مواضيع اليوم

حرب "نجاد وخامنئي" حمي الوطيس أم وضعت أوزارها ؟

سليمان شعيب

2011-05-21 05:53:43

0

 محمد حسن فلاحية: موقع الحوار المتمدن : 
نشرت صحيفة "كيهان" الناطقة باسم مرشد الثورة الإيرانية "علي خامنئي" بتاريخ 20أيار2011 في صفحتها الأولى وبالخط العريض خبراً يؤكد أنّ " السلطات القضائية تنظر في ملفات الفساد التابعة للتيار المنحرف " فهل هذا الخبر يشر بحد ذاته الى تدشين مرحلة جديدة من الصراع والبدء في عملية الصدام بين تياري نجاد برئاسة "اسفنديار رحيم مشائي " مديرمكتب رئيس الجمهورية والمنظر الستراتيجي للحكومة التي يترأسها "أحمدي نجاد"وقسم كبير من أتباعه ومواليه في الحرس الثوري وقوات التعبئة و مؤسسات تابعة والذي يوصفه أتباع المرشد على أنه "التيار المنحرف" من جهة والتيارالمحافظ المتشدد في البرلمان والحرس الثوري وزعامات دينية موالية للمرشد ونهجه أم أنها مجرد ذر للرماد في العيون وليست سوى مجرد تكتيكات يتبعها النظام لتجميل صورته في الخارج وللإستهلاك المحلي تصب في منحى إطالة عمر النظام الإيراني ؟ كل هذه التساؤولات لا يمكن الإجابة عليها سوى بانعكاس ما يصدر من مسؤولين إيرانيين كبار والخوض في تفاصيل هذه الردود.
ففي سياق متصل صرح المدعي العام للمحكمة الثورية في إيران "عباس جعفري دولت أبادي " أن الإدعاء العام ينظر في قضايا فساد مالية شائكة تعود "للتيار المنحرف"وأكد أنّ التحري في هذا الخصوص بدأ بالفعل وسيستمر حتى التوصل الى نتيجة حاسمة وملموسة.
هنالك بالفعل تقاطع مصالح بين قادة النظام في إيران كما أنّ هناك تلاقي مصالح حيث أنّ تيار "مشائي " الذي يقود عملية الإنقلاب على المرشد عقد العزم لمواصلة تحدي المرشد بناءاً على هذه النقطة من تلاقي المصالح مع رموز من النظام الإيراني وعلى رأسهم تيارات دينية وزعامات روحية في المذهب الشيعي رغم ما يتكرر من حديث متناقض بين هؤلاء فعلى سبيل المثال هنالك نقاط مشتركة عدة بين تيار مشائي والتيار الذي يقوده مصباح يزدي الزعيم الروحي للفكر الراديكالي الشيعي في الحوزة العلمية بقم وساعد على ذلك أنانية ولي الفقيه وإصراره على أن تكون له كلمة الفصل بجميع ما يجري في إيران . فرغم أنّ التيارين يتشدقان بالوقت الراهن بالدفاع عن ولي الفقيه كتطبيق لسياسة التقية إلا أنهما يسعيان من وراء ذلك النيل من خصومهما حتى الوصول للأهداف المرجوه ليتمكنا بعد ذلك الإنقضاض على ولي الفقيه نفسه فقد تحول اليوم المرشد الى ألة تديرها مصالح التيارات التابعة للنظام فبمجرد أن يتحول الى ورقة محروقة يتم تصفيته من قبل هذه التيارات التي ستعقد جلسة حفلها على مأتمه عاجلاً أم أجلاً والذي يبقى على حاله هو هموم الشعوب المكدسة ولصوص قوتهم من قبل عصابات إجرامية موالية للنظام .
كان ينمو داخل النظام الإيراني منذ تسعينات القرن الماضي وحتى مطلع الألفية الثالثة خطابان وقراءتان مختلفتان من الدين وكان لكل منهما أتباع وأنصار فعلى الرغم من أقلية أتباعهما بالنسبة لبقية أنصار النظام وخصومه في نفس الوقت إلا أنهما كانا يسيران بنهج في غاية التخطيط والذكاء من حيث السيطرة على مراكز السلطة وتمهيد الأرضية اللازمة للإستيلاء على مراكز صنع القرار في المستقبل المنظور فالتيار الأول كان يقوم على أساس محوري لشخيصة دينية متمثلة بـ "أية الله مصباح يزدي" فينادي هذا التيار بعدم شرعية الشعب بالمقارنة مع شرعية ولي الفقيه في عدة مجالات فقهية وكذلك في قضية عزل واختيار المرشد وإن المهدي المنتظر هو الحاكم الحقيقي في البلاد ويعتبر لحد هذه اللحظة أنصار مصباح يزدي على أنهم خلايا نائمة في بطن النظام لم تظهر بالشكل الذي يخطط له هؤلاء أما التيار الثاني يتجسد في شخصية "علي يعقوبي" الذي يدعو لخطاب الفكر المهدوي وعدم جدوى "مجلس خبراء القيادة "وضرورة حله ونظرية "الدين المرضي" و"عصر الظهور" واختيار ولي الفقيه من قبل المهدي بشكل مباشر ممهدين لفكرة "المهدوية" التي يؤمن بها نجاد ويروج لها طيلة السنوات الستة الماضية من حكمه .
