مواضيع اليوم

حديث الجنون...؟

محمد بن عمر

2010-09-04 12:21:59

0

حديث الجنون
قصة قصيرة
قال محدثي : ‹‹ كنت أسكن بحي شعبي في إحدى ضواحي العاصمة ، سعيت و أنا في مقتبل العمر إلى تحسين وضعي الإجتماعي ، سافرت كثيرا إلى خارج حدود الوطن ، حتى جمعت رأس مال محترم ، بعد سنوات من الغربة و التشرد ذقت فيها من العذاب ألوانا .. و عرفت الحرمان و الخصاصة، رجعت بعدها إلى وطني، و كونت مشروعا تجاريا ناجحا.. و انتشلت عائلتي كبيرة العدد من الفقر والحرمان، حتى أحسست أن الزمن بدأ يهدني هدا و يقتطع مني كل يوم جزءا هاما ، فسارعت و بحثت عن فتاة طالما راودتني في خيالي، تكون رفيقة دربي فيما بقي لي من عمر لتشاركني أفراحي و أتراحي و تعينني على تحمل أعباء الحياة .
رأيتها تتبختر ذات يوم في إحدى شوارع المدينة، كانت ممشوقة القوام، رقيقة الملامح،صافية العينين ، حنونا ، فخفق لها قلبي بشدة،و أحسست أني مكبل بقيود جمالها و أنوثتها الطاغية ، و سألت عنها ، فقيل لي إنها أجمل فتاة في الحي الذي تسكنه .. فتزوجتها.
‹‹ لقد أصبحت تسيطر على أحاسيسي بجمالها الفتان ، و تملكني شعور بعجزي عن حماية هذا الجمال الرهيب من عيون الذئاب التي تلتهمه التهاما بشراهة كلما خرجت من المنزل ، و تشرئب لها الأعناق ، كلما سارت في الشارع ، و تحول عجزي إلى غيرة قاتلة ..!
‹‹ أصبحت أغير عليها من كل شيء ، من كل شيء .. حتى من نفسي ››.!؟
و تنهد الشيخ من الأعماق كأن قلبه يحترق أسفا و حزنا .. ثم قال : ‹‹ و في هذا الجو الغريب ولدت ابنتي رابعة ››.!؟ ثم يصمت الشيخ برهة و يحدجني بنظرة حالمة ثم يقول بصوت منخفض : ‹‹ كنت أنتظر أن يخفف مقدمها حدة توتر العلاقة بيني و بين أمها ››و قطب الشيخ في تقزز و ندت عنه الكلمات بلا وعي .. و في ازدراء شديد :‹‹ و لكن شيئا من ذلك لم يحدث ››.!؟
و تمتم في ارتباك وهو لا يدري ماذا يقول : " تحولت غيرتي إلى هوس مزمن لم أستطع منه فكاكا ..!؟ "
"كنت أتقدم نحو الشيخوخة و العجز و كنت أرى زوجتي في غاية الجمال و الأناقة و الحيوية، و صرت أكره هذا الجمال و صاحبته و أحقد عليها كثيرا.. و تحول حقدي إلى عنف ، فكلما حاولت زوجتي الإقتراب مني زجرتها و عنفتها واعتقدت أنها تخدعني ، حتى أمست حياتنا جحيما لا يطاق ، و انتهت بالطلاق .! ثم يصمت الشيخ برهة و يواصل قائلا :" يبدو أن شعوري بعجزي و بخيانة مطلقتي بقي يشغل بالي .. كنت أنتظر أن تتغير حالتي.. و يفارقني هذا الشعور الغريب بعد أن بقيت ابنتي رابعة في بيتي و تحت رعايتي .. " على أن شعوري نحو أمها لم يتغير بل كنت أتسقط أخبارها من حين لآخر .. حتى بلغني أنها سافرت للعمل خارج حدود الوطن، و يسعل الشيخ حتى خلت أن روحه.. ستصعد إلى بارئها .. ثم يواصل حديثه وهو يرتجف، كمن به حمى .. ؟ : "رجعت يوما من العمل ، كانت رابعة نائمة كملاك ، دخلت غرفتها ، و بسرعة غمرت ذهني الخواطر المرعبة! و تصورتها أمها .. و في تلك اللحظة تملكني حقد كبير على الجمال و صاحبته، و بدون أن أشعر وجدتني أخمد أنفاسها و أنا أصيح بصوت كالرعد : "لا .. لا يمكن أن تعيشي أكثر "!!؟ لا يمكن أن تعيشي أكثر..../

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !