مواضيع اليوم

حتى لا يتسرب الأستاذ الجامعي

nasser damaj

2010-11-05 16:47:01

0

حتى لا يتسرب الأستاذ الجامعي 
خليل الفزيع 

رغم كل ما يقال وينشر عن التنسيق بين جامعات دول الخليج العربية، يظل هذا التنسيق بحاجة إلى دعم أكثر، ليس في مجال التحصيل العلمي فقط، بل وفي جميع المجالات ومنها أوضاع أعضاء هيئة التدريس على المستوى الوظيفي، فالرواتب والامتيازات والصلاحيات والواجبات وحجم العمل الأكاديمي، كل ذلك يختلف من بلد خليجي إلى بلد خليجي آخر، بل ويختلف من جامعة لأخرى في البلد الخليجي الواحد.
جامعة خليجية تعين خريجي البكالوريوس معيدين، وجامعة أخرى تعطي لكل عضو في هيئة التدريس مكتبا خاصا وسكرتيرا يتابع أعماله، وجامعة تمنح راتبا متواضعا لعضو هيئة التدريس متناسية حجم عمله وما يفرضه وضعه الأكاديمي من مظهر لائق يشرف منصبه وجامعته، وجامعة تمنحه راتبا مجزيا لكنها تستهلك كل وقته، وترهقه بالأعمال المكتبية إلى جانب التدريس، وكأنما هناك نية مبيتة لحرمانه من إنجاز أبحاث الترقية، وهي لا تكتفي بذلك، بل تحاسبه حسابا عسيرا وتلاحقه بالتعليمات والقرارات التي لا تتيح له وقتا لنفسه أو لعائلته أو لأداء واجبه الاجتماعي والثقافي، ما دامت جامعته تلزمه بدوام رسمي.. مع أن الجامعة ليست مدرسة ابتدائية أو إعدادية أو ثانوية، مع احترامنا لجميع مراحل التعليم العام؟ وجامعة أخرى لا تطلب من المدرس سوى تقديم محاضراته والتفرغ بعدها لأي عمل يريده تاركا كل تفاصيل العمل الإداري لسكرتيره الخاص في مكتبه الخاص، وفي جامعات هو الحاكم بأمره وفي أخرى لا حول له ولا قوة.
هذا التفاوت في وضع عضو هيئة التدريس بين جامعة وأخرى في دول الخليج العربية يحتاج إلى إعادة نظر لتحسين هذا الوضع، وفق منظور اقتصادي وأكاديمي يضع في الحسبان التزاماته الأكاديمية وحاجته للوقت من أجل إنجاز أبحاثه، والإسهام في خدمة المجتمع، مع مراعاة وضعه المادي ليظهر بالمظهر اللائق أمام طلابه ومعارفه، وكثيرون عرفوا قصة ذلك الأستاذ الجامعي الذي انتحر في بلد خليجي كبير.. نتيجة تراكم ديون لم يستطع سدادها.
والدعوة لتحسين أوضاع الأستاذ الجامعي تأتي تقديرا لدوره في بناء أجيال المستقبل، واعدادها لتحمل مسئولية المشاركة في التنمية الوطنية، وليس إرهاقه على حساب صحته وواجباته الأسرية، والاجتماعية، وأعتقد أن أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الخليجية هم الأكثر عرضة لأمراض الضغط والأعصاب والقلب لا قدر الله، نتيجة ضغوط العمل من ناحية، والحرص على الوضع الاجتماعي والثقافي من ناحية أخرى، ولن يتم تلافي هذا السلبيات إلا من خلال تحسين أوضاعهم الوظيفية بكل الإمكانيات المتاحة، خاصة في ظل الوفرة الاقتصادية التي تعيشها دول الخليج العربية، وهذه الوفرة أتاحت لهذه الدول مد يد المساعدة لجامعات أخرى في الخارج، بينما جامعاتها الوطنية تعاني من مشاكل عديدة ليس فيما يتعلق بتحسين أعضاء هيئة التدريس فقط، بل ومن نواحي أخرى إدارية وفنية، وكذلك المباني المصممة بشكل لم يأخذ في الحسبان أجواء المنطقة ذات الحرارة والرطوبة العاليتين، فالجامعة المتباعدة في مبانيها وقاعات التدريس بها تحتاج إلى طرق مظللة لتحمي العاملين فيها من التعرض لأخطار تقلب الأجواء من الحر الشديد، إلى البرد والمطر، إلى العواصف الترابية الهوجاء.
ذات مناسبة زرت إحدى الجامعات الخليجية لإنجاز عمل ما، وصادف وجودي اجتماع أعضاء هيئة التدريس في إحدى الكليات ونظرا لأن قاعة الاجتماعات بعيدة نسبيا عن الكلية، فقد رأيت أعضاء هيئة التدريس يفدون إلى القاعة رجالا ونساء وهم في وضع يرثى له، ولنا أن نتصور المشي لمسافة غير قصيرة في عاصفة ترابية وشمس حارقة والنساء والرجال يحاولون دون جدوى السيطرة على أنفسهم وملابسهن في هذه الأجواء المضطربة، وهو حال مزر يتكرر على مدار العام نظرا لتباعد قاعات المحاضرات ومكاتب هيئة التدريس، وهي مكاتب تعيسة يحشر فيها ثلاثة أو أربعة أساتذة أو أكثر، وبسكرتيرة واحدة تحتاج إلى وقت مضاعف لإنجاز عملها، وهذا أمر لا يليق بجامعة وطنية عريقة، فلماذا لا توجد ممرات مظللة ولا نقول مكيفة بين مباني هذه الجامعة، وهي التي تدرِّس حقوق الإنسان، لكن دون أن تطبقها؟؟
إن أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الخليجية بحاجة إلى عناية خاصة من أصحاب القرار.. هذا نداء لضمان عدم تسرب الأستاذ الجامعي ن جامعات الخليج.. فهل من مجيب.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات