مواضيع اليوم

حتى المرايا تكذب أحيانًا

سامي عرب

2011-06-16 10:26:29

0

حتى المرايا تكذبُ أحيانًا , قالها مَفقوء العينِ اليسرى, هكذا أنشئ التشوه كَلمةً عظيمة, و يا للبؤساء فهم مَن يزرع هذه المُصطلحات وَ ينشرها كالنارِ في الهشيم و لا يتوقف الأمر عند ذلك لكنه يتحول إلى مصادرٍ رئيسة لثقافة المُجتمع, ثم سلوكه و جموده أيضًا فالأنبياء عليهم السلام كان يؤمن بهم البؤساء أولاً ثم يصعد ذَلك الإيمان إلى أعلى ذرى المجتمع وينتشر وقَد يُلاقى بالجمود في أحيانٍ كَثيرة. إنّ الخطوة التي تَصعد السلم و تبني قيم ومثل عليا تصابُ بَعد إذ بسيول تغسلُ السلم إستعدادًا للتَغَيُر و ربما غرقوا أحيان كثيرة في خضم هذا التحول إلى الطريقِ الحق و هذه العملية - تمحو أسمائهم من وجه التاريخ - فصفحات التاريخ لا تعرف الجندي الذي ضحى براحته ليقاتلَ دفاعًا عن وطنه , لكنها تعرف الملوك المنتصرين في هذهِ المعارك .
وبهذا يصنعُ المجتمع جِدارًا فولاذيًا من القيم فيحدث إنفصالُ حاد في أسئلته مؤثرًا كونه في قيمتها ومعناها فيحارب إذا كان مسحوقًا وَ قد يُكافأ لذات السبب حيثُ يكون السؤال مزروعًا بطرق حديثة تتلائم مع عتيق في العقول قديم فتنجح رسالته التي لا يؤمن بها , و يسمع في كلِ حينٍ التصفيق والتهليل وهو بهذا يعيشُ جنته في آنٍ لا يعرفُ منشأ فكرته لأن عقله لا يتقبلها بالضرورة بينما حياته تتلائم معها و تتعايش بشكل مذهل , إنه يركن إنسانيته في أقربِ الأدراج , ويشدو بقصيدة لم تكتبها يداه التي كتبتها ويتحول إلى كائنٍ أقرب إلى الحرباء منه إلى الأشياء الأخرى كون صفاته عارضةُّ دومًا و لا تستقر في حال .
إن هذا الإنسان البسيط جدًا يشكل أصعب معادلة لم يستطع العلماء على مرِ الأزمان من حلها , فهم مهما أنتجوا في هذا الإتجاه يبدو أن هنالك جهات أخرى لم يصلها النور , وطرقات لم تطأها أقدام الباحثين ولا حتى أفكارهم و لكن يظلُ البحث باقٍ ليدل أن الإنسان يشكل مشكلة نفسه . أن الآلام التي تنشأ من الفقر و الضيقة تنشأ أيضًا من الغنا و العز فالغني والفقير كل منهما يرى الآخر بعين الإهتمام و يرعاه بعينه مهما أبدا معان الإحتقار أو الضعف وقلة الحيلة فكل تلك المشاعر في نفس المنزلة إذ الأولى تشبه معنى الثانية وهي تدور في فلك الخلاف الذي جعلَ الفقير كائنًا و الغني كائنًا آخر مع إتفاقهما في النوع وربما أكثر من ذلك فقد يتفقا في طريقة التفكير وهذه أعظم درجات الإتفاق هذا مع كون الإنسان يعرف بالنقاط التي تفرقه عن الإنسان الآخر من بني جنسه لذلك عندما نعمل النظر إلى ألم الإنسان نعرف أشياءَ جوهرية عنه و كيفَ يفكر و ما يؤمن به لأن حالة الألم تجمع كل هذه الأشياء فتكون مترتبة على أسبابٍ كالوراثة التي تؤثر على طرق التفكير و البناء و حتى الإبداع فالأسباب لها علاقة وطيدة بمسببتها ولا تفصلُ عنها لكنا نأخذ بمعنى هذا من ظاهره , وأنا لا أنتقد الطريقة الظاهرية في الفهم , ولا أؤيد سيأوا النوايا فكلاهما واحد فالأول يحمل الأمور على ظاهرها بطريقة تكرس مفاهيمه المكتسبه و الثاني يحمل الأمور على رؤى باطنية عنده بطريقة تكرس مفاهيمه المكتسبة , لكن فهم ذلك يقع في تفريغ تلك الزوايا المملوؤه بالنمطيات و بالمعتقدات السالفة وبهذا نكونُ منصفين لأني لا أقصدُ من الرؤى مهما كانت تأخذ بظاهر الفهم أو من خباياه لكني أرنوا الوصول للمعاني السامية لدى الكائن المكرم الذي مع تكريمه قَد تصدق أنه ينفصل عن أصله لكرامة حباها الله له ويكون منعزلاً بذاته _ لا مستقلاً _ فالإستقلال يحتاج بالضرورة للجماعة لتشرعنه وتعطيه مصداقية ما , وهو من الأشياء التي لا ينقاشها الناس فيما بينهم لأنها أشبه بالبدهيات أو بالصور التي توجد في الذهن بعد ملاقة شخص ما للمرّة الأولى , فهو إن لم يفهم مزاياه التي أعطاها له ربه يقوم بالتقوقع على نفسه ثم وبعد مرور زمن تجده لا يلتقي بأبناء عمومته الذين يجتمع هو و أياهم في دمه وجلده وحتى في طريقة تفكيره فأنت إن رأيته يشكوا ألامًا وجدت قريبه يشكي ذات الألم مع إفتراقهما وعدم إجتماعهما من سنين , لكن كل ذلك يذهب ليحضرا مبدأ التعظيم أو التحقير لجانب دون آخر لا فرق فكلاهما متشابه ولو حكموا جلدهم بينهم لتملص منهم وما يقولون إذ هذا إختلاف بينهم غير متصور في عقل الحصيف , لكنه بعد مرور الزمن يتحول إلى عقيدة يصعب فك عقدها و يطول أمد ذلك مع حضور المدينة و تصور أن كل له عائلة صغيرة يرعاها و يعمل جلَ وقته ليسمو بها بينما يمارسُ زراعة هذه الأفكار المحنطة التي تحنط جوانب في عقول أبناءه وتجعلهم يذعنون لسلطة الفكرة القديمة و مبدأ التقسيم الذي يشبه تقسيم أرض فلسطين إلى أرضٍ للمسلمين وأرضٍ لليهود بينما هيّ أرض واحدة لا يمكن أن تقبل التقسيم مهما قبله الأفراد الذين يعيشون فوق ظهرها .

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !