ج 3 ـ أنا ترفضني .. هتدفعي الثمن
نورهان :
ـ حينما فتحت الباب ووجدت حسام أمامي خفق قلبي .. لأول مرة أشعر بهذه السعادة .. لدرجة أني نسيت نفسي .. خجولة من وقع ما أمر به .. لم أستطع المكوث خلف قناع المرح .
والده :
ـ أهلا ً نورهان أم نور .
نورهان :
ـ أحب نور .. حسام يناديني به باستمرار .
حسام :
ـ هي نور أمامي وقلبي .
والده :
ـ سنظل هكذا واقفين علي الباب .. ألم يحن الوقت كي ندخل ؟.
نورهان :
ـ آسفة نسيت أتفضلوا .
نورهان :
ـ بعدها دخلتهم الصالون .. ذهبت لأخبر أمي وأبي .. كان حسام قلق ووجهه محمر كالفتاة .. دخلت للمطبخ كي أسمع ما سيقول وأراقب حسام .
ظللت أدعو الله أن يوافق أبي ولا يرفضه ويقبل العريس الآخر .. أخاف من رفضه هل سيقبل حسام ووالده أم لا .
دخل والدي :
ـ السلام عليكم .. أهلا ً بكم .
فرد والده :
ـ وعليكم السلام ورحمته وبركاته .. أهلا ً بحضرتك أنا طارق منير .. وابني حسام .
والدي :
تشرفنا وأنا جمال .
والده :
ـ لقد جئنا اليوم بطلب يد ابنتك لأبني .. حسام زميل ابنتك في الكلية .. عمل معي حسام منذ كان في الرابعة عشر كأي عامل .. وفي العام الماضي افتتحنا معرضه الخاص من جهده .
وأيضا ً لديه شقة فوق المعرض .. لم أساعده سوي بالقليل .. رغم أنه ابني الوحيد .. أما والدته لم تأتي معنا لأنها توفيت .
والدي :
ـ رحمها الله .. وأنت يا حسام ألن نسمع صوتك .. والدك سيظل يتكلم بالنيابة عنك .
فيكمل حسام :
ـ قلت لا .. الأهم من كل هذا لم يقال بعد .. أحب نورهان أكثر من نفسي .. وأتمنى بعد موافقتك تسير حياتي ولا أصبح وحيد .. طول هذه السنوات أحافظ عليها كأخت لي .. فماذا سأفعل وهي زوجتي .
والدها :
ـ لقد أخبرتني نورهان منذ ثلاث ساعات عن كل شيء .. أري أنها تحبك كثيرا ً وأنت تستحق كل هذا الحب .
ضحكت وقلت :
ـ أفهم من ذلك ماذا ؟.
والدتها :
ـ أنا أم ولن أجد خير منك لابنتي .. أجل موافقين عليك .. مبارك عليكم .
والدي :
ـ سنعتبر هذه موافقة مبدئية إلي أن تسألوا علينا .
والدها :
ـ لقد سألت أخي عنكم .. هو يسكن بنفس شارعكم .. أخبرني عنكم كل خير .
والدي :
ـ إذا ً ما رأيك في قراءة الفاتحة الآن .. والخطوبة بعد أسبوع والزواج آخر العام .. ما رأيك ؟.
والدها :
ـ موافق فلنقرأ الفاتحة ولكن انتظروا سأنادي العروسة نورهان .. نورهان .
فتكمل نورهان :
ـ لا أزال أتذكر وجه .. كطفل عثر علي كنز غالي .. حينما نادي والدي خرجت وأنا أحمل الشربات .. قدمتها للجميع ثم جلست بجانب حسام .. قرأوا الفاتحة لتسكن السعادة قلوبنا .. وتطرد الخوف والحزن .
أحلامنا حققت وسنبدأ رحلة الحب المعلن .. بدلا ً من الحب السري الذي يخاف الظهور للنور .. ولكن ما الداعي للخوف والأمر أصبح رسمي .
فيكمل حسام :
ـ وفي اليوم التالي .. مررت عليها كي أخذها لنذهب للكلية معا ً .. أتفق علي ذلك مع والدها .. نذهب ونرجع كي لا نفترق عن بعضنا .
دخلنا الكلية وأيدينا متشابكة ..تعلقت عيون الجميع علينا .. رسمت الدهشة .. تساؤلات كثيرة .
فقالت أحدي صديقاتها :
ـ ما سبب هذا القرب بدون خوفا ؟ .. أين ذهب حياء نورهان .. والخطوط الحمراء .
ـ فأخبرتهم بما حدث قبل أن تذهب عقولهم لبعيد .. فكانت فرحتهم خير مكمل لسعادتنا .
