مواضيع اليوم

حتى لا نتعرض مرة أخرى لأزمة جديدة مع التاريخ!

محمد غنيم

2011-11-12 23:54:20

0

لا أعتقد أن الشارع العربي سيحتمل الاستماع إلى مصطلح "الإصلاح" فترة طويلة أو بعيدة الأمد، رغم أن هذا المصطلح دخل على الشارع العربي ببطء شديد واصبح الأكثر والأوسع انتشاراً منذ سقوط النظام في تونس واشتد رواجه إلى أن وصل ذروته الآن في سوريا مروراً وبالطبع بمصر واليمن وليبيا والبحرين والأردن وبعض القصص ذات الصلة التي وصلتنا عبر وسائل الإعلام في الخليج العربي ومغربه، ولا ننسى أيضاً الرواج الذي يجده هذا المصطلح في لبنان.

العرب وخاصة في هذه المرحلة من الربيع العربي سيتعبون كثيراً إذا لم يلمسوا بوادر مما يجول بعقولهم من أمنيات إصلاحية ديمقراطية دون إخلال بالأمن العام وبنظام المجتمع الداخلي، فلكل مجتمع سلوكه وثقافته الخاصة به، وعند تضارب تلك السلوكيات لدى شريحة من الثقافات والايديولوجيات المختلفة والمتنوعة في بلد واحد يبحث العقلاء عن التوافق الجمعي لدستور ونظام وحكم الدولة وعلى الآخرين الرضوخ له في إطار القوانين المحلية.

لا بد في أي عملية إصلاحية أن يحصل مثل هذا النوع من التضارب الايديولوجي أو المعرفي وهذا بالأساس يجب أن يخدم عملية الإصلاح وبناء ديمقراطية محلية يتوافق عليها كافة شرائح المجتمع، ولكن عند حدوث مثل هذا النوع من الاختلاف وفي حالة استثنائية كالتي يمر بها الربيع العربي فإن هناك الكثير من السيناريوهات التي قد تؤثر في عملية الإصلاح وتأخذه منحى سلبي يشعر نسبة عالية بسببه من الجماهير بالتعب ونوع من فقدان الأمل، فهناك حراك وليس هناك من قراءة لنتيجة حتمية لهذا الحراك وسط استمرار وتصاعد الأحداث في المنطقة هنا وهناك وتأثير هذا على ذاك.

في الأردن مثلاً، فالحراك الإصلاحي وطابعه بدأ يأخذ بالتغير فيتمدد أحياناً ويتقلص في أخرى، يختلف ويعيد التشكل متأثراً بما يجري من أحداث وتطورات على الساحات المجاورة أبرزها سوريا، إذ تختلط الأحداث لتفرز شريحة نشطة وفاعلة في الحراك الإصلاحي الداخلي تختلف فيما بينها الآن بفعل مواقفها المتضاربة حيال ما يجري على الساحة العربية من أحداث، ومن بينها وهو فعلاً ما استغربته عندما تبادل من هم في صف واحد الاتهامات لبعضهما البعض وصل إلى درجة العنف وذلك في حادثة التظاهر أمام مكتب الجزيرة في عمان رفضاً لسياساتها التحريرية وإعلامها الذي يخدم المخططات الأمريكية، شكلت الحادثة مثالاً بين مؤيد لما تطرحه المعارضة في سوريا وبين معارض لها، حتى تضاربا وهما معاً يناديان بالإصلاح الداخلي في الأردن، هناك من هو مع الخط الأمريكي وهناك ضده، هناك مع تدخل الغرب وهناك ضده، إذاً هناك تغييراً في تركيبة الإصلاح بفعل اختلاف الآراء.

وظهرت علامات تشير إلى توافق فكري بين قوى طالما نادت وطالبت بقطع التحالف مع أميركا والغرب وقوى أخرى تؤيد تلك التحالفات، فصوت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن بات يدفع ويساهم في منح الغرب صلاحيات أوسع للتدخل في سوريا كما حصل في ليبيا، والإدارة الأمريكية في مسعى لتأسيس العلاقات مع جماعة الإخوان في مصر لما يمكن أن يفعلوه إذا ما حازوا على مقاعد الأكثرية في البرلمان والحكومة، الأمر شبيه كذلك في تونس.

إذاً، يفرز مسار الإصلاح تحالفات وتقاطعات عديدة، بدأت تؤثر في مسيرة الإصلاح، وإذا ما اشتدت الأوضاع في سوريا وتصاعدت، إلى جانب تصاعد الأوضاع في العراق والتهديد بحرب جديدة على غزة، فإن كل ذلك من شأنه تأخير حركة الإصلاح الداخلي في الأردن، وهو الأمر الذي يتيح ترتيبات سياسية جديدة قد تكون فريدة جداً من نوعها هذه المرة.

المنطقة لا محالة تتجه نحو التغيير، وقد يأخذ هذا التغيير أشكالاً تصاعدية وأخرى أفقية، أحياناً رمادية وأحياناً بنفسجية وربما قرمزية، ترتبط الأحداث فيما بينها أكثر فأكثر، ويأخذ شكل الإصلاح أبعاداً غير محددة المعالم، وأعتقد أنه علينا التروي في اتخاذ ما نقرره وما نفعله في ظل هذ المتغيرات، وإن كان من الصعب التروي حالياً فلا بد لنا من مجالس للحكماء يشيروا لنا إلى الطريق، أو لنتفق على اختلافاتنا حتى لا نتعرض مرة أخرى لأزمة جديدة مع التاريخ!.

m.gnaim@gmail.com




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات