حد الردة في الديانة اليهودية
أشار علماءنا السلف الى قاعدة ذهبية مفادها ان (الاسرائيلي يبقى اسرائيلي وان ارتكب المعاصي). وعليه يعتبر اليهودي المرتد عن دينه عاصي وفاسق وتارك لأمر الله وخارج عن الطريق القويم، لكن ارتداده لا يفسد يهوديته حيث يسري عليه ما يسري على اليهود، ما خلا بعض الأحكام التي أقرها حاخامات اليهود من قبيل المسائل التي تتعلق بالولاء في حال المرتد المُغلظ، فلا تجوز ذبيحته، ولا تقبل شهادته .. الخ
تطلق عبارة مرتد او مارق في التلمود ايضا على كل من يرتكب معصية تعتبر من الكبائر بحيث ظلت هذه المعصية ملازمة له الى حد قيامه بشرعنتها، حين ذاك يكون قد حلل ما حرم الله.. وثمة مرتد حاد عن تقديس السبت، ومرتد عن الختان وغيره.. فيما المرتد الذي ينزلق الى عبادة الأوثان يعتبر مرتدا عن التوراة برمتها..
ثمة من يفرق بين مرتد مُغلظ ومرتد لاهي يتبع هواه.. وأما أعلى درجات الردة فيراد بها المرتد المحارب لبني قومه الذي يمارس التضييق والتنكيل والنكاية والوشاية ببني جلدته من يهود فمثل هذه الحالة تستوجب القتل في حال لم يرتدع المرتد عن أفعاله.. وأما المرتد اللاهي فلا يجوز قتله بل يعتبر تخليصه من الهلاك فريضة على كل يهودي..
لا يجوز وضع العقبات أمام المرتد، بشكل يصل الى حد ارتكاب المعصيات والمحرمات، فمن اقترف ذنبا كهذا يعتبر شريكا للمرتد في المعصية وفعله هذا لا يزجر المرتد عن المعصية ولا ينير امامه طريق الهداية والتوبة..
ويسري على المرتد ما يسري على عامة اليهود فيما يتصل بأحكام الرجس والنجاسة.. وأحكام المفقودات.. ويجوز للمرتد ان يرث والده، فيما يجوز للمجلس القضائي مصادرة ميراثه للمصلحة العامة.. وينطبق على المرتد مثل ما ينطبق على الجماعة بكل ما يتعلق بالممتلكات والعفو والمغفرة والصفح.. ويجوز توريث ممتلكات المرتد لأبناءه في حال كونهم اسرائيليين، كما يجوز للأب ان يرث ابنه المرتد..
وتنطبق على المرتد أحكام الطلاق طبقا للشريعة اليهودية لكن بإسمه اليهودي في حال أقدم على تغيير اسمه الأصلي.. ولا يجوز الحداد على المرتد، اما في حال قتل المرتد مكرها على دينه فيجوز لولده ان يتلو عنده دعاء الميت..
يضع العلامة موسى بن ميمون (موشيه بن مايمون) المرتدين في منزلة دون منزلة الأغيار، كونهم يهودا بالفطرة مطالبين دوما بالتوبة والعودة الى الملة اليهودية.. فهو يعتبر مروقهم في هذه الحالة مخالفا لطبيعتهم اليهودية، وعليه فإن خروجهم عن الملة لا يفقدهم يهوديتهم بل على العكس فان فجورهم يتجلى اساسا بإمعانهم في عنادهم وتأخرهم في العودة الى حضن اليهودية.. وعلى هذا الاساس يتابع العلامة الرمبام (موسى بن ميمون) القول:
واجب علينا ان نحب المرتدين والخوارج ما دمنا نعتبرهم يهودا بالفطرة ونتطلع الى توبتهم..
أطيب المنى
التعليقات (0)