مواضيع اليوم

حدث في مقهى شعبي

راميار فارس الهركي

2014-05-10 08:21:32

0

 

كان يسير وحيدا على غير هدى في شوارع المدينة المكتظة بالسيارات والراجلة ، عندما قادته قدماه الى احدى المقاهي الشعبية للاستماع الى مايتناقله الناس من احاديث عن شؤون الدنيا ومافيها وشرب فنجانا ساخن من القهوة.

  جلس على احدى الكراسي التي كانت مصفوفة بانتظام داخل المقهى ، تطلع من حوله فوجد عدد من الشباب يتمازحون مع بعضهم البعض ويقهقون بصوت عال .

اخرج من حقيبته صحيفة كان قد اشتراها يوم امس ولم يتسنى له قرأتها ، ثم بدأ يقرأ مافيها العناوين التي تتصدر الصفحة الاولى ، عندما استوقفه خبر تحت عنوان ( 16% من المواطنين يعانون امراضا نفسية والاعتبارات الاجتماعية سبب العزوف عن العلاج).

قرأ الخبر باهتمام واضح ، واعاد قرأته مرات ثم وضع الصحيفة جانبا شاردا بذهنه سابحاً بأفكاره مركزا نظره الى لوحة فنية كانت موضوعة على احد جدران المقهى .

موضوع اللوحة كان يعكس وقع الحروب وتأثيرها على بني البشر ، الموضوع كان "طفل يقف وسط جثث القتلى وكانت دموعه تعكس مايقاسية بني البشر من رعب وحرمان من هول ومأسي الحروب التي هي نتيجة واحدة للاطماع والكراهية التي يكنها الانسان تجاه اخيه الانسان".

-كيف لايصابون بالامراض النفسية بعدما عايشوا احداثا دامية مرت عليهم من قتل ودمار وضياع والمعاناة والالام التي لاتحصرها الاعداد والنسب ، وبعدما ادركوا جميعا ان لاأمل يرجى من الحرب وان الشعوب لاتنهض بالحروب وانما بالتعاون والاخاء الانساني.

وبينما هو سارح بأفكاره ، سمع احدهم يقول للاخر وكان جالسا بجانبه :

-يتحدثون في الاخبار عن اعلان جديد للوظائف الحكومية.

أجاب الاخر قائلاً

-لاتصدق ما ينقل في الاخبار ومايكتب في الصحف ، مجرد كلام ووعود يطلقها اصحاب الشأن وها قد مر على تخرجنا سنوات ومانزال كما نحنا مكانك راوح.

- لعلهم يصدقون القول هذه المرة.

-لااعتقد ذلك.

عاد الى افكاره التي اتخذت منحاً اخر هذه المرة ، عاطلان عن العمل شيء ليس بالغريب علينا فجميع شبابنا عاطلون عن العمل ، نسهر اليالي ونبذل الجهود من اجل الحصول على شهادة والنتيجة لاشيء .

وتسأل مع نفسه :

لماذا كنا ندرس ونتعب ونسهر اليالي?  امن  اجل الحصول على الشهادة لنزين بها الجدران ، ام اندرس لارضاء اهالينا ليفتخروا امام الناس والمجتمع ام ندرس لنقضي اوقاتنا في المقاهي اوالتسكع في الشوارع؟؟ الا يكفينا معاناة ، فصبرنا نفذ وقلوبنا أمتلات بالاحزان ودموعنا بدأت تجف .

نظر الى ساعته ووجدها الخامسة مساء ، مر على جلوسه ساعتان ، أحس بضيق شديد في صدره ... انه بحاجة الى استنشاق هواء نقي وتأمل شمس الغروب .

راميار فارس الهركي

كاتب وصحافي من العراق

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !