حدث ذات مرة فى طرقات المجلس العسكرى؟
كان الحدث الأكثر إثارة فى تاريخ مصر الحديث هو مشهد اللواء عمر سليمان حزينا وفى كبد يطيح برأسه يمينا و شمالا و لأسفل و أعلى على وأد وكمد وكأنه فارقه عزيز وهو يلقى بأسى خطاب تخلى الرئيس "المخلوع" مبارك فى أحد طرقات أروقة المجلس العسكرى وخلفه شخص قوى الجثة ينظر فى إتجاهات شتى فى غضب و كأنه يبحث عن شئ ضاع منه كماله أو عرضه أو أحد من أفراد أهله أو عائلته أو أولاده .
كان البيان قصيرا ويتكون من 31 كلمة و ثلاثة حروف عطف فقط ولا يتطلب هذا القدر من الأداء الميلودرامي المسرحي الذى قام به رئيس جهاز المخابرات العامة السابق ونائب المتخلى وكأنه يلقى خبرا ينعى فيه الأمة فى وفاة ثلاثة عقود كاملة من الرخاء على أساس أنه لم يصل فيها إلى علمه أنها كانت خليطا من الفساد وحكم الفرد المطلق وبطانته وزبانيته و لصوصه ودجالينه و رقاصينه و رقصاته الذى كان عمر سليمان هو شخصيا أحد أبرز نجوم و أقطاب ودعائم نظامه وكأن مصر التى فى التحرير و ميادين مصر لا تريد من سيده أن يرحل ؟
فضخب تنحى مبارك عن السلطة ألهى السامعين عن السؤال الأهم والأكثر تأثيرا لأنه يتعلق بمستقبل مصر لا الماضى القريب وحادث تداعى سقوط الصنم وقوة إثارته الدرامية والبلاغية والدلالية الذى غطى على إجابة السؤال المسكوت عنه خارج إطار الشاشة بعيدا عن كواليس المشهد ذاته فى مكان ما فى ذات المجلس العسكرى حيث كان يجرى طبخ سيناريو المشهد قبل أن تدور الكاميرا لتسجل وقائعه المثيرة بطرقة موقع التصوير بالمجلس العسكرى .
و سيسجل التاريخ أن من بين أدوار اللاعبين (ممن أعدوا تفاصيل سيناريو تقديم هذا المشهد حسب ماتقدم كلا حسب تقديره للموقف والأحداث وموقعه ورؤيته و ثقل مركزه )كان الأهم والأغرب والأخطر فيهم بلاشك هو المستشار فاروق سلطان رئيساً المحكمة الدستورية العليا حيث أن المتداول أنه قام بكتابة وصياغة نص بيان خطاب تنحى مبارك وقد كان مقبولا أن يكون دوره هامشيا فى السياق لولا أن حظه التسع كان له بالمرصاد لأنه فضح نفسه وأظهر مدى ضعف و هشاشة هياكل النظام القضائى بأكمله ومؤسساته فى مصر و خضوعها وولائها التام للسلطة التنفيذية بعيدا عن أى نص قانونى أو موقف أخلاقى أو أدبى على أقل تقدير وأن الناس خدامين على دين ملوكهم وأسيادهم يستوى فى ذلك أن يكون المرء غفير أو مستشار أو إعلامى أو إئتلافى ثورى مصطنع كلهم سواء يحاربون بضمير و بسيف ولى نعمتهم وذهبه؟
و لبيان مكانة رئيس المحكمة الدستورية العليا نذكر ما نصت عليه المادة (84) من الدستور عام 71 الذى كان مازال قائما حتى مابعد 11 فبراير 2011من أنه "في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية أو عجزه الدائم عن العمل، يتولى الرئاسة مؤقتا رئيس مجلس الشعب، وإذا كان المجلس منحلا حل محلّـه رئيس المحكمة الدستورية العليا، وذلك بشرط ألا يرشح أيهما للرئاسة..." ومن هذا النص واضح الدلالة وهو لا يحتاج لمفسر فقد ظهر جليا عدم إحترام رئيس المحكمة الدستورية ذاته لنصوص الدستور المكلف هو شخصيا بحمايته و تفسيره قانونيا باعتباره أبو القوانين فقد كان موكلا بنص الدستور للمستشار فاروق سلطان رئيساً للمحكمة الدستورية العليا تولى رئاسة الجمهورية مؤقتا لحين إجراء إنتخابات عاجلة لرئاسة الجمهورية فى فترة ستة شهور حال خلو منصب رئيس الجمهورية و خلو منصب رئيس مجلس الشعب ..ولكنه فضل هو أيضا التخلى طواعية دون بروبجندا للمجلس العسكرى عن منصبه الذى يقره له الدستور كرئيس مؤقتا للبلاد بحكم منصبه كرئيس للمحكمة الدستورية ؟
وفى شهر يونيو الماضي،قام المواطن سليمان السيد سلام منفعلا بمقاضاة كل من رئيس الجمهورية السابق ورئيس المجلس العسكري إضافة إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا لتمكين رئيس المحكمة الدستورية العليا من إدارة شئون البلاد لحين إجراء انتخابات تأتي برئيس جديد للبلاد بدلا من المجلس العسكري وهو ما رفضته المحكمة القضاء الإداري وانتهت إلى حكم مدهش سوى بين قرار إنابة أحمد نظيف رئيس الوزراء السابق بأعمال رئاسة الجمهورية مؤقتا لحين إجراء المخلوع عملية جراحية فى إلمانيا و عودته لمصر و قرار مبارك الصادر في 11 فبراير الماضي فيما تضمنه من تكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد وإعتبارته قرار سيادي أصدره مبارك باعتباره رئيسا للجمهورية وهو ما رأت أنه لا يخضع لولاية محاكم مجلس الدولة والقضاء بصفة عامة عليه، المحكمة الإدارية رفضت بالتالى وقف تنفيذ وإلغاء قرار مبارك بتخويل المجلس العسكري بإدارة شئون البلاد وتمكين المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا من إدارة شئون البلاد، مستندة إلى أنه على الرغم من أن الدستور حدد إسناد مسئولية إدارة البلاد في حالة غياب وخلو منصب رئيس الجمهورية إلى رئيس مجلس الشعب وفي حالة غيابه تسند الى رئيس المحكمة الدستورية العليا ولكن محكمة القضاء الإداري رأت على عكس مايقره الدستور أن مبارك لم يغب وإنما أصدر قرارا بوصفه رئيسا للجمهورية "سلطة حكم" بتفويض المجلس العسكري بجميع صلاحياته واختصاصاته وأن القضاء الإدارى غير مختص بالفصل في الدعاوى المتعلقة بأعمال السيادة وفقا لنصى المادتين 17 من قانون السلطة القضائية والمادة رقم 47 لسنة 1972 مضيفة أنه لا يجوز للمحاكم أن تفصل في في أية دعوى تتعلق بأعمال السيادة لتعلق هذه الأعمال بسلطة الحكم وسياسة الدولة العليا.وهو مايعنى أن مبارك كان يمكنه أن يفوض أى شخص حتى لو كان من أصدقائه فى إسرائيل فى صلاحية رئيس الجمهورية وهو ما أعده البعض حكما سياسيا أو أكثر من كونه قضائيا ؟
والمفزع فى المشهد الكلى الذى يبدو بعيدا عن أعين وحماس الثوار و الشباب الذين يطالبوا فى مليوناتهم بتولى رئيس محكمة الدستورية رئاسة الجمهورية دون أن يتنبهوا إلى أهمية إنتخاب رئيس المحكمة الدستورية العليا من هيئة قضائية تأكيدا لمبدأ الشهير للفصل بين السلطات الذى أقرته الثورة الفرنسية بدلا من تعينه بقرار من رئيس الجمهورية إضافة إلى عدم التفاتهم بالتقصى و السؤال و الإستفسار عن من هو الرئيس الحالى لهذه المحكمة قبل أن يتسارعوا بطلباتهم لتعينه رئيسا مؤقتا للجمهورية لإزاحة المجلس العسكرى من المشهد .
فقد جاء تعيين المخلوع للمستشار فاروق سلطان رئيسا للمحكمة الدستورية ، ليصبح بذلك ثالث شخص يتولى المنصب الأعلى قضائيا في مصر من خارج المحكمة الدستورية، وهو ما اعتبره المنتقدون أثناء حكم المخلوع ضربا بعرض الحائط لتقاليد المحكمة الخاصة بتولية أقدم مستشاريه لهذا المنصب واتهم المستشار الخضيري حينذاك سلطان بالوقوف وراء جميع المخططات التي كان الهدف منها تجميد الحياة السياسية خاصة في النقابات المهنية، والتي وصلت في بعضها إلى 15 عاما، كما كان الحال بالنسبة لنقابة المهندسين.واعتبر الخضيري اختيار سلطان لهذا المنصب بأنه يأتي مكافأة سخية له على خدماته الجليلة للنظام على مدار السنوات الماضية، وقال لن ينسى التاريخ ما فعله في النقابات التي كانت يوماً من الأيام تمتلئ بالحيوية والحركة ثم مالبثت أن تعرضت للموت بالسكتة القلبية بسبب هيمنة النظام عليها عن طريقه .
واشار فى ذلك الوقت بوجود علاقة قوية بين ما يسمى بـ سيناريو توريث السلطة في مصر من الرئيس حسني مبارك حينذاك لنجله جمال، وتعيين سلطان رئيسا للمحكمة الدستورية العليا.وقالت المستشارة تهاني الجبالي بمناسبة تعيين سلطان رئيسا للمحكمة الدستورية بأن ما جرى في المحكمة الدستورية مؤخراً يدمي القلب ويعد تجاوزاً لكافة الأعراف والقوانين وإلتفافاً على الأسلوب المتبع داخل تلك المؤسسة الدستورية العريقة.
وقد إرتضى المستشار ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة الدستورية ومن بعده المستشار فاروق سلطان تعطيل القضية التى قام برفعها المستشار خالد كمال خالد بصفته مواطن لا قاضى (وهو ابن المرحوم كمال خالد المحامى الشهير الذى حل مجلس الشعب ثلاثة مرات فى عهد المخلوع لعدم دستورية قانونه الإنتخابى ،مرتان منهم فى العصر الذهبى للمحكمة الدستورية العليا فى عهد المستشار الدكتور عوض المر ) لأول مرة فى تاريخ القضاء المصرى
ضد رئيس الجمهورية و آخرين بعدم دستورية الاستفتاء على تعديل المادة 88 من الدستور التى تلغى فى شكلها المعدل الأشراف القضائى الكامل على الانتخابات دون إشراف قضائى كامل على عملية الإستفتاء على تعديل المادة و تطبيق التعديل مباشرة قبل الإستفتاء ذاته و هى القضية التى مازالت تنظر فى أروقة المحكمة الدستورية منذ عام 2007 حتى الأن حتى وبعد إختفاء الخصوم من المسرح السياسى و إنتفاء الغرض من الدعوى بعد ثورة 25 يناير؟
المستشار ماهر عبد الواحد الذى سبق إنتدابه عضوا باللجنة العليا لتنمية
القطاع الخاص في مصر برئاسة وزير قطاع الأعمال بتاريخ 8/11/1994. قبل تعيينه نائب عام و بمناسبة دوره كنائب عام سابق فى تسهيل عملية هروب ممدوح إسماعيل صاحب العبارة الغارقة الشهيرة بتركه يهرب خارج البلاد دون حبسه احتياطياً لمدة 43 يوما ، والتراخي في رفع الحصانة عنه، وتقديمه القضية إلي محكمة الجنح، في حين أنها جناية ينبغي محاكمة المتهمين فيها أمام محكمة الجنايات، كما جاء في قرار الاتهام و الإحالة من النائب العام ، أن التحقيقات التي أجرتها النيابة كشفت عن أن العبارة «السلام ٩٨» سليمة .. ومتوافر بها كل الأجهزة المطلوبة، وأنها صالحة للاستعمال، كما لا يوجد جهاز فني واحد بها معطل.و إن غرق العبارة لا علاقة له بالشركة مما دفع المرحوم مجدى مهنا فى مقال شهير فى جريدة المصرى اليوم أن يتسأل " لماذا أحال النائب العام كلاً من المهندس ممدوح إسماعيل ونجله عمرو، إلي محكمة جنح سفاجا، إذا كانا غير مسؤولين عن غرق العبارة، وأن العبارة السلام ٩٨ كانت سليمة وصالحة للاستعمال، وأن شركة السلام ليست هي المسؤولة؟"
بل و تنبأ قائلا "إن المعني الصريح لقرار النائب العام - حسبما فهمته - هو أن كلاً من ممدوح إسماعيل ونجله عمرو سيحصلان علي البراءة المؤكدة في المحكمة، وهذا يجعلني أطرح السؤال من جديد: لماذا الإحالة إذا كانت البراءة هي النتيجة الحتمية والمتوقعة لهما؟"
.وربما لهذا تم التعجيل بمكافأة المستشار ماهر عبد الواحد بتعيينه رئيسا للمحكمة الدستورية العليا و مع ذلك تم رفع دعوى مخاصمة ضده ولأول مرة فى تاريخ من تولوا منصب النائب العام بل وأثناء رئاسته المحكمة الدستورية العليا ، والتى تقدم بها عصام سلطان، المحامى، بتوكيل من الدكتور محمد عبدالحليم، الذى فقد أسرته المكونة من خمس أشخاص فى غرق العبارة . جاء فى عريضة الدعاوى أن النائب العام السابق أخطأ خطأ مهنياً جسيماً. فى تحقيقات القضية «العبارة السلام 98» التى تضمنت غشاً وتدليساً وغدراً.بترك ممدوح إسماعيل، المتهم الأول فى القضية، أكثر من 43 يومياً حراً طليقاً غير محبوس احتياطياً كما ينص القانون وغير ممنوع من السفر.وهو الأمر الذى أعطى الفرصة لإسماعيل أن يجهز عشرات المستندات مدفوعة الأجر والشهود، والتأثير عليهم بالترغيب والترهيب للآخرين، واستطاع تحضير دفاتر ومستندات غير صحيحة. وكل هؤلاء الشهود والأوراق اعتمدت عليها المحكمة فى براءة المتهمين فى القضية أمام محكمة أول درجة.وأضافت الدعوى أن النائب العام السابق ترك إسماعيل يسافر إلى لندن ليصرف أموال التأمين ليتمكن من دفع أموال لصحفيين وآخرين لمساعدته على قلب الرأى العام لصالحه وهذا ما يخالف قانون الحبس الاحتياطى.وأشارت الدعوى إلى أن تلك المخالفات التى ارتكبها النائب العام السابق أدت إلى توجيه تهمة التراخى فى الإبلاغ والإهمال فقط للمتهمين وليس القتل العمد، وبالتالى وجدت المحكمة نفسها مقيدة بهذا الوصف ولم تستطع الخروج عنه فقضت بالبراءة. وقد قرر النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود بعد الثورة بإعادة فتح التحقيقات في قضية غرق العبارة »السلام 98«، ليفتح الملف المسكوت عنه في الجريمة التي راح ضحيتها 1034 مصرياً في 2006.
ولم يكن الحال قبل تعيين المستشار ماهر عبد الواحد رئيسا للمحكمة الدستورية أفضل حالا فقد خلف فى رئاسته للمحكمة المستشار ممدوح مرعي رئيس المحكمة الدستورية الأسبق والذى تولى أثنائها رئاسة لجنة الانتخابات الرئيسية لمجلس الشعب عام 2005 فاستبعد 1000 قاضى لمواقفهم السياسية المناهضة للحكومة و ارتضى ان يرأس لجنة للاشراف والفصل القضائى تضم شخصيات عامة و ليس قضاة و قبل تعين و كلاء نيابة عامة و إدارية وهم ليسوا قضاة للاشراف على لجان عملية الإقتراع وقد عين لجهوده فى رئاسة لجنة الإنتخابات ورضا المخلوع عنه وزيرا للعدل وشهد فى عصره أزمة القضاة المستقلين وتحويل المستشار هشام البسطاوسى للتحقيق القضائى و الأشراف على تزوير إنتخابات مجلس الشعب الأخيرة .
ونحن أحيانا ننسى أن الواقع والتاريخ يقول أن اليلاد لم تكن فى خطر حرب داهمة و شاملة مع عدو خارجى و تموج بمليشيات دبنية مسلحة حتى يداس على الدستور و يمتهن والشاهد أنه عندما توفى الرئيس جمال عبد الناصر فى سبتمبر عام 1970و نحن فى حالة حرب علانية مع إسرائيل و عندما إغتيل الرئيس السادات فى حادث المنصة فى 6 أكتوبر عام 1981 والبلاد تعوم فى عنف الحركات الدينية المتطرفة إنتقلت صلاحيات رئيس الجمهورية مؤقتا إلى السيد رئيس مجلس الشعب ولكن الرئيس المتخلى الذى شاء القدر أن يكون أخر قرار له كحاكم لمصر تخوبل كافة صلاحياته لمن لايستحق دستوريا لينتهك الدستور الذى حلف على إحترامه خمس مرات أثناء توليه منصب رئيس الجمهورية على مدى ثلاثين عاما ولكنه إعتاد واستمرئ على إنتهاك نصوص الدستور فقد شهد عصره حل مجلس الشعب أربعة مرات لعدم دستوريتها و أخرها كان بثورة شعبية بل تمتع عهده بخيانة وإعتداء على روح النظام الجمهورى عبر التجهيز والإعداد وتسخير مرافق ومؤسسات الدولة من أجل توريث منصب رئيس الجمهورية لإبنه ..
وفى النهاية تظل نصوص الدستور و القانون عموما ماهما إلا مرجعية تعكس حضارة و ثقافة الأمم تتفق عليها الشعوب لتنظم السلطة فى المجتمع والحقوق الواجبات وعلاقات المؤسسات والأفراد داخل أى دولة ما ..وليس مجرد مجموعة نصوص هشة ومهملة لا قيمة لها وحبر على ورق تواليت لا يتم تفعيلها أو تعطيلها إلا حسب الأهواء و الأغراض فعلى ما يبدو أن لا أحد يؤمن بدولة المؤسسات وقادسية القانون و الفصل بين السلطات وهى ثقافات لم تستوعبها عقيدتنا السياسية بعد ولذلك فنحن كدول لم تعرف الديمقراطية بعد مازالنا نؤمن بالأهتمام بتكديس لنصوص القانون دون الإيمان بجدواها أو تأثيره أوتفعيلها كحاكم بيننا فى لحظات التغيير الكبرى للشعوب .
والحقيقة أنى لا ألوم المجلس العسكرى على توليه صلاحية رئيس الجمهورية مؤقتا مادام رئيس المحكمة الدستورية المنوط به دستوريا تنصيبه فى هذا المنصب موافقا وراضيا وغير معترضا أو متضايقا أو يشكو و ليس له أى رأى مثل باقى جهاز السلطة القضائية المصرى كاملا الغير مكترث من إنتهاك أحكام الدستور وكأنه شأن لا يعنيه وإعلانهم جميعا طواعية وضمنيا أنهم ليس لديهم الكفاءة أو القدرة أو الرغبة فى تولى مهام هذا المنصب ومن ورائهم فريق طويل من الإعلاميين الكبار و الصغار الذبن يصدعوننا عن الدستور واصلين الليل بالنهار سواء فى صفحهم أو ضيوفهم و ثرثرتهم المتلفزة دون أن يأكدوا على عدم إهدار تراث أحكام المحكمة الدستورية العليا التى أستقرت وأصبحت تلقائيا قوانين فوق دستورية حاكمة و ملزمة بشأن أحكام عدم دستورية القوانين الإنتخابية التى تقسم الدوائر الإنتخابية بما لايتناسب مع قدرات وطاقة الفرد المستقل أو التى تعطى وتتحيز لاحتواء والتلاعب بأحزاب ضعيفة وهشة وهلامية ومازالت فى مراحل التجريب والاختبار السياسى وتفتقد إلى نظاما داخليا قويا وبرامج واضحة وجادة بل لا زال منها ما لم يقوم ببناء وإنتخاب هياكله الداخلية المركزية أساسا لا الفرعية وتمنحه للآسف نسبا مبالغا فيها من مقاعد التمثيل البرلمانى لايتناسب مع حجم شعبيتها الحقيقى فى الشارع المصرى من أجل إعادة إنتاج أشكال جديدة من الحزب الوطنى فى ظل مقاومة المجلس العسكرى لفكرة العزل السياسى لكبار قيادات الحزب الوطنى المنحل ليس فقط سنتين و لا خمس و لا عشر و لكن مدى الحياة لتفكيك البنية التحتية للفساد بل ترك المجلس الباب على مصراعيه لمن أثروا ثراء غير مشروع فى عصر مبارك بفعل الفساد بتكوين أحزاب يدعمها المال الحرام دون حد أو ضابط أوسقف وحد قانونى لحملات الترويج للعضوبة أو الإنتخابات وفى غياب كامل للنصوص القانونية و فوضى شاملة وإعلام فاسد سمح بمساندة وترويج قنوات إعلام مرئى و مقروء فى أن تتسابق دفاعا عن مصالح مالكيها وبقوة نفوذهم ولغسيل أموالهم و ركوب عصر الثورة وكأن المجلس العسكرى لا يعلم هو وسياسيون الأمة أنه لا يوجد بلد فى العالم المتقدم يسمح بترويج لحملات إعلانية مباشرة لأحزاب سياسية دون ضوابط كما لا يملك أكبر الأحزاب فى أوروبا و أمريكا قنوات تليفزيونية تروج لنشاطها الحزبى كما تفعل قناة O.TV وشقيقتها ON.TV من إعلانات لصالح حزب المصريين الأحرار ؟
وعلى هذا فأن من الطبيعى إلا يشغل بالنا ما حدث للدستور ذات مرة فى طرقات المجلس العسكرى على لسان سليمان و يد سلطان ويصبح طى النسيان أو الكتمان المتفق و المتوطأ عليه فى عالمنا الثالث عشر الذى يدور حول نفسه فى حلقة مفرغة من مبادئ قانون غزوة عجين الفلاحة الحاكم مع المال الحرام المختلط والدستورى والكوميدى جدا ؟
خالد طاهر جلالة
التعليقات (0)