مواضيع اليوم

حرب داحس والغبراء... بين مصر والجزائر ...توثيق


هذه صورة مصر في عيون العرب !!وبعد كل هذا نتساءل .. لماذا يكرهوننا ؟ ..

بقلم: وفاء إسماعيل
الثلاثاء, 01 ديسمبر 2009 10:34


بحسرة ومرارة قالتها زميلتي : (إنهم يكرهوننا ) وسألتني لماذا يكرهوننا ونحن الذين قدمنا كل ما لدينا من اجل كل العرب ؟ وفكرت لأول مرة في هذا السؤال الذي لم يرد في خاطري ولو لمرة .. أحقا يكره العرب المصريين ؟ وماذا فعل المصريون ليكرههم العرب الأشقاء ؟ وهل حقا بات المصريون هم الفئة المغضوب عليها في الأرض العربية ؟ للإجابة على تلك الأسئلة نحتاج وقتا طويلا لشرح وتفصيل وتحليل واقع مصر الداخلي والخارجي الذي دفع العرب لكرهها إن كانوا حقا يكرهوننا !! ، وتوضيح صورة مصر في عيون العرب (اليوم وليس الأمس الذي يسعى البعض دوما لاجتراره واستحضاره لنعاير به الأخوة الأشقاء ونذكرهم بأفضال مصر عليهم ) مصر اليوم غير مصر الأمس ، والمصري اليوم الذي يهان وتداس كرامته ليس هو نفسه مصري الأمس الذي كان محل تقدير واحترام كل الشعوب العربية والإسلامية .. ورئيس مصر اليوم ليس هو نفسه زعيم مصر والأمة في الماضي ولا حكومته هي نفسها حكومة مصر في الماضي .. الأحداث تغيرت والواقع تغير وعلينا أن نقرأ ملامحه وألا نخلط الأوراق ، فالواقع مر ، ومرارته حنضل في حلوقنا نتجرعها مجبرين ، ونتحمل إلى أن يغير الله ما بنا وبقومنا وتتحسن صورتنا في عيون الأشقاء .

لماذا يكرهنا الأشقاء العرب ؟ ربما يتبادر إلى الذهن تاريخ مصر المشرف في الماضي نتحسر عليه بمجرد طرح هذا السؤال أمامنا لنتذكر كم كانت مصر عظيمة بدورها الفعال تجاه قضايا أمتها ، ودورها الحضاري في نشر كل معالم الحضارة في كافة المجالات ..فيتملكنا الغضب عندما يتنكر الأشقاء لذلك الدور .. وننسى نحن المصريون أن تلك الصورة المشرقة كانت في الماضي .. ماضي افتقدناه ونتمنى عودته .. كما ننسى تلك المواقف التي اتخذتها مصر اليوم ( أو بمعنى أدق المواقف التي اتخذها النظام المصري الذي يمثل مصر وأدى إلى تشويه صورة وسمعة مصر ) مواقف نخجل نحن المصريون من ذكرها لأنها باتت وصمة عار في جبين كل مصري :

