مواضيع اليوم

حتى لا تسود ثقافة الإحباط

nasser damaj

2009-04-16 19:59:41

0

حتى لا تسود ثقافة الإحباط


فضاء الكلمة


 بقلم : خليل إبراهيم الفزيع


المواقف تمليها حصيلة الإنسان من تجارب الحياة، بما اكتسبه من روافد متعددة تسهم في تكوين ثقافته، وتضع أساسا يصعب تغييره لهذه الثقافة التي هي نتاج طبعي لما يكتسبه الإنسان من تجارب حياتية تصنع عاداته وتقاليد، وما تفرزه خارطته الجينية من عوامل وراثية تصنع صفاته وطبائعه، والكتاب والمبدعون لا يختلفون عن غيرهم في هذا الأمر سوى أنهم أكثر حساسية في مواجهة الحياة وتناقضاتها وإشكالاتها بما فيها من سلبيات وإيجابيات تمر على غيرهم مرور الكرام، لكنها بالنسبة لهم مدعاة للتأمل ومحرض للكتابة والإبداع المتفائل في حالات، أو سبب للإحباط واليأس والانكفاء على الذات والانصياع للتشاؤم في حالات أخرى.
فلا غرابة أن تسود ثقافة الإحباط بعض الكتابات لأن هذا الإحباط نتاج تلك العوامل والأسباب، ولا زلنا نقرأ كتابات بعض الكتاب ونسمع أحاديث بعض المثقفين الذين ينظرون إلى الأمور دائما بمنظار أسود، يحيل الرؤية الواضحة إلى رؤية معتمة، لا يمكن معها أن تتضح الأمور على حقيقتها، وقد تشوه الحقائق في السياق العام لثقافة الإحباط.
هذا النوع من السوداوية هو تعبير عن حالة مرضية تنعكس على كتابات وأحاديث أولئك المتشائمين، بعد أن تكون قد تحولت إلى سلوك عام في حياتهم، لينظروا إلى النصف الفارغ من الكأس فلا يهنأ لهم بال، أو يستقر لهم قرار، لأنهم في قلق دائم، وشك يصعب بسببه التعامل مهم، إنهم لا يرون في الورود إلا أشواكها وبذلك تفوتهم متعة النظر إليها وشم عبيرها، لذلك قيل:


وعين الرضا عن كل عيب كليلة
كما أن عين السخط تبدي المساويا

ويتمنى شاعر آخر:
لعل روح الرضا تدنو بهم وعسى
فيثبت القرب ما بالبعد قد درسا
وللرضا عند المحبين معنى آخر.. يقول شاعرهم:
أنت الحبيب الذي ما زلت ألحفه
ظل الهوى وأسقيه الرضا عللا

ومن ذلك قول أحدهم:
أبكي ويضحك راضيا بصبابتي
فالصب يجني السخط من ذاك الرضا

لكن الرضا ليس محمودا في كل الحالات، لذلك قال الشاعر:
ألم تعلموا أن الحنو نباهة
وأن الرضا بالذل من شيمة الوغد
وكأن الشاعر أراد بالحنو عدم التصادم مع الواقع وعدم رفضه جملة وتفصيلا، وهو ما يجلب السخط والإحباط مع إن في الحياة من الإيجابيات ما يزيد على السلبيات، إذا نظرنا إلى هذه الحياة بعين الرضا دون اعتساف الواقع للانحراف به عن حقيقته إلى تصورات خاطئة وتفسيرات محكومة بنظرة تشاؤمية مسبقة، أملتها روح اليأس لتنمو في أحضانها عوامل الإحباط، ولتفرخ مزيدا من عذاب الروح، ومزيدا من قلق النفس؛ وإذا تمكنت ثقافة الإحباط من الإنسان.. عطلت قدراته الإبداعية، وعرقلت مشاركته في بناء مجتمعه، بعد أي يصل إلى حالة من اليأس يصعب معها إقناعه بالعدول عن موقفه المتصلب.
والمتشائمون قادوا أنفسهم ومجتمعاتهم إل كل عوامل الإحباط، ومن ثم الانصراف إلى المشاركة في العمل الجاد المثمر.ى حالات من تعتيم الرؤية حتى في الأمور الواضحة المعالم في المواقف والمعتقدات.. في الأقوال والأعمال.. لأنهم يعيشون جنوحا أعمى كارثي النتائج، في اعتقاد واهم ببطولة مزيفة، وصواب بعيد عن الصواب، وليصنعوا عالمهم المليء بالأوهام، وليصبحوا أسرى لذلك العالم الذي لا يعيش فيه سواهم.
الشعور بالرضا هو تعبير عن الانسجام مع الذات ومع الواقع، وفي ظل هذا الانسجام يمكن تجاوزأى إحباط .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات