مواضيع اليوم

حرب السفارات

حسين جلبي

2011-11-18 08:40:20

0

 رغم أن الزلازل هي من العوامل الطبيعية التي لا يمكن التكهن بوقوعها، لكن ها هو زلزال التشبيح الصناعي الذي هدد به بشار الأسد دول العالم قد حدث أخيراً، هجمات متتالية من الشبيحة على سفارات و قنصليات و مكاتب تمثيل عدة دول لا تتفق سياساتها مع المزاج الممانع المقاوم.

أشرع النظام السوري أذنيه لرياح الأثير، بحيث إنهما ما تكادان تلتقطان موجةً معادية، إلا و يبدأ الرد السريع بالضرب تحت الحزام، على البعثات الدبلوماسية للدول، التي يظنها النظام الحلقة الأضعف، و ذلك بإستعمال الألفاظ النابية التي يتميز بها النظام و يحتل بها المرتبة الأولى عالمياً، إضافة إلى أستعمال أسلحته الثقيلة كالبيض (الذي أصبح عملة نادرة في أسواق النظام) و الحجارة، وصولاً إلى إقتحام السفارات و تحريرها و إنزال أعلام العدو و رفع راية حزب البعث الواحدة ذات الرسالة الخالدة.

و كان النظام السوري الذي أصابه الصداع بسبب إقتحام بعض الشباب الغاضب للعديد من سفاراته كرد فعل و تعبير رمزي إعتراضي على أنهار الدماء التي يسيلها في شوارع سوريا، كان قد ذرف الدموع المدرارة على إتفاقيتي فيينا و جنيف للعلاقات الدولية اللتان توجبان على الدول تأمين الحماية للبعثات الدبلوماسية و لأعضائها المتواجدين على أراضيها، و صدَّع أبواقه رؤوسنا بإحترام نظامهم لهاتين الإتفاقيتين، و ما تتمتع به سفارات الدول في سوريا من حماية. لكنه ما لبث أن استخدم أسلوب تشبيح الدولة الذي هو الوجه الآخر لإرهاب الدولة ضارباً عرض الحائط بهذه الإتفاقيات، فبدأ بالتعرض لسفراء دول كفرنسا و أمريكا و هجم على سفارات دولتيهما في عدة مناسبات، ثم أضاف إلى سجله المخزي صفحات سوداء جديدة بالهجوم على سفارات قطر و السعودية و الإمارات و المغرب و تركيا، و قنصليات هذه الدول المنتشرة في أكثر من مدينة سورية، لمجرد إعتراض هذه الدول على سياسة القتل الممنهج التي يمارسها.

 و للتذكير فقط فإنه و عبر التاريخ لم تسجل حوادث تعرضت فيها الدول لرسل و مبعوثي الدول الأخرى إليها حتى عندما كانت حالة حرب قائمة بين الدولتين، و ما زالت الحوادث القليلة بهذا الخصوص تثير الإدانة و الإشمئزاز حتى اليوم، و من القصص القريبة في هذا الخصوص هي عندما عرض التلفزيون السوري للسفير السوري و أعضاء سفارته في بغداد و وجوههم متورمة و مليئة بالكدمات، حيث كان من الصعب التعرف على بعضهم، بعد هجوم مخابرات النظام العراقي على السفارة السورية و إتهامهم للبعثة السورية بالتجسس على النظام الذي كان حينها حارس البوابة الشرقية للأمة العربية، لكن كان من الصعب حينها إلتقاط موجات التلفزيون العراقي لمعرفة ما إذا كان نظام البعث السوري قد أكرم بدوره وفادة شقيقه العراقي و رد تحيته بأحسن منها، إلا أن ما يحدث اليوم لا يستبعد أن يكون هناك حينها على الأقل معاملة بالمثل.

لكن السفارة السورية تلعب دوراً آخر غير الذي من المفترض أن تلعبه، فهي وكر متقدم للتجسس على الدول التي تستضيفها و على مواطنيها المتواجدين على أراضي تلك الدول، و بذلك تتحول إلى أداة لإرهاب و إبتزاز، و هي مصدر للإرتزاق لأعضاء السفارة عن طريق الرشى و الأعمال غير القانونية التي يقومون بها، و هي أداة لخطف المعارضين و سجنهم و تصفيتهم، كالتي تقوم بها السفارة السورية في لبنان.  

النظام السوري الذي لم يغادر خط سير الأعاصير منذ أن دخل خريفه الأخير، وجد نفسه مرةً أخرى  بسبب من حربه الفوضوية على السفارات وسط إعصارٍ جديد، و ها هو يصدر بياناً مضحكاً مهلهلاً كالغربال يظن أنه يوقف به هذا الإعصار الأخير، من خلال القول بأنه سيتخذ الإجراءات المناسبة ضد من يتعرض لحرمة المباني الدبلوماسية، و كأن من قام بالتعرض لتلك البعثات بعيدٌ عنه، أو أن تلك البعثات لا تقع في منطقته الأمنية الخضراء التي لا يستطيع أحد الوصول إليها، إلا إذا شاء هو ذلك، و خطط  له طويلا.

 قد يعتبر النظام السوري البعثات الدبلوماسية مجرد أرض رخوة يستطيع أن يسير عليها، و يعيد تشكيلها بحذائه، و يسبب بذلك هزات إرتدادية تصل إلى دولها، و تسبب الخوف لها، لكنه لا يعلم أن هذه الأرض الرخوة ستساهم في إغراقه و إبتلاعه، فهاهو يغوص في حفرة جديدة، و جهها الآخر جمعة طرد السفراء.

تحية للثورة السورية  في جمعة طرد السفراء.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !