مواضيع اليوم

حركية دبلوماسية نشطة تشهدها الرباط عشية انعقاد القمة الأوربية المغربية

شريف هزاع

2010-03-16 14:29:14

0


على بعد أيام قليلة من انعقاد القمة الأوربية المغربية في 7 و 8 مارس الجاري بقصر الحمراء بمدينة غرناطة الاسبانية، تعرف العاصمة المغربية الرباط حركية دبلوماسية مكثفة، تندرج في إطار التنسيق مع شركائها الأوربيين لإنجاح القمة الأولى من نوعها للاتحاد الأوربي مع بلد من جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط.
ويعلق المغرب على هذه القمة آمالا عريضة لتطوير إمكانيته البشرية والاقتصادية، والحصول على دعم المجموعة الأوربية لمواصلة سياسة الإصلاحات والأوراش الكبرى التي باشرها المغرب في عهد الملك محمد السادس، وفي هذا الإطار يشتد التنافس بين الدول الأوربية ذاتها للاستفادة من الإمكانيات الاستثمارية الممكنة بالمغرب فيما بعد القمة.
وفي هذا السياق أبت فرنسا إلا أن تدشن الحركة الدبلوماسية التي شهدتها العاصمة المغربية من نهاية الأسبوع الماضي وهذا الأسبوع، بزيارة وزير الدولة الفرنسية المكلف بالشؤون الأوروبية "بيير لولوش" الذي أكد أن التعاون بين المغرب والاتحاد الأوروبي قد عرف تطورا مدعما، يجب أن يشكل نموذجا لبلدان الضفة الجنوبية للمتوسط.
وأضاف أن المغرب وفرنسا يعملان بشكل مشترك لإعطاء مضمون الوضع المتقدم، سواء على المستوى السياسي والاقتصادي أو الاجتماعي والثقافي. موضحا أن المغرب يعد أحد أكبر حلفاء فرنسا، وأن هذه الأخيرة تشكل مخاطبا ومدافعا أوروبيا عن مصالح المغرب في القارة العجوز.
ويتوقع عدد من المتتبعين أن تشتد المنافسة الإقليمية بين فرنسا واسبانيا لضمان امتيازات كبرى بالضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، وهو ما يجعل الرباط تعرف حركية دبلوماسية نشطة بزيارات مسؤولين من الدول الأوربية إضافة إلى اللقاءات مع المسؤولين عن الاتحاد الأوربي، ويؤكد المراقبون أن معالم التنافس لتقوية حظوظ الامتيازات بالمغرب قد برزت معالمها تتحدد بإصرار فرنسا الشريك الأول للمغرب في الاتحاد الأوربي على أن تبقى عراب العلاقات الأوربية المغربية.
وتباحث وزير الشؤون الخارجية والتعاون الطيب الفاسي الفهري مع المفوض الأوروبي في التجارة "كاريل دو غوشت" حول تطوير آليات التعاون الاقتصادي والتجاري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وذلك تماشيا مع مقتضيات الوضع المتقدم الذي منحه الاتحاد الأوروبي للمغرب، ومنطقة التبادل الحر بين المملكة والاتحاد، وكذا الاتفاق المبرم بين الطرفين في مجالات الصيد البحري والفلاحة والصناعة الغذائية.
وقال "دو غوشت" لقد قدمت إلى المغرب خصيصا لأناقش مع المسؤولين المغاربة سبل مقاربة تحرير الخدمات في إطار اتفاق التبادل الحر بين المغرب والاتحاد الأوروبي وكيفية تحقيق اختراق في هذا الملف ترقبا لقمة الاتحاد الأوروبي -المغرب التي ستنعقد في غضون أسبوعين بغرناطة.
وأوضح السيد الفاسي الفهري عقب هذا اللقاء للصحافة، أن الرباط وبروكسيل منخرطتان حاليا في مفاوضات حول الخدمات وقطاعات أخرى، وذلك ترقبا بالأساس لقمة المغرب-الاتحاد الأوروبي الأولى بغرناطة الاسبانية.
كما أجرى الطيب الفاسي الفهري مباحثات مع سفيري الاتحاد الأوربي السيد "إينيكو لاندابورو" واسبانيا "لويس بلاناس" التي ترأس بلاده الاتحاد الأوربي، حول الإمكانيات الجديدة التي يتيحها هذا الإطار القانوني الجديد وبحث آليات تسريع تطبيق الوضع المتقدم الذي سيفتح أفقا جديدا لشراكة نموذجية بين المغرب والاتحاد الأوروبي. واعتبارا لأن التطبيق الفعال والمنهجي للوضع المتقدم يهيئ الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، على المدى المتوسط، إلى توقيع اتفاق تعاقدي، يخلف اتفاق الشراكة الراهن، ليتخذ شكل شراكة تفضيلية، تكون في مستوى التقدم وطموحات المغرب والاتحاد الأوروبي.
وأشاد الفاسي الفهري بدخول هذه المعاهدة حيز التنفيذ، معتبرا أنها تندرج في إطار "المبادرات التاريخية التي تضيء المسار... ". كما أعرب عن الأمل في أن يمكن هذا الاتفاق الاتحاد الأوروبي من تبني رؤية أكثر استراتيجية إزاء جواره المباشر، خاصة شركائه الأكثر انخراطا.
وأكد إينيكو لاندابورو سفير الاتحاد الأوروبي بالمغرب أن الإتحاد الأوروبي منخرط في مشروع طموح يتوخى نسج علاقة استراتيجية ومفضلة مع المغرب عبر صفة الوضع المتقدم. وأضاف أن الاتحاد الأوروبي ينتظر من المغرب أن يوضح بشكل أكبر إيقاع التغييرات، التي يعتزم إدخالها لبلوغ تقارب مع التشريعات والمعايير الأوروبية.
كما كانت للمغرب مفاوضات في أشغال المنتدى الأول للسلطات المحلية الاتحاد الأوروبي المغرب بمدينة قرطبة المنعقد في 2 و 3 مارس الجاري بهدف التنمية المتوازنة في المجال الترابي والنهوض بالحكامة على جميع المستويات، وإحداث مشاريع نموذجية من أجل التنمية بجنوب حوض البحر الأبيض المتوسط وتعزيز أداة حسن الجوار الأوروبية، وتعزيز أواصر التعاون اللامركزي في أفق وضع جدول أعمال مشترك بين الجهات المحلية في الاتحاد الأوروبي والمغرب، وذلك اعتمادا على مبادئ التنسيق والانسجام في مجال التعاون الدولي.
وتميزت الحركة الدبلوماسية التي عرفتها الرباط في التحضير لانعقاد القمة المقاولاتية الأوروبية المغربية الأولى بالتزامن مع قمة الاتحاد الأوروبي / المغرب، والتي تشكل فرصة لتسليط الضوء على المشاريع التي يعتزم الاتحاد الأوروبي إطلاقها وآفاق السوق المغربية والفرص التي تتيحها في قطاعات الطاقة المتجددة والنقل والخدمات اللوجستيكية والبنيات التحتية، وستكون فرصة للتطرق إلى آفاق التعاون بين الاتحاد الأوروبي والمغرب والأهمية التي تكتسيها المملكة باعتبارها شريكا استراتيجيا للاتحاد الأوروبي الذي يعتبر في نفس الوقت الزبون الأول والمستثمر الأول في المملكة.
ويشارك في القمة المقاولاتية الأولى التي تنظم بمبادرة من الكونفدرالية الاسبانية للمنظمات المقاولاتية (اتحاد أرباب العمل) و"بيزنيس أوروبا" والاتحاد العام للمقاولات بالمغرب وبتعاون مع وزارة الخارجية والتعاون الإسبانية وسفارة المغرب في إسبانيا ومؤسسة البيت العربي ممثلو وأعضاء منظمات أرباب العمل في الاتحاد الأوروبي والمغرب والمؤسسات المالية الاسبانية والأوروبية والمغربية ورجال الأعمال المغاربة بالإضافة إلى ممثلين عن الاتحاد الأوروبي والحكومتين الإسبانية والمغربية.
كما تميزت الفترات السابقة بزيارة رئيس الجمعية الوطنية البرتغالية السيد خاييم غاما، تمحورت بالأساس حول العلاقات المغربية - الأوروبية من خلال الوضع المتقدم، وعبر غاما عن مساندة بلاده للمغرب في كل ما يقوم به من اجل تقوية هذا الوضع والتموقع الإيجابي داخل الاتحاد الأوروبي".
وأضاف رئيس البرلمان البرتغالي من جهته أن المغرب يعد قطبا للسلام والاستقرار وصوتا للحكمة بالضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، وأشاد بالجهود التي بذلتها المملكة في مجال حقوق المرأة وحقوق الإنسان وفي التنمية البشرية والاقتصادية.
كما زار العاصمة المغربية الرباط رئيس بعثة صندوق النقد الدولي بالمغرب السيد "مارك لويس"، الذي وصف القطاع المالي بالمملكة بأنه "سليم للغاية"، بحكم قلة تعامله مع أسواق الرساميل الدولية، وهو ما جعل تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية على المغرب ظلت جد محدودة، وذلك بسبب الوضعية الماكرواقتصادية "المتينة" و"المستقرة".
وهي أحد الشهادات الدالة التي كانت تنتظرها الرباط لتقوية موقعها التفاوضي مع الاتحاد الأوربي خلال القمة، كما أنها تجيب عن جزء كبير من الإصلاحات المالية والماكرو اقتصادية، والتي ظلت تشكل أحد أبرز تعهدات المغرب أمام شركائه الأوربيين. وتعد شهادة أكبر مؤسسة مالية (صندوق النقد الدولي) على لسان رئيسها تقويم إيجابي لتفوق تلميذ مجيب في تنفيذ سياسات الإصلاح الهيكلي والمالي، بعد تنفيذ أكبر عملية خوصصة للمؤسسات العمومية بالمغرب.
هذا ويعتبر المسؤولون المغاربة أن الوضع المتقدم يشكل اعترافا بالجهود التي يبذلها المغرب في مجالات عديدة، منها التنمية البشرية ودمقرطة البلاد والتوجه نحو تقارب بخصوص القيم المشتركة.
ويتوقع المحللون أن المغرب بإمكانه أن يتوفق في اختبارات البدايات والتنافس الإقليمي لجيرانه، وخاصة الجزائر التي تنافسه على الريادة في المنطقة المغرب العربي، وتنازعه في الصراع حول ملف الصحراء، وجبهة البوليساريو التي تتخوف من أن ينعكس الوضع المغربي في الاتحاد الأوروبي على إيجاد حل لنزاع الصحراء.
واستدلوا على ذلك أن وجهات نظر دول الاتحاد الأوربي وشركاء المغرب التقليديين (فرنسا، إسبانيا، بلجيكا...). متوافقة إلى حد كبير تجاه مسلسل الإصلاحات والتحديث الذي يعرفه المغرب. وفي هذا الاتجاه يأتي تأكيد رئيس الحكومة الاسبانية خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو أن انعقاد القمة الأولى الاتحاد الأوروبي - المغرب في إطار الرئاسة الاسبانية للاتحاد الأوروبي تشكل فرصة تعمل لتنشيط وتعزيز وتحسين مسلسل التحديث في المغرب.
واعتبر رئيس البرلمان الأوروبي "جيرزي بوزيك" أن "مشروع التصور العام للجنة الاستشارية للجهوية سيمكن من إبراز إرادة تحديث هياكل الدولة وعناية السلطات المغربية بإقرار نظام للجهوية يتماشى مع الواقع المغربي في إطار مقاربة تشاورية مع جميع الفاعلين المعنيين".
ومن جهتها عبرت اسبانيا على لسان كاتبها في التعاون الإقليمي "غاسبار ثارياس" أن مشروع الجهوية المتقدمة الذي انخرط فيه المغرب جدير بالإشادة والترحيب.
وأشارت عدة مقاربات سياسية أن إصلاح ورش القضاء والإعلان عن إطلاق مشروع الجهوية في المغرب يندرج في سياق تحديث هياكل الدولة المغربية، وتجسيد لاستجابة المغرب عن مجموعة من الشروط والتعهدات التي أخذها الاتحاد الأوربي على المغرب لنيل صفة الوضع المتقدم، ومنها الدخول في إصلاحات اللامركزية واللاتمركز.
ويرى مهتمون بالسياسات الدولية أن المغرب بإمكانه أن يكسب عددا من نقط القوة تقوي موقعه التفاوضي مع الاتحاد الأوربي بعيد حصوله على صفة الوضع المتقدم، من مدخل إعلانه عن إطلاق مشروع الجهوية الموسعة في دولة جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط، وهي بلا شك تجربة نموذجية في نظام تدبير الحكم وفي ممارسة الديموقراطية واللامركزية، التي لم تجد طريقها بعد إلى دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط.
Elfathifattah@yahoo.fr
0663215880




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات