الحلقة 2 ـ احكي يا ماما نوجه
قصة سيدنا صالح عليه السلام
يرن جرس الباب ليلي :
ــ نانه صافي جاءت .. نانه .
ماما نوجه :
ـ ليلي أتركي جدتك تجلس بعدها سلموا بهدوء.
حمادة :
ـ لما تأخرت لم يعد علي الإفطار سوى القليل .
نانه صافي :
ـ لو عرفت لما تأخرت لن تغضب مني .
أمنية :
ـ لما تأخرتي ؟.
نانه صافي :
ـ أحضري الحقيبة .. لكم فيها هدية .
أسرع حمادة وأخذ الحقيبة وجلس علي الأرض وفتحها :
ـ ماما فانوس .. وأيضا ً بشمعة وزجاج ملون .. كما في الأفلام القديمة .
أمنية :
ـ من أأأين أحضرتهم .. لم يعد لهم وجود ... لم يعد سوى الفانوس الحديث بيغني وناقص يرقص .. كان أجملهم الذي يأذن أو الذي يغني رمضان .
ليلي :
ـ كل زمن وله طقوسه .. ولكن طقوس زمان لها بريقها .
نانه صافي :
ـ أنتم تشتاقوا لزمان ونحن نشتاق له أكثر .. هذا الزمان بقي في السريع .. حتى الأكل تيك أواي .. أطول حاجة في زمانكم هي المسلسلات التركي .. لكن المسلسل المصري 30 حلقة في السريع .. لكنه له سحره .
ماما نوجه :
ـ المسلسل مهما كان طويل .. لكن وراءه حكاية ورسالة .
أمنية :
ـ أنا لي فانوس ولا حمادة فقط .
نانه صافي :
ـ للجميع فانوس حتى نوجه وعبد الله .
ماما نوجه :
ـ إذا ً تأخرتي لتبحثي عن الفوانيس .. مستحيل تجدي هذا النوع بسهولة .. فاكره زمان لما كنت صغيره والشمعة تخلص وابكي من أجل شمعة آخري .. كنا زمان بنزل الشارع بالفوانيس وتغني للمساء .. نصعد نتسحر وننام .
نانه صافي :
ـ كان زمان رمضان له طعم تاني .. كانت الحلويات بتصنع في البيت .. واللمه علي الفطار والسحور لها طعم .. لكن الآن بيجمعوه بصعوبة .
يدخل عبد الله من الباب ويقول :
ـ لكن اللمه ما تحلى إلا بست الحبايب .. نورتي البيت يا ماما .
نانه صافي :
ـ كان بدري .. فكرتك هتفطر بره .. ما أنت متعود .
عبد الله :
ـ كان زمان .. هنفطر ونصلي التراويح ونجلس نستمع لشهرزاد .
نانه صافي :
ـ هو الراديو رجع حكايات ألف ليلة وليلة .
حمادة :
ـ ماما بتحكي لنا حكاية ذي شهرزاد .
نانه صافي :
ـ شهرزاد .. بتحكي لهم أي قصة .
ماما نوجه :
ـ قصص الأنبياء .
نانه صافي :
ـ بتعرف تحكي .
أمنية :
ـ بتحكي لنا بطريقة حلوة .. هنصلي التراويح وهتحكي لنا وأنتي احكمي .
عبد الله :
ـ المدفع ضرب .. جهزتم الإفطار .
أمنية :
ـ نعم تفضلوا .
جلسوا علي الطاولة ، لمة عائلية نتمنى أن تدم ، تناولوا الفطور وبعدها ذهب عبد الله وحمادة وصلوا التراويح لكن الباقي صلت بهم ماما نوجه .
نانه صافي :
ـ متى ستحكي يا شهرزاد .
ماما نوجه :
ـ الآن يا أمي .
حمادة :
ـ ماذا ستحكي لنا اليوم .
ماما نوجه :
ـ قصة سيدنا صالح عليه السلام
كان يا ما كان في سابق الزمان أرسل الله نبيه صالح لقوم ثمود ....: جاء قوم ثمود بعد قوم عاد، وتكررت قصة العذاب بشكل مختلف مع ثمود.
ثمود قبيلة تعبد الأصنام هي الأخرى، فأرسل الله سيدنا "صالحا" إليهم.. وقال صالح لقومه: (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ) نفس الكلمة التي يقولها كل نبي.. لا تتبدل ولا تتغير، كما أن الحق لا يتبدل ولا يتغير.
فوجئ الكبار من قوم صالح بما يقوله.. إنه يتهم آلهتهم بأنها بلا قيمة، وهو ينهاهم عن عبادتها ويأمرهم بعبادة الله وحده. وأحدثت دعوته هزة كبيرة في المجتمع.. وكان صالح معروفا بالحكمة والنقاء والخير. كان قومه يحترمونه قبل أن يوحي الله إليه ويرسله بالدعوة إليهم.. وقال قوم صالح له:
قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (62) (هود)
تأمل وجهة نظر الكافرين من قوم صالح. إنهم يدلفون إليه من باب شخصي بحت. لقد كان لنا رجاء فيك. كنت مرجوا فينا لعلمك وعقلك وصدقك وحسن تدبيرك، ثم خاب رجاؤنا فيك.. أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا؟! يا للكارثة.. كل شيء يا صالح إلا هذا.
ما كنا نتوقع منك أن تعيب آلهتنا التي وجدنا آبائنا عاكفين عليها.. وهكذا يعجب القوم مما يدعوهم إليه.. ويستنكرون ما هو واجب وحق، ويدهشون أن يدعوهم أخوهم صالح إلى عبادة الله وحده. لماذا؟ ما كان ذلك كله إلا لأن آبائهم كانوا يعبدون هذه الآلهة.
ورغم نصاعة دعوة صالح عليه الصلاة والسلام، فقد بدا واضحا أن قومه لن يصدقونه.. كانوا يشكون في دعوته.. واعتقدوا أنه مسحور.. وطالبوه بمعجزة تثبت أنه رسول من الله إليهم.
وشاءت إرادة الله أن تستجيب لطلبهم.. وكان قوم ثمود ينحتون من الجبال بيوتا عظيمة.. كانوا يستخدمون الصخر في البناء.. وكانوا أقوياء قد فتح الله عليهم رزقهم من كل شيء. جاءوا بعد قوم عاد فسكنوا الأرض التي استعمروها.
قال صالح لقومه حين طالبوه بمعجزة ليصدقوه:
وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ (64) (هود)
والآية هي المعجزة، ويقال إن الناقة كانت معجزة لأن صخرة بالجبل انشقت يوما وخرجت منها الناقة.. ولدت من غير الطريق المعروف للولادة.
ويقال إنها كانت معجزة لأنها كانت تشرب المياه الموجودة في الآبار في يوم فلا تقترب بقية الحيوانات من المياه في هذا اليوم، وقيل إنها كانت معجزة لأنها كانت تدر لبنا يكفي لشرب الناس جميعا في هذا اليوم الذي تشرب فيه الماء فلا يبقى شيء للناس.
كانت هذه الناقة معجزة، وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله: (نَاقَةُ اللّهِ) أضافها لنفسه سبحانه بمعنى أنها ليست ناقة عادية وإنما هي معجزة من الله.
وأصدر الله أمره إلى صالح أن يأمر قومه بعدم المساس بالناقة أو إيذائها أو قتلها، أمرهم أن يتركوها تأكل في أرض الله، وألا يمسوها بسوء، وحذرهم أنهم إذا مدوا أيديهم بالأذى للناقة فسوف يأخذهم عذاب قريب.
في البداية تعاظمت دهشة ثمود حين ولدت الناقة من صخور الجبل.. كانت ناقة مباركة. كان لبنها يكفي آلاف الرجال والنساء والأطفال. كان واضحا إنها ليست مجرد ناقة عادية، وإنما هي آية من الله.
وعاشت الناقة بين قوم صالح، آمن منهم من آمن وبقي أغلبهم على العناد والكفر. وذلك لأن الكفار عندما يطلبون من نبيهم آية، ليس لأنهم يريدون التأكد من صدقه والإيمان به، وإنما لتحديه وإظهار عجزه أمام البشر. لكن الله كان يخذلهم بتأييد أنبياءه بمعجزات من عنده.
كان صالح عليه الصلاة والسلام يحدث قومه برفق وحب، وهو يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وينبههم إلى أن الله قد أخرج لهم معجزة هي الناقة، دليلا على صدقه وبينة على دعوته. وهو يرجو منهم أن يتركوا الناقة تأكل في أرض الله، وكل الأرض أرض الله. وهو يحذرهم أن يمسوها بسوء خشية وقوع عذاب الله عليهم. كما ذكرهم بإنعام الله عليهم: بأنه جعلهم خلفاء من بعد قوم عاد.. وأنعم عليهم بالقصور والجبال المنحوتة والنعيم والرزق والقوة. لكن قومه تجاوزوا كلماته وتركوه، واتجهوا إلى الذين آمنوا بصالح.
يسألونهم سؤال استخفاف وزراية: أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ ؟!
قالت الفئة الضعيفة التي آمنت بصالح: إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ
فأخذت الذين كفروا العزة بالإثم.. قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ . هكذا باحتقار واستعلاء وغضب
عبد الله :
ـ لما توقفتي ؟.
ماما نوجه :
ـ سأكمل غدا ً واحكي لكم ماذا حدث معي الناقة .. ماما نامت .
حمادة :
ـ حسنا ً ماما سأذهب لأشاهد التلفاز .
أمنية :
ـ وأنا معك .
ليلي :
ـ سأذهب لأستحم من الحر .
وعبد الله :
ـ أما أنا سأدخل لأنام قليلا ً .. وأنتي .
ماما نوجه :
ـ سأجهز لكم حلويات .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتظروا الحلقة القادمة
.
__________________
التعليقات (0)