لم تدق الساعة بعد ، موعد وصوله إلى المحطة و ضجيجه الذي امتزج بأفواه صغيرة و كبيرة إلا من أطفال يلعبون على حافة الطريق المسموح ، تنظر إلى الساعة مرة ثانية و ثالثة و تقارنها بساعة المحطة المغبرة المعلقة بفوضى و إهمال ، لم تكن متأكدة من وصوله في الوقت المحدد و قد تركت زوجها المتعب يكتب رسالة مجاملة و اعتذار إلى السيد المجهول الذي سافر دون أن يخبره بسفره ، كان يومها منشغلا بجمع مبلغ الرحلة و ما كان ليجمعه لولم يبع أشياء ثمينة ، يخرج منديله كلما دق بابا و يتظاهر بالارتياح ، بينما هي لم تكن تعلم من يكون هذا المجهول ، صافرة القطار تعلن وصوله ، تصحو من حلمها الذي عاشته طيلة الانتظار و رأت وسمعت الكثير ، رأت زوجها يكنس البيت كلما ذهبت إلى العمل و لكنّه لا يعدّ الطعام ، ويكرر العملية في كلّ مرة ، توقف الحلم ، احتشد المسافرون أمام كل الأبواب متدافعين ، الرجل المسن الذي وقف أمام باب القاطرة يراقب التذاكر و العرق يتصبب ...
-ستسافرون جميعا و لن يترك القطارأحدا في المحطة
-مسافر : مللنا البقاء في هذا المكان
-آخر : هذا ظلم
-عجيب قطار واحد في هذه المدينة الكبيرة ، هل لديكم قطار ثان ؟
-لا ، و لكن هذا القطار سيعود بعد أن يقل الدفعة الأولى .
انتبهتْ لتحاورهم و أصابها الغثيان و تمنت أن تكون في الدفعة الأولى لأنّ زوجها هذه المرة له موعد ...يتدافعون يسقط الرجل المسن ، تبعثرت الأشياء ، و التذاكر تتلاعب بها الريح في كل اتجاه ، يصرخ و لا أحد يسمعه ، يختفي الطابور و لكن مراقب التذاكر لا يزال ملقى على الأرض ، حان موعد انطلاق القطار إلى وجهته ، تجاوز توقفه وقت المغادرة ، تساءل الجميع إلا هي ، تنظر من النافذة طابور ثان و الشرطة تفرّق المتجمهرين في فوضى ، تتساءل :
-ما الذي أصابه ؟
-(صوت أجش): آه ، كان حريصا على مواعيده و ليته ما مات .
التعليقات (0)