لقد إستبشرت الشعوب العربية وعم الفرح بأنطلاق الثورة العربية في الشهور الأولى لهذه السنة . وقد إنطوت تحت لوائها كل الطوائف الشعبية ضد الأنظمة الدكتاتورية وأنصارها وأجمعت على مبادئ الحريات والديمقراطية والحكومات المدنية , مما جعل الشعوب والدول الغربية وغيرها تسارع بالترحيب بها حتى أطلقت عليها ربيع العرب . ولكن بمرور الوقت وتطور الأحداث أخذ الشك يتسرب إلى النفوس والخوف من تأخر تحقيق الاهدااف السامية للثورة العربية التي قد تحتاج إلى وقت لتسوية الخلافات المذهبية بين العلمانية والدينية . فالثورات التي نجحت في تونس ومصر بتنحية مبارك وبن علي دخلت في صراعات فكرية ومذهبية ودستورية مما جعل نجاح الثورتين موضع التساؤل وإحتمال الالتفاف حولها من طرف أنصار الأنظمة السابقة أو من الأسلاميين ويتوقف نجاحها على تطور الأحداث في المستقبل . أما في ليبيا وسوريا واليمن فقد تطورت فيها الثورات إلى صراعات وحرب بين الشعوب وأنصار حكامها الدكتاتوريين القذافي والاسد وعلي صالح وكتائبهم العسكرية التي أعدوها لمثل هذه الأنتفاضات الشعبية .ومنذ فترة ونحن نتابع الأخبار المتضاربة عن هذه الثورات الثلات , ففي سوريا نسمع ونرى في التلفزيون ووسائل الأتصالات الألكترونية المظاهرات الضخمة للشعب السوري وجرائم القمع والقتل التي يرتكبها النظام . في نفس الوقت نرى مظاهرات أنصار النظام ونكران وسائل أعلامه لما يقوله الثوار من أخبار القتل والقمع . ولم نعد نعرف من نصدق خاصة في غياب تقارير مراسلي وسائل الأعلام الأجنبية والمحايدة . فهل صحيح كل هذه الضحايا بالالاف في سوريا ؟ أن ما نسمعه ونراه عن أعداد الجرحى والقتلى وأصوات الرصاص وقنابل المدافع في مواجهة المتظاهرين من أفراد عن طريق هواتف الموبايل . ودعاوى النظام السوري وأنصاره بأن قوات الأمن والجبش تطارد العصابات الاتية من الخارج التي تختفي بين الجماهير. فمن نصدق ؟. لا شك إنه توجد ثورة شعبية عامة في سوريا وأن النظام يسمح للمواطنين بالتظاهر فلماذا يطلق عليهم النار ؟ وهل تنتهي مساعي التوفيق بين الفريقين بالنجاح أو أن فشلها أصبح حقيقة مسلم بها . أما في اليمن فالأنقسام واضح فأنصار علي صالح يخرجون بالالاف ومظاهرات المعارضة تعم المدن اليمنية . والضحايا من قتلى وجرحى تفوق الألاف . وتضارب الأخبارمن الجانبين يجعلنا نجهل حقيقة ما يجري هناك خاصة إنه هناك مساعي من دول الخليج لأيجاد حل سلمي للصراع . أما في ليبيا فقد سادت حالة من تمركز الثوار في مناطق كثيرة لكنهم توقفوا في كل الجبهات رغم قصف الناتو المستمر غلى مراكز القيادة وعلى كتائب القذافي الزاحفة على الثوار . ففي الجبهة الشرقية توقف الثوار على حدود البريقة وفي جبهة مصراتة في ضواحي زليتن وفي جبهة الجبل الغربي في تيجي , مع وجود أخبار بالتقدم نحو المدن الساحلية كصرمان والزاوية وطرابلس وهي أخبار ينكرها النظام . و الشئ الذي نلاحظه إننا نسمع هذه الأخبار من مصادر الثوار وهي كثيرا ما تتضارب , وما نسمع عن تقدم ما في إحدى الجبهات حتى نسمع بتراجع وقذف كتائب القذافي لمناطق بعيدة خلف جبهات القتال . كما أن أخبار المعارك متضاربة بين الثوار والنظام فمن نصدق ؟ خاصة ان المراسلين الأجانب في طرابلس لا يسمح لهم زيارة الجبهات , وفي طرابس يكتفون بنقل تصريحات الناطق الرسمي للحكومة أو زيارات مرتبة من النظام للمواقع لتي قصفتها طائرات الناتو والتي يدعي النظام إنها مواقع مدنية وضحاياها من الأطفال والمدنيين الشئ الذي ينفيه الناطق الرسمي للناتو . أما في جانب الثوار فلم نعد نسمع عن تقارير المراسلين الاجانب الذين كانوا موجودين في الأيام الأولى للثورة في المناطق المحررة رغم خطورة المواقع التي كانوا يغطونها في الخطوط الأمامية حتى قتل عدد منهم وهم يؤدون واجبهم . وكانت محطات التلفزيون في الخارج تنقل تقاريرهم وتذيعها في صدر نشرات الأخبار .حتى الجزيرة لم تعد لها مراسلين غيرمحليين وإذا وجدوا لم نعد نسمع منهم على الأقل . هل منع المجلس الأنتقالي دخول الصحفيين الاجانب أو أن جمود جبهات القتال ليس فيه ما يروى عنها من أخبار مما شجع المراسلين الأجانب على مغادرة البلاد . إننا لم نعد نعرف حقيقة ما يجري في سوريا واليمن وليبيا . وأخبار الثورات العربية وجبهات القتال في ليبيا التي نسمعها من مصارغيرموثوق بها التي تتناولها وسائل الأعلام تزيد من بلبلة الرأي العام العربي والعالمي وتعمل أثارها النفسية السيئة على المواطنين .
التعليقات (0)