مواضيع اليوم

حاضنة الأمم المتحدة ... بين تاريخين

حنان بكير

2011-09-22 09:07:01

0

خريف العام 1947. الوفد الفلسطيني برئاسة الفلسطيني هنري كتن، يتوجه الى الامم المتحدة في جلستها الطارئة للتصويت على قرار تقسيم فلسطين الى دولتين عربية واخرى يهودية. يتوجه الوفد مدعوما من أشقائه العرب.
أربعينات القرن الماضي، كانت تشهد مراحل تغيير أساسية. ثورات عربية أدت الى إستقلالات، بعد قرون من الاستعمار وعصور من الظلمة وطغيان التجهيل والتخلف. الثورات العربية كانت وطنية صادقة، فقد طفح الكيل، ولم يعد للشعوب ما تخشى عليه أو منه. بمعنى أنه" أكتر من القرد ما مسخ الله".
لكن صفقات الحكام في ذلك الوقت، كانت وما زالت في علم الغيب، لأننا لم نستوعب بعد بأن للوثائق السرية محكومية محددة و يطلق سراحها بعد ذلك. وربما تكون تلك الاستقلالات الصورية هي ثمن فرض الكيان العبري وتقبله، ولكن بإخراجات وسيناريوهات مختلفة تجعل تقبله يتم على جرعات. هذا ما تشير اليه تسريبات وثائق صدرت عن اطراف غير عربية بالتأكيد. لكن هذا ليس موضوعنا الان.
بالعودة الى عام 1947. حدثني السيد واصف كمال وهو مواليد نابلس عام 1907، في شهادته التي تنبع أهميتها من كونه أنه كان أحد أعضاء الوفد الفلسطيني للأمم المتحدة عام 1947، في الجلسة التي خصصت لطرح موضوع تقسيم فلسطين واجراء الاستفتاء عليه، حيث كان على الوفد الفلسطيني والوفود العربية، حشد الاصوات لمنع تمرير قرار التقسيم. قال السيد كمال ".... اقترحت الاتصال بالوفد الروسي، وفي جلسات التداول ارتأينا أنه للحيلولة دون حصول القرار على تأييد ثلثي الأعضاء، فإن علينا ان نسعى لكسب تأييد الكتلة الشرقية التي تتزعمها روسيا" الاتحاد السوفياتي" في ذلك الوقت. وكانت مجموعة الشباب في الوفود العربية مؤيدة لهذا الاتجاه، ولضرورة الاتصال بالوفد الروسي. واشتدت المناقشة حول هذا الموضوع.. وعارض نوري السعيد هذا التوجه وقال لي " يا أخي مش راح نصير شيوعيين علشان فلسطين" لذلك انا اعارض!! أجبناه ان الامر لا يدور حول ان نصبح شيوعيين او لا نصبح. وأن هناك مصالح متبادلة بين الدول وكل يسعى لمصلحته. ونحن نقترح الاتصال بالوفد الروسي، لنعرض عليه ان الكتلة العربية الممثلة في هيئة الامم المتحدة على استعداد للتصويت لصالح الامور التي تهم روسيا، مقابل ان تصوت الى جانبنا ضد قرار التقسيم ! النتيجة قامت دولة اليهود ولم تقم دولة فلسطين.
أيلول العام 2011 يتوجه الوفد الفلسطيني مرة أخرى الى الامم المتحدة، للإعتراف بحقه في أرضه، التي ساهمت المنظمة الدولية في تكريس استلابها.. ومرة أخرى يكون الفلسطيني مدعوما من أشقائه في الدول العربية. وقد تعهد وزراء الخارجية العرب في بيان صادر عنهم " اتخاذ ما يلزم من خطوات لحشد الدعم المطلوب من كل دول العالم، بدءا من الدول الأعضاء في مجلس الأمن من أجل الاعتراف بدولة فلسطين".
و يأتي هذا التوجه أيضا، في ظل ثورات عربية تمتد على امتداد الوطن العربي، مع فارق ان ثورات هذه الحقبة موجهة ضد الأنظمة التي جاءت مدعومة ومسنودة، من استعمار الأمس وتحديدا فرنسا وانكلترا وعلى رأسهم سيدة الكون الاولى.
لا يدّعي احد بأن نتائج هذا التوجه غير معروفة! وأن الفلسطينيين هم الأكثر فهما لما سيدور في اروقة منظمة هي الخصم والحكم! وان الحراك الدبلوماسي على المستوى الدولي هو آخر الطلقات التي في جعبة طرف السلام الفلسطيني، وليكن بعدها ما هو مقدّر! ولكن تبقى أهمية هذه الخطوة في الاعلان ان الفلسطيني موجود، ولن يفرط بحقوقه، وان زمن ابادة الشعوب ومحو اوطان تاريخية عن الجغرافية لم يعد ممكنا، وان جولات التاريخ لا حدود لها الا بنهاية الكون!
الرئيس أوباما وعلى اعتاب الانتخابات الاميركية، لم يكن متوقعا منه غير ذلك الذي أعلنه من انحياز معهود، لكن المضحك المؤسف قوله بأن السلام لا يأتي بقرار من الامم المتحدة!؟ متغاضيا عن إقامة دولة على اساس تطهير عرقي، بقرار من الامم المتحدة، وقد تم جمع سكان تلك الدولة من أكثر من مئة بقعة في العالم!!
أعطى اوباما الأولوية لثورات الربيع العربي، مستثنيا الفلسطيني ومخرجا اياه من عروبته.. وكنا نعلم علم اليقين بأن الربيع العربي سوف يقف عند حدود فلسطين! لأن مخطط الشرق الاوسط الجديد هو التجزئة والتقسيم الى دويلات طائفية وعرقية متنازعة، وتلعب فيه القوة الاسرائيلية دور المايسترو!
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !