حدثنا هَمَّام بن سلاَم قال: سألت أبا الطرائف عن القذافي، أشخصٌ يُرَى أم كائن خرافي؟ صِفْ لنا أحواله، وشمائله وأطواره! فقال أبو الطرائف: له شَعْر كثيف، وعقل خفيف. مُصَعَّرُ الخدّ، ليس لكلامه حَدّ. يعشق الهذيان، وتحرُسُه النِّسوان. له كتاب أخضر، وولد أسمر. وآخر أبيض، أيَّد وأعرض. فيه إسْراطين، ووَحيُ شياطين. كثيرُ البَجح، قليل النُّجْح. حُمْقه طَفَح، عَتهُه رَجَح. سيَّان بَسَم أم كلَح. تتبَعُه خيمة، وتُرهِبُه غيمة. إذا خلا صرخ، وإذا نازل رضخ. عالمٌ نِحرير، بكل أمرٍ بصير. يترنحُ كسكران، أو كشارب شوْكران. واعظٌ خطيب، بيطري طبيب. سياسي أريب، كاتب أديب. فنان حكيم، خبير عليم. إذا حدَّث أطال، وإذا صمت جَلَّى وجَال. كلامُه ريح في قفص، فعلُه جربٌ على برَص. كلامٌ كالعسل، وفِعلٌ كالأَسَل. حديثٌ ليِّن، وظُلم بيِّن. إذا رضِي أنال، وإذا سخط أقال. إن سُئِل تَمنَّع وجادل، وإذا أُكرِهَ مَنَح فأزجل.
مَلكُ الملوك، رَبُّ كل صعلوك. زعيمٌ ثائر، رئيسٌ حائر. قائد فاتح، ثورٌ جامِح. يبيع النفط، إذا تكلم عَفَط. يَحكُم بلا حكومة، أُبُوَّةً وأمُومَة. ليس له وزير، لا نائب ولا أمير. حلَّ البرلمان، أرضُه أمان. له مؤتمرات ولِجان، وإنسٌ وجان، وهو الملك الديان. معشوقُ الجماهير، صاحب المناكير. غريبُ الزّيِّ، يُداوي بالكَيّ، يغلبُه العيّ، فيُبرِمُ الحَيّ. عارضُ أزياء، وائدُ أحياء. لا رادَّ لحُكمه، يموت بسُمِّه. كثيرُ السَّقَط، سريعُ الشطط. يُقْدِم كعنتر، ويتبخَّرُ كزعتر. يُثْنَى عليه ويُمْدَح، لا يُشارُ عليه ولا يُنْصَح. يَفخر بالعرب، ويُمجِّدُ النسب. ومنهم هرب، وعنهم غرب، إلى حيث "بامبارا" و"باسا"، و"الزولو" و"الهاوسا". رُتبتُه عقيد، دماغُه حديد، على أهله شديد، وفي الجِدِّ رِعديد. حَكم فوق الأربعين، أحمقُ من راعي ضأن ثمانين. سرق الكرسي، مِن عند السَّنوسي.
احتجَّ مع الناس، مرفوعَ الراس، لإسقاط القذافي، ثالثةِ الأثافي. قاتَلَ بنغازي، واستقبلَ التعازي. ضرب وبكى، سبق واشتكى. أُدِينَ فأنْكَر "لوكربي"، وقال لستُ أنا يا ربِّي! لكنْ دفع العِوَض، سخاءً بلا مَضض. صارع "ريجان"، بكلام رنان. ووعيدٍ وخُطب، وسبٍّ وصخب. بقبقةٌ في زقزقة، أحمقُ من هبَنَّقة. كالمُهَدِّر في العُنَّة، مبتدعٌ في سُنَّة. فأسْكتَتْهُ قنبلة، فانحنى كسُنبلة. استقدم المرتزقة، من بلاد الأفارقة، ليحارب ابنَ البلَد، بصبر وجلَد. واستقوى ب"سيف الإسلام"، بيده السيف والإعلام. وابنُه "هانيبال"، هانئ البال، قبيحُ الفال، يبذل المال، ليسترِقَّ الناس، على رقصٍ وكاس. يُمَرِّضُه الأُكْرَان، مع الشقراء نَشوان. قلبُه في كوبا، أَحبُّ إليه من طوبى. أضلُّ من ضَبّ، ألسع من عقرب، أعدى من الجرَب. أغشمُ من السيل، أفظع من الويل، أخبط من حاطب ليل، يتمايل كالذيل. أقسى من صخر، أغدر من غدير، باللَّعن جدير. وجهُ الحيزبون، حُكمُ الدَّيدبون. أخفُّ من الهباء، يتلوَّنُ كحِرباء.
يصمت دهرا، ويَنطق كُفرا. يهرِفُ بما لا يعرف، يُبَذِّر ويُسرف. يُحلِّق بنظراته، كفيلسوف في خلَواته. تارة مع العرب، ثم تراه هرب. وطورا مع الأفارقة، ولَو في شمس حارقة. كلامُه لا يُرد، هو الواحد الأحد. فالإخوان زنادقة، والطائفة مارقة. أهل اليسار عار، واليمين شنار. مُجدد الإسلام، ومُصلح الأنام. يفخر بالمختار، ولمعمر أسرار. وأنَّى لمعمر أن يدرك عمر؟ وهل يحجبُ نورَ الشمس قمر؟ يسعى إلى حَكْيِه سعيا، وهل يبلغ الثرى الثريَّا؟
يطلق على رعيته الرصاص، وينادي القصاص القصاص! سفَّاح مجرم، ثائر مسلم. خَطَب فقال: "أيها الفئران! يا قطط يا جرذان! إما هُلْكٌ وإما مُلك. أقاتلُكم حتى آخر رصاصة، وأمصُّ دمَكُم وليس بي خصاصة". أليس "قذاف الدّم"، والغِلِّ والسُّمّ؟
قال همَّام بن سلام: حَسْبُك حسبُك! أهذا القذافي؟ وغيرُ خُرافي؟! قد حيَّرتَ أربابَ القوافي، اشفِنا يا شافي! نسألُكَ العوافي! لقد قلتَ فيه ما لم يقل مالِك في الخمر.
قال أبو الطرائف: فهذا البادي والخافي، في وصف القذافي. قال همَّام بن سلام: لله درُّك! والله ما رأيت إنسيا كهذا قَط، يعدو وحده ثم ينط، أسدٌ تارة وطورا قِط، أخسُّ من الذَّر وأحطّ. ثم أنشأ يقول:
هذا القذى في عينه ؞؞؞ لا يُرتجى رَدُّ الرَّدى
خُذْ قبضة من طيننا ؞؞؞ اضربْ بها رَجْعَ الصَّدى
اقذفْ به وجهَ الذي ؞؞؞ مِن جَوْره جاز المدى
مُستكبِرٌ مُستقبَح ؞؞؞ أقبِحْ به أعدى العِدى
عن موقع ليبيا المنارة
29-3-2011
التعليقات (0)