انتشرت إشاعات كثيرة في إيران على أن "علي يعقوبي" هو الذي يمد "نجاد ومشائي" بالفكر المزعوم فانتشرت أخبار في وسائل الإعلام الإيرانية أن السلطات القضائية قامت بالقاء القبض مؤخراً على عدة أشخاص يعملون على أعمال "الدجل والشعوذة " مثل "إحضار الجن " وغيرها في الحكومة وقيل أن من بين المعتقلين "علي يعقوبي وعباس غفاري " لكن سرعان ما نفت وسائل إعلام مقربة من المرشد وعلى رأسها صحيفة كيهان الخبر فيما يرى البعض قوة التيار الذي يخشى النظام مواجته وأتباعه في "الباسيج " .
زعيما الشعوذة حسبما ذكرمن أخبار عن إعتقالهما وهما الملهمان الروحيان لنجاد ومشائي لهما سيطرة واسعة على الكثير من المؤسسات الحكومية ولديهما إنتماءات سابقة كـ"حركة الحجتية" التي تؤمن بمجموعة من المعتقدات الشيعية المتطرفة بالنسبة لظهور المهدي وتؤكد على ضرورة أن تقوم الطائفة الشيعية بملئ الأرض ظلماً وجوراً وفساداً لكي يظهرالمهدي .
أما اليوم فهناك صراع بين اتباع الخطابين "خطاب :مصباح يزدي وخطاب يعقوبي " بسبب المخاوف من سيطرة كل منهما على مستقبل البلاد لذلك عارض مصباح بشدة نهجهم ووصفهم بالفئة الضالة رغم العلاقات الوطيدة التي تربطهما في السابق القريب لكن المصلحة تتطلب ذلك الموقف بعدما شعر المرشد بالقلق حيال تنامي هذا التيار الذي تربطه علاقة حميمة بمشائي ونجاد فكما يبدو أن النظام اتخذ موقفه المعارض لتولي هذا التيار-مرة أخرى- سدة الحكم من هنا وبعد رفض أتباع التيار الرضوخ لمطالب النظام بالتخلي عن منصب رئاسة الجمهورية في الدورة القادمة للأصوليين قرر تصفيته لكن لم تبدأ بعد هذه العملية .
صراع تدور رحاه حول الأموال :
وجه أنصار خامنائي رأس رماحهم الى أنصار نجاد مستغلين تهم الفساد للإنقضاض عليهم فقد عمل موقع "تابناك" التابع للقائد السابق للحرس الثوري محسن رضائي على نشر وثائق تتعلق بالفساد المالي لأتباع نجاد كما توجد حملة منسقة في مواقع خاصة بأتباع المرشد منهاموقع "ألف" التابع لـ "أحمد توكلي" مدير مركز أبحاث مجلس الشورى الإيراني وموقع "فارس" التابع للحرس الثوري الإيراني وقيادات في مخابرات الحرس(حفاظت اطلاعات سباه باسداران) جلها موجهة ضد "اسفنديار رحيم مشائي" المقرب من نجاد ومدير مكتبه و"حميد بقائي" رئيس منظمة السياحة والتراث الثقافي وهو مستشار لنجاد بتهم إختلاس أموال تقدر بمليارات الدولارات . وتشير هذه الوثائق الى استغلال المناصب من قبل المقربين لنجاد تحت غطاء شركات وهمية من بينها مطار" إمام خوميني الدولي " وشركة "سمغا " وهي شركة مختصة ببناء الفنادق حيث تشير الوثائق الى قيام مشائي وبقائي بدفع رشاوى تقدربملايين الدولارات للحصول على المناقصات . فقد دخل لاريجاني خط المواجهة متهماً التيار المنحرف بالفساد الإقتصادي لكن لحد الأن لم يصرح أحمدي نجاد بأي تصريح حول التهم الموجهة ضد جماعته ولم ينطق ببنت شفة ولم يدافع عن أنصاره المقربين لحد هذه اللحظة كما هو مرجو منه .
قام توكلي بتقسيم الجماعة التي تحيط بنجاد على عدة أقسام مبيناً أنها جماعة إما تثارحولها شكوك بالفساد المالي أو منحرفون أو متهمون بالفساد والإنحراف في نفس الوقت . من هذا المنطلق تعارض الجماعات الأصولية وعلى رأسهم البرلمان ومجلس صيانة الدستور تولي نجاد وزارة النفط بسبب خوفهم من تمويل نجاد مشارع إنتخابية لصالح حليفه مشائي .
دعوات لإلقاء القبض على مشائي:

طالبت الصحيفة الصادرة من قبل الحرس الثوري "يالثارات" السلطات الأمنية ووزارة المخابرات إلقاء القبض على "اسفنديار مشائي" بتهم مالية وعقائدية .فقد أشار موقع جهان التابع للمقربين لخامنئي قوله أن مشائي يمثل الماسونية العالمية فيجب القبض عليه قبل أن يتحول الى تيار يصعب التغلب عليه في نفس الوقت اعتبر"أية الله مصباح يزدي" ، مشائي على أنه كما الفرقة "البابية والبهائية " ووصفه بأنه كـ "علي محمد ميرزا الشيرازي " مؤسس البابية في إيران - خرجت جماعة شيعية عن المذهب قبل حوالي168 سنة وأسست ديناً يدعى البهائية وهو مزيج من الأديان الثلاثة "الإسلام واليهودية والمسيحية" وكذلك الديانات الإيرانية القديمة - .
كما اعتبر"حجة الإسلام روانبخش" وهو من المقربين لولي الفقيه "مشائي" على أنه "ماسوني" .فقد تعرض أقارب مشائي منذ فترة للإعتقالات حيث تم القبض على منتج مسلسل" الظهور قريب للغاية " حيث يعكس هذا الفلم صورة نجاد على أنه من أقارب المهدي المنتظر للشيعة ما أثار غضب البعض من رجال الدين في قم وعدد من مستشاري "مشائي" لتمهيد الأرضية ربما لإلقاء القبض عليه في المرحلة القادمة .

أنصارخامنئي يخشون التلاعب بالأصوات لصالح مشائي :

فيما تقترب فترة الإنتخابات البرلمانية في إيران يزداد قلق المحافظون الموالون للمرشد من التلاعب بالأصوات من قبل مشائي فقد عمل المحافظون التقليديون على تأسيس لجنة تضم كلاً من "حبيب عسكر أولادي"و"علي أكبر ولايتي" و"غلامعلي حداد عادل" وهم أعضاء حاليون في البرلمان وقيادات محافظة وموالية للمرشد علي خامنئي وذلك بهدف قطع الطريق أمام نجاد لكي لا يتلاعب في الإنتخابات البرلمانية المقبلة التي ستجرى أواسط أذارمن العام القادم وللحيلولة دون حصول تزوير سيؤدي لصالح منافسهم . فقد اتهم موقع "جوان أنلاين " أتباع مشائي الذين سماهم بإسمهم المتداول حالياً بين أنصار خامنئي " التيار المنحرف" قوله أن هؤلاء يعملون جاهدين استغلال مواقعهم في الحكومة والمال العام لتزوير الإنتخابات لصالحهم .واعتبر موقع "جوان أنلاين" وهو مقرب من المكتب السياسي للحرس الثوري الإيراني أن المرشحين المقربين من التيار المنحرف سوف يحاولون ادخال البعض من المرشحين الإصلاحيين في تحالفهم ما يعني تحالفاً وشيكاً بين التيار المنحرف والإصلاحيين الذين خرجوا من النظام بعد أحداث يونيو2009 .

يعتبر المنظر الإصلاحي "أكبر غنجي" أن أي صراع لابد أن يدور حول عدة أبعاد منها صراع على السلطة و الثروة ، الأيديولوجية ، السياسة ، الثقافة ، القضايا الإجتماعية ، والعسكرية فلا يمكن النظر الى الصراع داخل السلطة الإيرانية على أنه صراع مصالح فقط بل هو صراع شامل يضم عدة أبعاد ووجوه لا يمكن حصرها بوجه أو بعد واحد دون الأخذ بالصورة الكاملة لما يجري في هذا البلد من تطورات والتي يدور حولها هذا الصراع .
فلا يمكن إعطاء تحليل شامل والتكهن بما سيحدث في إيران إلا إذا نظرنا لدائرة الصراع ومدى تفاعل الموالين والمعارضين للنظام حول ما يحدث والمساحة المخصصة لمثل هذا الحدث فأرى أن دائرة هذا النقاش او إذا صح التعبير الخلاف الدائر سوف تغطي مساحة كبيرة الى أن تتداعى أركان هذا النظام بشكل كامل حتى يسقط إما على يد القائمين عليه أو على يد الشعوب التي طفح الكيل بها من ممارسات هذا النظام وسوف تسير الأمور بشكل مستفحل وبسرعة نحو الإنهيارإذا سار هذا النظام على نهجه الحالي وهذه نتيجة حتمية للأنظمة الشمولية القمعية في المنطقة والعالم .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات