فهي منظمة إنسانية تمكنت وباقتدار من جمع كلمة البشرية جمعاء حول هذه الكرة المستديرة، وحول العقل السليم، واللياقة البدنية، والمنافسة الشريفة تحت شعارات وأهداف نبيلة لا عنف فيها ولا تطرف ولا إرهاب ولا عنصرية، ولا مخدرات ولا منشطات، ولا سياسة ولا جنس، ولا قوانين للطوارئ، ولا معتقلات ولا سجون، ولا ظلم ولا مظاهرات، ولا قمع، ولا احتلال ولا جلاء ولا حصار ولا أسوار عزل عنصرية، ولا أسلحة دمار شامل ولا قتل ولا تهجير ولا ترويع.
ويعتبر الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” الهيئة الأهم والأكبر في العالم حالياً من حيث عدد الأعضاء المنتسبين إليه حيث (يزيد عن مائتي عضو) أي أكثر بنحو ثلاثين عضوا عن الدول المنتسبة إلى هيئة الأمم المتحدة. وقد أبصر الاتحاد الدولي النور في الحادي والعشرين من أيار/ مايو 1904 في باريس وتشكلت الهيئة التأسيسية من سبع دول هي (فرنسا والدنمرك وبلجيكا وهولندا واسبانيا والسويد وسويسرا) وما لبثت أن تبعتها بقية الأمم. وأصبح تقييم هذه المنظمة هاما بالنسبة للجميع، ويعتبر مؤشرا جلي الوضوح عن مدى تقدم الدول وتحضرها.
ويأتي من يأتي، ليشوه صورتها الرائعة، تلك الصورة التي لا تدل إلا على تحضر لا بد أن يحسدنا عليه أهل العصور المقبلة، وأهل العوالم والكواكب الأخرى إن وجدوا!. فنحن نجتمع فيها من كل بلد متوحدين، ومن كل لون ومشرب متناغمين، ومن كل دين وعقيدة متسامحين متفهمين، وفقط لنتنافس برقي في مدى المربع الأخضر بالقوة البدنية واللياقة، والكر والفر، والقدرة النفسية، والعقل السليم، والتخطيط الدقيق، والتعاون المثمر، والاحترام المتبادل.
والتاريخ يشهد على أنها كانت وستضل أفضل وأرقى وأنجح المنظمات الإنسانية التي عرفتها البشرية قديما وحديثا. وهي تحكم أغلب دول العالم، بنفس المستوى، وبنفس الحب، وتزن الأمور بنفس الميزان. وتمتلك عموم الشعوب بذكرها وأنثاها، كهلها وطفلها ممن يكنون لها المحبة والولاء والاحترام.
وجميع ما يصدر عنها من قرارات وعقوبات يتم بطرق حضارية ديمقراطية وبالانتخاب، لا كبير فيها ولا صغير، لا غني ولا فقير، لا قوي ولا ضعيف، ودون ليَّ ذراع أو ضغط، ودون مجلس أمن أو مجلس للثمان الكبار، ودون تجني (بالفيتو)، أو حصار بحري أو جوي أو اقتصادي أو سياسي، ودون غض للبصر عن أفعال عضو من الأعضاء، ودون تجييش للأمم ودون حرب عالمية. و أوامرها وعقوباتها مطاعة محترمة ينفذها الجميع ويخضع لها الكل بقلوب مفعمة بالمحبة.
ولها عيب وحيد (قد لا يظهر إلا لأعدائها) كثيري النظريات السطحية المضحكة والشطحات، وهو أنها لا تخضع للتهديد، ولا تسمح للسياسيين المختلين بالتدخل في قراراتها، ولا تنثني أمام أهل الثروات المقترين على شعوبهم، لذلك فإنها تكون مكروهة من البعض!. وهذا عيب نتمنى أن يصيب المنظمات السياسية الأخرى.
بقلم / د. شاهر النهاري
التعليقات (0)