جيم جونز(1931- 1978)
ولد جونز في ولاية أنديانا من أم من أصول هندية واب أبيض كان والده من المحاربين القدامى وشارك في الحرب العالمية الاولى وكان عضوا في منظمة (k.k.k) وهي منظمة عنصرية سرية تمارس العنف ضد السود بشكل أساسي وضد الكاثوليك أيضا .
أهتم جيم جونز في طفولته بالقراءة عن شخصيات مثل هتلر وستالين وماركس وغاندي محاولا تحديد مناطق القوة والضعف في شخصياتهم وكان لديه ولع في (الموت والدين) ويذكر أصدقاء طفولته أنه أقام طقوس جنائزية لحيوانات وما اثار فزعهم أنه قام بقتل قط امامهم وبطريقة وحشية .
عاش مع والدته بعد انفصال والده عن والدته. تأثر بالأفكار الشيوعية الأممية وأصبح مناصرا لقضية تعرض السود للأضطهاد . في عام 1951 أنتمى بشكل فعلي للحزب الشيوعي الامريكي . لكنه وجد ان الفكر الماركسي غير رائج في الولايات المتحدة ومنبوذ الى حد كبير لذلك وجد من الصعوبة بمكان أيصال افكاره والتأثير بعامة الناس وهو يلبس الثوب الماركسي فقرر لبس الثوب الكنسي لتمرير أفكاره فقام بتأسيس كنيسة خاصة به ونجح في ذلك فعلا وكانت خير مغذي لافكاره القديمة (الموت والدين) وخير وسيلة لتمرير أفكاره الماركسية بغلاف ديني واسماها ( معبد الأنجيل المسيحي للشعوب) وعرفت لاحقا بمعبد الشعب .
بدأ ينشط في مجال الدفاع عن الملونين والمشردين والمحرومين وتمكن من توسيع شعبيته من خلال أستخدام كلمات تنفذ الى القلب وتؤثر في المحرومين الذين يتمنون سماع كلمة طيبة تسقي عطشهم العاطفي . فكانت خطبه ملهمة للكثيرين خصوصا الذين يشعرون بجوع كبير لسماع كلمات تشبع شعورهم بالحرمان وأكثر ما كانوا يمنون النفس في الحصول عليه هو الشعور بالانتماء لكيان يشعرهم بالامان واعطاهم جونز ما يتمنون . كان يحصل على الدعم من خلال قيام أتباعه بجولات على المنازل والمطارات ومن ضمن نشاطاتهم الطريفة للحصول على دعم هو عرضهم قردة أليفة للبيع . كان جونز يمارس الخداع للحصول على دعم مادي من خلال القيام بتمثيليات متفق عليها مع أتباعه المقربين . وبهذه الطريقة توسع نفوذه وأزدادت شعبيته وكثر أتباعه .
كان يدعو لفكرة الاندماج الاجتماعي بين جميع الاعراق وقام هو وزوجته بتبني أطفال من أصول مختلفة تعبيرا عن الاندماج العرقي في عائلة واحدة فقاموا بتبني طفل من اصل كوري وطفل من اصل أفريقي وطفل أبيض واسموها عائلة قوس قزح .
بعد ان أتسعت شعبيته بدأ يفكر في بناء مدينة خاصة به وباتباعه وهذا ما حصل فعلا وتحول حلمه الى حقيقة وولدت (Jonestown) التي قام بتشييدها هو وأتباعه .
بدأ جونز يروج لفكرة أن العالم سيدخل في حرب نووية ستؤدي الى أنتصار الفكر الاشتراكي . في بداية السبعينات وبعد ان اطمئن ان أتباعه غارقين في اتباعه وهم مغمضي العينين بدا مرحلة جديدة من خلال أنتقاده الفكر الديني بشكل واضح وصريح . وبدأ يصرح بكثير من اعتقاداته التي كان يخفيها . وقال لاتباعه مرة (الذي تستطيعون الايمان به هو ما ترونه باعينكم ... أذا كنتم تعتبروني ابا لكم فسأكون كذلك وأذا كنتم تعتبروني مخلصكم فساكون كذلك واذا كنتم تعتبروني ألهكم فسأكون كذلك ) وفي مناسبة أخرى كان يقول أنه يجسد المسيح وبوذا وغاندي ولينين وحتى الله !) .
تم تشييد المدينة في أدغال امريكا الجنوبية في دولة غايانا وكان جونز يحاول دائما زرع فكرة ليس لها وجود ألا في مخيلته وهي ان الحكومة والمجتمع تريد بهم السوء مما أثار حالة من الخوف في قلوب مريديه وسرع ذلك من أتخاذهم قرار ترك حياتهم وبداية حياة جديدة في جنة جونز لكن الواقع كان مختلف تماما فلم تكن المدينة كما يروج لها ولم تكن الغرف تكفي لأستيعاب الجميع لم يكن الوضع مريح للكثيرين وكان الحال مزريا وكانوا يشعرون باحباط شديد خصوصا أن جونز أظهر الجانب الخفي من شخصيته وهو الدكتاتور المتسلط . كانت ساعات العمل طويلة جدا والجو غير مناسب ووصل استهتار جونز الى مراحل متقدمة حيث كان يغني عبر مكبرات الصوت ليلا وفي الوقت الذي يكون فيه الجميع نائمين فضلا عن خطبه التي كان يبثها أوقات النهار عبر مكبرات الصوت المنتشرة في كل مكان . بدأ يعامل أتباعه وكأنهم عبيد وسلوكه التسلطي يتعاظم يوما بعد يوم .
عام 1978 بعد ان وصل خبر ما يحدث في المدينة الى أحد أعضاء الكونغرس أهتم بالامر وذهب للتأكد بنفسه فأكتشف حقيقة وجود أشخاص مجبرين على البقاء رغما عنهم فعرض عليهم الذهاب معه بعد أن طلبوا ذلك منه دون علم جونز وهذا ما أثار غضب الأخير وفي النهاية قام أتباعه بقتل عضو الكونغرس ومرافقيه .
بعد ذلك اجتمع جونز باتباعه وأرعبهم من رد فعل الدولة تجاه قتلهم لعضو الكونغرس وحدثهم عن فضائع سيفعلها الجيش الامريكي بهم فأقنعهم بالانتحار بشرف وتفويت الفرصة على من يريدون بهم السوء .
حين أبلغ الجميع بضرورة الانتحار حصلت حالة من الهستريا الجماعية وبدأ الجميع بالبكاء فقال لهم ( توقفوا عن هذه الهستريا فهذه ليست طريقة الشيوعيين أو الاشتراكيين للموت ... لا تخشوا الموت فهو مجرد قفز فوق طائرة أخرى ... نحن نرتكب عملية أنتحار ثوري كأعتراض على الظروف التي قام عليها العالم اللاأنساني )
تجرع أتباع جونز سم السيانيد وكان الاطفال أول من بدأ ومن رفض تجرع السم او حاول الهرب كان أتباع جونز المقربين يطلقون عليه النار . أطلق جيم جونز رصاصة على راسه وكان اخر المنتحرين وأنتحاره بالرصاص وليس بالسم يحتمل أحد الأحتمالين أما أنه لم يملك الشجاعة لتجرع ألم السم أو أنه اراد تمييز نفسه وأرضاء غروره . تجاوز عدد المنتحرين 900 شخص ولم يتمكن من الفرار الأ عدد قليل جدا .
وبذلك قام جيم جونز بثلاث سوابق لا مثيل لها الاولى هي انه أول أبيض يتبنى طفل اسود والثانية هي انه أول شخص يقتل عضو كونغرس أثناء تادية واجبه والثالثة هي مسؤوليته عن أكبر عملية أنتحار جماعي في تاريخ البشرية .
ضياء الكرعاوي (1967-2007)
وهو قائد ما يعرف بجماعة جند السماء أو جيش الرعب والتي قضت عليها الحكومة العراقية في هجوم عسكري عام 2007 . حسب التقارير الحكومية يقدر أتباع ضياء الكرعاوي باكثر من ألف شخص . هناك أكثر من رواية تحيط بشخص زعيم الجماعة ضياء الكرعاوي .
هناك رواية تقول أن ضياء الكرعاوي خريج اكاديمية الفنون الجميلة قسم الموسيقى . لم تكن لديه أي ميول للتطرف ولم تكن لديه أي ميول دينية . كان طموحا في مجال الموسيقى ويحلم أن يكون مغني وملحن . كان محبا للسفر ويعمل في التجارة .
رواية أخرى تقول انه لم يكمل الدراسة الأعدادية وتعرض لحادث سير كان له أثر في سلوكياته وتوجهاته اللاحقة . كسر على اثر هذا الحادث عموده الفقري وبعد ان شفي من الحادث قال انه شفي ببركات أهل البيت وانه يملك قدرة على شفاء الاخرين وبعد ان ذاع صيته أدعى انه جائه هاتف من السماء أوحى له أنه خلق من بيضة لفاطمة الزهراء وحيمن لعلي أبن أبي طالب وهو علي أبن علي ابن أبي طالب (المهدي المنتظر الحقيقي).
تعتبر جماعة جند السماء من الجماعات الغامضة من حيث التمويل . ووجهت اصابع الاتهام لاكثر من جهة خارجية وداخلية في دعم هذه الجماعة .
قامت الجماعة ببناء مدينة سرية متكاملة في مزارع الزركة . وكان فيها كل مستلزمات الحياة ومتطلباتها وتتوفر فيها كل الجوانب الخدمية من مستشفيات ومخازن للطعام ومعامل للخياطة و غيرها . كانت الجماعة تصدر مجلة نصف شهرية تتحدث عن الفكرة المهدوية وتحاول أثبات بطلان الروايات الشيعية حول الامام المهدي وأثبات رواية أن المهدي هو علي ابن علي أبن أبي طالب والذي هو ضياء الكرعاوي .
ظهرت مقاطع فيديو لضياء الكرعاوي مع أصدقائه وهم يمازحوه بطريقة توحي ان موضوع ادعائه المهدوية كان يمهد له منذ ذلك الحين وأن أصدقائه على علم بذلك . فكان أحدهم ينحني امامه مازحا وهو يستخدم مفردات التبجيل والتعظيم . وفي مقطع اخر كانوا يرقصون ويغنون وهذا يثبت انه لم يكن مؤمن بالفكر الديني وكان يحاول الوصول لاهدافه عن طريق لباس الدين . تم تصوير هذه المقاطع في الهند . أشيع أن ضياء كان يقوم بامور خارقة للعادة أمام اتباعه . وهذا أمر وارد وغير مستبعد ويفعله الكثير من السحرة في الهند ويبهرونالكثير من السياح ولا يستبعد ان ذهاب ضياء للهند كان لغرض تعلم هذه الحيل لمعرفته المسبقة بمدى تاثر نسبة كبيرة من أبناء المجتمع بكل فعل خارق للعادة ومدى ربطه بالغيبيات . وقد تكون مجرد أشاعات كان يشيعها لمعرفته بسرعة أنتشارها وتداولها بين الناس .
على ضوء المعلومات السابقة يظهر لنا أن ضياء لم يكن ملتزم دينيا وكان يحاول الوصول لغايته عن طريق التسلق على أكتاف البسطاء الذين تسحرهم فكرة ظهور المهدي . ومن المؤكد أن لدى ضياء قدرة على الاقناع والا كيف تبعه أكثر من الف شخص ؟ مع العلم أن هناك العشرات يدعون المهدوية ولم يجدوا الا السخرية !
حسب اعترافات المعتقلين من الجماعة تبين أنهم كانوا يخططون لقتل مراجع الشيعة واعلان ظهور المهدي والسيطرة على مدينة النجف في يوم العاشر من محرم .
نوع الاسلحة التي وجدت معهم تؤكد أن أمكانياتهم كبيرة ويتلقون دعم هائل فضلا عن تجهيز المدينة بمختلف الخدمات التي تحتاج الى دعم مادي ضخم . لم تتمكن القوات االعسكرية من القضاء عليهم بسهولة فكانوا منظمين ويرتدون زي موحد ويقاتلون بقوة وضراوة . قام قائدهم ضياء الكرعاوي بمحاولة بائسة بعد ان تمكن جماعته من الحصول على جهاز لاسلكي يتصل بالقوات التي تواجههم قام بتوجيه نداء باسم الامام المهدي للقوات التي تقصفهم محاولا التأثير عليهم من خلال اللعب على وتر العقيدة المهدوية لكن محاولاته بائت بالفشل وكان مصيره القتل هو والمئات من أتباعه والبقية كان مصيرهم الاعتقال .
جيم جونز وضياء الكرعاوي نموذجان يثبتان قدرة أي مخبول لديه نسبة عالية من الذكاء الاجتماعي على التلاعب بعقول نسبة لا يستهان بها من الناس ودفعهم الى الهاوية السحيقة من خلال غسل أدمغتهم والتلاعب بنقاط القوة والضعف فيهم . وكلما وجد هذا المخبول من يصدقه ويسير خلفه كلما أزداد جنونا .
المصادر :
1- أنظر-ي : الموسوعة الحرة الانكليزية – jim jones – ترجمة زينب المرزوقي (موقع غرام)
2- أنظر-ي : مزرعة الجثث في جونز تاون المذبحة التي روعت أمريكا والعالم – مقال بقلم عماد – منشور في اكثر من موقع – مصادر المقال : ( جامعة سان دييغو ملف كامل عن الحادثة – تسجيل صوتي سجل أثناء عملية الانتحار – خطبة جونز قبل الانتحار – مقالة تحليلية من صحيفة لوس انجلوس تايمز )
3- أنظر-ي : موقع أخبار – اشباح السماء وقاضيها ... تفاصيل أخرى عن قائد جند السماء
4- أنظر-ي : جريدة الشرق الاوسط – البرلمان العراقي : قائد جند السماء عراقي شيعي يجيد الغناء والعزف على العود
5- برنامج وثائقي عن جند السماء – قناة البغدادية
التعليقات (0)