مواضيع اليوم

حديث الجمعه عن العلم والحكمة

مهندس سامي عسكر

2011-06-17 06:29:53

0

العلم والحكمة صفتان من الصفات التي يجب أن يتحلي بها المؤمن وخاصة الحاكم والمواطن الصالح ومن المعلوم أن العلم يكتسب بالتعليم والدراسة والبحث ولكن الحكمة قد تكون سابقة علي العلم أو موازية له أو لاحقة عليه ولكنها في كل الأحوال تكون هبة من الله ترجع إلي الموهبة والذكاء أولا ثم ناتجة عن المعرفة العامة والتي يعبر عنها بالعرف أو بالعلم بأفرعه المختلفة أو بهم جميعا وعلي ذلك فإن الحكمة يختص بها قليل من العلماء بينما كل حكيم يمكن وصفه بالمعرفة قطعا وبالعلم أحيانا والمجتمع الإسلامي يحتاج إلي الحكماء أولا ثم العلماء ثانيا لأن الحكماء أصل في نمو العلم وانتشاره وهم الذين يوفرون للعلماء مجالا للترقي وليس العكس صحيحا في كل الأحوال ...إن الحصول علي المعلومات في عصرنا الحاضر أصبح ميسورا جدا ولكن الفوز بالحكمة لا يتوفر إلا لبعض العلماء شريطة أن يتميزوا مع ذلك بالأخلاق والنزاهة ولذلك فإن بعض من ينادون بشعارات كشعارات الإسلام هو الحل تعوزهم صفة الحكمة كما يفتقرون في معظم الأحوال بضحالة العلم الديني لصعوبة وندرة اجتماع العلم الديني مع السياسة ولكن أكثر الناس مناسبة للقيام بأمور السياسة يجب أن يكون اختيارهم قائما علي الأخلاق السامية التي يضمنها الدين ومن هنا كانت التربية الإسلامية أساسا في الاختيار غير أن البعض ممن يحفظون كثيرا من النصوص والقصص السالفة عن القدماء ليست معيارا للتفضيل لاختلاف العصر واستحداث قضايا لم تكن قائمة من قبل ولا يقاس عليها ما سبق بل يجب إقصاؤها عن الفتوى لكي لا تكون مجالا للطعن في الدين لاختلاف الفتاوى وتناقضها وليس ذلك بالطبع قصورا في الدين ولكنه ناتج عن إقحام الدين في قضايا سياسية لا تتصل بالدين إلا بقدر اتصال العلوم المادية كالهندسة والطب والكيمياء بالدين وإن ندرة الحكماء علي مر التاريخ الإسلامي بحيث يمكن تعدادهم كان أساسا في تخلف الأمة العام وفقرها في العقول الحاكمة إن السؤال الذي يطرح على بعض العلماء ليبدوا فيه فتواهم مثل مشروعية الاستشهاد في عملية ضد المحتل أو ضد قوات الأمن في بلد محتل مثلا يجد من يدعمه من العلماء ويفتي بحله وأن المقتول فيه شهيد تقابله فتوى أخرى بتحريمه على أنه انتحار ولا يغيب عنا أن القائم بهذا العمل غالبا ما يكون بعيدا عن المعرفة بالدين ولا يهمه رد عمله إلى الاستشهاد وإنما قد يكون ثأرا لقتل أحد من أهله أو تعصبا لحزب أو انتقام من ظالم وفي هذه الحالة يكون تفسير هذا العمل بالفتوى مقوضا للدين ذاته وداعيا إلى رفض الدين لاختلاف وتناقض الحكم على عمل واحد وربما يكون المستفتي قاصدا ذلك بالتحديد ومستفيدا من تضارب الفتوى لهدم فكرة التدين ووصفها بالهمجية والدموية ولو كان الوصف مقتصرا على العصبية أو الانتقام لكان أنجي من الوقوع في طعن الدين والتشكيك فيه ويجب أن نبعد الدين عن الاستخدام المفرط في المحاجة إلا إذا كانت هناك نصوص قاطعة أو سوابق من الأحكام التي أقرتها جماعة العلماء ويمكن القياس عليها وترك ما تشوبه شبهة القياس الخاطئ إلا أن تكون هناك نصوصا لا نعرفها وموثقة وموصوفة بالصدق وأنا لا أعلم أن قضية الاستشهاد كانت قديمة في عصر التشريع لغياب وسائله وأما البديل المعقول أن تكون الفتوى صادرة عن مجمع إسلامي عالمي يضم كل المذاهب وإذ لم تتوفر هذه الهيئة فترك هذه المسائل لحكم الله أسلم والقول بعبارة الله أعلم أنجي وأحكم ...إن الفرق بين معرفة القانون وتطبيقه حرفيا والتطبيق المرن الذكي للقوانين هو (روح القانون) وكذلك الفرق بين المعرفة بالشرائع والحكمة منها (إلا في الشرائع القطعية التي لا تحتمل التفسير أو التأويل)...أو(التي يريد الله أن يجعلها عبرة لمن يعتبر) أو(لتكفير ذنب المخطئ وخاصة المعترف وقاية من عذابه) يرجع إلى التربية الإيمانية التي لا تعطيك نصوصا جامدة لأن الأمور لا توزن بالموازين ولكن يتعدد التقييم لذنب من الذنوب تعددا لا نهائيا بتعدد الأسباب وهذه رحمة من الله فقد جعل إثبات الذنب صعبا إلى درجة الاستحالة في بعضها ليرد الحكم لله ويوكل إليه المغفرة والستر وقد أعرض الرسول عليه الصلاة والسلام حتى عن المعترف بالذنب والتمس له الأعذار حتى يعطيه فرصة الرجوع إلي الله ( التي لم يحرم الله منها حتى الكفار) !!! وكما أن تعليم حروف الكتابة والكلمات لا يعلمك كتابة المقال فإن التربية الدينية لا تصف لك كل ما يحتمل أن تقابله في حياتك من أحداث ولكنها تربي نفسك حتى يكون تصرفك في الأحوال المختلفة موافقا لما أراده الله وهذه هي الرقابة الذاتية التي تعدل اعوجاج الرأي وحيوده عن الحق بقدر ما يؤتى المؤمن من علم وحكمة وتقود إلى إيناس خلق الله إذا كنت حاكما أو قاضيا أو متعاملا بعدالتك وإنصافك لهم حتى من نفسك وهناك من الأحاديث ما يصف الذنب بأوصاف جامعة لعلم الرسول عليه الصلاة والسلام باستحالة حصرها أو توقع مستجداتها وعلي سبيل المثال حقوق الملكية الفكرية التي أقرت لفداحة تكلفة الحصول عليها أو براءات الاختراع مثلا فترك الحكم علي مخالفتها لنفسك أولا ثم لولي الأمر الحكيم المؤمن العادل




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !