حرب 94 دروس وتجارب 2/2
كيف وصلنا الى هذه الحالة ـ ومن المسئول عنها !؟ الإجابة الصادقة تخرس الأصوات النشاز التي تدعي أنها تمثل شعب الجنوب .. شعب الجنوب ليس قطيع من المواشي من سولت له نفسه يريد ان يتحكم بمصيره ـ ما فتئنا من قول هذا الطرح وما فتئ غيرنا من ينادي بان القضية قضية شعب الجنوب بكل كياناته ومكوناته . كفا ما مضى ..ولا نحتاج تقليب المواجع
شعب الجنوب بين المطرقة والسندان: إعلان فك الارتباط بدون مشاورة ولا مداورة ولا مشاركة شعبية جنوبية كانت نتيجتها وخيمة . حرب ضروس دفع ثمنها شعب الجنوب ثمنا غالياً ..
من دروس حرب 94 من اجل معرفة الأسباب التي آلت إليها النتائج والتي انتهت بها وما حصل بعد ذلك . ومن أجل الاستفادة مستقبلا وعدم تكرار الأخطاء 0
الجانب الشمالي .
أولاـ دخل المعركة بكامل عدته وعتاده وكل قواته العسكرية بما فيهم الأمن0
ثانيا ـ تأييد شامل وكامل من شعب الشمال بكل طوائفه وأحزابه ومنظماته وقبائله ثالثا ـ مشاركة شعبية في القتال والإمداد
رابعا ـ أستطاع الرئيس علي عبدالله شراء ذمم بعض القياديين من الحزب الاشتراكي عسكريين ومدنيين
خامسا ـ مشاركة الجنوبيين المتواجدين في الشمال
سادسا ـ مشاركة جنوبية من داخل الجنوب تدعم الوحدة .
سابعا ـ الجنوبيين الذين شاركوا في القتال مع نظام صنعاء كانوا عنصرا أساسيا في إحراز النصر لصالح نظام صنعاء0
الجانب الجنوبي .
أولا ـ الحزب الاشتراكي دخل المعركة وهو لم يكن ذاك الحزب الذي كان في السبعينات والثمانينات فقد تأثرت هيمنته وقوته نتيجة الصراعات بين قياداته. مما أضعف قوته بفقدانه أهم قياداته المؤثرة والتي بيدها زمام الأمور واتخاذ القرارات . كما فقد عدد كبير من قواته العسكرية نتيجة حرب 86 التي رحلت الى الشمال0
ثانيا ـ فقدانه بعض قواته العسكرية الضاربة المتمركزة داخل الشمال بين القبائل وشعب مسلح نتيجة حسابات خاطئة0لم يستطيعوا إعادتهم ولا الاستفادة منهم0
ثالثا ـ دخل الجنوبيين المعركة بدون مسانده ولا مشاركة من شعب الجنوب
رابعا ـ صارت خيانة بين صفوفهم من بعض ضعاف النفوس .. في المؤسسات العسكرية و القيادات الحزبية 0
خامسا ـ إصرار الجانب الجنوبي ( الحزب ) بعدم عودة بعض الشخصيات الجنوبية من جناح الزمرة وهم قوة وخبرة وقيادات لا يستهان بها . وهذا له دلاله ذات أهمية ان النفوس لا زالت تحمل في طياتها ملامح الماضي الأليم ومنهج إقصائي لم يتغير .
عند سماعي لأسماء الحكومة التي أعلنها الرئيس علي سالم البيض صدمت صدمة كبيرة .. لم أكن أتوقع ان عقلياتهم لا زالت متمسكة بأوهام الماضي وخصوصا تلك القيادات الكبيرة من مدنيين وعسكريين التي شاركت في صناعة الموت عبر مسار الصراعات المتتالية ولم يكن بينها وبين الموت إلا خيط رفيع .. وكنا نعتقد ان نظرياتهم وأفكارهم وسلوكياتهم تغيرت وأنهم استوعبوا الدروس وأن الوطن فوق الجميع . ولكن هيهات فهوى النفوس وشهوة التسلط غلبة حكمة العقل .. فعميت الابصار0
أكثر من نصف أسماء تلك الحكومة من الحزب الاشتراكي وخمسة أسماء بمسمى واحد ! ( وزير دولة)
إلا يحق لنا أن نتساءل أين هي القضية الجنوبية وأين الوحدة الوطنية ؟ ! وأين هي المشاركة التي تمثل شعب الجنوب 0
لا أحد يتبجح ويتطاول ويقول أتركوا الماضي ونحن نرى طحن وعجن ولقاءات ومؤتمرات تفوح منها رائحة ذلك العهد الشمولي البئيس . وعجبتُ واستغربتُ كثيرا لمن هرول ووافق أن يشارك في تلك الحكومة وهي لا تمثل شعب الجنوب على الاطلاق0
الأزمة الحقيقية تكمن في مفهوم القيادة والأخلاق والثقافة والفهم والإدراك والوعي قبل ان تكون في السياسة ـ التاريخ لا يعيد نفسه لأنه مجرد سجل لأعمال الإنسان ولكن البشر تنتهج تكرار الأخطاء ويصرون على السير على نفس طريق الهلاك الذي أهلكهم قبل ان يهلك الجنوب أرضا وشعبا ـ
نقول لمن لا يجيدون قراءة التاريخ ولا يستوعبون الدروس ولا يتألمون من المآسي والمجازر والمعاناة مرت بها بلادنا وشعبنا من ويلات ونكبات وما فقدنا من رجال وما عاناه شعب الجنوب ـ نقول لهم ان هناك جموع من شعب الجنوب لا يستهان به وهم أكثرية ولها قول الفصل عند اشتداد الخطب وهي حائرة في مواقفها وهي ترى الخلافات بين أبناء الجنوب منهم من يناصر الوحدة ومنهم صامت ومنهم في تحرك وحراك وحتى هؤلاء في خلافات واختلاف .. والخلافات جوهرية ليست في وسائل الحراك بل في الأهداف منهم من يريد إعادة دولة جمهورية اليمن الديمقراطية شعبية ومن يريد جمهورية اليمن الجنوبية ومن يريد الجنوب العربي ومن .. ومن ..
بالعربي الفصيح ..من حقنا أن نتساءل ونرد بصوت مرتفع على من يرفضون نقد وتحليل تجاربنا التي هي السبب في كل ما عانيناه ولا زلنا نعانيه ـ فهذا يدل دلاله واضحة أنهم لم يستوعبوا الدروس ولا زالوا يحملون تلك النزعات الشريرة الانفصالية ولا يرون إلا مصالحهم الخاصة وليس لديهم فكر ولا رؤى ولا طموح لنهضة البلاد وتوحيد أبنائها .لا يرون إلا مصالحهم ..ولذا نجد الكثير منهم يرددون اتركوا الماضي 0
أين هو التصالح والتسامح ؟ والاتهامات تأتي من هنا وهناك وزيد يرفض أن يجلس مع عبيد .. وأعطينا أمثلة مجسدة اننا كنا في زمن الاستعمار مختلفين وقلنا بعد رحيل بريطانيا مصلحة الوطن سوف تجمعنا وتنهي خلافاتنا وتوحد صفنا.ولكن ما كل ما يتمناه المرء يدركه تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.
قد عم البلاد الخلاف التناحر والويل والثبور وعظائم الأمور . من هنا نقول دعونا نسير خط واضح مستقيم نضع النقاط على الحروف 0
ويجب ان يعرف الجميع إذا لم يتوحد شعب الجنوب فلن يفلح في قضيته وستبقى كالناشز لا هي متزوجة ولا هي مطلقة او نقاتل بعضنا بعضا 0
من اجل وحدة الصف وصفاء القلوب والنيات يجب تحديد مفهوم القضية الجنوبية.. مفهومها العام للإنسان البسيط ولعامة الناس .إنها قضية شعب الجنوب بأسرة بكل أطيافه وكل مناطقه ـ وأي تشكيل قيادي يمثل الجنوب أو من يتكلم باسم الجنوب. يجب أن يكون من خلال هذا المفهوم العام 0 فلا أحد وصي على الجنوب .. نحن لا نطالب بحساب ولا عقاب وما قلناه ما هو إلا قطرة من بحر. وإنما نريد وحدة الصف وهدف واضح ونوايا صادقة ووحدة وطنية حقيقية يسودها الحب والاحترام وبناء وطن متحضر ونسير مع الأمم المتحضرة 0
قضيتنا أولاً مع أنفسنا لتصحيح أفكارنا ونقاء نفوسنا وتطهير قلوبنا وقبول بعضنا لبعض نقول أهم يُقال ان أهم درس في حرب 94 انه لولا الخلاف بين الجنوبيين منهم من ساند نظام صنعاء ومنهم من لم يحرك ساكنا كأن الأمر لا يعنيهم 0
وأنني اجزم يقينا لو ان شعب الجنوب على كلمة واحدة ورأي واحد وهدف واحد لخرجنا من محنتنا بشكل سريع لا أحد يتصوره أو يتوقعه 0
آخر الكلام .. من يصر على إقصاء الآخرين ومتمسك بأوهام الماضي الذي لا ولن يعود فإنما يحرث ويزرع في البحر وستبقى قضيتنا بين الشد والجذب وحالنا لا يسر عدو ولا حبيب لا يمر يوم إلا وأبنائنا يتساقطون بالجملة والمفرق أجسامهم تتمزق أشلاء..دعونا نستعمل عقولنا ونخالف هوى النفوس 0 ونجتمع على كلمة سوى0
دموع القلم
جاء في الأثر :
ان الله ركَب في الملائكة عقلا بلا شهوة، وركَب في البهائم شهوة بلا عقل، وركَب في الإنسان عقل وشهوة فمن غلب عقله شهوته فهو في خير اخذ من صفات الملائكة ومن غلبت شهوته عقله فهو في شر 0
· في عام 1994 قامت حرب في اليمن بين الشمال والجنوب ..أعلن الحزب الاشتراكي الذي كان يحكم الجنوب الانفصال من الوحدة للإخلال في الاتفاق بين الطرفين من قبل علي عبد الله صالح
00
التعليقات (0)