انتهت المحاضرات حوالي الخامسة .. كان يوم شاق لدرجة كبيرة .. توجهنا نحو السيارة بعدها تحركنا ..وهي تحمل أسعد قلبان .. كانت السعادة لا نهاية لها .
العالم واسع يفتح مصراعيه لنا .. لنغتنم منه ما نريد دون أن نكتفي .. الحب رسم لنا طريق الحياة .. ونحن معا ً لا يفرقنا غير الموت .. وهذا ما نتمناه معا ً لا نترك بعضنا .
فأكملت نورهان :
ـ بينما كنا نتخيل أحلامنا التي سنحققها معا ً .. حدث ثقب بإطار السيارة .. فنزلنا كي نغيرها .
فقال حسام :
ـ السيارة لم تتحمل الأحلام والسعادة التي نحملها بقلوبنا .
فقلت :
ـ قلوبنا تعلن الانتصار علي الخوف من فراقنا .. أتركه ينبض ويقول للعالم بأني أحبك .. أحبك .
حسام :
ـ وأنا أيضا ً أحبك بجنون .. وبموت فيكي .
نورهان :
ـ كان الظلام يسود المكان .. هادي لدرجة ساحرة .. وأنا وهو بمفردنا ولكنه سلبني من الرومانسية .. فالخوف بدأ يتسلل إلي ِ من ما جعلنا نسرع في تغير الإطار .
بالفعل أسرعنا وفي خمس دقائق انتهينا .. وفجأة وقفت سيارة جيب أمامنا .. خرج منها أربع رجال .. ثلاثة منهم أجسادهم ضخمة وقوية .. وحوش الطبقة الراقية .. والرابع .. ..
فأكمل حسام :
ـ أصعب شيء حينما يتذكر المرء كارثة حدثت له .. وهذا ما حدث معنا .. فالرابع كان سيف .. سيف يقطع كل ما يقف أمامه لتحقيق أهدافه .
وقفت مكاني لأجد نور تمسك بيدي وهي ترتعش .. نظرت لأري رهبة ورعب من مجهول يغيم .. كنت كقارئ الطالع في عيون المجهول .
نورهان :
ـ تقدم ثلاثة صوب حسام ونزعوا يده من يدي .. امسكه اثنان من يداها والثالث أخذ يضربه بقوة .. حاول أن يتماسك كي يخفي ألمه وعينه معلقة بعيني .
كنت علي النقيض لم أستطع تملك نفسي .. كانت الدموع وسيلتي الوحيدة لتعبر عن خوفي وما سيحدث لي .
فالغضب الذي ملأ عيون سيف .. جعلني أتوقع ما سيحل بي .. ولكن تمنيت من الله أكون مخطئة .
بدأ يتقدم نحوي وهو يقول :
ـ أنا ترفضني .. هو أحسن من في أيه !! .. أنا أغني منه وأكثر وسامه منه .. كنت سأجعلك ملكة .. أي فتاة تتمني أكون عاشقيها ليس زوجها .. ترفضني أنا من أجل هذا الصعلوك .
فقلت له :
ـ الحب لا يباع .. أطمئن قلبي له .. شعرت بالحياة تحتوني حينما عرفته .. تحتويني بالحب وليس بالمال .. كل سلعة لها ثمن ما عدا الحب .
سيف :
ـ كل سلعة لها ثمن وأولها الحب .. وجميع النساء تعشق الذهب والمجوهرات .
فقلت :
ـ ولكني لست من هؤلاء .. الحب عندي بلا ثمن .. أرجوك كن محترم وأجعلهم يتركوه .
فقلت والخوف يزلزلني :
ـ أرجوك رفضني لم يكن لشخصك .. عرفت حسام قبلك وأحببته .. يمكن لو كنت قابلتك قبله كنت أحببتك .. لكني بحب حسام الآن .
ـ لم تأثر فيك كلماتي أو ترجعه عن مراده وما يفكر فعله .. تقدم نحوي وأمسك يدي وشدني بعيدا ً وسط الظلام .. حسام .. حسام .. ألحقني .. أرجوك أتركني .. أتركني لا تفعلها .. أرجوك .. لكنه لم يستمع إلي ِ .. بدأ يمزق ملابسي بجنون .. لم تردعه صرخاتي ولا دموعي .
صرخاتي كل مدي ترتفع لعله يفق لنفسه ولا يفعل ما سيفعله .. ولكن لم تكن صرخاتي حاجز يمنعه مني .. فريسة يهاجمها أسد جائع .. لا ينظر لمدي ضعفها أو عدم احتياجه لهذه الفريسة .. لكني لم أستسلم لقوته .. ضربته بالقلم لعله يفق من هوسه برفضي له .
حاولت الهرب منه لأنجو بنفسي من ألم لن يمحوه الزمن ولا دموع العالم .. سيمزق قلبي بلا رحمة .. ولكنه أمسك بي وضربني لطمه قوية أسقطتني فاقدة للوعي .
غبت عن الوعي ولم أدرك ما حدث .. أسترديت وعي لأجد نفسي في حالة فظيعة .. ملابسي ممزقة .. وأظفاره محفورة بحسدي .. لن أستطع وصف مدي المصيبة التي وجدت نفسي فيها .. انهرت في البكاء والصراخ .
لم تستطع نورهان تملك نفسها ، انهمرت دموعها وبدأ جسدها يرتعش ، اقترب حسام منها ووضع يده علي كتفها :
كانت الضربات قوية لم تستطع تحملها .. فقدت وعي واستيقظت علي صراخها وبكاءها .. حاولت جمع قواي .. كل جزء بجسدي يصرخ مم الألم .
حاولت أتماسك لأقف ولكني لم أستطع .. وجدت عصا فاستندت عليها .. حاولت البحث عنها إلي أن وجدتها وسط الظلام .
الظلام كان حالك ولكن منظرها كان رهيب .. حينما رأيتها لم أملك غير الابتعاد للسيارة .. أبكي من هول ما رأيت .. لا أستطع وصف ما حدث لي حينها .
كان بمثابة سكينة تلمه غمست بقلبي .. فلم أجد أمامي سوي السيارة .. أخرجت غضبي فيها .. أخذت أضربها في غضب شديد .
يا لها من مصيبة دمرت حياتنا .. لم أستطع الوقوف هكذا .. أخذت جاكتها الطويل وذهبت كي أعطيه لها .. فوجدتها فاقدة الوعي .. فألبستها الجاكت وحملتها .
وضعتها بالسيارة ورميت أحلامي خلفي .. كم حلمت أخذها بين ذراعي ولكن لم أتوقع في هذه الظروف .
أسرعت لنهرب من هذا المكان .. لم أكف طول الطريق عن النظر لها والبكاء .. لم أبكي حينما توفيت أمي ولكن ما حدث كان فظيع .. أتعذب من آلام جسدي وقلبي .. لم أستطع حمايتها وهي معي .. كنت عاجز .. عاجز .
مر الوقت ووصلنا لمنزلها .. كان الظلام يعم المكان .. حملتها لشقتهم وبمجرد وصولي طرقت الباب بقدمي .. برهة وفتحت والدتها الباب .. صرخت حينما رأتنا .
شكلي فرعها والضرب الذي أخذته نورهان .. لم تتحمل نادت زوجها .. عندما نظر لي وجدني أبكي ولا أستطع تملك نفسي .. جسدي يرجف بشدة .. والانكسار يحطمني .
والدها :
ـ أرجوك أدخلها غرفتها .
ـ دخلت ووضعتها علي السرير وخرجت .. لم أستطع حتى النظر لها .. تركت والدتها تغير لها ملابسها .. جلست علي الأريكة أحاول جمع قواي .. فطلب والدها معرفة ما حدث .. فرويت له .
عجز هو أيضا ً علي تملك نفسه فبكي .. لم أستطع التحمل رجعت لمنزلي ورويت لأبي ما لم يتوقعه .
والدي :
ـ ما رد فعلك الآن من جانبها ؟.. أستتركها بعدما حدث ما حدث ؟.
ـ مستحيل أتركها مهما حدث .. لم يكن ذنبها غير أنها أحبتني ولم ترتبط بغيري .. هو من دمر حياتنا .. يظن أنني سأتركها لو فعل هذه الفعلة .. ولكن حبي لها يفوق الحدود .
أنا من عجز عن حمايتها .. عاجز .. لم أستطع حمايتها وهي معي .. أظنها سترفضني لضعفي .
والدي :
ـ الذنب ليس ذنبك ولا ذنبها .. ذنب حقير مغرور .. يظن المال يغير النفوس والقلوب .
ـ أشعر بأن قلبي سيتوقف عن الخفق من شدة ألمي .. الموت لو يأخذني حينها سيتوقف الألم .
والدي :
ـ حسام أهدي .. أدخل خذ حمام ساخن ونام .. ربما تهدئ وتنعم بالراحة من ألمك .
ـ ولكن تظن المياه ستمحو ألمي وجروحي .. لن تغمض عيني .. مستحيل .. أنا قلق عليها بشدة .. أبي أحبها ولا أريد الافتراق عنها ولو للحظة .. ساعدني سأجن من التفكير .
والدي :
ـ بني أسمع كلامي .. خذ حمام وصلي وأدعو الله يساعدكم .
انتظروا الأحداث القادمة
التعليقات (0)