مواضيع اليوم

جيل يضيع

مجدي المصري

2009-08-12 07:56:01

0

 


مصر تتكون من مجموعه من المدن سواء كبيره أو صغيره لايتعدي عددها المئتي مدينه موزعه بين خضم رهيب من قري بالالاف تحيط بكل مدينه من كل جانب من أقصي الشمال وحتي أقصي الجنوب ولأن مصر هبه النيل كما قال "هيرودوت" فقد عاشت مصر الاف السنين تمتهن الزراعه حرفه وأسلوب حياه وكانت القري المصريه صغرت أم كبرت تعول المدن المصريه وتوفر لها كل شيئ فهي تنتج ويباع انتاجها في المدن المجاوره وعاشت مصر الاف السنين تنعم بالأمن الغذائي بل وتصدر الفائض الغذائي الي الخارج وبني الفلاح المصري أسطوره خالده علي مر العصور بأنه عائل المدينه بل وعائل كل مصر ولا يقبل بأن يصبح عاله عليها حتي الخبز كان عارا أن يأكل الفلاح من خبز المدينه بل كان ابن الريف المصري يعير ابن المدينه بانه لولا هو لمات ابن المدينه جوعا....
وكان الفلاح المصري لا يعلم أبناءه في المدارس ولكن يعلمهم منذ نعومه أظفارهم فنون الفلاحه وتربيه الماشيه الا ما ندر من الأبناء والذي كان يعشق العلم فكان ينبغ فيه حتي أن غالبيه أعلام مصر ان لم يكن كلهم نبتوا من الريف والقري وبلغوا الأفاق وخلد التاريخ ذكراهم بما أسهموا به في مجالات العلم والأدب والتنوير فكان التعليم فقط لمن يبتغيه وأهل له فيبلغ به القمم....
كانت هذه هي الصوره المصريه الأصيله لالاف السنين واكتسبت بها مصر سمه الخير والنماء والخضره والاكتفاء الذاتي من الطعام حتي سته عقود مضت عندما قامت الثوره في العام 1952 والتي كانت تحمل أفكارا ثوريه ولكنها للأسف غير مدروسه النتائج ولا محموده العواقب...
فمن ضمن الأهداف التي سعت الثوره الي تحقيقها تحويل مصر من بلد زراعيه الي بلد صناعيه من النقيض الي النقيض وليس الوسط أي زراعيه صناعيه فأسرفت في انشاء المصانع التي اجتذبت الكثير من الأيدي العامله الزراعيه لما وفرته من مرتبات شهريه ثابته بخلاف ما كان يطلق عليه حقوق العمال والمصطلحات الثوريه الأخري...
كذلك اهتمت الثوره بالتعليم فشجعت المصريين وخاصه الفلاحين منهم علي ارسال أبناؤهم الي المدارس لكي يتعلموا وتبنت حكومه الثوره الاشتراكيه سياسه تعيين جميع الخريجين فتسابق أبناء الفلاحين في الذهاب الي الجامعات والمدارس المتوسطه للحصول علي شهاده ووظيفه في نفس الوقت ولتخلوا الحقول تماما من الأيدي العامله فما الدافع للبقاء فلاح بينما يمكن أن يكون أفندي وموظف في الدوله ويكون له ولأولاده من بعده معاش شهري....
وانعدمت انتاجيه الارض الزراعيه لهذا السبب ولأسباب أخري كثيره وأصبح الفلاح عمله نادره ….
ولكن فجأه ومنذ أكثر من عقدين من الزمان تغير الفكر الحكومي توقفت الحكومه عن سياسه تعيين الخريجين والتي كانت سببا في تكدس الموظفين بطريقه نادره الحدوث في أي مكان في العالم في الجهاز الاداري للدوله فالموظفون أصبحوا لا يجدوا مكانا داخل المكاتب للجلوس فيه وتحولوا الي عبئ علي الموازنه العامه وأشياء أخري كثيره ليست موضوعنا الأن....
نعود الي القري المصريه والتي تتميز بكثره الانجاب ولا تعرف شيئا عن تحديد أو تنظيم النسل الذي حاولت الحكومه تطبيقه وصرفت في سبيله مئات الملايين ولم يستجب لها أهل القري لأن الجماعات الدينيه المناوئه للحكومه والتي لها سيطره مؤثره في القري استطاعت أن تقنع الفلاح أن التحديد أو حتي التنظيم للنسل ليس من الدين.....
وبالتالي حدث الانفجار السكاني في القري وتستطيع أن تلحظ هذا بوضوح ان تمت دعوتك لأحد الأفراح باحدي القري سوف تشاهد كم من الاطفال اللهم لا حسد يتدرج من الطفل الذي يحبو وحتي الشباب لا تستطيع أن تحصي عددهم كأنهم موجات متتابعه من البشر كل هؤلاء بالتأكيد كل هؤلاء لن يصبحوا أيدي عامله زراعيه ولكن ستبتلعهم بالوعه التعليم ….
ولكن من بالوعه التعليم سوف يتسرب منهم البعض لورش الصنائع المختلفه لتعلم صنعه ويكمل الغالبيه منهم التعليم العالي أو المتوسط بالكاد ويتبقي القليل منهم وهم النوابغ الذين يتفوقوا في التعليم ويصلوا الي أعلي الدرجات والمناصب ….
ولكن ما نحن بصدده اليوم هو الغالبيه التي تكمل التعليم العالي والمتوسط بالكاد … مئات الالاف من الخريجين سنويا دون أن يتسلحوا لا بالعلم ولا بالفكر ولا بالتثقيف حصلوا علي شهادات التخرج بشق الأنفس....
هؤلاء ما هو مصيرهم ؟؟؟ مستقبل مظلم لا أمل في أي شيئ لا وظيفه ولا نقود ولا استقرار ولا سكن ولا زواج .. ولا أي شيئ
فماذا هم فاعلون؟؟؟
هنا يبدأ مفترق الطرق … ربما تستطيع القله منهم ممن لهم أقرباء في الدول العربيه النفطيه ايجاد عقود عمل في تلك الدول بأي مرتبات وتحت أي شروط أو ظروف.....
وربما يبيع أهل القله منهم كل ما يمتلكون ويستدينوا من الناس ويضعوهم في مراكب متهالكه متجهه الي أوروبا لتغرق بهم في اليم وتبتلعهم الأسماك..
وربما تقبل القله منهم بأن تتعلم أي صنعه معماريه يمتهنوها....
بينما يتبقي الكثير والكثير منهم لا يجد أي شيئ سوي الضياع في غابه الحياه بدون أي سلاح فكري أو ثقافي أو مادي وكأنهم فئه مهمشه تماما من المجتمع ليصبحوا ناقمين حاقدين علي كل شيئ يصبحوا عرضه لأن تجتذبهم الجماعات المتطرفه وتعيد غسل أدمغتهم وتحولهم الي قنابل موقوته معاول هدم لهذا البلد
أو يجتذبهم تجار المخدرات كوجوه جديده غير معروفه لدي الشرطه ليصبحوا تجار مخدرات ومعاول هدم لهذا البلد....
أو يجتذبهم اللصوص وقطاع الطرق ليصبحوا هجامه ونشالين ولصوص ويصبحوا معاول هدم لهذا البلد...
أو تكتظ بهم شوارع المدن وخاصه القاهره العاصمه ويتحركوا في جماعات كالذئاب المسعوره يقومون بالتحرش الجماعي ليس الجنسي فقط ولكن كل أنواع التحرش ليصبحوا معاول هدم لهذا البلد...
أو …. أو …. أو …. أو …. ليصبحوا معاول هدم لهذا البلد....
والحكومات المتعاقبه في واد و هؤلاء في واد أخر ..
حتي تحدث القارعه وما ادراك ما القارعه ليبدأ الصراخ والعويل وتقف البلد عن بكره أبيها علي قدم وساق تولول ورويدا رويدا نبدأ في النسيان حتي تأتي قارعه أخري.... وهكذا تضيع مصر من بين أيدينا شيئا فشيئا لأن جيل بأكمله يعاني الضياع ولا أحد يلتفت اليه أو يحتضنه ويصنع منه أدوات للبناء وذخيره للمستقبل
مجدي المصري




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات