لايام وانا ادفع بهذا الموضوع عن افكاري. ربما لانني كنت قد اتخذت قراري بالابتعاد عن السياسه والدين في كتاباتي الا اللهم تلك الاشارات التي لا اجد منها مفرا حين تختلج الافكار وتختلط بالكلمات لتخرج نثرا محوره الوطن ومايجري في الوطن من احداث.
اود ان ابتداء ملخص الافكار هذا بالاعلان عن قلة درايتي في نصوص الدين وحيادي من مسالة الحجاب. والاعلان عن موقفي من ان الحجاب هو اختيار شخصي في اطار الحريه الشخصيه التي لايمكن لاحد ان يتدخل فيه مثلما لايمكن لاي احد ان يتدخل في حجم المايو البكيني الذي تلبسه النساء في شرق الارض وغربها
ومادفعني الى الخوض في موضوع ليس لي فيه كثير من العلم هو موجة الهجوم على الحجاب بدأ من الحجاب العادي والمعروف لدى معظم الشارع العربي والاسلامي والمتمثل بغطاء الراس والثوب الطويل الى النقاب الذي اصبح (حسب التعريف العلماني والغربي)رمزا لسلب حقوق المراءه واستغلالها والاستهانه بها. واصبحت دولا مثل فرنسا في مقدمة المحاربين للحجاب بانواعه. وقبلها دول اسلاميه مثل تركيا والتي تمنع الحجاب في مدارسها وجامعاتها الحكوميه. بالاضافه الى موقف دول عربيه مثل تونس على سبيل مثال .
كثيرا منا قد يسال ماهي المشكله؟ هل مشكلة الحجاب هي في شكله؟ ام هي مشكله مجتمع ذكوري يستخدم نصوص الحجاب وفرضيته في الاسلام كطريقه لبسط سلطه ذكوريه على المجتمع؟ ام هي مشكلتنا كمسلمين لم نعد ندرك ابعاد ثقافتنا ؟ بل اصبحنا نفتقر الى مقومات الهويه العربيه والاسلاميه والشرقيه عموما. هذه الثقافه التي ساهم فيها الدين مساهمه كبيره. من تاريخ ولغة ومواقف وحضاره وبناء اجتماعي وثقافي لايقل وزنا ولا اهمية عن كل الثقافات التي شهدت حالات من الصعود والهبوط ومنعطفات ادت بها الى مواقعها الحاليه بين المجتماعات او الثقافات.
ام هل هي مشكلة انعدام الحلول. فاصبح البعض يبحث عن حلول مستورده تطمس هويتنا كشرق ظنا ان الحل هو في عملية استنساخ بشري واسعة النطاق تكون النتيجه النهائيه لها هو الانسان النموذج. ولن تكون المراءه العربيه او المسلمه
او الشرقيه في مبعد من عملية التغير الثقافي والجيني او عملية الاستنساخ البشري تلك
ام ان المشكله هي مشكلة ضياع هويه وفقدان بوصله تساعد المثقف العربي الى تحديد اتجاهه هويته الحضاريه او الثقافيه وبالتالي وجهة قلمه. وانا هنا لا ادعوا مطلقا الى عدم تنوع الافكار والاتجاهات لكنني من الذين يومنون ان الهويه والثقافه هو مقدس لايجب التنازل عنه لحساب ثقافه او هويه اخرى الا اذا كانت في اطار حوار حضاري ينتج عنه لقاء على مفاهيم مشتركه وفهم لنقاط الاختلاف.
ان ابعاد المشكله كثيره وان الحجاب كرمز من رموز دينيه كثيره اصبح موضوعا يخوض فيه القاصي والداني.فكل له قولته وكل يدلي بدلوه. فالعلمانيون لايألون جهدا في لي عنق النصوص والاحاديث لاثبات مالايمكن اثباته ونفي مالايمكن نفيه. متناسين ان ضمان حرية المراءه هو اهم من دفعها الى نزاع مع هويتها. وهذه نقطه يبدوا ان الكثير من مثقفينا يتناسى او يتجاهلها. فاين هم من مسالة حرية اختيار المراءه شكل ملبسها. ولماذا الهجوم على الحجاب ان كان الحجاب
هو اختيار نسوي صرف ؟ فلماذا كل هذا الكم من المقلات والحملات ضد المراءه المسلمه وحجابها؟ وهنا قبل اني يرميني احد بتهمة احادية التفكير اعلن برائتي من حجاب تفرضه سلطة اب او زوج او اخ. بل انا مع الحجاب بكل انواعه بشرط ان يكون اختيارا صرفا نابعا من ايمان مبدئي بفرضيته الدينييه على المراءه المسلمه.كما احترم كل من يخالف ذلك الراي وكل من يعتقدن من النساء ان الحجاب حرية شخصيه وان “السفور” قرار يخص المراءه احترمه واحترم صاحبته.
اما محاربة الحجاب فهذا مالا استطيع تقبله كما انني لا استطيع تقبل فكرة محاربة السفور
قد يتذرع البعض بحالات شاذه ظهرت فيها المحجبة او المنقبه على صورة الارهابيه منفذه عمليات انتحاريه مثلا ولكن هذه حالة شاذه والاحكام لاتبنى على شواذ الحالات وتعميم الخاص ابتعاد عن الرؤيه الصحيحه ومبدء الحريه وتقبل الاخر .
وهل ان الشاذ من الحالات يصلح اساسا لالغاء عنصر مهم من عناصر ثقافتنا ؟ وهل ان قامت منقبه او محجبه بعمليه ارهابيه مثلا يجعل من كل المحجبات ارهابيات ؟ اليس هو ذاته المنطق الذي يتم القياس به لاثبات ان كل عربي ارهابي
حتى يثبت ولاءه للغرب مثلا او يثبت انه بريء ؟
ان اختلاف المفاهيم بين حضاره واخرى او ثقافه واخرى هو عنصر مهم ولابد من اخذه بنظر الاعتبار في خضم النقاش القائم والجدل حول حرية الفرد بغض النظر عن الجنس او النوع كوظيفه اجتماعيه. والمتامل في مفهوم الحريه والفرق بينهما مثلا لن يجد صعوبه في استنتاج ان الثقافه لها تاثيرها المباشر على صناعة المفاهيم وتعريف مقوم مهم من مقومات الحياة مثلا . الا وهي حرية الفرد. لتجد ان تعريف حرية الفرد يختلف اختلافا جذريا بين ثقافه واخرى. فالحريه الفرديه في اليابان تختلف عن الحريه الفرديه كتعريف في دولة كالصين. والحريه الفرديه في الولايات المتحده تختلف تماما عن مبداء الحريه الفرديه في الدول الاسكندنافيه
وهنا لابد ان اشير ان تعريف الحريه الشخصيه او حرية الفرد في الشرق يعاني من حالة فوضى . وان هذه الفوضى قد ادت الى فراغ كبير سببه انعدام فهم واضح لحرية الفرد . وهذه معضله كون ان الظروف المحيطه بالشرق ماهي الا عباره عن ازمات تنتج عنها احكام عرفيه تليها احكام عرفيه اشد. او حروب او حصارات احاديه او متعدده تجعل من مجتمعاتنا ساحه لكل انواع الصراعات الخارجيه والداخليه. حتى ان مفاهيم مبدئيه مثل مفهوم المقاومه فقد مكانته واصبح مرتبطا بجرائم بشعه وارهاب وقتل. لنجد ان الهوه واسعه بيننا وبين الغرب. وان هذه الهوه ليست وليدة اللحظه. بل انها انتجت ثقافه سلبيه من جهه وادت بالبعض الى الاعتقاد بعلو الثقافه الغربيه على غيرها من جهة اخرى
ان تقبل المجتمعات الغربيه للاخر يختلف تمام من دوله الى اخرى وتتفاوت ردود الفعل من مجتمع الى اخر تجاه قضايا المهاجرين او المسلمين. ففرنسا مثلا ولحد الان لم تجد طريقه لدمج المهاجرين من شمال افريقيا في مجتماعاتها بل ان احداث ٢٠٠٨ في احياء المهاجرين لدليل ساطع على فشل فرنسا في ايجاد طريقه لدمج اجيال من المهاجرين ربما لم يروا مواطنهم الاصليه فنحن نتحدث عن هجره بدات قبل اكثر من اربعين عقدا. وربما احد تلك الاسباب التي تودي لهذا الانقسام في المجتمع الفرنسي هو طريقة تعاطي الفرنسيين مع المهجرين ؟ والحجاب احد تلك الامثله البسيطه.
ولكن هل الحجاب هي اخر المشاكل المعلقه بين العالم الشرقي والغربي ؟ اعتقد ان القاريء لن يحتاج الى الكثير من الجهد للاجابه بالنفي. فالحجاب ربما هو قشه في كومة متراكمه لمواسم مختلفه. فمن المواقف المتحيزه الى التعامل بسلبيه في كل مايخص الشرق والدعم الاعلامي اللامحدود لكيان مسخ اوجد في قلب الشرق الى التعامل مع العرب او المسلمين كونهم بشر ينتمون الى درجه اقل رقيا حسب المقياس الغربي للانسانيه والتمدن والحضاره. الى الامبرياليه المتجذره في نفوس الكثيرين والنظره المتعاليه الى الشرق. كل هذا افرز كما كبيره من المشاكل المعلقه بين الشرق والغرب. بالاضافه الى تاريخ طويل من القياس بمقياسيين والكيل بمكيالين وحسبما تتطلبه المصلحه الغربيه.
اوردت كل ذلك على سبيل التذكير لا السرد الجدلي بالرغم من ايماني بحوار الحضارات الا انني لم اجد مهربا الى الاشاره الى ان المساله تتعدى الحجاب او الاذان او بناء الماذن في اوربا.
الحجاب بين المباح الغربي والمحرم الديني
اليس من الغريب ان نجد احزابا متطرفه –بحسب تصنيف الغرب نفسه-- لتكون هذه الاحزاب والجماعات في مقدمة المحاربين للهويه والرموز الشرقيه ؟ واليس من الغريب ان ينظر الغرب لثقافة تقبل الاخر والتكفل بحرية الراي والدين والمشرب والملبس والاعتقاد. لتنقلب الامور راسا على عقب عندما يتعلق الامر برمز ديني اسلامي ؟ اليس من الغريب من ان تشرع اوربا لقوانين تحاكم كل من يتعرض لموضوع الهولكوست سلبا وان يكون الاستهتار برموز المسلمين مثلا حريه صحافه وتعبيرا عن الراي تكفله الدساتير ؟ اين اصبحت اذا مفاهيم كتقبل الاخر وضمان المعتقد واحترام الرموز المقدسه ؟
والابتعاد عما يثير ثقافة الكراهيه ؟
أن مهاجرينا يعيشون حالتين اثنتين الاولى هي حالة الذوبان القصوى في المجتمع الغربي والثانيه هي حالة التكتل في احياء طبق الاصل من مجتماعتهم الاصليه . ولكن هل في ذلك مايعيب او يستدعي قرع كل نواقيس الخطر ان كان للعرب احياء في السويد مثلا ؟ فهذا الحي الصيني في نيويورك ولندن مثلا نسمع به طوال حياتنا بل هي اقدم من اعمار معظم من سيقراء هذا المقال.
ثم لماذا كل هذا التركيز على الفي منقبه بين ملايين النساء العربيات والمسلمات في فرنسا مثلا. ممن تشققت ايديهن في الاعمال الدنيا وساهمن في ادامة اقتصاد الدول الغربيه والرضا بهذه الحاله الدنيا حسب السلم الاجتماعي . الم يستفد الغرب كله من حالات الهجره التي اعترف انها جعلت من المهاجرين انفسهم يعيشون حياة فارهه بكل المقاييس اذا ما قورنت بعذاباتهم في اوطاننا. ولكن هذه العذابات ايضا ساهمت في تنوع ثقافي لدى الغرب. وساهم اجيال المهاجرين في بناء غرب افضل. لذلك اعتقد ان حجاب المراه المسلمه يستحق موقفا عادلا نحن ابناء هذه الثقافه وان لانكون خنجرا اخر في خصرها ان هي حاولت ان تحافظ على هويتها
اعتذر ان خضت فيما ليس لي به علم
ودمتم
التعليقات (0)