مواضيع اليوم

حاصِرْ حصارَكَ لا مَفر

يوسف رشيد

2012-09-13 15:14:56

0

  

 قبل أيام ، عرضت قناة " الميادين " الفضائية ، تقريرا مصورا موجزا ، عن المدن والبلدات السورية المحاصرة ، من قبل العصابات المسلحة ، وذلك لأسباب طائفية بحتة ، وبهدف إشعال فتيل فتنة طائفية لا تبقي ولا تذر ، خدمة لأسيادهم ومستثمريهم ومشغليهم ودافعيهم إلى الموت والقتل ..

وقد ذكرت قناة الميادين أسماء سبع من المدن والبلدات والقرى ، وأشارت إلى وجود مناطق أخرى ، ترزح تحت الحصار الإجرامي للعصابات المسلحة ..

وإن كنت لا أعرف سببا حقيقيا لسكوت السلطات الحكومية والجيش العربي السوري ، عن فك الحصار عن تلك المناطق ، إلا أنني أجزم أن فك الحصار ليس مستحيلا ، ولا يمكن أن تكون تكلفته أكثر من تكلفة غيره من المناطق الملتهبة ..

كما أن فك الحصار عن أكثر من مئة ألف مواطن جدير بالاهتمام من قبل السلطة والجيش ، وهو ليس أقل شأنا من تحرير أي منطقة أخرى من المناطق التي يتصدى فيها الجيش لتطهيرها ..

إن الحصار المفروض حاليا على تلك المدن والبلدات السبع ، هو حصار جاهلي بامتياز .. خاصة أن المناطق المحاصرة محرومة من كل مقومات الحياة ، ولاسيما بعد أن مضى على حصار بعضها ـ في ريف إدلب ـ أكثر من ثمانية أشهر كما أشار تقرير قناة الميادين ..

إن الحصار استهدف كل شيء له صلة بحياة المحاصَرين ، من الغذاء بكل أنواعه ، بما فيه دقيق الخبز والخميرة والمازوت اللازم لتشغيل الأفران والسيارات والتدفئة .. إلى الدواء وأسباب العلاج والأدوات الطبية ومراجعة المستشفيات لإجراء العمليات الجراحية التي يتعذر إجراؤها في ظل الحصار وندرة الأدوية والعلاجات اللازمة ..

كما استهدف الحصار حليب الأطفال ومستلزمات الطفولة الأخرى ، شانه في ذلك ، شأن الخضراوات والفواكه وبقية المواد الغذائية الضرورية كالسكر والشاي والأرز والزيت والسمن وكل شيء ..

إن الحصار الجائر والظالم والمجرم ، المفروض من قبل العصابات المجرمة ، ما هو إلا وسيلة قتل جماعي وتشف ، يمارسه المجرمون على تلك المدن والبلدات التي لم تؤيد إجرامهم من جهة ، والتي يمكن أن يكون ارتكاب مجازر فيها بمثابة إشعال فتيل لفتنة طائفية ، من جهة أخرى ..

وإذا كان الاحتكار جريمة كبرى حتى في أوقات السلم ، فما حكم الحصار اللعين القذر ؟!

إن الاحتكار بنواياه الخبيثة ومقاصده الإجرامية ، قد مارسته وتمارسه دول كبرى وشركات كبرى وكارتلات استعمارية ، فكيف إذا ترافق ذاك الاحتكار بحصار على شاكلة ممارسته من قبل عصابات مجرمة بحق مئات آلاف المواطنين الذين حكموا عليهم بالموت البطيء ، لا لذنب ارتكبوه ، ولا لجريمة اقترفوها سوى حبهم للوطن وخوفهم عليه وذودهم عنه .. 

ولا شك ، فإن لهؤلاء المحاصَرين قدرة على التحمل ، كادوا من خلالها استنفاد كل السبل والوسائل التي يستطيعون بواسطتها الالتفاف على الحصار لتأمين النذر اليسير لأطفالهم وأسرهم ، الأمر الذي تعرضوا بسببه لأبشع حالات القنص والخطف والقتل والتمثيل والتفظيع بكل من يتصيده المجرمون " متلبسا " حاملا تحت إبطه رغيف خبز لأسرته ، أو علبة حليب أو دواء لأطفاله ..

فإذا كانت نهاية الحصار هي الموت ، فلا بأس من أن يخرج كثيرون للتحايل على الحصار بغية سد رمق الجوعى والمرضى ، ولو مات بعضهم قنصا أو خطفا أو حرقا ، لعل غيرهم ينجح في التحايل ، وينقذ حياة البعض الآخر ..

إن صمت الدولة عن هذا الحصار جريمة كبرى ليس لها ما يسوغها ، وليس لنا أن نغفر لمن يسكت عنها ..

سيكون الساكتون عنها شركاء في موت واختناق المواطنين المحاصَرين ..

ولن ينسى المحاصَرون تخاذل الجهات المعنية والنظام والجيش في إنقاذهم من أعداء الوطن ..

ولن ينسى المحاصَرون مسارعة النظام والجيش لفك الحصار عن إحدى المناطق بعد استجار أحد رجال الدين ، وطالب بفك الحصار ، مما جعل الدولة تهرول لإنقاذهم من براثن المجرمين ..

وإن كنا نهنئ تلك المنطقة بفك الحصار عنها ، إلا أننا نتمنى أن تفعل الدولة ذات الشيء مع بقية المناطق المحاصرة .. وألا يكون المواطنون خيارا وفقوسا في ميزان الوطن والوطنية ..

إن استمرار الحصار له عواقب وخيمة جدا : إنسانيا واجتماعيا وصحيا ، ووطنيا أيضا .. لأن المحاصرين ـ وإن كان لا بد من الموت ـ فهم لا يريدون أن يموتوا موتا مجانيا ..

ومن الشرف لهم أن يموتوا في مواجهة هؤلاء الأوغاد المجرمين ، لكن التكافؤ غير قائم بينهم عدة وعتادا ، وهذه مسؤولية الدولة أيضا ..

فمتى سيكون يوم كسر الحصار ؟؟

 

30/08/2012

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !