حرائق إسرائيل و شماتة العرب.
تعرف إسرائيل منذ أيام حرائق مهولة اجتاحت منطقة الكرمل و خلفت عشرات القتلى. و هو ما جعل الدولة العبرية تعيش كارثة حقيقية قد تكون الأسوأ في التاريخ... و إذا كانت الحرائق ظاهرة تتكرر في عدد من دول العالم، وتمثل دائما تهديدا مباشرا للبيئة و الحياة، فإن حرائق الكرمل تحظى بميزة خاصة. فقط لأن إسرائيل هي التي تكتوي بنيرانها.
في مختلف المنتديات الحوارية و منصات التدوين الإلكترونية في الوطن العربي، كما في الشارع أيضا يعرف هذا الموضوع كثيرا من المتابعة و الإهتمام. وعندما نقوم بقراءة متأنية للمواقف و الآراء التي تعلق على الحدث نستشعر بوضوح حجم الغبن و الغل الذي يسكن القلوب و العقول. و لأن العرب و المسلمين أصبحوا مثل الغريق الذي يستنجد بقشة، فإن حرائق إسرائيل كانت بمثابة بلسم يداوي بعضا من جروحهم العميقة. بل إن الكثيرين يرفعون أكفهم بالدعاء لجعل ألسنة اللهب محرقة جديدة لليهود. و بذلك فهم يحاربون إسرائيل بالأماني و الدعاء كما هو الحال دائما. لكنه دعاء لا سند له على أي حال. و يكشف عن تناقض صارخ، خصوصا و أن هذه الأرض التي تحترق هي في وجدان المجتمع أرض عربية محتلة، كما أن كثيرا من سكانها هم من العرب و المسلمين. لذلك كان جديرا بهم على الأقل أن ينظروا للمسألة من هذا الجانب كتعبير عن الدفاع عن أرضهم التي يحلمون باسترجاعها ذات يوم من الأيام.
قد يكون مقبولا ( تبعا للواقع الميداني) أن لا يقدم العرب مساعدات لإسرائيل لإطفاء تلك الحرائق، وذلك اعتبارا للعداوة المفترضة بين الطرفين، وإن كانت كل الأعراف الدولية و المبادئ الإنسانية تدعو إلى التضامن والمساعدة خلال الأزمات بغض النظر عن الخلافات و الصراعات... لكن ما لا يمكن قبوله بأي حال من الأحوال، و لا يمكن تزكيته لا باسم الدين و لا باسم الإنسانية هو أن يفرح أي إنسان في العالم لمآسي الآخرين. و ردود الأفعال التي تسجل على نطاق واسع في العالم العربي في كل ما يتعلق بإسرائيل، تؤكد وجود أزمة أخلاقية يمكن تبريرها ببساطة شديدة بواقع الصراع في الشرق الأوسط، وبالممارسات الإسرائيلية الوحشية في حق الشعب الفلسطيني. لذلك يجد هؤلاء المغلوب على أمرهم في الطبيعة ملاذا لضعفهم و انتقاما لهم. و هم يردون هذا الجميل الذي تقدمه الطبيعة بمزيد من الدعاء و شعور بالرضا و الشماتة.
أزمة الحرائق في إسرائيل لا يمكن أن تشكل دليلا على هشاشة البنية الداخلية للدولة، وذلك رغم الإرباك الذي حصل في مواجهة الأزمة. و لجوء إسرائيل إلى طلب المساعدة الدولية أمر عادي لأن كل الدول الكبرى في العالم تطلب المعونة في مثل هذه الكوارث. لكن هذا يجعلنا نتساءل بالمقابل: ماذا لو حدث حريق بهذا الحجم في دولة عربية؟. هل تستطيع الخبرات و الآليات المتوفرة في الدول العربية مجتمعة أن تطفئه دون مساعدة خارجية؟. لذلك فإن الذين يراهنون على ضعف الجبهة الداخلية في إسرائيل، ويستنجدون بالحرائق التي سماها البعض ( جند الله) للقضاء على أعدائهم و يعتبرونها مقدمة لزوال دولتهم، هم مخطئون وواهمون تماما.
التعليقات (0)