في الماضي كانت القضية الفلسطينية حاضرة وبقوة في عمق الوسط المصري ومحيطه ، وكانت هي أساس العلاقات الخارجية بدول العالم ، وموقف مصر من اى دولة في العالم كان مرتبط بموقف هذه الدولة أو تلك من القضية الفلسطينية ، كانت فلسطين هي قلب مصر( نظاما وشعبا ) وعمقها وجرحها وألمها ، وكان تحرير فلسطين الهدف الاسمي الذي تسعى إليه مصر، وكان أمن الشعب الفلسطيني واستقراره جزء لا يتجزأ من امن مصر واستقرارها .. اليوم وبعد كامب دافيد تغيرت كل تلك المفاهيم وباتت مصر في نظر العالم ( وليس العرب فقط ) هي القيد الذي يكبل كل فلسطيني ويحاصره ويخنقه ، ومواقف النظام المصري من القضية الفلسطينية باتت مواقف يخجل منها كل الشرفاء والأحرار في العالم ..مواقف معادية للفلسطينيين ..ومتواطئة في معظم الأحيان مع العدو الصهيوني بدءا من عام 2000م ( زمن الانتفاضة الفلسطينية في عهد ياسر عرفات) ، مرورا بقتل عرفات وتسميمه وموقف مصر الصامت على تلك الجريمة ، وانتهاءا بعدوان هذا العدو الصهيوني على غزة في نهاية العام الماضي وبداية العام الحالي وارتكابه المجازر التي يندى لها الجبين بحق أطفال ونساء وشباب فلسطين ، و النظام المصري يتفرج ..ربما في الماضي كان يكتفي بالشجب والإدانة ولكن اليوم صمت وللأبد ، بل لا أبالغ إن قلنا أن النظام المصري أصبح موقفه مخزي تجاه مليون ونصف فلسطيني محاصرين داخل كنتون غزة تحت التجويع والترهيب والتهديد بكسر كل قدم فلسطينية تتخطى حدود معبر الذل والمهانة (رفح ) ، موقف محل تساؤل لمصلحة من يتم حصار أهل غزة ؟ في الوقت الذي تتحول مصر إلى شريان حياة يمد إسرائيل بالغاز الطبيعي بينما يحرم من هذا الغاز كل مصري وكل فلسطيني ..هذه ليست مصر التي عشقها كل فلسطيني عندما كانت له الملاذ والملجأ زمن عبد الناصر وتحولت على يد النظام المصري الحالي إلى شرطي كل همه حماية امن إسرائيل ، وتجريد كل فلسطيني من سلاحه الذي يدافع به عن نفسه ضد اى عدوان صهيوني .. وباتت الثقافة المنتشرة في عقول كثير من المصريين عبارة عن مفردات لم تكن موجودة من قبل (الأنا ) (وجيش مصر لحماية مصر ) و (مصر أولا ) و (العرب عازونا نحارب نيابة عنهم ونفقد أولادنا ) والحق يقال إن تلك المفردات زرعها النظام المصري ببراعة وكرسها في نفوس ملايين من المصريين عن طريق وسائل إعلامه المضللة والمغيبة للحقيقة ، وهلل المطبلون لتلك الأفكار التي تم ترويجها بحجة أن النظام وسياسته الحكيمة تهدف إلى حماية شعب مصر، وان الشعب المصري شبع حروبا وآن له أن يستريح وان نلتفت لإنعاش الاقتصاد في مصر وللبناء والعمران .. فهل فعلا تم حماية المصريين من الحروب وتحقيق الأمن والاستقرار له ؟ هل حقا قمنا ببناء مصر وإنعاش اقتصادها ؟ هل تحققت لمصر السيادة الوطنية ونعمنا بالسلام واقعا نعيشه ؟ إن من يرى أحوال مصر اليوم في كافة النواحي ، ويقارنها بالأمس سيدرك أن مصر من سيء إلى أسوأ ، والمصريون اليوم باتوا غرباء داخل وخارج مصر .. أحاول أن انتقى الكلمات التي تعبر عن حال الأسر المصرية حتى لا اجرح مشاعرهم ..ولكنهم ادري منى بسوء أحوالهم .. وادري منى بالظاهرات الاجتماعية الخطيرة التي انتشرت في الشارع المصري في ظل عهد مبارك وفى ظل اتفاقية السلام التي عقدتها مصر مع إسرائيل عام 1979م .. أقل تلك الظاهرات هي رواج تجارة المخدرات ، وأطفال الشوارع ، وسكان المقابر .. باتت صورة المصري الذي يداس تحت أقدام زبانية الشرطة هي الصورة العالقة في أذهان العرب ..واختفت صورة المصري المناضل البطل صاحب القيم والمبادئ والرجولة والنخوة .. فمن شوه تلك الصورة في عيون أشقائنا ؟ وبعد هذا نتساءل لماذا يكرهوننا ؟!!!

صحيح أن مصر خاضت في الماضي حروبا .. ولكن لماذا نعتبرها خاضت تلك الحروب من اجل العرب؟ هل إسرائيل كانت بعيدة عن حدودنا ؟ هل نسينا العدوان الثلاثي عام 1956م وكيف وقف العرب إلى جانب مصر ؟ وعدوان 1967م ، وحرب أكتوبر 1973 م راجعوا التاريخ وابحثوا عن موقف هوارى بومدين ، والملك فيصل والشيخ زايد رحمهما الله ، إن حروبنا التي خضناها مع إسرائيل ، والدماء التي سالت من شهدائنا لم تكن من اجل العرب بقدر ماكانت من اجل أنفسنا دفاعا عن امننا وترابنا وشرفنا وكرامتنا .. وانه من العيب كل العيب أن نمن على اى فلسطيني بما قدمناه ، وان ما قدمناه لا يبرر بأي حال من الأحوال أن نتوقف عن دعمه ومساندته ونتحول من موقف المدافع عن الحق الفلسطيني إلى موقف المتواطئ والمتأمرعلى هذا الحق .. ومع ذلك فهناك من الشرفاء المصريين الذين هم على استعداد للتضحية بكل غال ونفيس من اجل فلسطين وارض فلسطين ، وبعضهم يدفع ثمن مواقفه المعادية لموقف النظام المصري المتخاذل ويقبع في السجون المصرية مثل البطل مجدي حسين أمين عام حزب العمل الاسلامى المصري .. ولكن للأسف نرى وعلى لسان البعض الربط الخاطئ بين ما يفعله النظام المصري وزبانيته وبين مصر (أرضا وشعبا ) فيظهر التعميم بصورة لا تخطئها العين فيدفع المصري ثمن أخطاء النظام ويتحول الكره لأفعال النظام المصري إلى كره لكل ماهو مصري ، فنقول لكل فلسطيني.. اى نعم حاصركم النظام المصري أيها الفلسطينيون .. وعمل على تجويعكم ، واعتقل أبناءكم في سجونه ، واستقبل العدو على ارض مصر .. ولكن هذا النظام لا يعبر عن مشاعر كل المصريين ، وآن لنا نحن المصريون أن ندرك تلك الأخطاء التي ارتكبها النظام لنعرف لماذا يكرهنا العرب ؟

موقف النظام المصري من الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006 م ، واعتراف العدو الصهيوني نفسه أن معظم الأنظمة العربية خاصة النظام المصري شجعت إسرائيل على ضرب لبنان والتخلص من حزب الله .. ومواقف النظام المصري المعلنة والخفية وحروبه التي يشنها على هذا الحزب المعادى لإسرائيل ..كل ذلك جعل صورة مصر في عيون العرب صورة المتواطئ مع العدو الصهيوني .. الفنان المصري هشام عبد الحميد أقام المركز الثقافي المصري في باريس احتفالية لأفلامه، في الفترة من ١٦ إلى ٢٧ نوفمبر، وعقد المركز ندوات لمناقشة الأفلام حضرها سينمائيون وجمهور فرنسي والجاليات العربية في فرنسا، وانتهت الاحتفالية بتكريم هشام ومنحه درع «صالون الخريف الثقافي». وقال هشام إنه شاهد في شوارع باريس، بعد مباراة مصر والجزائر الأخيرة، لافتات عديدة يرفعها جزائريون مكتوباً عليها «المصريون عبدة إسرائيل»... بالطبع هذا العمل مدان ومقزز يتألم له كل مصري ولكن ألم نسأل أنفسنا لماذا أصبح المصريون عبدة إسرائيل في نظر العرب ؟ الإجابة ببساطة لان النظام المصري وأفعاله ومواقفه المعادية لكل ماهو عربي واسلامى وانحيازه لإسرائيل وكل من يدعم إسرائيل هو من شوه صورة المصريين ، ثم نتساءل لماذا يكرهوننا ؟

موقف النظام المصري من الغزو الامريكى للعراق .. هل نسينا ما فعله النظام المصري بالعراق وأهله ؟ وانه كان من أهم واحد الأسباب التي ساعدت أمريكا على غزو العراق وتدميره ، ودوره هذا سيظل راسخا في ذهن كل عراقي ، لن ينسى أن مبارك كان الحليف الأول لكل قوى الشر التي انهالت على العراق تمزقه وتشتت أهله ، وتشرد أبنائه ، فحال العراق اليوم هو جريمة ارتكبها كل زناة الليل سواء كانوا عربا أو غير عرب .. ولن يمحو التاريخ وصمة العار تلك عن هؤلاء المجرمون .. النظام المصري فعلها ، والمصريون دفعوا الثمن من كرامتهم وسمعتهم فماذا كان مصير الملايين من المصريين الذين كانوا يعملون بالعراق ؟ أوبعد هذا نتساءل لماذا يكرهوننا العرب ؟

الحرب الخفية بين النظام المصري وقطر بسبب قناة الجزيرة التي تسلط الضوء على مثالب النظام المصري وعيوبه ، وبسبب دور قطر المنافس لمصر في حل الأزمات العربية كما حدث في أزمة لبنان بين المعارضة والحكومة اللبنانية ، وأزمة دارفور ، والأزمة بين حماس وفتح ، هذا التحرك لم يرض النظام المصري الذي رأى في تحرك قطر انتزاعا لدور مصر الشقيقة الكبرى ، وتحديا لإرادة النظام المصري الذي كان كل همه تفاقم تلك الأزمات ، واشتعال المنطقة ارضاءا لإسرائيل وأمريكا .. فماهو مصير كل مصري يعيش على الأرض القطرية ؟ وبعد هذا نتساءل لماذا يكرهنا الأشقاء العرب ؟

الحرب الأخيرة بين مصر والجزائر والتي شنها السفهاء من كلا الطرفين والتي كان في ظاهرها ( صراع على الفوز في مباراة كرة قدم ) والحقيقة هي كانت صراع بين نظامين فاشلين ، مزورين ، وثلة من السماسرة بينهما مصانع الحداد بسبب صفقة طائرات تقدر بمليار دولار تصارع عليها كلا من علاء مبارك وسعيد بوتفليقة .. ورغم ذلك تم استغلال الشعوب وشحنها لتحويلها إلى أداة انتقام كل طرف من الآخر ، وما يضحك في الموضوع أن الشعوب انساقت كالأغنام وحملت راية الكراهية دفاعا عن هؤلاء اللصوص ، ونست أو تناست رابطة العروبة والدم ورفعت السكاكين كلا في وجه الأخر دون تفكير مما دفع بأحد الكتاب لكتابة مقاله الساخر من موقف تلك الشعوب والمعنون ب (شعوب لا تستحق الاحترام ) وله العذر في ما كتب ، فقد وصلت حالة الشعوب العربية إلى أدنى درجة من الانحطاط الاخلاقى ، ولكن هذا الانحطاط وهذا التعصب هو إفراز طبيعي لوجود أنظمة حاكمة لم تعرف يوما إلا الفساد غرقت في أوحاله وأغرقت معها شعوبها .. وباتت الفوضى سمة الشارع سواء في مصر أو في الجزائر.. ناهيك عن الألفاظ البذيئة التي خرجت من أفواه من اسموا أنفسهم بنجوم الفن والصحافة والسياسة والتهديد السافر الذي أطلقه جمال مبارك من أن (ما حدث للمصريين في السودان لن يمر مرور الكرام ) يدل على أن السيد جمال لا يتصف لا بالعقلانية ولا الحكمة في معالجة الأمور .. و يفضح مدى النفوذ الذي وصل إليه السيد جمال ، لأنه تعامل مع الموقف كما لو كان رئيس دولة ومالك زمام الأمور في البلد ، والثمن يدفعه كل مصري يقيم في الجزائر ، وكل جزائري يقيم في مصر ففر كلا منهما إلى بلده هربا من نيران الكراهية المستعرة بين البلدين ، تلك النار التي أثلجت قلوب الفسدة من الجانبين وطمأنتهم إلى تبعية الشعوب لتلك الأنظمة ، والى سهولة تسييرها !! الهلع أصاب الجميع أمام تلك الحرب المستعرة والكل تذكر مقولة ( أسود على وأمام العدو نعامة )... ثم بعد ذلك نتساءل لماذا يكرهوننا ؟

 

إذا كنا نحن المصريون ننقاد بسهولة لإعلام مضلل ، يجرنا لكراهية أشقاء لنا في العروبة والدين فلماذا نغضب من كراهيتهم لنا ؟ هل جربنا التوقف عن معايرة العرب بأفضال مصر عليهم متناسيين أنهم أيضا ردوا الجميل بأحسن منه ؟ هل نسينا أن ملايين المصريين منتشرين في كل بقعة عربية من الخليج إلى المحيط احتوت أمالهم وأحلامهم وربما لم يشعروا بالأمن والاستقرار في مصر كما شعروا به في تلك الأرض العربية ؟ كل مصري من المفترض أن يكون سفير بلاده في اى مكان يتواجد فيه .. يكون صورة مشرفة لبلده ، يرفض أن يكون أداة بيد النظام المصري الذي خرج عن كل الأعراف والتقاليد وأراد تحطيم العروبة وعزل مصر عن محيطها العربي والاسلامى .. نرفض أن نكون مجرد قطيع من الأغنام لتعود إلى المصري صورته المشرقة ، ولتعود إلى مصر صورتها الناصعة .. فأنظمة الحكم مصيرها إلى زوال ولكن الشعوب باقية .

-----------------------------------------------

بعد صدمة الخرطوم: الخطايا العشر ..
بقلم: فهمي هويدي
الثلاثاء, 01 ديسمبر 2009 10:37


لا أدري ما إذا كان قد بذل أي جهد في مصر لمراجعة ما جرى بين مصر والجزائر بسبب ما أفضت إليه مباريات كرة القدم بين البلدين، لكنني أزعم أننا ارتكبنا عشر خطايا على الأقل، ينبغي أن نعترف بها عسانا أن نتعلم منها، مدركا أن ثمة خطايا جزائرية أيضا أترك أمرها لذوي الشأن هناك، الذين هم أدرى بشعاب تجربتهم.

- 1 -

> الخطيئة الأولى أننا حولنا الحدث الرياضي إلى قضية وطنية وسياسية، لذلك أسرفنا على أنفسنا كثيرا في تعبئة الناس لصالح الفوز في الخرطوم، صحيح أن التعبئة واسعة النطاق كانت حاصلة أثناء المباراة الأولى في القاهرة، إلا أن فوز المنتخب المصري فيها ضاعف كثيرا منها، الأمر الذي ألهب مشاعر الجماهير ورفع من سقف توقع وصول مصر إلى التصفيات النهائية لكأس العالم، من ثم أصبح كسب مباراة الخرطوم بمثابة الشاغل الأول للإعلام والمجتمع في مصر.

الذي لا يقل أهمية عما سبق أن ذلك لم يكن موقف الصحافة الرياضية أو القنوات الخاصة، وإنما كان واضحا أنه موقف الدولة المصرية، الذي عبر عنه التلفزيون الرسمي والصحف القومية حتى أصبح التنافس على الاستنفار وتأجيج المشاعر مهيمنا على ساحة الإعلام المصري ورغم أن مشاكل سياسية وحياتية ملحة كانت مدرجة على قائمة اهتمامات الناس الداخلية في تلك الفترة، مثل مستقبل الحكم في مصر وتلال القمامة في القاهرة والجيزة واختلاط مياه الشرب بالمجاري، فإن مثل هذه الأمور تراجعت أولويتها وانصرف الرأي العام عنها، وأصبح الفوز في موقعة الخرطوم هو الشاغل الوحيد للجميع وهو ما نجحت في تحقيقه قنوات التلفزيون العشر في مصر، وكان ملاحظا أن بعضها لجأ في سياق سعيه لإثارة المشاعر الوطنية لدى الناس إلى بث الأغاني الحماسية التي صدرت في الستينيات إبان مواجهة الهيمنة الأمريكية والعجرفة الإسرائيلية،

النتيجة أنه كما أن بعض الغلاة في الجزائر اعتبروا أن الفوز على المنتخب المصري حدث تاريخي يأتي بعد تحرير الجزائر من الاحتلال الفرنسي، فإن نظراءهم في بلادنا اعتبروا الهزيمة في الخرطوم من جنس الهزيمة التي لحقت بمصر وأدت إلى احتلال سيناء في عام 1967.

- 2 -

> الخطيئة الثانية أن التنافس في ظل هذه المبالغة ألغى الذاكرة المتبادلة واختزل مصر في منتخب كرة القدم واللون الأحمر، كما اختزل الجزائر في فريقها الكروي واللون الأخضر، وهذا الاختزال المخل هبط بمستوى الإدراك، كما أنه صغّر كثيرا من البلدين وهوّن من شأنهما، مما أوقعنا في «مصيدة التفاهة».

وهذا المصطلح الأخير اقتبسته من عنوان مقالة في الموضوع كتبها الدكتور غازي صلاح الدين، المفكر السوداني ومستشار الرئيس البشير نشرته صحيفة الشرق الأوسط في 11/23، في مقالته تلك قال الدكتور غازي إن الأزمة كشفت عن مظاهر بعض الأمراض النفسية لدى الشعوب إذ عمدت عمليات التعبئة التي صاحبت المباراة إلى مسخ الذاكرة وإلغائها، فمسحت تاريخ أمة عظيمة كمصر من ذاكرة المتحمسين والمتلقين

وفي لحظة لا وعي غاب عن عقول المتحمسين لنصرة فريقهم بأي ثمن المصلحون والساسة من الإمام محمد عبده على سبيل المثال لا الحصر إلى سعد زغلول ومن حسن البنا إلى عبدالناصر، أما علماء مصر الذين زحموا التاريخ بمناكبهم أمثال الليث بن سعد وابن منظور وجلال الدين السيوطي وطه حسين ومن في حكمهم من الأفذاذ فقد انزووا في أجواء المباراة إلى ركن قصي،

وبالمقابل غابت عن نواظر المتحمسين من الطرف الآخر إسهامات الجزائريين في التاريخ وشدة بأسهم في مجالدة المستعمرين التي ألهمت الشعوب المستضعفة وقدمت لها ملحمة عظيمة من ملاحم الجهاد ضد المستعمر، هكذا غاب أو غيب الأمير عبدالقادر الجزائري وابن باديس والمجاهدة فاطمة نسومر والمجاهدة جميلة بوحريد وبالطبع اختفى عن ناظرينا تماما علماء ومفكرون كالبشير الإبراهيمي ومالك بن نبي أما المليون شهيد فلم يعودوا أكثر من إحصائية في مكتب سجلات الوفاة.

هكذا من خلال عملية الإلغاء، تم الاختزال وهو في رواية جورج أورويل (1984) حيلة يلجأ اليها (الأخ الأكبر) من أجل برمجة أعضاء المجتمع ومغنطتهم حتى يفقدوا الإرادة والقدرة على التفكير والاختيار الحر وهذه البرمجة التي تقوم بها «وزارة الحقيقة» في دولة أوشينيا تعتمد في جانب منها على إلغاء المفردات اللغوية والاكتفاء بمفردة واحدة ما أمكن حتى تختفي الظلال الدقيقة للمعاني وتتبسط المضامين إلى درجة الابتذال

وفي مباراة مصر والجزائر جرت عملية برمجة اختزلت الدولتين إلى لونين أحدهما أحمر والآخر أخضر فمصر بغض النظر عن رمزيتها وإسهامها هي محض لون أحمر والجزائر ،لا يهم تفردها التاريخي وامتيازها، هي فقط لون أخضر

والأمر باختصار أمر حرب والحرب في صميمها بين طائفتين مختزلتين في لونين وأنت بالخيار ويالضخامة الخيار بين أن تؤيد الأخضر أو الأحمر، أما وقد اخترت فالمعركة كما في ألعاب الحاسوب صارت معركة كسر عظم.

- 3 -

> الخطيئة الثالثة أن الأحداث التي أعقبت مباراة الخرطوم بوجه أخص جرى تصعيدها في الإعلام المصري، فتحولت من اشتباك مع المشجعين إلى اشتباك مع الدولة والشعب الجزائري في تعميم مخل وخطير. إذ في ظل الانفعال والتجاوز الذي شهدناه أهين الشعب الجزائري وجرحت رموزه في وسائل الإعلام المصرية، على نحو لا يليق بإعلام محترم ولا ببلد متحضر.

 

ولا أريد أن أستعيد الأوصاف التي أطلقتها أغلب وسائل الإعلام المصرية في هذا الصدد لشدة الإسفاف فيها وبذاءتها، لكني فقط أنبه إلى أمرين،

أولهما أن هذه اللغة التي استخدمت من شأنها أن تحدث شرخا عميقا في علاقات البلدين لن يكون علاجه والبراء منه سهلا في الأجل المنظور،

الأمر الثاني أن القطيعة التي أفضى إليها هذا الأسلوب هي أثمن هدية قدمناها إلى دعاة الفرانكوفونية المعادين للعروبة والإسلام في الجزائر، ذلك أننا أبدينا استعدادا مذهلا لأن نخسر شعبا بأكمله لأننا لم نفز في مباراة لكرة القدم وتعرضت بعض حافلات المشجعين المصريين لاعتداءات من جانب نظرائهم المصريين،

وإذا قال قائل إن الإسفاف الذي صدر عن الإعلام المصري كان له نظيره في الإعلام الجزائري، فردي على ذلك أن ما صدر عن الإعلام الجزائري كان محصورا في صحيفة خاصة أو اثنتين في حين أن الإعلام الرسمي التزم الصمت طول الوقت، بعكس ما جرى عندنا حين شارك الإعلام الرسمي أيضا في حملة الإسفاف.

> الخطيئة الرابعة أننا لم نعلن حقيقة ما جرى أثناء مباراة القاهرة الأولى، وأخفينا أن الحافلة التي استقلها المنتخب الجزائري تعرضت للرشق بالطوب، الذي أصاب بعض اللاعبين بالجراح (أحدهم أصيب في رأسه وعولج بأربع غرز).

في الوقت ذاته فإننا روجنا لرواية غير صحيحة اتهمت اللاعبين الجزائريين بافتعال الحدث، في حين أن ثلاثة من أعضاء الاتحاد الدولي (الفيفا) كانوا يستقلون سيارة خلف الحافلة، ومعهم ممثلون عن التلفزيون الفرنسي، وهؤلاء سجلوا ما حدث وصوروه، وكانت النتيجة أن الفيفا أداننا، وظننا نحن أننا نجحنا في طمس الموضوع بواسطة الإعلام المحلي، الذي لم يسكت فقط عما جرى للحافلة، لكنه تجاهل أيضا ما جرى للمشجعين الجزائريين في مصر، الذين تقول وزارة الصحة المصرية إن 31 منهم أصيبوا، في حين سجلت السفارة الجزائرية أن عدد المصابين 51 وليسوا 31 وأحد المصابين الجزائريين طعن بمطواة في بطنه!

> الخطيئة الخامسة أننا تركنا الأمر للإعلام الذي تولى قيادة الرأي العام في مصر، ولأن بعض هؤلاء ليسوا مؤهلين فكريا أو أخلاقيا، كما ذكر بحث الدكتور معتز عبدالفتاح في مقاله بجريدة «الشروق» نشر في 11/21. فقد عمدوا إلى التهييج والإثارة والتحريض، وتجاوزوا في ذلك الحدود المهنية والأخلاقية، وكانت النتيجة أن المناخ الإعلامي عبأ الناس بمشاعر مريضة وغير صحية، استخرجت منهم أسوأ ما فيهم من مشاعر وتعبيرات ومواقف، دعت بعض حمقى المدونين إلى اعتبار إسرائيل أقرب إلى مصر من الجزائر (!).

< الخطيئة السادسة أن بعض وسائل الإعلام وبعض الشخصيات المعتبرة - علاء مبارك مثلا - أرجعت ما جرى إلى «حقد» يكنه الجزائريون لمصر، في تسطيح وتبسيط مدهشين. وهو كلام لا يليق ولا دليل عليه، لأن العكس هو الصحيح تماما.

ذلك أن الموقف الرسمي للجزائر تعامل دائما مع مصر بمودة واحترام كبيرين. منذ أيام الرئيس بومدين، الذي دفع للسوفييت قيمة السلاح الذي احتاجته بعد هزيمة 67، وإلى عهد الرئيس بوتفليقة الذي انحازت حكومته للمستثمرين المصريين ومكنتهم من أن يتخطوا فرنسا ليصبحوا المستثمر الأول في الجزائر. والتي تنازل وزير خارجيتها الأسبق وقاضي محكمة العدل الدولية المتميز محمد بدجاوي لصالح وزير الثقافة المصري فاروق حسني في انتخابات اليونسكو.

الخطيئة السابعة أننا وسعنا من دائرة الاشتباك دون أي مبرر، حين روج بعضنا للسؤال:

لماذا يكرهنا العرب؟..

وهو بدوره سؤال مستغرب ينطلق من فرضية مفتعلة وخبيثة. وهو ذاته السؤال الأبله الذي طرحه الأمريكيون في أعقاب أحداث 11 سبتمبر، حين عمموا الاتهامات على كل المسلمين، وراحوا يسألون لماذا يكرهوننا؟..

وإذا كان الأمريكيون يطرحون السؤال على أنفسهم وهم يعلمون أنهم محتلون ومهيمنون على العالم الإسلامي، فالكل يعلم أن مصر لم تعد تنافس أحدا وليس لها نفوذ يذكر في العالم العربي والإسلامي، وخطورة السؤال لماذا يكرهوننا، تكمن في أنه يعزز جدران العزلة بين مصر والعالم العربي، بقدر ما يمهد الطريق عبر الجسور - البعض يتمناها تحالفا - بين مصر وإسرائيل.

- 4-

الخطيئة الثامنة أن الانتماء العربي طاله نقد وتجريح قاسيان من قبل أطراف عدة، إذ ببساطة مدهشة أبدى البعض استخفافا بذلك الانتماء ونفورا منه. وأبدوا استعدادا للاستقالة منه، وقد استهجنه واستنكره علاء مبارك، حين قال في تعليقه الذي أعيد بثه أكثر من مرة:

إن العروبة لم يعد لها معنى،

كما نشر على لسان وزير التنمية الاقتصادية محمد عثمان قوله أمام مؤتمر التنمية في (11/24) إن مصر قوية بعروبتها أو بغيرها. وهي لا تقبل أن يكون الانتماء العربي عبئا عليها.

وسمعنا فنانة محترمة مثل إسعاد يونس تصف نفسها في أحد البرامج التلفزيونية بأنها «فرعونية» مستنكفة أن تشير إلى هويتها العربية.

وحين يصدر هذا الكلام على ألسنة رموز في المجتمع، فلك أن تتصور صداه في أوساط الشباب، الذين ذهب بعضهم إلى أبعد، حتى نعت العروبة بأحط الأوصاف.

< الخطيئة التاسعة أن نفرا من المعلقين في وسائل الإعلام المصرية وبعض الشخصيات العامة خاطبوا الجزائر وغيرها من الدول العربية بلغة المن المسكونة بالاستعلاء والفوقية، ذلك أن تعليقات عدة انطلقت من معايرة الجزائريين وغيرهم بما سبق أن قدمته مصر لهم في مرحلة الستينينات، حتى قال مثقف محترم مثل الدكتور يوسف زيدان في مقال منشور:

إن مصر أنفقت من أموالها لكي تجعل الجزائر عربية.

وردد آخر في أكثر من تعليق العبارة المأثورة: اتق شر من أحسنت إليه،

وهذا منطلق لا يليق بأهل الشهامة والمروءة، من حيث إنه يعمق الشرخ ولا يداويه. فضلاً عن أن ما قدمته مصر للجزائر وبعض الدول العربية بحكم دورها القيادي الذي مارسته في مرحلة، تلقت مقابلا له، وربما عائدا أكبر منه في وقت لاحق، حين تأزمت مصر وأصبحت بحاجة إلى مساندة «الأشقاء».

الخطيئة العاشرة والأخيرة أن مصر في الأزمة التي مرت صغرت وفقدت الكثير من حجمها كأكبر دولة عربية. صغرها الخطاب الإعلامي الذي قدمها إلى العالم الخارجي في صورة غير مشرفة، حتى قال لي بعض المصريين المقيمين بالخارج إنهم كانوا يتوارون خجلا مما كانوا يسمعونه في البرامج التلفزيونية المصرية.

وصغرها أنها حين هزمت في الخرطوم بعد الأداء المشرف لفريقها فإنها تمسكنت ولعبت دور الضحية التي تستحق الرثاء والعطف،

وصغرها أن ملأت الفضاء ضجيجا وصخبا، وعجزت عن أن تقدم دليلا مقنعا يؤكد ما تدعيه.

--------------------------------------------------

 

هل تهدف مصر لاسترداد كرامتها على حساب السودان؟ ..

بقلم محمد علي طه الملك
الأربعاء, 25 نوفمبر 2009 23:23


لعل الجميع تابع من خلال المشاهدة والقراءة ، الحملة الإعلامية التي قادها المصريون ، قبل وبعد اللقاء الكروي الحاسم ، بين منتخبهم ومنتخب الجزائر باستاد المريخ بمدينة أمدرمان.

ودون استعراض لتفاصيل ما بثته القنوات المصرية والجزائرية ، بجوانبها الثالبة والإيجابية، قبل وبعد ذلك اللقاء الفاصل ، يبدو البحث عن الهدف الذي رمت إلية مصر ووسيلتها لبلوغة ، شأن لم توفه الكتابات حقها، إذ إنصرف العديدون الى الوسيلة التي إنتهجها الإعلام المصري، بجرعاتها العالية الكثافة ، الى الحد الذي يصعب بلعها ناهيك عن هضمها.

وحيث تأكد الآن سفر ممثلهم الى سويسرا ، بغية إيداع ملف شكواهم مدعومة بالمستندات اللازمة ، لإثبات ماتعرضت له الجماهير المصرية والاعبين من ترويع وإرهاب وأذى جسيم ( severe injury) (على حد تعبير مقدم برنامج البيت بيتك يوم أمس باللغة )ومع التسليم المطلق بحق مصر في البحث عن حقها ، واتخاذ ما تراه من خطوات قانونية ، ولكن بأي حال لا يكون ذلك على حساب الآخري.

فالمباراة التي سجلت وقائعها الكمرات الإعلامية ، الرسمية والخاصة ، وشهدها جمهور الحاضرين داخل الإستاد وخارجه ، مضت بين الفريقين المتنافسين وجمهور الحاضرين سلسة وسلميّة ، قياسا بأحداث أكثر سوء، تتضمنها أحيانا مباريات عادية بين فريقين متنافسين.

ولإن تجاوزت تأريخ المنافسات الكروية بين البلدين الشقيقين ، وماكان يصحبها من تحرشات وتراشق.

وتغافلت عن الأحداث التي صحبت مباراة الفريقين باستاد القاهرة .

وتسامحت عن الشحن الإعلامي ، المتجاوز للحدود المقبولة بين جماهير البلدين الشقيقين، أستطيع القول بروح مطمئنة، أن الأحداث التي سبقت و تلت المبارة بامدرمان ،لا تخرخ عن كونها أكثر من عادية ، ومتوقعة في مثل هذه المنافسات ذات الحساسية العالية.

فالثابت من مجمل الأحداث وقوع أعمال تلف ، وسرقات، وإصابات لأفراد ، كان نصيب الجمهور المصري الذي حضر المباراة - وقدر عددهم بالآلاف - عشرون إصابة، قدرها الإختصاصيون كإصابات بسيطة.

