عن نفسى أتحدث , لست فردا فى أحاسيسى أو آرائي , أنا نموذج او صورة لكثير من الناس . أزعم أننى أحببت وطنى مصر حبا فوق معانى الحب , اهتممت بقضاياه حتى درجة المرض , رفضت فرص عمل خارج أرضه ذات عائد مادى عال ومجز , أخذت أتابع قضاياه بقلب ملهوف ونفس واجفة , كنت قد وصلت لحالة اليأس منه , وفقدت الأمل من أى اصلاح يرتجى فيه . جاءت ثورة 25 يناير , نبت الأمل فى قلبى من جديد , بكيت فور سماع تخلى الطاغية عن الحكم .
وأخذت الأيام تمر , ثبت لى أننى كنت ساذجا لفرحتى وأن أمور الوطن صارت فى أيد مرتبكة . أخذت تحدث أمور خارج نطاق العقل - انفلات أمنى وخروج الشرطة عن تأدية وظيفتها مع أن المواجهة كانت بين أفراد قلائل من قواتها وبين ثوار التحرير , 2 ترك مبارك وحاشيته لأكثر من ثلاثة أشهر دون قيود مما أعطاهم الفرصة لاخفاء أموالهم . 3ظهور الطائفية الدينية بطريقة فجة واعلانها الحرب على الدولة المدنية ووقوف المسئولين موقف المتفرج 4 تكريم رئيس وزراء مصر لشاب أنزل علم دولة أجنبية بينها وبين مصر اتفاق سلام , ونفس الحكومة تحاكم من اقتحموا نفس السفارة أمام محاكم عسكرية ! 5أصوات تعلو مطالبة بتأجيل الانتخابات لأعطاء قوى الثورة فرصة تنظيم صفوفها دون أن يسمع لها أحد 6 ثورة سلمية من بعض أبناء الوطن أمام ماسبيرو يقتل فيها حوالى 25 مواطنا بعضهم تم دهسه تحت المدرعات ثم يصدر تقرير من لجنة تقصى الحقائق يقول ان الشرطة العسكرية لم تطلق النار ولكنها كانت هدفا لاطلاق النار مثل المتظاهرين من جهات أخرى ولم يحددوا ما هى تلك الجهات ,مما يمثل أقصى ما يمكن أن تصل اليه جهة فى الاستخفاف بعقول الناس .
أنا ألآن قادم من الخارج , كنت آمل فى السير خطوات أشعر فيها بتغيير حالة الجمود والاحباط , وجدت مقاعد المقاهى تغلق الطرق , السيارات تمرق دون ضابط , لا توجد أرصفة للسير , عدت الى المنزل ايثارا للسلامة , هذا صوت تلفاز يصرخ بالقرآن من مسكن مجاور , وهذا كاسيت تتفجر منه موسيقا تصك الآذان ! بالطبع لو اتصلت بالشرطة لن يرد على أحد , ولو رد وشكوت له من الضجيج الذى يقتحم مسكنى فسوف يعتبرنى مجنونا . ماذا أفعل ؟ , لقد صرت فى عمر لا يحتمل الهجرة , والوطن لا يرحم , ولا يبدو فى الأفق أنه فى الطريق الى نظام انسانى يحترم حق الانسان فى حياة متحررة من الخوف والقلق والاحباط . هل أخطأت فى حبى لهذا الوطن ؟ وهل حب الوطن حب مطلق بلا حدود ؟
التعليقات (0)