من ينكر دور ايران في تغذية واحتضان الكثير من المجموعات المسلحة السنية والشيعية العاملة في العراق ان لم يكن جميعها ( عدا القاعدة طبعا بسبب التكفير المتبادل بينهم ) فهو يجانب الحقيقة ويكذب . فهذا الأمر اصبح من البديهيات والمسلمات ولا يحتاج الى دليل لأثباته.
عندما احتلت المانيا النازية بولندا في اول عملية عسكرية كبرى في الحرب العالمية الثانية قامت بريطانيا وفرنسا على الفور بتوجيه انذار الى هتلر واعتبرتا نفسيهما في حالة حرب مع المانيا مع ان هتلر قدم كل ما يستطيع من تطمينات الى بريطانيا , بل وتوسل الى البريطانيين ان يكونوا حلفا انكلو- سكسونيا مع بعضهما . الا ان بريطانيا لم تستجب له لعدم ثقتها به . ثم بدأت الحرب في كل بقاع العالم بين الحلفاء والمحور وقاتل البريطانيون الألمان على الأراضي الفرنسية والبولندية والبلجيكية والمصرية والليبية واليونانية وووو . ولكن جندي مشاة الماني واحد لم يصل الى الأراضي البريطانية . ولقد راح ضحية هذه المعارك الطاحنة ملايين المدنيين الأبرياء من شعوب هذه البلدان بنيران الطرفين .
قاتلت بريطانيا المانيا النازية على اراضي هذه البلدان دفاعا عن مصالحها ودفاعا عن هذه الدول اللتي كانت حليفة لها ولوقف المد النازي في العالم . وهذه كلها اهداف قد تكون مشروعة . ولكني اعتقد ان السبب الرئيس اللذي حدا بالبريطانيين مقاتلة الألمان على اراضي الغير هو ابعاد ارض المعركة عن الجزر البريطانية الأم اللتي يعيش عليها الشعب البريطاني ولضمان استمرار حياة شعبها مهما كانت الظروف . وقد نجحت بريطانيا بابعاد جنود المشاة الألمان عن ارض بريطانيا حتى نهاية الحرب وتقليل الخسائر في صفوف المدنيين في بريطانيا الى ادنى حد مقارنة لما حصل للمدنيين في باقي اوربا . ولولا القصف الجوي والصاروخي النازي لبريطانيا لما مات مدني بريطاني واحد ولما هدمت عمارة واحدة في لندن .
لم تنقطع تهديدات ادارة بوش بضربة عسكرية للجمهورية الأسلامية منذ ان وصلت الى البيت الأبيض وحتى اخر يوم لها فيه .
جدد بوش دعوته لشن حملة على ما اسماها الدول المارقة واللتي اطلق عليها اسم محور الشر . وقال ان العالم يجب عليه ان يواجهها , واضاف . ان على الأمم ان تختار اما ان تكون معنا او مع الأرهابيين .. بي بي سي ( 17 ابريل 2002 ) ..
بوش يحذر من ان امتلاك ايران للسلاح النووي سيشعل حرب عالمية ثالثة .. بي بي سي ( 18 اكتوبر 2007 ) ..
بوش يحذر ايران من ان كل الخيارات مفتوحة... بي بي سي ( 11 يونيو 2008 ) ..
اولمرت يصرح في ختام زيارته الى واشنطن ان الولايات المتحدة لم تضغط مطلقا على اسرائيل لأستبعاد شن ضربة عسكرية لوقف البرنامج النووي الأيراني .. بي بي سي ( 26 نوفمبر 2008 ) ..
السؤال اللذي يطرح نفسه بعد كل هذا السرد التأريخي . ماذا كانت ستفعل الولايات المتحدة بعد اعلانها الأنتهاء من احتلال العراق في الثاني من مايو 2003 مع ايران اذا ما وجدت نفسها لم تخسر جنديا واحدا حتى عام 2005 او 2006 مثلا ؟؟؟ . وهل ستمتنع ادارة بوش عن ضرب ايران اذا ما وجدت ان جيشها يعيش هانئا مرتاحا على الأراضي العراقية ؟؟ .
وهل سيكون من الصعب على هذه الأدارة اليمينية المتطرفة ان تقنع الكونغرس والشعب الأمريكي بان ضرب ايران سيكون نزهة كما هو الحال في العراق حيث لا خسائر بشرية او مادية على الأطلاق ؟؟. الن يسيل لعاب الشركات الأمريكية على الكنوز اللتي تمتلكها ايران فتحرض حكومتها على احتلالها بعد ان تكون التجربة العراقية قد اثبتت سهولة وبساطة احتلال ايران .
لايوجد عاقل يقول ان ايران قد اخطأت بخلق جحيم للجيش الأمريكي على الأراضي العراقية لأبعاد شبح الحرب عن اراضيها كما فعلت بريطانيا مع المانيا النازية من قبل بالظبط . وهذا ليس فقط حق من حقوق ايران تقره الأعراف الدولية ( وليس القوانين ) بل انه دهاء سياسي واستراتيجي شديد تتمتع به القيادة الأيرانية . وليس ذلك فحسب , بل انها بذكائها وبعد ان وجدت ان الأحتلال الأمريكي للعراق قد اصبح امرا واقعا لا يمكن تغييره حولت جنوده بسرعة البديهة الى رهائن بيدها تقتل منهم عبر ادواتها العراقيين عددا محسوبا بدقة يثير الرأي العام الأمريكي على حكومته (دون ان يشعره بجرح للكرامة الوطنية ) ليطالبها بانهاء عنجهيتها العسكرية ليس فقط ضدها وفي العراق بل في كل مكان . مما مكن ايران من الأستمرار في بناء قوتها النووية دون اي خوف من تدخل عسكري امريكي يمنعها عن ذلك .
ان أي عراقي يبرر قتل العراقيين من قبل أي جهة في العالم , او يعتبر اراقة الدم العراقي حق لهذا الطرف اوذاك دون الآخرين لهو اكبر خائن لبلده وأهله . وهو مجرم خسيس بعيد عن أي قيم او دين . ولكن ما فعلته وتفعله ايران من جرائم على ارض العراق امرا متوقعا كان يجب ان نحسب حسابه قبل ان نستنجد بامريكا لتخليصنا من صدام . فأيران لم تطلب من احد جلب اكبر عدو لها يهدد كيانها ووجودها الى حدودها . وعلى من فعل ذلك ان يقدم لها البديل العملي والتطمينات الواقعية ( لامجرد كلام ) اللتي تضمن لها عدم التدخل الأمريكي في شئونها الداخلية سياسيا وعسكريا واقتصاديا . والا فلا نلومن الا انفسنا نحن العراقيين . فلا نحن قادرين عن منع امريكا من التدخل في شئون ايران . ولا نحن استطعنا اسقاط صدام بأنفسنا لأنشغالنا بتقسيم الكعكة العراقية حتى قبل اسقاطه . ثم جاء من جاء بعد الأحتلال ليعينه على تفكيك ليس فقط الجيش والشرطة بل تفكيك دولة العراق كاملة كي يتسنى لكل واحد منهم تأسيس مملكته الخاصة على جزء منه .
لا اجد أي منطقا مقنعا لمن يعطي الحق لأمريكا بالتدخل في كل صغيرة وكبيرة في شؤون العراق الداخلية وهي اللتي تبعد عشرات الآلآف من الأميال عن حدوده , بينما يرفض دفاع ايران عن نفسها على ارض العراق المجاور . اعتقد ان المنطق كل المنطق في منع تدخل الطرفين في شؤون العراق كي نريح ونستريح .
اليس هذا هو المنطق ام تراني من المخطئين ؟؟؟ .
التعليقات (0)