والحال كذلك - يصبح السؤال منطقيا عما هدفت إليه مصر من وراء هذه الخطوة القانونية، التي مهدت لها بخبرتها الإعلامية الكاسحة ، وهي تعلم قبل غيرها - أن نتائجها في أفضل الأحوال لن تعيد تكرار المنافسة، او تبطل ماحققه المنافس من كسب.

ولعل المتابع لنشاط الفضائيات المصرية قبل المبارة، ،يستشعر ذلك الشحن الهائل للجماهير، ومحاولة تصوير نتيجة اللقاء المرتقب وكأن كسبهم له أمر مفروغ منه فجاءت النتيجة صادمة، عندما حسمها الفريق الجزائري لصالحه من الشوط الأول.

وظهر جليا خيبة أمل الجماهير المصرية ، واستيائها من أداء فريقهم داخل الإستاد ، حيث لجمت أفواههم الدهشة، فسكنوا وصمتوا صمت القبور ، دون أن يرغب أي فرد منهم مجاملة لاعبيهم ولو بمجرد التلويح بيده ، ناهيك عن التصفيق والهتاف.

كان طبيعيا أن يستشعر اللاعبون ذلك الوجوم الذي أصاب جماهيرهم ، فبذلوا كل ما في جعبتهم من جهدولكن تكسرت كل الجهود ،على صخرة التكتيك والدفاع المستميت واللياقة العالية للفريف الخصم..

لقد إستقدم المصريون لحضور هذه المباراة ثلة من ألمع نجوم الغناء والتمثيل، وأعدوا سلفا الأناشيد واللزمات الموسقية ، إستعدادا للإحتفاء بفوزهم إنطلاقا من إستاد المريخ ، وعندما فاجأتهم خسارة لم يتوقعوها، كان لا بد من البحث عن مخرج آخر، يمتص إحتقان جماهيرهم من ناحية ، ويرد الإعتبار لجهد فريقهم من ناحية أخرى ، فكانت الأحداث التي أعقبت المباراة ، القشة التي تعلقوا بها ، حيث بدى واضحاً أن إضرامها بالكيفية التي صيغت وسوقت بها، كافية لتضميد الجراحات.

وفي المقابل كان الفقر والتكاسل المعيب مصاحبا لأداء الإعلام الرسمي والفضائيات السودانية، فكان قصورها بينا في العمل على إبراز الصور الإيجابية المشرقة لهذا الحدث الرياضي الهام بإسهاب مهني متقن ، الأمر الذي زاد من شرّه الشقيقة الكبرى، في ترسيخ يقينها فيما بثته فضائياتها على لسان العائدين.

ولإن تجاوزت على مضض، تفاصيل تلك الإفتراءات ، وما صحبها من مذق إعلامي ، وتهويل وازدراء بقدراتنا ، بلغ حد المساس بالسيادة الوطنية، فإن الوقائع التي يسعون لإثباتها أمام الفعاليات الرياضية العالمية ، تقدح بلا أنى شك ، في حرص السودان وهمته في تأمين سلامة ضيوفه، لا بل قدرته على تنظيم مثل هذه الإحتفالات الرياضية ، وضعف بنيته الأمنية.

وإزاء هذا التصعيد لاستقصاء الحقوق استناداً على نصوص قانون الفيفا، يبدو العبء ثقيلاً على عاتق الجهة المخوّلةُ في السودان ، إذ أن توثيق الأحداث بشفافية وحيادية بين الشقيقين ، مع ماتقتضية الموازنة بين حقوقهما وحقوقنا الوطنية ، ربما توجب على الجهة المخوّلةُ في السودان إعداد نفسها جيدا ، ولو اقتضى الأمر الإستعانة بلجنة من خبراء التحقيق ، لتقصي الحقائق مع كافة الجهات ذات الصلة ، بدءا بالمنظمين داخل الإستاد وخارجه وفي الشوارع ، وإنتهاء بالمسئولين في المطار ومراكز الشرطة ، وذلك بهدف تقديمه للجهة الدولية المخوّلة إذا ما طلبت ذلك ، ولا يفوتني التذكير بحق الجهة السودانية المخوّلة ، في الاطلاع على كافة مستندات الطرفين المتنازعين ، بغية الوثوق من وقوعها مصاحبة الحدث الرياضي في السودان ، وذلك حفاظا على الحقوق السودانية.

ولعل الأشقاء - في غمرة ولههم في البحث عن مبرر قانوني - يعيد لجماهيرهم كرامتها كما يدعون، نسوا او تناسوا تبعات تصرفاتهم الثالبة ومردودها ،على الجهد الخارق ، والتنظيم الدقيق ، الذي بذّل من قبل أشقائهم في السودان ، حتى خرجت المباراة بصورة طيبة .

وبدلاً من أن يكافؤا - ولو بإعتراف على قدرتهم في استقبال وتنظيم مثل هذه اللقاءات ، قوبلوا بما يتعدّ اللوم الى التجريح والإهانة!!

فهل ترى الشقيقة الكبري أن الأنسب لرتق ما تهتّك من علّم كرامتها ، هو علّم كرامة السودان?.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !