حبيبتي الراحلة

قد لا نرتمى بحضن القدر فهناك دبدبات تشير إلى المد البعيد الرؤية لكنها تبقى بيد المجهول و قد لا نساوم من أجل استعطافها لأنها هناك...تصرخ دون صوت .كُنت أتمنى أن أخبركِ عن رسالتي قبل الرحيل لألملم جراحي أمامكِ أيتها العروس البرية ..أمازلتِ تتذكرين أول لقاء لنا كُنتِ طفلة بريئة تهتف بصوتها الرنان العذب المفعم بالحياة ، نظرة إليكِ  بعين وقلب يرن مع لحن أغنيتك ...كُنتُ مدركاً أن الحب الوحيد الذي لا يعطى موعداً للقاء ...

هكذا جاءت بنا الحياة مهما أعطتنا من الجمال الصورة و الإحساس لابدى من دفع الثمن ، لم أفكر حينها  بشيء سوى بكِ و لم أهمس لأحد سوى لك كُنتِ لليوم الروح التى تملئ جسدي فما أعذبه من روح فقد جعلتني أسير فوق الأطلال ٬ كم كان عشقاً خلاداً فمهما مرت من سنين فما يزال يُخلد ذكراكِ بصميم الوجدان لا أعلم اذا كُنت لك حبيباً للأن و إنما الشيء الذي اهتدى بأعماقي لابدى أن يكون له الصدى مهما بعدت المسافات ...كلما أحاول جمع أطرافي من الحياة يأتيني بكِ الحلم كل ليلة أستيقظ تحت ظلمة الليل و اشراقة الحلم الذي يشع نورا فى كل مرة...اعذريني يا حبيبتي لم أستطع الكتمان و قد جرت الأيام لأعيد سرد قصتنا لكل من هان و تاهت به الأحلام...

لم أرد أن أحط الرحال على قصتنا التى ذابت بها معالم الزمان ، إنه قدرنا الذي لا يهان فمهما تسربت الأحاسيس بعدها يصبح للوجع ألوان يفوق تصورة كل إنسان ، اعلمي يا حبيبتي أن مهما استنكر الزمن حبنا فأنتِ بروح باقية تسقين الأزهار الرنين بملامح عاشت أبد الظهر ، أتذكرين عندما مسكتِ يدي وعيناكِ تدمعان وتحذقان بعيني أتذكرين ..؟ حينها استشعرتُ بفؤادي يرقص عشقاً بكِ لم أتمني سوى أن أحضنكِ للأبد ...لكنك حينها لمحتى لي بقساوة الرحيل بثوانى معدودة لكنها بقيت راسخة بذاكرة .ـ. أتذكرين .؟ أخبرتني أن حبنا سيعيش طالما نحن نتنفس على هذه الأرض السعيدة و مهما واجهنا أقدارنا لابدى أن نتذكر يوما هذه اللحظة ،فجأة ارتميتي بحضني كالملاك و دموع تسيل على كتفي حيث شعرت لحظتها بقمة العشق الذي  احتضن أنفاسي.

قد يصل بنا الحال إلى النسيان لكن ماذا عن الذاكرة و ما تحمله من ذكريات هل يمكن أن ندفن معها ذكرانا ؟ أيعقل أننا يوما سنصبح بذاكرة النسيان ...؟ لكنه حتما لن يُخفى العمر الذي عشناه قبل سنين انه عمرنا و ماضينا فكيف ننكر ذاتنا منه؟ أتعلمين أنا أعشق النسيان على شرط واحد أن يُبقى ذكراكِ خالدة بروحي ، إنه الشيء الوحيد الذي أملكه و يجعلني أعيش بعدكِ فأرجو من النسيان ألا يطفى شمعتكِ بذكراي فأنا بعدكِ مهما عشت أعيشه من أجلكِ...

قبل الرحيل كتبتِ رسالة وداعكِ تُقبلين فيها لحظاتنا و تتمسكين بحضن العشق الذي احتضننا ، انها الرسالة الوداع فكيف لم تستطعي أن تودعينا بغير الكلمات و بغير العبر و بغير تلك اللحظات ..لماذا تركتي وجعي يكبر كلما تمر السنوات ٠ حاولت بعدك أن ألملم ما تبقى مني لأعيش مع إمرأة آخرى سبيلا لأعيش لكن ليست هناك إمرأة تقبل بشضايا رجل أو ببقاياه ...

بعدكِ اسودت الدنيا و تكبدت الحياة على أنفاسي لم أرد مثل هذه النهاية لكنه القدر فكيف يمكننا أن نسايره دون آلم ...يوما بعد يوم أدركت أن حياتي ليست لي وحدي و أنك حبيبتي الراحلة قد يكون هذا قدرنا لكنه حتما هي قصة حبنا الذي جابه نفسه بين معالم الحياة البالية...قد تصلكِ رسالتي عندما أكون قد رسمتُ ملامحكِ على اللوحة الخالدة التى تُخلد لذكرى حبنا عبر أجيال بَعْدَنا ، عندما رسمت تلك اللوحة أذكرت قول أبو تمام فى بيته الشعري عندما قال نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب الا لحبيب الاول ..وكم من منزل يؤلفه الفتى وما الحنين الا لأول منزل .

صباح سامي