إن الإستيطان الكولونيالي التي ينتشر كالخبيث في كل مكان في أراضي الضفة الغربية والقدس الشرقية, والممارسات الإسرائيلية الفاشية تجاه العائلات الفلسطينية وطردها من أرضيها, واستبدالها في أبناء القردة والخنزير , هذه السياسات للحكومة الفاشية في تل أبيب لا تصب إلا في خدمة مشاريع تصفية القضية الوطنية الفلسطينية , بما يعني العودة إلى شعارات الصهيونية في أواخر القرن الثامن عشر, وهي (أرض بلا شعب - لشعب بلا أرض) , بما يعني أيضا في هذه العودة إلى مشاريع التهجير من جديد, وبناء وتوسيع المستوطنات والذهب في طريق إستكمال الجدار العنصري والإصرار على تهويد القدس والاستيلاء على الأغوار وضم أجزاء واسعة من الأراضي لقتل الوجود الفلسطيني على الأرض ولمنع حق تقرير المصير لشعبنا والعودة.
الإنقسام ..
لن يأتي مغاير أو غير منسجم مع أفكار وطروحات ومفاهيم وارتباطات حركة حماس الإقليمية التي أكيد تختلف وتتصادم مع ارتباطات وأيدلوجيات الحركة الوطنية وحركة فتح في فلسطين حول الموضوع الوطني التحرري الديمقراطي, و لهذا ترى حماس في أرض فلسطين , أرض وقف إسلامي , لا يصح التفريط بها أو التنازل عنها أو عن أى جزء منها, ومن هو الذي يملك النيابة عن أجيال المسلمين إلي يوم القيامة, وإذا ما تم شيء من ذلك فهو باطل من أساسه , من هنا وإنطلاقاً من هذه الحقيقة لا أعتقد أن تغييراً جوهرياً يمكن أن يحدث على موقف حركة حماس اتجاه قضايا الإنقسام والوحدة والشراكة مع منظمة التحرير الفلسطينية واتجاه موضوع القدس والمقاومة في المستقبل القريب أو البعيد, ومن هنا يمكن الإشارة إلى بعض الأسباب وربما إلى أبرزها كي تحسم الجدل القائم حول حماس وموقفها من المصالحة الوطنية وهي :
أولاً : عندما نجحت حركة حماس في الانتخابات التشريعية في عام 2006م , تمسكت بحق تشكيل الحكومة على برنامجها الانتخابي , مما أدي إلى فشل الحوار مع الكتل التشريعية المختلفة, وأيضاً أدي بعد ذلك إلى حصار الشعب الفلسطيني , لأنها لن تستجيب إلى متطلبات المجتمع الدولي , بما يعني اللجنة الرباعية التي طالبت حركة حماس بالإعتراف بالإتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل, وبنبذ الإرهاب والإعتراف بدولة إسرائيل.
ثانياً : بعد التوقيع على إتفاق مكة في السعودية لإنهاء الصراع الداخلي بين حركة حماس وفتح, والتي أسس إلى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في عام 2007 م , ثم إنقلبت حماس على الحكومة التي كانت ترأسها.
ثالثاً : رفضت حركة حماس وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني التي صدرت عن الحركة الأسيرة, والذي وقع عليها القادة الأسرى كلن من :
1- مروان البرغوثي عن حركة فتح. 2- الشيخ عبد الخالق النتشة عن حركة حماس. 3- الشيخ بسام السعدي عن حركة الجهاد الإسلامي. 4- عبد الرحيم ملوح ومصطفي بدارنة عن الجبهة الشعبية والديمقراطية.
رابعاً : رفضت حركة حماس الالتزام فيما تم الإتفاق عليه في القاهرة في آذار 2005م , فيما يتعلق في تطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية, ورفضت الانضمام إليها بوصفها الممتثل الشرعي والوحيد لشعبنا في كافة أماكن تواجده.
خامساً : مازلت حركة حماس ترفض التوقيع على الوثيقة المصرية لإنهاء الإنقسام الفلسطيني, والتي جاءت حصيلة أشهر طويلة من الحوارات الجماعية والثنائية بين حركتي (حماس وفتح) تحت حجج ملاحظات وتعديل لديها على الورقة المصرية, وهذا غير صحيح , لحماس ارتباطات إقليمية وهي جز من المحور أو من معسكر الممانعة والمقاومة في المنطقة, وهذه الإرتباطات لا يمكن أن تسمح لحماس اتخاذ قرارات منفردة.
حركة فتح ..
تمر في أخطر مراحلها منذ نشأتها وتمر معها القضية الفلسطينية وشعبنا, ولا توجد أي فرصة للتراجع أو الهروب من تحمل المسؤولية الوطنية والتاريخية انطلاقاً من شعورها العالي بالمسؤولية, ونظراً للمخاطر المحدقة بشعبنا, ومن أجل مواجهة المشروع الإسرائيلي الهادف لفرض الحل, ونسف حلم شعبنا في الدولة المستقلة كاملة السيادة, ومن أجل المحافظة على منجزات ومكتسبات شعبنا التي حققها من خلال مسيرة كفاحيه طويله, ووفاء لشهداء وأسري وعذابات شعبنا العظيم, على حركة فتح العمل الجاد لإعادة وصياغة الوضع الوطني على النحو التالي :
أولاً : تعميق مبدأ احترام الحوار والإعتراف بالآخر, واحترام الرأي والرأي المخالف ومحاربة الفئوية الحزبية والاجتماعية, ومحاربة عقلية التخندق والتحريم والتكفير, ولابد من العودة إلى الحوار والحوار الجدي والمسؤول والهادف من موقع مسؤولية الجميع, وضرورة المشاركة الجماعية في تطوير الفكر السياسي الفلسطيني.
ثانياً : إعادة الاعتبار لدور القوى والأحزاب السياسية في الحركة السياسية والمجتمعية كحامل للمشروع الوطني التحرري والديمقراطي الفلسطيني, وتفعيل طاقات الشعب الفلسطيني سواء كأفراد أو مؤسسات أو جماعات في مختلف أماكن توجده.
ثالثاً : ضرورة التأكيد على أن مسألة إعلان دولة فلسطين وسيادتها على أراضيها الفلسطينية حتى حدود الرابع من حزيران 1967م , هو حق فلسطيني سيادي لا يخضع للتفاوض أو النقص وليس بديلا عن حق العودة, وإن الدولة والسيادة ليست قضية من قضايا مفاوضات الوضع الدائم وهي ليست مدرجة على جدول أعمال المفاوضات, وبل التأكيد على إنه خيار فلسطيني محض يجب إقراره فور توفر الشروط الداخلية الفلسطينية المتمثلة بالإجماع الوطني على توقيته.
رابعاً : ضرورة تجديد وإعادة إيجاد صياغة قيادية جماعية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا في الداخل والخارج, وهي التي ينبغي أن تتولى المفاوضات حول الوضع النهائي وتكون مفتوحة لجميع القوى الفعالة الراغبة في ذلك على أساس المشاركة الحقيقة في صنع القرار
خامساً : حماية المشروع الوطني من خلال إستراتيجية واضحة لدور قطاع غزة في المرحلة المقبلة, وفي تعزيز الصمود والأوضاع الإقتصادية في القطاع ومعالجة الضربة القاسمة التي الحقها الإنقسام , بعد الإنسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة من طرف واحد لخلق واقع سياسي وقانوني لقطاع غزة عن الضفة الغربية ما يهدد من الناحية الفعلية جوهر ووحدة الأراضي ويفتح المجال واسعاً لتكريس تجزئة هذه الأراضي وتطويرها السياسي, وتسعى إسرائيل إلى سلخ القدس بشكل كلي عن الضفة الغربية بإحداث تغيرات جغرافية وديمغرافية عميقة فيها عبر الإستيطان ومصادرة الأراضي بحيث لا تكون عاصمة الدولة المنشودة.
إن الشعب الفلسطيني لن يعترف ولن يقبل بأية قيود عديمة الرحمة, ولا توجد قوة في العالم تستطيع القضاء على حق شعبنا في بناء الدولة والعيش فيها.
بقلم / منار مهدي
التعليقات (0)