أحتلت فلسطين كأرض وبقت كشعب مشروع للتضحيه والاباء والاستبسال من اجل تحريرها فمنذ اول يوم من ايام احتلال فلسطين بدأت قوافل الشهداء تنحر عنان السماء وعباب البحر معلنة ان فلسطين عربيه وستبقى كذلك شاء من شاء وابى من ابى ،لانها في وجدان وذاكرة كل عربي .
الصراع مع الاستعمار الغربي الحديث ليس بالجديد انما هو امتداد للصراع القديم بين الشرق والغرب وبين الحضاره العربيه والاسلاميه الممتده جذورها في التاريخ وبين حضارة الغرب التي ابتدأت بالتألق عقب افول نجم الحملات الصليبيه التقليديه القديمه التي كانت تحمل الطابع الديني في الشكل والمضمون على امة العرب والاسلام وبشكل ادق نستطيع القول : أن النوايا الخفية للاستعمار الغربي الحديث هي ذاتها التي كانت الحملات الصليبية ترفعها شعاراً لها و تتخذها كأهدافٍ و غايات ينبغي تحقيقها ، و على رأسها الوقوف في وجه المد الإسلامي الحي و الديناميكي الزاحف كالغيوم في سماء قارات العالم الثلاث قديماً ، و إلى جميع أنحاء الأرض حديثاً و بالتالي الحدّ من قوة العرب و نفوذهم لكونهم الأمة المعنية الملقى على عاتقها النهوض بأعباء دعوة و تبليغ البشر بالرسالة الإسلامية العالمية و الخالدة وكذلك النيل من ثقافتهم و قيمهم و تفريغها من محتواها النابض بمشاعر العزة و الإباء حتى تسهل السيطرة على بلدانهم و خيراتهم ، و تقوى تبعيتهم للغرب الأوربي و المسيحي الحاقد علينا منذ أمدٍ بعيدٍ من الزمن حتى لفترة العصور الجاهلية قبل الإسلام و مَنْ منا لا يذكر الغزو الروماني و البيزنطي لعالمنا العربي قبل الإسلام و محاولته استنزاف خيرات البلاد و القضاء على الشخصية العربية ذات الطابع القومي المتمسكة بالأرض و التاريخ و المقدسات. ان الاهداف والمصالح الاستراتيجيه الامريكيه في المنطقه العربيه لم تتغير ولن تتغير ولهذا فان الادارات الامريكيه المتعاقبه تنظر الى الشرق الاوسط والوطن العربي المكون الاكبر فيه على انه جزء من المسرح السياسي- الاستراتيجي الاكبر وهو المنطقه التي تتصل حدودها الى تركيا وباكستان والقرن الافريقي،ومن اجل ان نعي حجم التوجه الامريكي اتجاه وطننا العربي لابد ان نطلع على ما اكده وزير الدفاع الامريكي هارولد براونHarold Brown في عام 1980م ان الردع الامريكي في المنطقه يجب ان يتضمن وجوداَ عسكرياَ امريكياَ في المنطقه المضطربه وايضاَ قوات عسكريه امريكيه تستطيع ان تتحرك بسرعه الى هذه المنطقه واهم مافي الامر هو القدره على تحريك القوات الى المنطقه بسرعه وبأعداد حركيه وقوة نيران يكون بأستطاعتها منع وصول القوات الاوليه للخصم الى نقاط حيويه وفي الواقع فانه ليس من الضروري ان تكون وحداتنا الاولى قادره على هزيمة كافة القوات المعاديه التي يحتمل تواجدها في مسرح العمليات كما انه ليس من الضروري ان تنتظر اطلاق الطلقه الاولى او وصول القوات المعاديه بشكل مسبق اذ انه بمقدورنا تحريك الكثير من قواتنا المسلحه عند تلقينا انذاراَ استراتيجياَ حول نوايا الخصم المحتمله،هكذا يفكرون على اعتبار انهم الرعاة والمدافعين والحقيقه هم يدافعون عن مصالحهم وهي في الوقت ذاته مكامن الصراع الجيوبولتيكي والذي تخلق فيه حالة من عدم الاستقرار المستمر والذي اصبح مزمناَ في وطننا العربي فتارة احتلال وتارة انقلابات وتمرد وثورات ولم ينتهي عند هذا الحد بل عمدت هذه القوى على خلق اسباب الاختلاف في البنى الاساسيه للنظم الاجتماعيه والسياسيه في وطننا العربي بحيث يمكن تحريكها كلما بان هذا البلد او ذاك في حالة من الاستقرار فتثار تلك الدفائن لخلق حالة من عدم الاستقرار فالفتن جاهزه والتمايز الديني والطائفي والقومي والمناطقي كل هذا لكون وطننا العربي يحتل اهميه حيويه واستثنائيه في الاستراتيجيه الغربيه والامريكيه للعديد من الاسباب منها الاقتصاديه والاستراتيجيه والجغرافيه فالوطن العربي في جهته الغربيه يشرف على المحيط الاطلسي لمسافة تقرب من 3400 كيلومتر وهذه المناطق ذات اهميه كبيره في الاستراتيجيه الغربيه الامريكيه حيث تشكل "قاعدة عملياته وتموينه للميدان الاوربي ومستودعاَ للنفط العربي الذي تحتاج اليه الآله الحربيه الاوربيه والامريكيه "كما انها تمثل منطقة قفز امريكيه نحو اوربا اما البحر المتوسط فيشرف وطننا العربي عليه لمسافه تمتد اكثر من سبعة الاف كيلومتر من حدود سوريا الشماليه حتى مضيق جبل طارق وهو يعتبر بحيره ملاحيه مهمه في مختلف العصور وقد كانت مسالكه المائيه طرقاَ للانسان في المراحل المبكره من حياته وقد اصبح ذو اهميه للقوى البحريه الاوربيه باعتبار نقطة الاتصال بين الشرق وعالم المحيط الهندي وقارة اوربا كما ازدادت اهميته بعد ان اصبح مسلكاَ مهماَ لسفن النفط العالميه التي يتوقف عليها عصب الحياة في اوربا ولهذا نجد ان بريطانيا اتجهت الى السيطره على النقاط الاستراتيجيه في الطريق البحري المؤدي الى المحيط الهندي عبر طريق البحر المتوسط وعلى امتداد الاميال الالف والتسعمائه التي يتكون منها طريق البحر المتوسط يقع جبل طارق على المدخل الغربي وجزيرة مالطه في الوسط بين الحوضين الشرقي والغربي ثم منطقة قناة السويس على المدخل الشرقي ويقطع طريق البحر المتوسط البريطاني ،الطريق الفرنسي الهام من فرنسا الى شمال افريقيا والطريق الايطالي من ايطاليا الى ليبيا وشرق افريقيا .
ان ظهور البترول في الوطن العربي وتنامي الوعي لدى الشعب العربي في مناطقه قد ادى ببريطانيا لان تغير اسلوبها في السيطره على هذه المنطقه والتحكم بموارد البترول كما فسحت المجال للأمبرياليه الامريكيه للمشاركه معها في السيطره على موارد البيترول وبالتحديد في منطقة الخليج بدأ من العام 1948م حيث اتجهت الولايات المتحده الامريكيه لاول مره نحو الاستيراد من الشرق الاوسط وفي النصف الثاني من الخمسينات حيث دخلت الشركات الامريكيه في استثمارات بتروليه في منطقة الخليج حيث دعا الرئيس الامريكي "داويت ديفيد ايزنهاورDwight David Eisenhower" الى ملء الفراغ الاستعماري بالوجود الامبريالي (نظرية الفراغ The Theory Of Vacuum) وهي نظرية استعمارية امريكية تضمنها "مشروع ايزنهاور" الذي أعلنه عام 1957 م على أثر أحداث الاعتداء على مصر في العام السابق، ويقصد بالفراغ السياسي في ضوء النظرية الأمريكية زوال وجود قوة كبرى في منطقة الشرق الأوسط بعد خروج الاستعمار البريطاني والفرنسي باستقلال دول المنطقة، لهذا كان من الضروري من وجهة نظر السياسة الأمريكية لاسيما بالنسبة لالتزاماتها نحو إسرائيل خلق (وجود) لملء هذا الفراغ، ويعني ذلك الوجود الامريكي. استهل" ايزنهاور" خطابه أمام الكونجرس الأمريكي في 5 كانون الثاني/ينار 1957م بقوله: (لقد بلغ الشرق الأوسط فجاة مرحلة جديدة حرجة في تاريخه الطويل الهام،ففي الماضي كانت امم عديدة في تلك المنطقة لا تتمتع بالاستقلال الذاتي الكامل وكان غيرها من الأمم يمارس سلطة كبيرة في المنطقة، وكان امن المنطقة مبنيا إلى حد كبير على قوتها ولقد كان التطور نحو الاستقلال في أساسه تطوراً سلميا ولكن كثيراً ما ساد المنطقة الاضطراب، ان الدفاع عن الشرق الأوسط غير كاف (أي بالنسبة لهجوم قد يشنه الشيوعيون) ،أن أمم الشرق الأوسط تحتاج وأكثرها يريد قوة اضافية لضمان استمرار استقلالها). هكذا على أساس فرضي بنى" أيزنهاور" نظريته عن الفراغ السياسي في الشرق الأوسط وبالتالي عن الوجود السياسي والعسكري الأمريكي الذي يهدف أولا وأخيراً إلى حماية أمن إسرائيل باعتبار أن الولايات المتحدة قد جعلت نفسها (دون طلب أحد) مسئولة عن المحافظة على استقلال دول المنطقة بقول ايزنهاور :(ان بلادنا تؤيد دون تحفظ السيادة الكاملة والاستقلال لكل دولة من الشرق الأوسط) . وهذا المعنى هو الذي اشارت إليه الصحافة الأمريكية -نيويورك تايمز- ابان أزمة آيار/مايو 1967 م حين قالت (ان واشنطن مرغمة على ذلك "أي الانحياز إلى إسرائيل" لأنها مضطرة لملء الفراغ الذي نشأ في المنطقة نتيجة لأنهيار القوة البريطانية وانسحاب الفرنسيين)،وبعد الانسحاب البريطاني المنطقه ظهر مايسمى "بملء الفراغ شرقي السويس"وادعت كل من الولايات المتحده وايران انهما مسؤولتان عن ملء الفراغ حيث انتشرت القواعد الامريكيه في المنطقه اضافه الى تشجيع الهجره الاجنبيه اليها لخلخلة التركيب السكاني والقضاء على الطابع العربي لمنطقة الخليج بالدرجه الاولى والوطن العربي ككل كمرحله ثانيه من اجل تسهيل السيطره المباشره عليه.
لم يقف الكيان الصهيوني عند المناطق التي احتلها في عام 1948م بل توسع ليشمل منعطفات اخرى حيث حرب 1956م او مايطلق عليه حرب السويس او العدوان الثلاثي على مصر لتبدأ مرحله جديده من مراحل الصراع بين الفرنج والعرب والمسلمين.
من الذي شرَّع العدوان في نظر القوات المغيرة؟ هل هي الدولة الناشئة في مصر مع الثورة ودعمها لحركة التحرر في العالم؟ هل هو تجاوز احتكار السلاح -من قبل الغرب- بالتوجه للاتحاد السوفيتي؟! هل هو انهيار المفاوضات حول التمويل الغربي لمشروع بناء السد العالي بأسوان؟! هل هو قرار الرئيس المصري جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس، أم هي كل هذه الأسباب مجتمعة؟!! ثم فيم تجلت مظاهر الأزمة؟ وفيم تمثل دور كل من أطرافها؟ وأخيراً، كيف بدا المشهد السياسي عقب أزمة السويس؟ جون لاكوتير -مراسل جريدة "لوموند الفرنسية" يقول : سنة 1956 م كنت في إيران عندما صدر بلاغ "جون فوستر دالاسJohn Foster Dulles وزير خارجية امريكا في عهد الرئيس الامريكي ايزنهاور" المتضمن رفض الولايات المتحدة الأميركية تمويل مشروع السد العالي، حجزت في أول طائرة باتجاه مصر، لأنني شعرت بأن شيئاً ما سيحدث ولا شك، وصلنا إلى الإسكندرية، في منتصف النهار، وكان الخطاب منتظراً على الساعة الثالثة أو الرابعة بعد الظهيرة وجدنا المدينة في شدة من الحماسة، جلسنا أمام بورصة القطن، وكان يجلس إلى جانبي صديق قديم لعبد الناصر هو "خالد محيي الدين" الذي كان يمثل الجناح اليساري في الثورة، وقال لي: إن جمال عبد الناصر سيقدم –ربما- على إعلان شيء هام، لكنني لست متأكد من أنه كان على اطلاع على ما سيعلنه –لاحقاً- الرئيس جمال عبد الناصر. قدم عبد الناصر، واتخذ مكانه خلف المنبر الذي لم يكن يبعد عنا كثيراً. اذاَ هذه الحمله الصليبيه الثالثه في العصر الحديث يشنها النورمان والفرنجه ومعهم صنيعتهم اسرائيل "لا غرابة إذا ما أعتبرت كواحدة من أهم المحطات في التاريخ العربي المعاصر، بل في التاريخ السياسي للعالم كله. حرب السويس، أو العدوان الثلاثيعلى مصروالذي شكل نقطة تحول كبرى في المشهد السياسي للعالم بعد الحرب العالمية الثانية، فقد اجتمعت أطراف عديدة في هذا الحدث، كان لكل منها وزنه وتأثيره، فهناك إنجلترا وفرنسا، وكذلك إسرائيل، وهناك –ثانياً- مصر والوطن العربي، وهناك –ثالثاً- الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفيتي الغارقتان في حرب باردة كانت –آنذاك- مستعرة، ولذلك ليس بمستغرب القول: إن حرب السويس أثرت بصورة أو بأخرى حتى على شعوب في إفريقيا وآسيا. وأنها كانت كمسمار جديد يدق في نعش الإمبراطوريتين، الفرنسية والبريطانية، وأنها أسهمت بدور رئيسي في خلق توازنات جديدة في المنطقة. ربما يكون من المفيد –بداية- أن نعود إلى ذاكرة المواطنين، ممن عاشوا الحدث، بل وشاركوا- على طريقتهم في المقاومة، التي عرفتها بور سعيد، تلك المدينة التي ارتبط اسمها بهذه المرحلة الحاسمة من تاريخ مصر الحديث".
إذاً ليلة التاسع والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر عام 1956م، إسرائيل تضرب في سيناء. ويوم الخامس من تشيرين الثاني/نوفمبر تداهم القوات البريطانية بور سعيد، وفي اليوم ذاته تتعرض بور فؤاد لهجوم القوات الفرنسية. هكذا تشكل العدوان الثلاثي، وهنا يحق لنا التساؤل.
بدأ الرئيس عبدالناصر خطابه باستعراض لتاريخ مصر، والأزمات التي تعاقبت عليها، وانتابنا شيء من الضيق إلى درجة إن بعضنا تساءل عن الجدوى من استقدامنا من القاهرة إلى الإسكندرية فقط لمتابعة درس في تاريخ مصر، والمسلسل التاريخي لأحداث مصر. إن الخطاب –وقتئذ- لم يكن قد ورد فيه ما يسترعي اهتمامنا. ثم فجأة تغيرت نبرة صوت عبد الناصر وهنا أصبح الحديث أكثر حيوية، بعد ذلك سمعناه يقول: "إنهم يمنعوننا عن قناة السويس، ومن بناء السد العالي، سأسترجع القناة، سأسترجع القناة.
فقد عبد الناصر هدوءه المعهود، وأصبح الرئيس الزعيم الذي يتجه إلى الشعب فتهتز الجماهير على وقع كلماته، وحينئذ، انبعثت حماسة –لا توصف- من المصريين. إن عبد الناصر أقدم إلى خطوة جريئة، لكن سوف نلاقي من جرائها متاعب كثيرة. كانوا يظنون أنهم سيستطيعون السيطرة على بور سعيد في ساعات، ثم يجتاجوا الإسماعيلية والسويس ويعزلوا قناة السويس عن مصر، فما الذي حدث؟! استمر ضرب بور سعيد سبع أيام بالبوارج الحربية، وبالطائرات الإنجليزية والفرنسية، وبإحراق الأحياء كانت يعني، لأول مرة الناس تشاهد هناك،عمليات الإحراق.
تنثر مواد على الأحياء، ثم تطلق القنابل فتحترق أحياء بكاملها، ومع ذلك لم تخمد الحركة واستطاعت المدينة بالناس، وبالناس العاديين أن يكون القتال. كان من الصدق أنه قبيل العدوان بساعات كان وقد وصل إلى القاهرة قطارات، قطار مليء بالأسلحة، البنادق العادية، هذه استولى عليها الناس، واستخدموها في المقاومة بالإضافة إلى بعض الجنود الذين كانوا في شرق القناة وانسحبوا، فعادوا بعد أيام من المشي في الصحراء، عادوا ليشاركوا مع المقاومة في.. في صد العدوان. استمرت المعركة سبع أيام، وانتهت ولم يتحقق الغرض الأساسي، وهو احتلال قناة السويس، وعزلها عن الوطن، الضحايا كانوا كثيرين جداً.
في حرب السويس تتابعت الأحداث التاريخية هكذا، عام 1954م يتم توقيع اتفاقية جلاء بريطانيا عن مصر، ويشهد العام الذي يليه (مؤتمر باندونغThe Bandung Conference ) وإرساء فكرة الحياد الإيجابي وانطلاق حركة عدم الانحياز ففي تلك الأثناء بادرت مجموعة كولومبو المتكونة أساساً من الهند وباكستان وإندونيسيا بعقد مؤتمر (باندونغ) فيما بين السابع عشر والرابع والعشرين من نيسان/ إبريل عام 1955م قريباً من العاصمة الإندونيسية (جاكرتا). اجتمع ثلاثون بلداً من إفريقيا وآسيا وانتهى المؤتمر إلى التأسيس إلى أخلاقيات جديدة في العلاقات الدولية، تقوم على مبدأ الحياد والانعتاق من حلقة الصراع الكبرى، لكن قبيل المؤتمر يطلب عبد الناصر من رئيس الوزراء الصيني التوسط لدى الاتحاد السوفيتي لعقد صفقة أسلحة، وفي السابع والعشرين من أيلول / سبتمبر، عام 1955م، يعلن عبد الناصر عزمه تسلم أسلحة تشيكية، والذي أعلن عبد الناصر بعد خمسة شهور من انعقاده عن تسلم تلك الاسلحة التشيكية التي اعلن عنها، وفي منتصف عام 1956م تعلن الولايات المتحدة الأميركية سحب عرضها بتمويل بناء السد العالي ليعلن عبد الناصر تأمم قناة السويس في نفس الشهر، وبعد ثلاثة شهور، تبدأ إسرائيل عدوانها على مصر، تتوالى الأحداث لتطلب الجمعية العمومية للأمم المتحدة من الأطراف المتنازعة التوقف عن العمل العسكري، غير أن بريطانيا وفرنسا يرسلان بقواتهما إلى القناة في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر، لكن القنوات المعتدية تجبر على الانسحاب في الشهر الأخير من عام 1956م.
كان تراجع الحضور البريطاني الاستعماري في مصر أمراً جلياً أواسط القرن العشرين، وخاصة إثر قيام ثورة الضباط الأحرار، وتولي عبد الناصر أمر قيادتها في تشرين الثاني/نوفمبر من سنة 1954م، وتوالت تنازلات بريطانيا. غير أنه لم يكن في نيتها التفريط في الشركة العالمية لقناة السوس، التي كانت تمثل إحدى أهم الطرق التجارية، وكانت هي _أي بريطانيا- على رأس مستعمليها. بعد الثورة وقعت اتفاقية الجلاء مع الإنجليز وبدأ الإنجليز ينسحبوا بالفعل من قناة السويس وفي قاعدة كبيرة كانت أكبر قاعدة استعمارية في المنطقة كلها بدت المملكة المتحدة تفكر في نظام جديد للدفاع عن المنطقة وبدأ من هنا البحث عن حلفاء جدد ويعني كان فيه تركيا وفيه باكستان وبدؤوا يعتبروا بغداد هي المحور الجديد الذي يمكن أن ترتكز عليه الدفاع المنطقة ومن اجل هذا سمي بحلف بغداد، في نفس الوقت كانت الولايات المتحدة الأميركية بتنظر أو بتأمل في أن تملأ الفراغ الذي سوف ينشأ من هذا الفراغ بعد جلاء القوات البريطانية وتقلص نفوذ الإمبراطورية البريطانية، إسرائيل كانت بتشعر بقلق شديد جداً لجلاء القوات البريطانية، ولأن الأرض أصبحت مكشوفة بينها وبين مصر ونظام عسكري جديد عنده تطلعات كبيرة فكانوا في قلق شديد جداً، بالنسبة لمصر كان الاهتمام الأساسي، لأن كانت الثورة هي ثورة تحرر في المقام الأول، كانت قضية الاستقلال هي التي تحكم جميع الاستراتيجيات ، الاستراتيجيات المصرية في جميع المجالات موضوع للتحرر وللاستقلال، لأنها كانت ثورة في المقام الأول ثورة تحرير.
لم تكن هذه التطورات بمنأى عن دائرة الصراع في إطار الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي، ففي تلك الأثناء كانت الولايات المتحدة الأميركية تلح في طلبها من مصر الانخراط في المعسكر الغربي من جهة وإقامة صلح مع الكيان الإسرائيلي من جهة أخرى، والحق أن الولايات المتحدة الأميركية كانت تفعل ذلك لقناعتها أن شأناً كبيراً سيكون للشرق الأوسط وأنه لا يجب أن تتحول أنظار الاتحاد السوفيتي إليه وفي الآن ذاته، كان الاتحاد السوفيتي يعد نفسه بمكان تحت شمس الشرق الأوسط، وهو الذي يرى أن دوره بدأ يتعاظم، خصوصاً بعد الطلب البريطاني بأن ينضم الاتحاد السوفيتي إلى الاتفاق الثلاثي: الفرنسي، البريطاني، الأميركي لعام 1950م، والقاضي بالحد في تسلح طرفي النزاع في الشرق الأوسط، أي العرب وإسرائيل.
التعليقات (0)