Type the text here
حديث الاثنين الصباحي
للكاتبة الأديبة المايسترو السفيرة
ايــــــــــــــــــــــــــمان الهاشــــــمي
-----------------------------------
خالٍ من (الكُحل)!
--------------------------
احتضنتُ قصاصة صغيرة في يدي، وتركتُ قلمي يصب لعاب حبره عليها، ثم ركنت قلبي فوق أحد الرفوف، لعلي أكتب من الجوف بلا أي خوف، ولكن أحرفي آنذاك كانت تمارس اليوغا على ورقتي الخرساء، فلم تنطق بحرف واحد، إلى أن لمحت في عينيّ ومن نافذة غرفتي المربعة، مراهقاً يدخن السجائر بكل فخر، ويقذف دخان الألفاظ النابية في الأحياء حتى بات شارع «الحي» كالميت، ولم يدرك المسكين أنه كان فخوراً بانكسار رجولته المبكرة.
حاولت التعاطف معه ولكنني فشلت، حيث كان قلبي لا يزال مركوناً خارج صدري، ومع ذلك شعرت بالحسرة منه وعليه وعلى والديه وعلى عينيَّ أيضاً، فكدت أذرف الدمع على أمثاله، بعدها انساب صوت أذان المغرب في روحي، فهدأت ثورتها واطمأنَّت بعد الصلاة خاصة، وحين أسدل الليل ستاره على جفني، نسيت نفسي في حوار هاتفي قصير مع صديقتي المقربة عندما كانت تصف لي شوقها إلى سماع أجراس الكنيسة وجلسات الاعتراف مع القسيس، ولتناول قطع «البرشان» لنيل الغفران، فابتسمت بداخلي لوثوقها بمسلمة ملتزمة مثلي، وتأكدتُ من أن الإنسانية لا تزال بخير، رغم أنف الحروب باسم الأديان والطوائف.
لا توجد مساحيق تجميلية لتجميل الواقع، حيث إن مشروبات الحقيقة خالية من (الكحل) ومن المواد (الماسكرة)، لأن الجمال الحقيقي ينبع من إنسانيتنا أولاً وآخراً.
التعليقات (0)