حراك مصري اسرائيلي قبيل العدوان؟!
د.محمد احمد جميعان
الزيارة الاخيرة لوزير الخارجية المصري ابو الغيط الى بيروت وتصريحاته حول ازمة نقل صواريخ سكود ودفاعه عن ذلك بقوله بانه امر مضحك؟! وما قيل بانه حذر بعض الاطراف من اعتداء اسرائيلي ، وما نقله الاعلام من زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو الى مصر الذي سبقه كم هائل من التصريحات التهديدية ..هذا الحراك السياسي والدبلوماسي في ظاهره الرحمه وفي باطنه العذاب، يبدوا في الظاهر انه مسعا اسرائيلي لمعالجة امرا سياسيا ما مع القيادة المصرية بعيداعن او لتجنب الحرب وويلاتها، وان مصر حريصة على النصح وتقديم المعلومة والدفاع ان الموقف بهذا الخصوص..
لكن المتتبع للاحداث، والمتابع لها، عبر ربط تفاصيلها واسقاطاتها، يدرك ان هناك امرا غير مريح لهذا الحراك، نسخا مكررة لوقائع تطبق عليها نفس السيناريوهات تقريبا مع فارق في وضع الفواصل والنقاط وتركيبة الجمل والفقرات.
ولنعد الى الحراك المصري الاسرائيلي قبيل العدوان على غزة 2008 ، وكيف كان التحذير المصري قبيل العدوان ،ثم كيف قامت ليفني بزيارة مصر بشكل مفاجئ الذي سبقه كم هائل من التهديدات، ثم كيف ظهرت ليفني مع ابو الغيط في مؤتمر صحفي مشترك تم التضليل فيه على العدوان المفاجئ على غزة، وكان الحديث فيه غامضا فهم منه في حينه ان اسرائيل لا نية لها بالاعتداء على غزة، وانما تحذير حماس وتخويفها فقط وتبقى الحرب احتمال وارد ليس اكثر، مما اعطى انطباعا خاطئا وتقديرا مضللا بان الحرب غير واردة في الامد القريب،واشاع جوا من الاطمئنان والاسترخاء في غزة وجعل حكومة حماس تستمر في برنامجها الطبيعي وليس الطارئ المستعد للحرب ..فكانت الضربة الغادرة المفاجئة والمؤلمة جدا للشرطة الفلسطينية في غزة اثناء حفل تخرجها في برنامجها الاعتيادي وليس الطارئ..!
الاسرائيليون لهم مدرسة ممنهجة ومكررة وخطيرة في مجالي الضربة الاستباقية الغادرة والمفاجئة ، واسلوب التضليل الذي يسبق هذه الضربة ، من كم هائل من التهديدات يعقبه هدوء،ثم تهديدات، ثم حراك سياسي ودبلوماسي محذر ومتردد يوصل رسائل تضليلية مقصودة يجعل الضحية ترجح عدم الاعتداء وتركن للتضليل وتضن ان اسرائيل تناور وتحاول وتحاور وتهول وتمارس الضغوط فقط ، وهكذا تصطادنا بالتضليل وتحقق غايتها الاولى من الضربة الاستباقية المدمرة للاهداف المرسومة.
في كل مرة ننسى او نحاول ان لا نصدق ان اسرائيل تريد الاعتداء الغادر، تفعل اسرائيل ذلك، وتعيد السيناريو ونصل الى نفس القناعة بانها تريد التهويل والضغوط والمناورة حتى نفاجئ بما يحدث؟! ولا حاجة للتذكير التفصيلي بما وقع في السابق من حرب 1967 مرورا باجتياح لبنان ، الى الضربات الغادرة لمواقع سورية متكرر، الى حرب تموز 2006 الى العدوان على غزة 2008 ، كلها وغيرها ضربات استباقية غادرة تسبقها اجراءات تضليلية على هذا النحو وبنفس السياق..
الدبلوماسية المصرية الاسرائيلية في حراكها الذي نشهده هذه الايام تذكرنا بذلك الحراك الذي كان قبيل العدوان على غزة 2008، تفاصيلها معروفة لكل متابع او من يريد ان يتابع ، وعنوانها يايجاز ابراء للذمة لما سيحدث لاحقا من غدر اسرائيلي قادم ، وعلى اسرائيل ان تكمل المهمة من التضليل الى التدمير ..واعتقد ان سوريا هي المستهدفة هذه المرة وليس حزب الله او غزة ، من اجل تدمير منظومتها الصاروخية ان استطاعوا الى ذلك سبيلا ..
التعليقات (0)