عندما سمعنا من قادة الحركة بأن رئيس الجمهوريه الذي ننتظر منه قبول
مبادرة الحركة أطلق علينا ( حركة الصعاليك ) أصبنا بخيبات الأمل وشعرنا
بالإحباط لأننا نرى أننا أصحاب قضية ولدينا مشروع وأننا مظلومون بهذه
التسمية ولم تجديه ذاكرة الثمانينات.
لكن وجدت نفسي مدفوعاً في البحث عن حركة الصعاليك وما العلاقة بيننا في
الحركة الديمقراطية للتغيير والبنا وبين حركة الصعاليك وجدت وبكل صراحة
بأننا لا نختلف عن حركة الصعاليك في شيء إلا أننا ولدنا في زمن أسوأ من
زمنهم . كيف ؟
ـ لابد من إدراك ما وراء معاني ودلالات الفاظ الصعلكة ـ الصعاليك ـ
التصعلك ـ حقيقتين
ـ الأولى : إن عملية تزوير قد مارستها ( أيديولوجيا القبيلة )ضد حركة
الصعاليك كان الهدف منها حمل الناس على مقتها وتوليد مشاعر معادية لها
وتوطين كل ذلك في مناطق اللاشعور والذاكرة ومن ثم رفع ذلك إلى طوابق
الضمير الجمعي المخترع والترويج على أن هذه الحركة هي تجمع يضم المنبوذين
والخارجين على قيم المجتمع وأعرافه وهنا يكمن فعل التزوير لأن حركة
الصعاليك تتطلع لإنشاء قيم اجتماعية إنسانية وتكوين أعراف وتقاليد تنتصر
للحق وتقف بوجه الباطل فهي حقاً فكرانية اجتماعية أخلاقية . إلا أنها في
الوقت ذاته فكرانية كافرة بقيم وأخلاقية ( أيديولوجيا القبيلة ) وأعرافها
وتقاليدها
الثانية : أن جوهر حركة الصعاليك ومن ثم فكرانيتها هي حركة وفكرانية
رافضة ولا تتصالح مع كل فعل ينزع إلى قتل واغتيال صاحب صوت ، يطالب برفع
ووقف الاعتداء على الجمهور العريض من الفقراء . وأنها دعوة تحريض إلى
إعادة وتوزيع الثروة .بحيث يتوفر لكل إنسان ما يسد متطلباته اليومية
بكرامة ، وبدون إذلال ، وامتهان ، وبيع للضمائر، أفعال تنقل الرجل الحر
والمرأة الحرة إلى رقيق وأمه .
إن الشاهد التاريخي على إنسانية حركة الصعاليك وفكرها الرافض للظلم ،
مقاله لم تتمكن أيديولوجيا القبيلة من شطبها . وفلتت من بين أوراق كتاب
السلطة والسلطان وتحولت إلى نقطة إشعاع تنير درب حركة الفقراء والمظلومين
وترفع مقام حركة الصعاليك إلى الطوابق العليا من طوابق الضمير الإنساني
الذي يتطلع للاقتراب من صورة القدوة والأنموذج . وفي هذه المقالة تحول
الصعلوك إلى أنموذج ومثال الأمة الذي يترقب وينتظر فرصة ينقض بها عن
القبيلة ، ويقيم بدلاً منها المجتمع الإنساني وفكرانيته المتمثلة بـ (
فكرانية الصعاليك ) هذه المقالة الشاهد صدرت من عبد الملك بن مروان فقال
( ما كنت أحب أن أحداً ولدني من العرب إلا عروة بن الورد ) العقد الفريد
/ ج 1 / ص 191 .
وذلك لأن عروة في حقيقته ضمير الصعلكة الإنساني فهو لم يكن فقيراً
ومحتاجاً ومعدماً ، وإنما كان صاحب ضمير إنساني رفض أيديولوجيا القبيلة
وأعرافها وتقاليدها التي تطلب من الفرد الخضوع والسكوت عن القيم والتظاهر
بعدم رؤية ما يؤدي إلى انسداد الحياة والإعلان عن موتها واندثارها .
ولهذا كله فإننا نفتخر ونعتز بأننا حركة صعاليك حركة إنجاز هدف اجتماعي
نبيل يرفض الظلم واحتكار الثروة وتركيزها بيد الأقلية ، نتطلع نحو بزوغ
شمس مجتمع العدالة والإنصاف ........
التعليقات (0)