب حتى ليس فيها عجائب.
وعلى الرغم من كل هذه الجرائم بقي رعاة البقر يدعون أنهم أصحاب حرية ، فقد قامت الإدارة الأمريكية بإرسال تقرير شديد اللهجة إلى الحكومة المصرية معلنة عن قلقها بشان تضيق الحريات ، داعية الحكومة المصرية إلى رفع مستوى الحريات في هذا البلد ، وتخفيف القبضة عن الشعب المصري ، ولم تكد تمر أيام على هذه الدعوة إلا وتم الإعلان عن الكشف عن أحد السجون السرية في بغداد والذي يعمل على إدارته المالكي ، وتم الكشف فيه عن جرائم ارتكبت بحق عراقيين من الموصل تم احتجازهم فيه دون أي تهمة ، وتعرضوا فيه للتعذيب وبشكل دوري ، فهل هذه هي الحرية فعلا !؟ أليس الأولى بهم لو كانوا أصحاب حرية فعلاً ، أن يعملوا على القصاص من المجرمين جميعاً وعلى رأسهم المجرم بوش الصغير !؟ أليس حرياً بهم أن يعملوا على إقالة المالكي من منصبه لو كانوا حريصين على ما يزعمون 1؟ أليس حرياً بهم أن يقوموا بإخراج كل المعتقلين الذين زج بهم في السجون لسنوات عديدة بدون أي تهمة أو دليل ، في غوانتناموا وأبو غريب وبوكا وآلاف السجون التي أعدت لاحتجاز كل من يشك بأنه يمثل خطراً عليهم وعلى عملائهم !؟ وهيهات لهم أن يفعلوا هذا، فراعي البقر لن يقوم سوى بالقتل والسجن والحرق والتفجير والتمييز العنصري والاعتداء على الخيرات.
ما يجري بحق الشعوب المسلمة جميعاً هو محاولة من الحكام وأسيادهم من أجل محاولة إبعادهم عن دينهم وتحكيم شرع غير شرع الله فيهم ، وتميع عقيدتهم، ومنعهم من ممارسة شرائع الإسلام بحرية ، وإغلاق المساجد بوجوههم ، ونشر الفساد بينهم ، فتن كقطع الليل المظلم يصبح الحليم فيها حيران ، لن يثبت بها إلا صاحب الدين الحق ، من الذين قال فيهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عندما طلب منه خباب بن الارت أن يدعو لهم بأن يخفف الله عنهم محنتهم : " كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ أَوْ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ " رواه البخاري واحمد وابن حبان والطبراني ، بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء ، صبراً أيها المسلمون الصابرون المجاهدون المحتسبون فإن موعدكم إحدى الحسنيين فإما النصر وإما الجنة ، فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً ، والعاقبة للمتقين .
التعليقات (0)