لم أتوقع وأنا افتح رابطا نشره أحد الأصدقاء على جداره في الفيس بوك أن أطالع ما طالعت..
ما طالعته في هذا الرابط لا يختلف في جوهره عما تقوم به شراذم القاعدة والعصابات الأرهابية الأخرى..
كما إنه لايختلف عما تقوم به كثير من أجهزة اللا أمن العربية..
فكل ماذكرته جوهره الحيوانية والبعد عن السلوك الأنساني القويم الذي أنحدر حتى بلغ لدى البعض الصفر أو أقل من ذلك حتى..
الرابط هو لموضوع نشرته صحيفة اليوم السابع المصرية عن حالات التحرش الجنسي التي شهدتها عدد من كبرى حدائق ومتنزهات القاهرة في أول أيام عيد الفطر وقد نشرت الصحيفة ضمن موضوعها عشرات الصور التي وثقت كثير من هذه الحوادث والتي أحصى مراسلو الصحيفة عشرة منها في غضون ساعة واحدة فقط حيث تقول الصحيفة..
"هجوم يا رجاله بنت حلوة".. كلمات تكررت أكثر من 10 مرات خلال ساعة زمنية فقط لتعبر عن مأساة حقيقة تعرضت لها زائرات الحدائق العامة، خاصة حديقة الفسطاط بمحافظة القاهرة وحديقة الحيوان بمحافظة الجيزة والتى شهدت تحرشات واشتباكات جماعية من قبل الشباب حتى وصل الأمر لإصابة بعض الفتيات بحالات إغماء.
كارثة بكل المقاييس رصدتها عدسة اليوم السابع بحديقة الفسطاط اليوم بعد صلاة الجمعة تمثلت فى حالات التحرش الجماعى بالفتيات حتى وصل الأمر إلى محاصرة حوالى 20 شاباً لفتاتين وسط حالة من الصراخ والعويل منهما والاستغاثة بأفراد شرطة الحديقة لنجدتهما، الغريب فى الأمر أن وقائع التحرش داخل الفسطاط لم تكن تحرشات فردية ولم تكن تحرشات لمرة واحدة بكل لأكثر من 10 مرات خلال ساعة زمنية واحدة بصور جماعية.
وفي تغطيتها للموضوع في اليوم الثاني أشارت الصحيفة الى تفاقفم الحالة وتضاعف حالات التحرش بسبب الزيادة في عدد الزائرين في اليوم الثاني للعيد حيث تورد الصحيفة..
فرغم قلة عدد الزائرين وكثرة التحرشات والتى وصلت لعشر حالات من الهجوم الجماعى على البنات خلال ساعة زمنية فقط أمس والتى كانت تتطلب التحرك السريع من مسئولى الحديقة لمنع ذلك ولكن ما حدث اليوم وسط تضاعف أعداد الزائرين مقارنة بأمس وتضاعف التحرشات بشكل أبشع يعبر عن مدى غياب المسئولين عن الحديقة.
بالطبع لايهمني كثيرا الحديث في الأجراءات القانونية والأدارية لمعالجة المشكلة كون أهل مكة أدرى بشعلبها والكلمة الفصل هنا للأخوة المصريين لكنني سأتناول الجانب الآخر للقضية وهو مسألة التحرش..فمن خلال الأطلاع على الصور التي نشرتها الصحيفة يتبين لنا أن كثير ممن تعرضن للتحرش هن من المحجبات اللائي لم يحميهن الحجاب من تطاولات ومضايقات أشباه البشر المنتشرين في الحدائق العامة..وهو مايثبت مجددا ما كررناه كثيرا من أن الحجاب لم ولن يحمي فتاة من قلة الأدب المنتشرة في مجتمعاتنا العربية المحافظة والمعروفة بتدينها(لأبعد الحدود!!!)
أن التحرش الجنسي ظاهرة متصاعدة في مجتمعاتنا التي كثرت عللها وأمراضها وللأسف تصاعد هذه الظاهرة يوازيه صمت مطبق من الجهات الحكومية والمنظمات المختصة حيث لاتوجد برامج للتوعية والتثقيف ولا حتى عقوبات رادعة بحق من يقوم بهذه التصرفات المشينة،لكن ما نشرته الصحيفة المصرية ينقل الأزمة الى طابع جديد هو الطابع الجماعي لها والذي يرقى لمستوى أعمال الشغب أكثر من كونه مجرد عملية معاكسة أو تحرش كلامي فردية.
انتشار التحرش الجنسي وبهذه الطريقة البشعة يضعنا أمام علامة أستفهام كبيرة..
ففي ستينيات وسبعينيات القرن الماضي ومن خلال الأفلام والصور والمجلات القديمة نلاحظ أن الملابس النسوية كانت أكثر تحررا بكثير مما هي عليه اليوم كما أن المد الغالب حينها كان المد اليساري الماركسي(المتهم بالألحاد والأنحلال) وكانت أعداد الحانات ربما أكثر من عدد المساجد حتى لكننا لم نسمع أو نشاهد مثل هذه السلوكيات الحيوانية الآخذة بالتنامي يوما بعد يوم في ظل مجتمع يقوده الدعاة الجدد وشيوخ الفضائيات ورجال الدين..إذن ما دور كل هؤلاء وما قيمة اسطوانات الصلاح والتقوى الكاذبة التي يدعوننا اليها...
أين دور المساجد التي يلعلع أئمتها بالدعاء على الكفار حتى نسوا واقعهم؟؟
كيف يفسر السادة المتدينون المتباهين بالمد الأسلامي وبتكاثر أعداد المسلمين التردي الأخلاقي المرافق لصعود مد صحوتهم الدينية المشؤومة؟؟
وما هذه السلوكيات البربرية التي لم يعرفها البشر حتى في عصورهم الأولى(كان الأنسان القديم يسبي نساء القبائل الأخرى لكنه لم يمد يده الى نساء قومه أو مجتمعه)..
أهو تطور عكسي نمر به قد ينتهي بنا بعد بضعة أجيال قرودا كما كان أسلافنا؟؟
أن ما حدث قد حدث حينما شاهد هؤلاء فتيات بملابس عادية بل محجبات أو مرتديات للعباءة أحيانا فماذا سيحدث لو إنهم شاهدوا سيدات بالمايوه أو بملابس قصيرة؟؟
هل من المعقول إن أخلاقنا تردت الى درجة أصبحنا فيها نتبجح بأعمال مشينة؟؟
إن فرق الأنسان عن الحيوان يكمن في شئ جوهري هو إن الأنسان يعطي لعقله السيطره على غرائزه وبالتالي أستطاع الأنسان التفوق على باقي الحيوانات..لكن أن نحن جعلنا غرائزنا تسيطر علينا الى درجة أننا نهاجم الأنثى حين تمر قربنا فماذا أبقينا للحيوان إذن..وأين عقولنا؟؟
ترى ألن يعتبر هؤلاء المتحرشون ماقاموا به بطولة ورجولة يتباهون بها لأيام بين أقرانهم؟؟
أ تلك سلوكيات تؤشر الى مجتمع طبيعي؟؟
الأغرب من هذه السلوكيات عدد من التعليقات الورادة حول الموضوع والتي تتهم فيها الضحية (وفق سياق أدمنه العرب) وتترك الجاني..
فكثير من المعلقين على الموضوع يعتبرون إن الأهل بسماحهم للبنات بالخرج وحيدات هو سبب المشكلة وكثير منهم يتهم المتعرضات للتحرش بإسائة الأدب كونهن يخرجن للتنزه في أيام العيد التي يكثر فيها الزحام...
عجيب!!!
تنزه الفتاة وخروجها وأحتفالها بالعيد قلة أدب؟؟
خروج الأسرة الى المتنزهات العامة سوء أخلاق؟؟
أي مفاهيم سخيفة تلك التي تحكمنا؟؟
بل أي عقول مريضة تلك التي لاتخجل من كتابة مثل هذا العهر؟؟
ثم وإن كان ذلك كله صحيحا..فأين مبدء غض البصر؟؟
أين الأخلاق والقيم؟؟
أين جهاد النفس (أم أن الجهاد لم يبق منه إلا تفجير ألمخربين المنتحرين أنفسهم في أسواق العراق!!!!!!!!)
هل من الممكن أن نرى في الغرب (الكافر) مثل هذه التصرفات؟؟
بالطبع لا..فهناك يحترم المواطنون القانون كما يحترمون حريات الآخرين..أيضا علينا أن لاننسى أن فرصة الطفل الغربي في الحصول على التربية هي أفضل بمئات المرات من فرصة مثيله العربي.. فبينما تنجب معظم الأسر الغربية طفلا أو طفلين تنجب الأسر العربية فيالقا من الأطفال ولكون الأب لايجد الوقت الكافي لأعالة هؤلاء ولاتجد الأم الوقت الكافي للأهتمام بهم فإنهم يحالون الى مدرسة الشارع للأسف وذلك أما أن يؤدي الى سلوك طريق الأرهاب أو طريق الأجرام والمخدرات أو على الأقل ما نشاهده في صور اليوم السابع وفي النهاية نحصد جيلا لايسر عدوا ولاصديقا...
إذن ماالأفضل يا رجال الدين..تكاثرنا كالأرانب ومن دون فائدة أم طفل أو أثنين لكل أسرة ينفعان المجتمع؟؟
وأنا أكتب الموضوع خطر في بالي سؤال..لو أن القس جونز أحرق نفذ تهديده بإحراق نسخ من المصحف..ألن نرى كل هؤلاء المتحرشين أنفسهم في المظاهرات التي ستجتاح شوارع بلداننا الأسلامية وهم يطالبون بالثأر لكرامة المسلمين المهدورة ويندفعون للوصول الى سفارات الكفار علهم يظفرون بالكفار للأنتقام من أفعالهم بحق الدين وأتباعه؟؟
أليس هؤلاء هم من ـندفعوا وسيندفعون لحرق كنائس الأقباط حينما يضخم رجال الدين (الأقباط والمسلمين) مشكلة تافهة جاعلين منها أزمة طائفية؟؟
اليس هؤلاء هم من سيحمل راية جهاد القاعدة وأشباهها ليكونوا أمراءا وقادة خلايا كما أصبح من قبلهم المقبور الزرقاوي الذي لم يكن يختلف عن هذه الفئة حين كان في نفس سنها؟؟
ما هي فرصتنا في النهوض بمجتمعاتنا إذا كانت سلوكيات الجيل الجديد هي ما وثقته الصور التي نشرتها المصري اليوم على الروابط أدناه..
الرابط الأول
الرابط الثاني
أ هؤلاء هم بناة مستقبلنا؟؟
التعليقات (0)