مواضيع اليوم

ج11 _ عودة من الموت

أمل جمال النيلي

2011-06-30 16:51:03

0

 ج11 _ عودة من الموت

 عدت للمنزل غير مدركه لما يحدث حولي ، لم أتكلم طوال الطريق ، وبمجرد وصولي تركته ودخلت منزلي ، لم أنظر خلفي ، لم أشعر بالراحة إلا عندما رأيت صورة وسام أمامي .

ـ ماذا أفعل ؟.. أأتزوج سامر ؟؟.. فالحياة لا تقف عند الموت كما تقول أمي .. لكني لا أتخيل حياتي دونك .. حتى ولو ذكري.. لا أتخيل غيرك يلمسني .. كيف ؟؟؟.

لم أقبل بزياد .. والآن أقبل بسامر .. لكن زياد متغير بمائة وثمانين درجة عن سامر .. كالأسود والأبيض .

ظللت علي هذه الحالة ، أفكر دون توقف فاتصلت بروجينا :

ـ مساء الخير .. آسفة لاتصالي في هذا الوقت .. سامر طلب يدي للزواج .

ـ ماذا ؟.. مستحيل .

ـ أليس كذلك .. مستحيل .. مستحيل .

ـ ولكن لما مستحيل يبدو عليه إنسان مهذب .. فالحياة لن تقف بموت وسام.. مستحيل تظلي هكذا .

ـ ولو مستحيل .. مجرد تذكر الأمر ينقبض قلبي .

ـ أهدئ .. وإن شاء الله سيرشدك الله لما فيه الصواب .

ـ يا رب .. آسفة لاتصالي .. اخلدي للنوم .. تصبحي علي خير .

ـ تصبحي علي خير .

خلدت للنوم وعقلي متضخم من الأفكار ، وفي الصباح استيقظت ونزلت مسرعة نحو مسرعة نحو العمل كي أهرب من التفكير المستمر ، ذهبت للعمل وفي حوالي العاشرة وجدته أمامي .

ـ أهلا ً سامر كنت أفكر في هذا اللقاء .

ـ خيراً إن شاء الله .

ـ أنا آسفة لا أستطع قبولك زوج لي .

ـ لما استعجلتي في الرد .. مازال الوقت باكر .. هل يعبني شيء .

ـ لا أنت شاب تقبله أي فتاة دون تردد . . عندما أخبرتني بطلبك شعرت بالموت يتملكني .. بمجرد التفكير أموت .. كيف سأكون لغيره .

لا أستطع وسام لم يكن حبيبي وخطيبي فقط .. أنما هو حياتي وروحي .. ونور عيني .. عشت معه أجمل أيام .. لا أستطع نسيانها أبدا ً .

ـ مع الوقت ستنسي .. سأساعدك صدقيني .

ـ لا أستطع نسيانه .. ليس عندي ما أعطيه لك .. قلبي وعقلي ومشاعري ملك وسام بمفرده .. ليس عندي سوي الشيء الوحيد الذي لم يمتلكه .. جسدي.. هل تريدني جسد بلا روح ولا قلب .

ـ لا أريدك بقلبك الذي ينبض بالحب .

ـ لكن قلبي ملك وسام .. أعرف أنك لا تصدقني أنني وفية لذكري ميت .. وبالأخص أننا لم نتزوج ..كلها مشاعر بريئة ليس أكثر .. لحظات قضيناها معا ً .. ولكن صدقني المشاعر الطاهرة أسمي .

ـ حاولي أرجوكي .ز أنا بحبك .. أنتي حبي الأول .

ـ وأنا أيضا ً وسام حبي الأول .. سأظل وفية له .. وفية لأعز قلب .. لن يكون حبك أغلي من حب أبي وأمي .. ومع ذلك ضحية بكل شيء من أجله .. لأني أعشقه بجنون .

ـ لا أمل في العودة عن قرارك .

ـ لا أمل صدقني .

ـ حسنا ً أنا أتعس مخلوق لأني فقدتك .. لكني مسرورا لمقابلتك..

مازال هناك حب صادق لا يعكر صفوه .. يكفي عرفت أن قلبي يستطع أن يعشق .

ـ لما لا نصبح أصدقاء مع أني أعرف أنه صعب .

ـ كل شيء في بدايته صعب .. ستكوني نعْم  الصديقة .

ـ وأنت نعْم الأخ .

ـ أجل لو احتجت مساعدة .. ستجديني بجانبك .

ـ أجل المهم ابحث عن فتاة تحبك وتحبها .. صدقني مازال الحب موجود .. لا يقصر علي فقط .

ـ لكني لم أجد .. ممكن تبحثي لي عن فتاة .. فتاة قادرة علي أن تحبني بصدق دون خداع .. تهوي التقرب لي .. تغار علي .. تتمني تسعدني .. نكون معا ً باستمرار .

ـ ماذا لو كانت موجودة .. لكن هناك أمرين .. الأول كانت تحب شاب .. ولكنه مازال يحب حبيبته الأولي .. ففضلت الانسحاب وأعادتهم لبعض .. والثاني تحتاج للوقت كي تنسي .

 ـ هذه روجينا .. أليس كذلك ؟.

ـ كيف عرفت ؟!.

ـ رأيت في عيونها حزن وحنان .. تشعر المرء بالأمان بالعيش بالقرب منها .

ـ حسنا ً أري أنها أعجبتك .

ـ لما لا تعطيني الوقت .. أولا ً كي لا أظلمها معي .. لا أريد أن أكون كحبيبها السابق .. وإذا شعرت بها سأتودد لها وأشعرها بالحب والأمان .

ـ رائع .ز حسنا ً أتمني أكون أول من يعرف .

ـ حسنا ً إلي اللقاء .

ـ إلي اللقاء ..

انتهي الحوار وعدت للعمل ، عادت المركب لمجراها بالمياه الهادئة ، الأمواج الخفيفة حتى لم تعد تداعبني .

 

     __________________

 

 

ـ مرحبا سامر وروجينا معا ً .. لا أصدق !!.

فقال سامر مبتسم :

ـ مرحبا حنة .. كيف حالك ؟.

ـ بخير وأنتم ؟.

فقالت روجينا :

ـ الأمور تسير ببطء .. بشكل طبيعي .

ـ أحمد الله .

فقال سامر :

ـ  هذا أول لقاء .. تحدثنا في البداية علي الشات والهاتف .

فأكملت روجينا :

ـ تحدثنا عن كل شيء يخص حياتنا .. وأنتي .. أخبرني بأنك من اخترتني له .. شكرا ً جنة .. أشعر بالطمأنينة لأول مرة تقتحم حياتي .. بحثت كثيرا ً ولم أتخيل أعثر عليها .

فقال سامر :

ـ بفضلك شعرت بأن الحب مازال موجود .. لكني وعدتك آلا أتودد لروجينا إلا لو استطعت  تجاوز حبك .. وهذا ما حدث معي .

أخذت وقتي لأري محاسنها .. خمسة أشهر أعرف كثير .. لكن الأهم أنني وصلت لهدفي في النهاية .

فقال روجينا :

ـ مؤكد أنك هنا في عشاء عمل .. أليس كذلك ؟.

ـ أجل .. أتي إلي هنا بمفردي .

فقالت روجينا :

ـ لقد عادت روجينا من باريس بالأمس .. عادت ومستعدة لإكمال حياتها معه .. لن تتركه مرة ثانية .. أليس هذا رائعا.

ـ أجل .. هذا أسعد خبر سمعته .. علي الرغم من أنها أخذت وقت كثير لتعود .

فقالت روجينا :

ـ أجل .. ثلاث سنوات .. المهم هو عودتها في النهاية .

ـ عندك حق .. أعتذر ر لابد من عودتي لاجتماع .. أراكم في أحسن حال .

عدت للاجتماع ، أصبحت مركب تسير مع التيار ، الرياح تتحكم فيها ، وكلما جاءت رياح قوية حاربت.

تمر الأيام دون توقف ، لم يمنعها الابتعاد لأميال من استمرار الاجتماعات .

ـ مرحبا بالأشقياء .. ما الخبر المستعجل ؟.

فقالت ليلي :

ـ مرحبا جنة .. الأخبار أكثر من رائعة .

ـ هيا خبروني .

فقالت سمر :

ـ لقد جاءني العرض المنتظر .. سأسافر لأمريكا للتدريس بمدرسة لرقص البالية .

ـ رائع أخيرا ً تحقق حلمك .. ولكنك ستتركيننا .

فقالت سمر :

ـ الفراق أحيانا ً صعب .. لكن النجاح أجمل .

ـ وما الخبر الثاني ؟.

فقالت ليلي :

ـ لقد جاءني جواب مكتب التنسيق .. سألتحق بكلية الإعلام ..

ـ رائع .. ما أجمل الأخبار السعيدة .. لما لم تأتي منال معكم ؟.

فقالت ليلي :

ـ حققت مراد زوجها .. هي معه الآن بتخطب له .. أليس هذا الجنون بعينه ؟!! .

ـ لقد أخبرتني من سابق بذلك .. لكني لم أتخيلها بتكلم بجدية .. معقول .. معقول تفعل ذلك حتى لا يطلقها .

فقالت ليلي :

ـ والأكثر جنون أنها ستسكن معها في الشقة .. ومعها ولد عنده ثلاث سنوات .. وبنت سنة ونصف .

فقالت روجينا :

ـ مجنونة حقا ً .. لكن من يعرف ربما تسير الزيجة علي ما يرام .

ـ روجينا ما أخبارك مع سامر ؟.

فقالت روجينا :

ـ الحمد لله .. بدأت أحبه وهو كذلك .

ـ رائع .. هكذا اكتملت فرحتي .

فقالت روجينا :

ـ أي فيلم هذه المرة ؟.. سنحضر المقبلات وأنتي أحضريه ..

ـحسنا ً هيا .. فيلم هندي ورومانسي .. DEVDAللمخرج سانجي ليلا بهساناتي .

 

                       ____________

 

كانت حياتي عادية إلي أن تغيرت فجأة ، كنت أنزل علي السلم الداخلي ، بخطو أول خطوة علي الدرج ، فإذا بي أري وسام أمامي .

يلبس ملابس بيضاء وحوله ضوء أبيض ، مبتسم وجه صافي ، فكرت أنني أحلم أو أتخيل كالعادة ، شعرت بأن العالم يدور .

جلست علي السلم ، وضعت يداي علي ركبتي وبينهم وجهي ، ظللت هكذا لمدة دقيقة ثم رفعتها عندما سمعته يحدثني .

ـ جنة أهلا ً بك في جنتنا .. لكم أتعذب لأني لست معك .. لقد ظلمتك ..فكرت حينما بعدت عني بأنك ستنسيني ..ولكنك لم تفعلي .

سأظل معك بروحي .. وفي العالم الآخر سنجتمع إن شاء الله .. سأظل دائما ً في كل لحظة .. سأحدثك وتحدثني .. ولكنك ستتركني وتأخذي غيري .

ـ لا أستطيع .. رفضت سابقا ً وقلت لك لن أكون لغيرك .

ـ صحيح .. لم تنساني ؟.

ـ لا أستطع نسيانك أبدا ً.

ـ حسنا ً سأتركك الآن وسأعود مرة ثانية .

ـ بجد وسام .

ـ بجد يا قلبي .

حينما رأيته أمامي لم أصدق نفسي ،فكرت أنني حننت أو أتخيل ، لو أتخيل فهذا جعلني في أسعد لحظات حياتي ، الحقيقة والسراب وجهان ، السراب أحياناً يكون نعمة .

استطعت تحقيق أحلامه ، نفذت رسوماته للمشروعات الإسكانية ، كتبتها باسمه ، أصبحت شركتنا واسمه علي جميع الألسنة .

مشروعاته تحقق الجمال والراحة ، المتعة في البقاء خالدة ، هذا ما أسعدني لم يختفي اسمه ، مازال يتردد علي الألسنة ، رغم موته .

لم يفارقني أبدأً ، يجلس أمامي بينما أتناول طعام وفي العمل يجلس أمامي علي الكرسي المقابل للمكتب .

وقت النوم ينام بجانبي علي السرير ، يظل ينظر لي ويحدثني إلي أن أخلد للنوم ، وفي الصباح يوقظني علي أنغام تغريد العصافير .

لم يلحظ أحد وجوده ، لم يفعل ما يجعل الناس يفكروا بأنني مجنونة ، حبي الأول حي لم يمت ،لم أستطع أن أخبر أمي ولا أصدقائي . شعرت ببعض الألم حينما رأيت سامر وروجينا ببذلة العرس ، لكني عدت لرشدي حينما رأيت وسام بجانبي .

ليس لأنني لم أتزوجه ، الغيرة تأتي أحياناً وتختفي ، المهم هو بقاءه معي ، صديقتي نالت من يستحقها وها أنا نلت من استحق ، حب أحي من أجله كل يوم وكل لحظة .

أحي من أجل أمل الاجتماع في الآخرة معا ُ ، أحي من أجل رأيت وجهه كل صباح ، أحي من أجل كلمة حب تخرج من شفته ، طيف يمر أمامي ليشعرني بالأمان .

وها أنا أبلغ الثلاثين ، أحي داخل جنة وسام ، أتكلم معه وأضحك وألعب .

سأظل هكذا معه لأخر يوم بعمري ، قصة حبي مستمرة رغم موت حبيبي ، الحب لا يتوقف ، سأظل مخلصة له دون أن يقتحم أحد سواه حياتي .

فالحب الحقيقي لا يأتي إلا مرة واحدة في العمر ، الحب الحقيقي يسكن القلب ولا يرحل عنه مهما حدث ، ومهما مر الزمان ، الحب هو الحياة حتى بعد الممات .

 

                      تمت بحمد الله     

 

 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !