أخي في الله
إعلم أن الله تعالى منزه عن المكان والجهة وهذا ما أجمع عليه المسلمون سلفا وخلفا وهو مأخوذ
من قوله تعالى ليس كمثله شيء
واما حديث الجارية فعلى فرض صحته هو مأول أي ليس على ظاهره يعني له معنى يليق بالله تعالى
ولا يناقض النصوص التي هي أصح منه
وباختصار أين تأول بأنها سؤال عن المكانة أراد الرسول أن يعرف ان كانت الجارية تعبد الاوثان التي في الارض ام تعبد الله .... فلما قالت في السماء عنت الذي هو عالي القدر والمنزلة فعرف النبي صلى الله عليه وسلم انها لا تعبد الاوثان فقال انها مسلمة
تأتي أين سؤالا عن المكانة كما تأتي سؤالا عن المكان كما في قول الشاعر :
أين الثرى من الثريا ___ وأين معاوية من علي
فالمراد بأين الثانية المكانة والمنزلة لا المكان
فاذا منع الخصم من التأويل وهم الوهابيون فيقال لهم أنتم كذلك تأولون في السماء بقولكم أي على السماء
وهذا تأويل وهو صرف للنص عن ظاهره
ثم ما قولكم في قوله تعالى وهو معكم أينما كنتم؟ يقولون بعلمه وهذا تأويل !!!!!!!
ثم ليس العبرة بعلو المكان فالانبياء سكان الارض وهم أفضل من الملائكة سكان السماء
وأفضل من الكفرة الذين يعيشون في البروج العالية
وعلى كل حال سأورد ما قاله علماء أهل السنة والجماعة في هذا الموضوع تباعا وكل منصف حريص على دينه
سيعلم ان عقيدة أهل السنة والجماعة سلفا وخلفا تناقض عقيدة الوهابيين السلفيين أتباع محمد بن عبد الوهاب
فاليكم نصوص علماء أهل السنة والجماعة
من شرح مسلم للامام النووي
الاصل ج5-ص26
قوله صلى الله عليه و سلم أين الله قالت في السماء قال من أنا قالت أنت رسول الله قال اعتقها فانها مؤمنة هذا الحديث من أحاديث الصفات وفيها مذهبان تقدم ذكرهما مرات في كتاب الايمان أحدهما الايمان به من غير خوض في معناه مع اعتقاد أن الله تعالى ليس كمثله شيء وتنزيهه عن سمات المخلوقات والثاني تأويله بما يليق به فمن قال بهذا قال كان المراد امتحانها هل هي موحدة تقر بأن الخالق المدبر الفعال هو الله وحده وهو الذي اذا دعاه الداعي استقبل السماء كما اذا صلى المصلي استقبل الكعبة وليس ذلك لأنه منحصر في السماء كما أنه ليس منحصرا في جهة الكعبة بل ذلك لأن السماء قبلة الداعين كما أن الكعبة قبلة المصلين أو هي من عبدة الأوثان العابدين للأوثان التي بين أيديهم فلما قالت في السماء علم أنها موحدة وليست عابدة للأوثان
قال القاضي عياض لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدثهم ومتكلمهم ونظارهم ومقلدهم أن الظواهر الواردة بذكر الله تعالى في السماء كقوله تعالى أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ونحوه ليست على ظاهرها بل متأولة عند جميعهم ...... تأول في السماء
أي على السماء ومن قال من دهماء النظار والمتكلمين وأصحاب التنزيه بنفي الحد واستحالة الجهة في حقه سبحانه وتعالى تأولوها تأويلات بحسب مقتضاها وذكر نحو ما سبق
قال ويا ليت شعري ما الذي جمع أهل السنة والحق كلهم على وجوب الامساك عن الفكر في الذات كما أمروا وسكتوا لحيرة العقل واتفقوا على تحريم التكييف والتشكيل وأن ذلك من وقوفهم وامساكهم غير شاك في الوجود والموجود وغير قادح في التوحيد بل هو حقيقته ثم تسامح بعضهم باثبات الجهة خاشيا من مثل هذا التسامح وهل بين التكييف واثبات الجهات فرق لكن أطلاق ما أطلقه الشرع من أنه القاهر فوق عباده وانه استوى على العرش مع التمسك بالآية الجامعة للتنزيه الكلى الذي لا يصح في المعقول غيره وهو قوله تعالى ليس كمثله شيء عصمة لمن وفقه الله تعالى وهذا كلام القاضي رحمه الله تعالى
ومعلوم مدى سعة علم القاضي عياض
قال المناوي في فيض القدير في تنزيه الله عن المكان :" ارحم من في الأرض "
بصيغة العموم يشمل جميع أصناف الخلائق فيرحم البر والفاجر والناطق والمبهم والوحش والطير "يرحمك من في السماء" اختلف بالمراد بمن في السماء فقيل هو الله أي ارحموا من في الأرض شفقة يرحمكم الله تفضلاً والتقدير يرحمكم من أمره نافذ في السماء أو من فيها ملكه وقدرته وسلطانه أو الذي في العلو والجلال والرفعة لأنه تعالى لا يحل في مكان فكيف يكون فيه محيطاً
ثم قال المناوي فهو من قبيل رضاه من السوداء بأن تقول في جواب أين الله فأشارت إلى السماء معبرة عن الجلال والعظمة لا عن المكان وإنما ينسب إلى السماء لأنها أعظم وأوسع من الأرض أو لعلوها وارتفاعها أو لأنها قبلة الدعاء ومكان الأرواح الطاهرة القدسية وقيل المراد منه الملائكة أي تحفظكم الملائكة من الأعداء والمؤذيات بأمر الله ويستغفر لكم ويطلبوا الرحمة من الله الكريم قال الطيبي ويمكن الجمع بأن يقال يرحمك بأمره الملائكة أن تحفظك قال تعالى: “ له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله”
ثم اضافة الى ما ذكر : إن ما هو موجود في نسخ صحيح مسلم بن الحجاج النيسابوري المتوفى سنة 261 هـ. المتداولة من لفظ منسوب إلى النبي المكرم صلى الله عليه وسلم وفيه أنه عليه السلام سأل جارية "أين الله" فأجابت "في السماء"، قال فيه الحافظ البيهقي أحمد بن الحسين المتوفى سنة (458 هـ.) في سننه: "أخرجه مسلم في الصحيح من حديث الأوزاعي من دون حديث الجارية"، ومعلوم أن الإمام المجتهد أبا عمرو عبدالرحمن بن عمرو الأوزاعي (157 هـ.) أعلى قدراً وأوثق حفظاً وفقهاً من مسلم وأقرانه، فما كان الأوزاعي ليترك تلك الرواية عن معاوية بن الحكم السلمي لولا أنه رأى فيها علة توجب الإعراض عنها.
ومثل الأوزاعي ترك الإمام محمد بن إسماعيل البخاري (256 هـ.) تلك الرواية فلم يتعرض لها ولا لمعاوية بن الحكم في صحيحه البتة وإن يكن ذكر من حديثه الذي رواه مسلم في كتاب المساجد طرفاً في كتاب خلق أفعال العباد وكرر ذكره ثلاث مرات في كتاب القراءة خلف الإمام موافقاً رواية الإمام الأوزاعي في مسلم التي اطلع عليها البيهقي، أي خالياً من أي ذكر لحديث الجارية ولا أي إشارة إلى أن الحديث مقتطع، وقال البيهقي في الأسماء والصفات: "قد أخرجه مسلم مقطعاً من حديث الأوزاعي وحجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير دون قصة الجارية، وأظنه إنما تركها من الحديث لاختلاف الرواة في لفظه"، فانظر إلى نص البيهقي وهو من كبار الحفاظ على أن نسخة مسلم التي كانت متداولة في وقته بين أهل الحديث كانت خالية من قصة الجارية، ونصه على الاضطراب في لفظها وظنه أن ذلك سبب ترك مسلم لها في النسخة التي كانت لديه برواية عالية الإسناد حافظاً عن حافظ، وعلى أي حال فمعلوم أن مسلما إنما هو أحد تلامذة البخاري وكان يقول له: "دعني أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين وطبيب الحديث في علله"، وهذا مشهور عنه، فمن أين تكون إحدى روايات مسلم سالمة من أيّ طعن ويكفيها أن البخاري والأوزاعي أعرضا عنها، وهما من أعيان علماء الأمة علماً بالحديث وعلله.
ثم إن مالكاً إنما روى ذاك اللفظ عن عطاء بن يسار عن عمر بن الحكم، وبهذا السند لا تجد أي أثر في أي من كتب الحديث، ما هو ظاهر في الدلالة على اضطراب في الإسناد، ولا سيما أن الإمام محمد بن إدريس الشافعي (204 هـ.) وغيره نصوا على أن مالكاً وهم في روايته عن عمر بن الحكم إذ ليس في الصحابة من اسمه عمر بن الحكم كما ذكر الحافظ ابن حجر في الإصابة في معرفة الصحابة حيث قال إن "مالكاً خالف فيه أكثر الناس".
ثم لعل الإمام مالكاً أراد أن يبيّن الاضطراب في سند الحديث فرواه بإسناده إلى عمر بن الحكم، ثم ألحقه بالرواية الموافقة للأصول التي أجمعت عليها الأمة الإسلامية، وهي روايته عن ابن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود مجتهداً عن مجتهد عن مجتهد، بل إن عتبة أحد أعيان فقهاء المدينة السبعة المشهورين، وهذا الإسناد من جملة أقوى الأسانيد التي تروى كما نص على ذلك الحافظ النسائي نقله السيوطي في تدريب الراوي شرح التقريب عند كلامه عن سلاسل الذهب، ولا يضر عدم تعيين الرجل من الأنصار في رواية عبيد الله فإن الصحابة كلهم عدول الرواية كما نص على ذلك الحافظ العلائي رحمه الله وغيره، ولا شك أن هذا الإسناد أرفع من إسناد الرواية التي فيها ذكر عمر بن الحكم وهماً أو اضطراباً، لا تخرج عن أحد الأمرين، بل حسن الظن بمالك يقتضي أنه أراد بيان الوهم في رواية لفظ الأينية، وأتبعه الثابت الذي لا نزاع فيه وهو قوله صلى الله عليه وسلم للجارية أتشهدين أن لا إله إلا الله قالت نعم، قال أتشهدين أن محمداً رسول الله، قالت نعم، قال أتوقنين بالبعث بعد الموت، قالت نعم، فقال صلى الله عليه وسلم أعتقها، ورواة هذا الإسناد من أعلى السلاسل الحديثية ثقة وفقهاً ورفعة لا شك، وليذكر طالب العلم منزلة الإمام مالك الذي كان يقول فيه الشافعي: "إذا ذكر الأثر فمالك النجم"
ثم من المعلوم أن الروايات إن تعارضت ولم يمكن الجمع ولا التأويل، فإن استوى الرواة في الثقة قدمت رواية الفقيه على غيره لعلمه بما يروي، وهذا مما نص عليه علماء الأصول كالزركشي قال "لأن الاسترواح إلى حديث الفقيه أولى لكون الوثوق باحترازه أتم لتمييزه بين ما يجوز وما لا يجوز"، قاله في البحر المحيط في باب الترجيح بالإسناد.
أفليس إذن من الاحتياط لأمر الدين تقديم حديث ابن جريج عن ابن أبي رباح بإسناد عال، ومالك عن الزهري عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود بإسناد رفيع هو كذلك؟.
ثم إن مالكاً وهو مجتهد لا خلاف في اجتهاده لم يكن ليخفى عليه أنه لا يصح الدخول في الإسلام بلفظ "الله في السماء"، ومن شرط قبول قول المجتهد أن لا يخالف إجماعاً ولا حديثاً متواتراً، ولا خلاف أنه حين يتعارض خبر الآحاد مع المتواتر ولم يمكن الجمع قدم المتواتر اتفاقاً، ومن المتواتر حديث "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.." الحديث، وهناك حديث جبريل الطويل
فهل يقدم من له مسكة من علم حديث ظهر في متنه وإسناده ورواياته اختلاف كثير على حديث متفق على أنه في أعلى درجات الصحة، وقد شهد بذلك كبار الحفاظ الذين أحصوا طرقه وعرفوا مخارجه وطرقه أمثال الحافظ ابن حجر الذي ذكره في تلخيص الحبير (ج3 ص 223) حيث نص على ان طرقه مختلفة، وهو ما أشار إليه البيهقي في سننه، وغيرهما، فلو وجد ابن حجر أن الحديث يعطي جواز نسبة الأين إلى الله تعالى لم ينقل في شرحه على البخاري عن القرطبي قال "فلا يتوجه على حكمه تعالى لم ولا كيف، كما لا يتوجه عليه فى وجوده أين". فانظر كيف ينفي الأين عن الله تعالى ولو ثبت في الحديث لقال به ولم ينفه
لو كان يجوز الاستدلال برواية "أين" في العقائد لقدمها من رواها أمثال مسلم وغيره وذكروها في كتاب الإيمان وما يتعلق من الأحاديث بالعقائد، ولكنهم لما لم يفعلوا وأخروها فذكرها من ذكرها في كتاب الظهار والأيْمان (لا الإيمان)، واستدلوا بحديث معاوية بن الحكم على مسائل من فروع المسائل الفقهية التي ليست من مسائل الاعتقاديات التي يكفر من أنكرها، وبذلك يصول أولئك الملبسون على الناس ويجولون حيث جعلوا تلك الرواية على علّاتها متناً وإسناداً وكأنها ركن من أركان الدين بحيث باتت عندهم من رؤوس مسائل الاعتقاد، ولو كانت كذلك لدى من رووها فلم أخروها إلى كتاب الظهار ولم يقدموها في أحاديث الإيمان بالله تعالى ورسوله، وعلى تضعيفها وعدم الاعتداد بها في مسائل الإيمان وقضاياه دل فعل مسلم الذي تأخر في ذكرها فلم يدرجها من أدرجها من رواته في صلب مسائل الإيمان ولكن في مسائل الفروع
وإلى ما تقدم فإن تأويل لفظ أين سهل وهو كثير، ثم قد يراد بالمكان المجاز، كما أن السماء لفظ محتمل للمجاز أيضاً، وهو حال لفظ في كذلك، فحديث معلول ثلاثة من ألفاظه الأربعة تحتمل المجاز كيف يحتج به في الاعتقادات التي لا بد من الجزم فيها لبناء أمر الإيمان على الدليل لا على الاحتمال الذي يسقط به الاستدلال كما قال السيوطي في الاقتراح
ثم إن اولئك المتشبثون بظاهر حديث "أين" متفقون على عدم الأخذ بظاهره لاتفاقهم على تأويل "في" فيما نسب إلى الجارية من قول "في السماء" بمعنى "على السماء"، فلينظر المنصف إلى تحكمهم، حيث يتأولون ما يريدون على الوجه الذي يوافق هواهم، ومما يناقض دعواهم في نسبة الجهة والحيز إلى الخالق تبارك وتعالى قوله عز وجل: "وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله"، وهذا فيه بلاغ ظاهر في نفي الجهة والحيز عن الله وهو واضح الدلالة في استواء كل الأمكنة نسبة إلى قدرة الله وعزته حيث إنه تعالى قهرها جميعها وما فيها بقدرته وإرادته وعزته، "فإن العزة لله جميعاً"، وواعجبي ممن يستدل بحديث الجارية على علاته ماذا يفعل بقوله تعالى "وفي الأرض إله" وبقوله تعالى "وهو الله في السماوات وفي الأرض"، فمرة قال "في السماء" ومرة قال "في السماوات"، فبأيّ ظاهر يؤخذ والحال اختلاف في اللفظ لا يمكن معه تشبث بظاهر إلا اللجوء إلى التأويل الذي لم ينفه كبير كالإمام أحمد في محنته حين سجنه قال إنما تأتي قدرته،
فهؤلاء اللفظية لا هم وافقوا من السلف من رووا وسكتوا، ولا من شرح منهم وبيّن المراد من عدم الجمود عند الظواهر لأن من تمسك بظاهر ما تشابه من الكتاب والسنة دخل تحت قوله تعالى: "يضل به كثيراً" لانه جعل القرآن متضارباً يناقض بعضه بعضاً، فكيف يسلم من كان دينه التشبث بظاهر حديث الجارية وظاهر "وهو معكم أين ما كنتم" وظاهر "فأينما تولوا فثم وجه الله" وظاهر "ومن أتاني يمشي أتيته هرولة" وغيرها الكثير مما خاطب الله تعالى به أهل العربية فلم يجرؤ ولو كافر على أن يقول إن في كتاب الله تعالى من الظواهر ما يتناقض، بل فهموا التنزيه الكلي من قوله تعالى "ليس كمثله شىء، وكل ما سوى ذلك يندرج تحت هذه الآية مما يحتمله ويشهد به لسان العرب.
ثم أين هم من قوله تعالى: "وهو معكم أين ما كنتم"، ولئن تركوا تأويل لفظ "أين" في حديث الجارية للصوقهم بالظاهر ومنع المجاز، فلم يؤولون لفظ "أين" الآية وهي من الثبوت بمحل يكفر من أنكره، لا كحديث آحاد لا خطام له ولا زمام إلا أطراف روايات يتبعها من في قلوبهم زيغ ابتغاء الفتنة كما قال الله تعالى في كتابه المبين
ومثل ذلك يفعلون في قوله تعالى: "فأينما تولوا فثم وجه الله"، وهذه والتي قبلها لا تحمل على الظاهر باتفاق بين المسلمين لا يجرؤون على إنكاره، فالعجب ممن يهجم على تأويل كتاب الله تعالى، ثم يقف جامداً عند حديث جارية يتأول منه بعض ألفاظه فيقول"في السماء" بمعنى "على السماء" ثم يستشهدون لذلك بقوله تعالى "لأصلبنكم في جذوع النخل" يقولون "على جذوع النخل" فإن أرادوا التشبيه فحاشا وكلا والعياذ بالله تعالى، وإن أرادوا علو القدر والشرف فهذا يوافق ما قاله كثيرون من علماء أهل السنة في حديث الجارية ممن تأوله على معنى حسن
أما لفظ "أين" فقد ورد في الحديث على غير معنى المكان كما روى البخاري في التفسير من صحيحه وأحمد في مسنده من قول عائشة وقد سألها مسروق رضي الله عنهما بعض الأسئلة فقالت له: "أين أنت من ثلاث" الحديث، ثم أليس ثبت في الحديث أن الله تعالى يقول يوم القيامة – على ما يليق به -"أنا الملك، أين ملوك الأرض"، فهل هذا سؤال عن المكان أم هو لبيان أن الملك على الحقيقة لله تعالى وحده لا شريك له، وهو ما فهمه البخاري حين قال في قوله تعالى"كل شىء هالك إلا وجهه"، قال في صحيحه "إلا سلطانه" أي أن ملك الله تعالى لا يزول ما هو موافق لحديث "أين ملوك الأرض"، فسبحان الله الواحد القهار
ثم إنه معروف عند العرب استعمال "أين" بين علمائهم وعوامهم لغير معنى المكان، ولو تتبع الإنسان الأمر لوجده كثيراً في كتب العلم والأدب ككتاب أبي العباس المبرد الذي توفي سنة 286 هـ. أي أنه من أهل القرون الفاضلة الثلاثة الأولى من السلف الصالح، وفيه يقول الشاعر:
هـبيـني يـا مـعـذبـتـي أســأت وبـالهــجـر قـبـلـك بـدأتُ ///
فأيـن الفضـل منـك فدتـك نفســي عـلـيّ إذا أســأتِ كـما أسأتُ
أما لفظ السماء فماذا يقولون في قوله تعالى "وفي السماء رزقكم وما توعدون"، وهل منا من رأى خبزاً ولحماً ينزل من السماء، ولكنه المطر سمي سماء بمعنى أنه من أسباب الرزق
وأين هم من قول النابغة الجعدي في حضرة النبي يسمعه صلى الله عليه وسلم:
بلغنا السماء مجدنا وثناؤنا ////وإنا لنبغي فوق ذلك مظهرا .
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأين المظهر أبا ليلى، قال: إلى الجنة، قال أجل إن شاء الله، رواه ابن حجر في الإصابة، فهل بلغ النابغة السماء حقيقة أم أنه المجاز في الرفعة والشرف ولله المثل الأعلى سبحانه أى له الوصف الذى لا يشبه وصف غيره، والحمد الله رب العالمين
التعليقات (0)