نكبة إحراق المسجد الاقصى :
يقول الله تعالى :"سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ"
إنها لذكرى أليمة لا يمكن ان تنساها أمتنا الاسلامية، تمرّ علينا هذة الأيام وهي حرق المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين . حيث أقدم الصهيوني مايكل دنيس روهان الأسترالي الجنسية في يوم الخميس الموافق 21-8-1969على حرق المسجد الأقصى في تمام الساعة الثامنة صباحا بالتعاون مع قوى الكيان الصهيوني الجاثم على فلسطين بأن قطع المياه في ذلك اليوم عن مدينة القدس حتى تلتهم النيران أكبر مساحة ممكنة منه .
وقد بلغت المساحة المحترقة من المسجد الأقصى أكثر من ثلث مساحته الإجمالية، حيث احترق ما يزيد عن 1500م2 من المساحة الأصلية البالغة 4400م2 وأحدثت النيران ضررا كبيرا في بناء المسجد الأقصى المبارك وأعمدته وأقواسه وزخرفته القديمة، وسقط سقف المسجد على الأرض نتيجة الاحتراق وسقط عمودان رئيسان مع القوس الحامل للقبة كما تضررت أجزاء من القبة الداخلية المزخرفة والمحراب والجدران الجنوبية وتحطم 48 شباكا من شبابيك المسجد المصنوعة من الجبص والزجاج الملون، واحترق السجاد وكثير من الزخارف والآيات القرآنية.
وصرح المجرم «دينيس مايكل» لدى اعتقاله أن ما قام به كان بموجب نبوءة في سفر زكريا مؤكدا أن ما فعله هو واجب ديني كان ينبغي عليه فعله، وأعلن أنه قد نفذ ما فعله كمبعوث من الله!!
وللعلم لقد تزامن حريق المسجد الأقصى مع الذكرى 78لعقد أول مؤتمر صهيوني في سويسرا بمدينة بازل سنة 1897.
وبحسب دائرة اوقاف القدس فقد أسفر الحادث الإجرامي عن حرق منبر صلاح الدين بأكمله وحرق السطح الشرقي الجنوبي للمسجد وهو ما يعادل ثلث مساحة المسجد الأقصى.
ويروى عن جولدا مائير رئيسة وزراء الكيان العنصري الصهيوني أنها لم تنم في ليلة حريق المسجد في انتظار ردة الفعل التي ستدمّر وتنسف الكيان الصهيوني انتقاما للمسجد الأقصى الذي يعتبر من أحد وأهم المقدسات الاسلامية ووصفت هذا اليوم بأنه أسوأ أيام حياتها على الاطلاق . لكن المسلمين لم يمحوا بعد هذا الكيان من الوجود.!
وما استطاعوا فعله المسؤولين من حكام امتنا الاسلامية إبان احراق المسجد الاقصى المبارك هو تأسيس منظمة المؤتمر الاسلامي الذي بات اسمها اليوم هو منظمة التعاون الاسلامي،
ظروف انعقاد أول مؤتمر قمة إسلامي :
بعد أحراق المسجد الاقصى المبارك، دعا الملك حسين إلى عقد مؤتمر لرؤساء الدول والحكومات العربية لتدارس الوضع، ولكن الملك فيصل اقترح عقد مؤتمر قمة اسلامي. أيّد عبد الناصر نداء الملك فيصل, وان لم يكن مهتما على ما يبدو بانعقاد المؤتمر بدليل انه لم يحضره شخصيا. ولم تؤيد تركيا ونيجريا دعوة الملك فيصل وأعلنتا انهما دولتان علمانيتان. كما أن إيران أبدت في البداية تحفظا وقررت دراسة الوضع وأهداف عقد المؤتمر بمزيد من الدقة والتمحص،
فانعقد المؤتمر القمة الاسلامى في سبتمبر عام 1969 في الرباط. غير ان الخلافات الجدية بين أعضائه، وبالدرجة الرئيسية بين الدولتين العربيتين المتنفذتين – مصر في عهد عبدالناصر والسعودية في عهد الملك فيصل – قللت من اهمية المؤتمر. وقبل بضعة ايام من افتتاح المؤتمر اطيح بالملك الليبي في أول سبتمبر عام 1969، مما أضعف إلى حد كبير مواقع الأنظمة الملكية في العالم الاسلامى. وجابه النظام السعودى ايضا اختبارات عسيرة. فقبل ايام من افتتاح مؤتمر الرباط اعتقل في السعودية أشخاص اتهموا بالاعداد لمؤامرة زعم أنه حدد يوم السابع من سبتمبر 1969 موعدا لتنفيذها. دعي إلى مؤتمر الرباط 35 بلدا اسلامياً، بيد أن 25 بلدا فقط أرسلت وفودها، علما بأن عشرة بلدان فحسب مثلت برؤساء دولها.
غير أن المؤتمرين تمكنوا من ايجاد لغة مشتركة في بعض القضايا، فطالبوا باعادة وضع القدس إلى ما كان عليه قبل يونيو 1967. واشار بيان صادر عن المؤتمر إلى ان رؤساء الدول والحكومات وممثليهم يعلنون عن تأييدهم التام للشعب العربى الفلسطينى في استعادة حقوقه المغتصبة وفي نضاله من اجل تحرير الوطن, ويؤكدون تمسكهم بالسلام القائم على الكرامة والعدل!! .
محسن الندوي
باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
التعليقات (0)